«سعْدانْ»
واحةُ حبٍّ وجمالٍ واطمئنانْ
قريةُ صاحبنا عدْنانْ
منْ نحكي قصَّتهُ لكمُ الآنْعدنان:
في هذي القريةِ عشتُ سنينْ
وأبي كانْ ..
شيخَ الخُفراءْ
علّمني في كُتّابِ القريةِ فحفظتُ القرآنْ
وأجدْتُ تلاوةَ آياتِهْ
ألحقَني بالأزْهرِ حتى نلْتُ شهاداتِهْ
وبفضْلِ اللهِ وتيْسيراتِهْ
صرتُ إماماً من عُلماءِ الأزهرْ
*
عثمان:
إني أكبرُ تجّارِ الجملةِ في الشرَّقيَّةْ
لكني أسْكنُ قريتنا «سعْدان»
جاري عدنان
من عُلماءِ الأمة
يكشفُ في الديْجورِ الغُمَّةْ
يملكُ بيْتاً في شرقيِّ القريةْ
وأنا أملكُ بيْتاً بجوارهْ
خلْفَ البيتيْنِ حديقتنا
يلعبُ فيها أولادي الستةْ
مع ولديْهِ: أحمدَ ومحمّدْ
*
نسهرُ في الليلِ معاً ..
والأولادُ جميعاً أولادي مع ولديْهْ
بحديقتنا يلهونْ
حتى يأتيهم سلطانُ النومْ
فيعودون سِراعاً لأسرّتهمْ
*
(في بيتِ عدنان)
عدنان:
أهلاً يا منصورْ
شرّفتَ الدّارْ
حمداً للّهْ
فلقدْ أخبرني أحمدُ ..
أنك تنوي بيعَ البيْتْ
وأنا أنوي أنْ أبتاعَهْ
لأُزوِّج فيه ابني فوّازاًعدنان:
قد مرضتْ أمُّ الأولادِ بداءِ السرطانْ
وصرفْتُ على الداء كثيراً
حتى أدركنا الرحمنُ
فماتتْ زوْجي «إيمانْ»
بعدَ ثلاثةِ أعْوامٍ من مرضٍ وعناءْمنصور:
فليرحمْها الرحمنْ
وليدْخلها جناتٍ فيحاءَ أُعِدَّت لعبادِ الرحمنْ
(فترة صمت)
عدنان: (كأنه يحدث نفسه بصوت منخفض)
سأبيعُ الدّارْ ..
وأُسدِّدُ كلَّ ديوني
وسأذهبُ للقاهرةِ لأعملَ فيها
فلديَّ بها مسكنْ
من ربعِ القرْنْمنصور:
مسكنُكَ وأنت بجامعة الأزهرْ؟
(صمت)
قد زرتُكَ فيه عدة مرّاتْعدنان:
ولدايْ ..
أحدُهما يلتحقُ بجامعة الأزهرِ هذا العامْ
والثاني ..
يدرسُ في هندسةِ القاهرةِ من العامِ الماضي
فليبقَ ثلاثتُنا في القاهرةِ معاً
بعدَ رحيلَ الغاليةِ عن الدّارْمنصور:
الدارُ تُساوي عشرةَ آلافْ
وأنا أحضرْتُ نقوديعدنان:
هذا نصفُ المبلغْ
فلقدْ أبلغني «سامي» رغبتَهُ
أن يبتاعَ الدّارَ بعشرينْ
لكني قلتُ لهُ:
ابنُ الخالةِ أوْلى ..
منصور:
الدارُ تُساوي عشرةَ آلافٍ لا غيْرْ
وأنا أوْلى منْ غيْريعدنان:
وبكمْ تبتاعُ الجيرةَ ..
جيرةَ عثمانْ؟
هذا الرجلُ الصّالحُ والإنسانْ؟!
منصور:
يا عجباً يا عدنانْ
هذي أولُ مرةْ
أسمعُ فيها عن ثمنٍ للجيرةْ
(تدخلُ الخادمُ تستأذِنُ)
الخادم:
عمي عثمانٌ بالبابْعثمان: (يدخل)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهعدنان ومنصور:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتهْعدنان:
أهلاً بالخلِّ الصالحْ ...
عثمان:
جئتُ إليْكَ لأمْرٍ عاجلْ
فلقدْ أخبرني «سامي»
أنكَ تنوي أن تتركَنا
.. تنتقلُ إلى القاهرةِ ..!
(يبلعُ ريقه)
لنْ نترككَ لتفعلَ هذا يا عدنان!
أخبرني سامي أنكَ في ضائقةٍ ماليّةْ
ولذا أحضرْتُ معي عشرةَ آلافْ
تأخذها لتُسدِّدَ دينَكْ
ولتبْقى بجواري أسعدُ بكْ
ماذا قلتْ؟!
عدنان:
لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهْ
شكراً لكْ ..
وأنا لن أتركَ جيرتَكَ الحسَنةْ
وسأبقى أستمتعُ بأخوّتكَ وفضلِكْ
(فترةُ صمت)
أمّا ولدايْعثمان:
أمّا ولداكْ
فهما رجلانْ
في القاهرةِ ..
وفي سعْدانْ