قَضايا ساخِنَة

عاد الغائب منذ سنوات معدودات يتلكأ مفردات اللغة ويحيل الحاء خاءً والسين شيناً ويضرب بما تكلّفه المرحوم الدؤلي والفراهيدي - وكل مراحيم اللغة - الحائط والسقف، عاد يحمل على لسانه عقدة من عقد الزمان الجديد فقد غادر الى هناك معقداً متخلفاً وعاد وقد فكّت كل عقده بتعويذة غربية يكاد شرارها يتقد بغير نار...

عاد الفتى الأمرد الذي قضى من السنين ما يجاوز العشرين يقارع لسانه الضاد، عاد وقد أصابه بقدرة قادر فقدان ذاكرة جزئي أصاب مَواطن اللغة في المخيخ ولم يصب غيرها! فغلبته الهاي والأوكي وبنات عمتها...

في البداية لا بدَّ أن نتّفق على مفهوم (المدرسة) , فبنظرنا أنّها مجموعة من الآراء يتواضع عليها مجموعة من الناس , تُشكّل رؤية ً ما , لهم طريقة في التفكير مميزة , فينهجون منهجاً للوصول إلى هدفٍ ما .

والمدارس النحوية مصطلحٌ يشير إلى اتجاهات ٍ ظهرت في دراسة النحو العربي , اختلفت في مناهجها في بعض المسائل النحوية الفرعية , وارتبط كلّ اتجاه منها بإقليم ٍ عربي ٍ معيّن , فكانت...

تعيش المدرسة العربية اليوم حالة من الفوضى الناجمة عن العدوى التي قد تكون طالتها كنتيجة لسياسات "الفوضى الخلاقة" في المجال السياسي، بالخصوص تلك التي استهدفت مجتمعات ذات أهمية إستراتيجية عالمية مثل فلسطين وأفغانستان والعراق (*).

ويتزامن مع هاته الفوضى، سواء بموجب السببية أو غيرها، تفاقم ظاهرة إقصاء الآخر في صلب المجتمع نفسه وفي المدرسة بالذات. وتتجلى مظاهر الإقصاء ورفض حق الاختلاف في صراعات تتحكم بها أشكال متنوعة من التعصب مثل الطائفية العرقية والدينية، والتحجر الفكري الناتج عن التزمت...

في شهر جانفي (يناير) من عام 1991 لمّا ضربت قوى تحالف الثلاثين بلد العراق الشقيق وشعبه، صعُب عليّ تصوّر العقد ونصف العقد من الزمن المتبقي الذي سأقضيه في تدريس اللغة الانكليزية للشباب العربي. وكان أضعف الإيمان أن توقفتُ عن استعمال اللغة الفرنسية في كتابة القليل الذي كنتُ أكتبُه من مقالات، واكتفيتُ بالعربية. ولم أندم على ذلك لأنّ الأيام والأعوام ستبيّن لي ما لم أفهمه على التوّ من حيثيات مُحيطة بموقفي ذلك.

لم أكن حينئذ مُلمّا بصفة دقيقة بالدوافع في حقيقتها التي آلت إلى أن أتخذ مثل ذلك...

في ما يلي مقطعٌ مُترجَم ممّا يشبه صفحة من كتاب الانكليزية للمبتدئين:

مُتكلم 1: أنا اسمي عبد الله. ما اسمكِ لو تسمحين؟

مُتكلم 2: مرحبا عبد الله. أنا اسمي فاطمة.

متكلم 1: أهلاً فاطمة. أنا سعيد بمعرفتك.

متكلم 2: أنا سعيدة بمعرفتك أيضاً.

هذا التبادل البسيط للمعلومات بين متكلمين اثنين قد يكون مُدرَجاً في مناهج التعليم المعمول بها و فاتحة الدرس الأول في الانكليزية لمتعلّم غير ناطق بها. ولمّا كان اهتمامي بالمتعلم العربي دون سواه وخصوصاً...

تبعني أحد الطلاب بعد القائي المحاضرة الأولى من محاضرات «نحو2» في جامعة الكويت واستوقفني بلهفة ثم قال: «أريد ان أقول لك شيئا...إني لا أحب ولا أفهم ولن أفهم الإعراب ولا النحو»..طلبت منه التوقف عن الكلام فورا لمعرفتي بهدفه وغايته لأن كلام هذا الطالب نموذج يتكرر في كل فصل جامعي، وقلت له: اسمع..أبعد هذه الوساوس عنك..إياك ان تزرعها في نفسك..أنت طالب كالبقية تستطيع فهم النحو بيسر وسهولة، ولكن أطلب منك شيئا..هو ان تحضر مبكراً وتجلس بقلب واع ونفس مختلفة، وتركز فيما يقال في المحاضرة، إن حاولت أن تفهم...

في تقريرها العام دقت اليونيسكو ناقوس الخطر في ما يخص اللغات البشرية المهددة بالانقراض من الآن وحتى نهاية القرن الحالي. والشيء المهين الذي لا يكاد يصدق هو أن لغتنا العربية هي إحداها! التقرير يقول بأنه توجد في العالم حاليا 6700 لغة حية نصفها مهدد بالموت إذا لم تتخذ الحكومات المعنية وجماعات الناطقين بهذه اللغات الإجراءات المناسبة لدعمها وحمايتها.

هل يعقل أن تكون لغة الضاد هشة إلى مثل هذا الحد؟ هل يعقل أن تكون اللغة التي أكتب بها هذه السطور حاليا هي لغة ميتة أو شبه ميتة أو مرشحة للموت؟...

المغرب لا يعيش أزمة لغة واحدة، بل يواجه «أزمة لغات». فهو يتخبط في أزمة العربية الفصحى، وأزمة الأمازيغية (أو الأمازيغيات)، وأزمة الدارجة (العربية المغربية)، وأزمة اللغة الأجنبية (أو اللغات الأجنبية). إنه يعيش أزمة مركبة و/أو معقدة. والبحث عن معالجة سليمة لهذه الأزمة المركبة و/أو المعقدة لا يمكن أن يتم دون أن يؤخذ بعين الاعتبار هذا «المركب» اللغوي.

وهذه الأزمة ليست نتيجة للتعدد والتنوع اللغويين في المغرب، وإنما هي نتيجة لنوع من التدبير اللغوي السلبي. فالتعدد أو التنوع معطى لغوي يوجد في...

نحن لم نبتعد عن ديننا لأننا لا نُشهد أو لا نصلي أو لا نزكي أو لا نصوم أو لا نحج، بل لأننا لم نتعلم في العصر الحديث أنّ تلك الأركان مفاتيحٌ لأبواب العلم، وهي على ذمتنا كلما انحرفنا عن سواء السبيل لكي نستوي من جديد، وكلما انفصلنا عن "العروة الوثقى" لكي نستمسك بها من جديد، وكلما أفسدْنا ما بعقيدة التوحيد لكي نصححها في القلب وفي العقل قبل أن نمارسها في العلم وفي العمل.

وهذا الابتعاد المنهجي، إن صح التعبير، عن الدين، يخدم دون أدنى شك لفائدة مزيد من التعثر في حركات الإنماء والتقدم في...

عندما وجدت صفحة كاملة فى الجريدة اليومية شبه الرسمية، مخصصة لإعلان شركة من شركات التليفونات والاتصالات وفيها الإعلان التالى: «اتكلم زى ما انت عايز»، شعرت بغضب شديد، وكأن أحدا وجه إلىَّ إهانة شخصية كما شعرت بمرارة إذ ذكرنى الإعلان بما أصبحت أراه يوميا من استهتار باللغة العربية.

ما أكثر ما أصبحت أصادفه من أمثلة لإدخال حرف الباء على الأفعال، إذ يكتب الفعل (بنشرب) بدلا من (نشرب)، واستخدام الهاء أو الحاء بدلا من حرف السين للتعبير عن المستقبل، أى (حانشرب) أو (هانشرب) بدلا من (سنشرب) أو (سوف...