أدب الأطفال

تمهيد:
سأقوم في هذه السلسلة من المقالات بتقييد أسسٍ نظرية وتقنياتٍ موجزة ننطلق منها نحو تطبيق فن الكتابة الحديثة أو الجديدة لشعر الأطفال، والتي بدأ العمل عليها منذ ما يقارب العقدين من الزمان، وبدأتْ ملامحها تتضح مع بداية ظهور القنوات الفضائية المخصصة للأطفال.

وقد رأيت ضرورة تقييد أهم أسس وملامح وتقنيات هذه المدرسة بعد أن تكاملت أركانها وتبلورت خصائصها واقعيًّا. ولا يعني تخصيصي لكلمتَي (حديثة أو جديدة) أن هناك قطيعةً بين ما نستطيع تسميته "المدرسة الجديدة لشعر...

كنتُ أعيشُ بأرضِ الأحباشْ
بينَ النهرِ وبينَ الأشجارْ
أستمتعُ بثمارِ اللوزِ وأفياءِ الغاباتْ
أخوضُ النهرَ ..
أُقاومُ أسرابَ أُسودٍ تترصَّدُ غيري في الغابةِ
وتُطاردُهُ
فأنا اكبرُ أفيالِ الحبشةِ
أفتاها
أقواها
***
أُعجب بي ملكُ الحبشهْ
صادقَني
قدَّمني للقائدِ (أبرهةَ) مُعيناً له
في أيَّامِ الحربْ
***
وعبرْتُ النهرَ .. البحرَ
اجتزْتُ السَّهلَ
ومَشِيتُ إلى "صنعاءْ"
لمْ أشعرْ...

كانً السلطانُ حبيبَ الشعبْ

يفتحُ بابَهْ

في كلِّ صباحٍ للفقراءْ

كيْ يسمعَ شكوى كلِّ ضعيفٍ مظلومٍ منهمْ

ولينصِفَهمْ

لمْ يُنشِئْ قصْراً فخْماً يجلسُ فيهْ

لمْ يجعلْ أسواراً عاليةً

تحجبُ صوْتَ الشعبَ الهادرَ عنْه

لمْ يجعلْ بينَ الحاكمِ والمحكومِ وسيطاً

بلْ علَّقَ جرساً ضخماً

تتدلَّى منهُ حِبالْ

لوْ أحدُ الأفرادِ أرادْ

أنْ يلْقى السُّلطانْ

دقَّ الجرسَ وقابَلَهُ في الحالْ

...

اسمي حمدان

أتحدثُ معكمْ عبرَ قرونِ التاريخْ

بلدي الفسطاطُ العربيَّهْ

أصنعُ سجَّاداً وأُزخرفُهُ كعروسْ

تعرفُني كلُّ المدُنِ وتعشقُ مصنوعاتي

في أثتاءِ الأسفارْ

أجدٌ الأطفالَ عرايا .. يفترشونَ ترابَ الأرضِ فأحزنَ

أتمنَّى أنْ يجدَ الأطفالُ بيوتاً

تحميهمْ منْ حرِّ الشمسْ

وتقيهمْ شرَّ الأمطارْ

لكنْ .. ماذا أفعلْ؟

ماذا يُمكنُني أنْ أفعلْ؟

***

بالأمسْ

جاءَ إلى السوقِ الفارسُ...

اسمعْ ما أحكيهِ الآنْ

فأنا فيلٌ عاشَ سنينَ كثيرهْ

ورأيتُ كثيراً منْ أيّامِ البهجةِ

وكثيراً منْ أيَّامِ الحرمانْ

أحكي لكمُ الآنْ

ما مرَّ بنا في العامِ الماضي

قبلَ وأثناءَ الفيضانْ

***

في العامِ الماضي جفَّ النَّهْرْ

مات الزرعُ

وجفَّ الضَّرْعْ

ولهذا

صرتُ أهيمُ على وجهي في أرضِ اللهْ

أبحثُ عمّا آكُلُهُ

فالقيْظُ شديدٌ

والخيْرُ شحيحْ

ولقدْ كنت

أحملُ في...

محمودٌ

طفلٌ أخضرْ

مات أبوهُ، وماتتْ أُمُّهْ

تركاهُ يتيماً وفقيراً

محمودٌ

يذهبُ للغابةِ كلَّ صباحْ

يقطعُ أخشاباً من شجرِ السَّرْوِ

ويذهبُ للسوقِ يبيعُ الأخشابْ

***

في يومٍ من أيامِ الصيفْ

حدَّث محمودٌ نفسَهْ

: "إنَّ الحرَّ شديدٌ

لنْ أذهبَ للسوقِ اليومْ

وسأغفو في الغابةِ بعضَ الوقتْ

***

وغفا محمود

***

كان النجارُ "سعيدٌ" قد سمعَ الناسْ

...

إني شجرةُ نبقْ

أطرحُ نبْقاً أحمرَ

تأتيني كلُّ طيورِ الغابةِ

وتحطُّ عليَّ،

وتسكنُ بين فروعي

تأتيني أيضاً ـ لمّا تشتعلُ الشمسُ ـ

صغارُ الحيواناتْ

تأكلُ منْ أثماري

أوْ تشربُ منْ جدولِ ماءٍ

يترقرقُ تحْتي!

وتراني أحتضنُ الأحبابْ:

البلبلَ والعصفورهْ

والأرنبَ والسنجابْ

والبطة والوزةَ

وتنطُّ العنزاتُ على ساقي وفروعي

حتى تظفرَ بالثمراتِ الحمراءِ الحلوهْ

أو بعضَ...

«سعْدانْ»

واحةُ حبٍّ وجمالٍ واطمئنانْ

قريةُ صاحبنا عدْنانْ

منْ نحكي قصَّتهُ لكمُ الآنْعدنان:

في هذي القريةِ عشتُ سنينْ

وأبي كانْ ..

شيخَ الخُفراءْ

علّمني في كُتّابِ القريةِ فحفظتُ القرآنْ

وأجدْتُ تلاوةَ آياتِهْ

ألحقَني بالأزْهرِ حتى نلْتُ شهاداتِهْ

وبفضْلِ اللهِ وتيْسيراتِهْ

صرتُ إماماً من عُلماءِ الأزهرْ

*

عثمان:

إني أكبرُ تجّارِ الجملةِ في الشرَّقيَّةْ

لكني...