لمّا كانت المصطلحات خلاصات العلوم، وأبجدية التواصل المعرفي، ومفاتيحه الأولى، إذ لا يمكن تصوّر علم أو فنّ بدون مصطلحات تحدد مدلولات ألفاظه وتعبيراته بحيث تعين هذه المصطلحات على تصوّره وفهمه كما تعين على تفاهم أصحابه، فقد جاءت مبادرتنا سدّاً لثُلمة مصطلحيّة، لطالما استشعرتها فآلمتني، وراودت بعض الأخيار من طلبتي الغيورين على إحياء التراث اللساني العربي، فعقدتُ العزم على رأْبها، وذلك بما يكفل سَوق "مصطلحات اللسانيات العربية" مبادرةً مع مقابلاتها في اللغة الفرنسية، وذلك وفق ما يقتضيه ترتيبها ألفبائياً واستعراض أهمّ الآراء فيها بما يمليه النّظر فيها بدءاً بسَبْق الأسلاف و انتهاءً باجتهاد الأخلاف.
يُشكِّل «مُعجَم مُصطلَحات اللِّسانيّات العَربيّة» سَدًّا لِثُلْمة في مَجال المُصطلَحيّة بِعامَّة، واللِّسانِيّات العربيّة بِخاصَّة.
حَرَصَ المُؤَلِّف على وَضْع المُقابلات الفرنسيّة للمُصطلَحات اللِّسانيّة العربيّة توسيعًا لِقِطاع المُستفيدين عَرَبًا ومُسْتشرقين، ودعمًا للتَّرجمة والمُترجِمين.
يَتناوَل المُصطلَح لُغَةً واصْطِلاحًا، ويُعرِّج على مساراته التاريخيّة، وتَداوُلاته عند مُختلِف العُلماء مِمّا يُقدِّم للقارئ ثَروة فكريّة في مَجال اللِّسانيّات العربيّة.
ومن اللّافت أَنّ الدكتور سَلّامي يُحاول الإحاطة بثلاثة أبعاد: البُعْد التاريخيّ، والبُعْد الجغرافيّ للمَشرق العربيّ ومَغربه، والبُعْد الحَقليّ، لأنَّ كثيرًا من المُصطلَحات تسكن على تُخوم الصَّرف والنَّحو والفِقه والبَلاغة واللِّسانِيّات...
إنَّ أَبْحاثه بَدْءًا مِن الإبْدال، وُصولًا إلى النَّحت، ومرورًا بالتَّرادُف والتَّضادّ والمُشتَرَك... هي رِحْلة مُشوِّقة في العربيّة وعُلمائها، وهي زادٌ دَسِمٌ لكلّ طالب عِلم.
وإمعانًا في تَوفير الفائدة العلميّة، فقد ذَيَّلَ المُؤلِّف مُعجَمه بفهارس من القرآن الكريم، والحديث النبويّ الشَّريف، والشِّعر العربيّ، والأَعلام، ناهيك بالمُصطلَحات التي هي عِماد المُعجَم.
ويَسرّ الأُستاذ الدكتور عبد القادر سَلّامي ودار مَكتبة لبنان – ناشرون أن يُقدِّما للقُرّاء مُعجَمًا لِسانِيًّا ثُنائيّ المُصطلَحات صَغير الحَجْم كَبير الفائِدَة...