مؤتمر تعريب التعليم الجامعي ( جامعة دمشق ) 6-9 رجب 1402هـ الموافق 29 نيسان- 2 أيار 1982م

مؤتمر التعريب وتوصياته ـــ سهيرة السمان

حضارات الأمم ورقيها ماثلة من بعض الجوانب في لغتها. فاللغة أساس الرقي والعلم والمعرفة. إنها وطن الأمة وذاكرتها. إنها خزانة تراثها. إنها وسيلة التفاهم. إنها أداة التفكير وحاملة القيم القومية. هي جسر يصل حاضر الأمة بماضيها ومستقبلها. إنها المادة التي ينبغ فيها كبار الشعراء والأدباء والعلماء والمفكرين.‏

وإذا كانت للغة جميع هذه الصفات فإن اللغة العربية بماضيها التليد وتراثها الحافل المجيد وعراقتها التاريخية تأتي في طليعة اللغات أصالة وسعة وطواعية وتجدداً وملاءمة على أن كل لغة على تفاوت المزايا والخصائص مرتبط تقدمها بتقدم أبنائها.‏

وإذا كانت لكل لغة مشكلات فإن مشكلة اللغة ليست ذاتية. بل هي في كون المتكلمين والكاتبين بها من أبناء البلاد النامية. فإلى جانب مشكلات التنمية والتقدم والحداثة تأتي مشكلة اللغة إزاء تقدم التكنولوجيا والعلوم ومصطلحاتها الزاخرة التي هي كل يوم في ازدياد والتي يجد أساتذة الجامعات في البلاد العربية الحاجة الماسة الدائمة في نقلها إلى لغتهم المرنة المطواع.‏

لقد عالجت منذ فجر النهضة العربية مشكلة التعريب والترجمة هيئات رسمية وغير رسمية في البلاد العربية ولاسيما مجامع اللغة وعقدت ندوات ومؤتمرات مفيدة في هذا الشأن لبحث هذه القضايا والدعوة إلى التعاون في هذا المضمار. وكان القطر العربي السوري سباقاً في الاعتزاز بلغته وفي تعهدها الدائم والحفاظ عليها على الرغم من محاولات الاستعمار في الإقلال من أهميتها وترويج لغته. إن هذا القطر مع تفتحه على اللغات الأجنبية قد جعل لغة الأم هي اللغة الأساسية في مدارسه ومعاهده وجامعاته، كما عمد إلى الإفادة ما استطاع من خزائن التراث العربي الغنية الواسعة وتحت شعار التعريب واللغة العربية انعقد مؤتمر تعريب التعليم الجامعي في إطار المؤتمر العام الرابع لاتحاد الجامعات العربية في رحاب جامعة دمشق بين 6-9 رجب 1402هـ الموافق 29 نيسان- 2 أيار 1982م برئاسة رئيس جامعة دمشق الدكتور محمد زياد الشويكي في جلسات صباحية ومسائية تليت فيها أبحاث قدمها أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الأعضاء، وجرى فيها تداول الآراء ومناقشتها في اللجان الأربع التي تفرع إليها المؤتمر وكان قد اشترك فيه ما يقارب ستاً وثلاثين جامعة إضافة إلى ممثلي الأمانة العامة للاتحاد وإلى ممثلي مكتب تنسيق التعريب بالرباط.

وفي الجلسة الختامية تليت التوصيات التي توصل إليها المجتمعون فأقروها وهي الآتية:‏

1-إن استكمال تعريب التعليم الجامعي قد تأخر في كثير من الأقطار العربية ولابد من قرار سياسي وخطوة حازمة تتجاوز عوامل التردد والقصور وتضع الجيل المعاصر حكوماته وجامعاته أمام مسؤولياته التاريخية تجاه المستقبل العربي المنشود. ولم يعد الوقت يتسع للمؤتمرات والندوات التي تضع الافتراضات والنظريات وتُصلتُ حولها النقاش المعاد العقيم، ولابد من وضع الخطوات العملية الكفيلة بتحقيق تعريب التعليم الجامعي واستكماله في وقت قريب منظور أسوة ببعض الأقطار العربية التي اتخذت خطوات هامة وإيجابية في هذا المضمار.‏

2-إن الأفراد المشتغلين بالعلم في الجامعات والمؤسسات التعليمية مدعوون إلى النهوض بمسؤولياتهم في نشر العلم باللغة العربية وجعل هذه اللغة وعاء لأقصى ما تصل إليه معارفهم العلمية انطلاقاً من إيمان راسخ باللغة العربية وقدرتها على استيعاب جميع العلوم والمعارف في الحاضر والمستقبل.‏

3-يهيب الاتحاد بالأمة العربية التي تملك لغة من أعظم اللغات تراثاً حضارياً علمياً ومرونة أن تعمل على إنجاز تعريب التعليم الجامعي في بلادها. وينبه إلى تجارب الشعوب الأخرى التي كانت لغاتها قد أوشكت أن تندثر أو لم يكن للغاتها تراث حضاري يعتد به. ومع ذلك استطاعت بإصرار أفرادها وعزمهم وإيمانهم بأهدافهم أن يحققوا تعليماً جامعياً كاملاً بلغاتهم.‏

4-توصية الجامعات العربية بالاستفادة مما أقرته مؤتمرات التعريب من مصطلحات في مختلف العلوم.‏

5-إعداد جماعات من العاملين في التعريب من بين أعضاء هيئات التدريس في الجامعات بمختلف فروعها ووحداتها العلمية يتفرغون للتعريب كلياً أو جزئياً، والأخذ بالمنهجية الموحدة التي تضم المبادئ الأساسية في وضع المصطلح العلمي العربي واختياره.‏

6-أن يتبنى الاتحاد مشروعاً للتعاون مع الأجهزة المتخصصة القائمة على تنفيذ برامج تعريب التعليم العالي في الجزائر والأقطار العربية الأخرى التي تمر بتجربة مماثلة، بغية تحقيق الأهداف المتوخاة من هذه البرامج، ووضع الخطط لتظل عملية التعريب في هذه الأقطار العربية حية متطورة.‏

7-التمسك بأن يتقن طلبة الجامعات العربية اللغة العربية عند قبولهم في الجامعات ومدة دراستهم فيها، وأن يكون أعضاء هيئات التدريس في الجامعات متمكنين من اللغة العربية قادرين على تدريس موضوعاتهم بلغة عربية سليمة، وإقامة دورات تدريبية خاصة بأعضاء هيئات التدريس الذين يحتاجون إلى إجادة لغتهم العربية.‏

8-إقامة دورات تعليمية وتدريسية خاصة للطلبة الذين تكون لغتهم العربية قاصرة عند التقدم للقبول في الجامعات العربية، لأوضاع خاصة، سواء كانوا من العرب أو من غير العرب، لتمكينهم من متابعة دراساتهم الجامعية باللغة العربية كسائر الطلبة.‏

9-تأصيل الاهتمام بتحقيق المخطوطات العربية في الجامعات بتدريب الطلبة على ذلك وجعل تحقيق التراث ونشره من ضمن النهج الجامعي بغية تكوين جيل يعنى بالتراث على أساس علمي وتيسير السبيل إلى جمع المصطلحات القديمة ما كان منها معرباً أو موضوعاً بالعربية للاستعانة بها على وضع المصطلحات الجديدة.‏

10-إقرار برامج واسعة لتبادل أعضاء هيئات التدريس بين الجامعات في جميع الفروع العلمية لتيسير تبادل الخبرات والقدرات في مجال تعريب التعليم الجامعي.‏

11-تعاون الجامعات العربية على تبادل الكتاب الجامعي العلمي المعرب لضمان الاطلاع والاستفادة من الجهود المتحققة في هذا المجال.‏

12-استخدام سائر وسائل الإعلام، بما في ذلك القمر الصناعي العربي- المرتقب- والاتجاه ببرامجها نحو الجدية في خدمة اللغة والعلم والمجتمع.‏

13-الاستفادة من تجارب الأقطار العربية التي قطعت خطوات جادة في تعريب التعليم الجامعي.‏

وفي الختام شكر الدكتور محمد زياد الشويكي المشاركين في المؤتمر وقدم شعار المؤتمر إلى الأمانة العامة لاتحاد الجامعات.
--------------
نشر هذا التقرير في :
مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد الثامن- السنة الثانية- تموز "يوليو" 1982

Air Jordan 1 Retro High OG Wmns "Panda" CD0461-007 Women/Men Super Deals, Price: $98.03 - Air Jordan Shoes

التصنيف الرئيسي: 
التصنيف الفرعي: 
شارك: