د. سلوى الرملي أمين عام الجمعية المصرية لهندسة اللغة: العرب تأخروا 40 عاما عن هندسة لغتهم مقارنة بالإنجليز .
القاهرة: نبيل سيف
في ظل ثورة تقنية المعلومات والاتصالات أصبحت الترجمة بشكلها القديم غير مقبولة لان مجرد ضغطة بأصبع اليد على لوحة الكومبيوتر تحول النص المكتوب بأي لغة إلى اللغة التي نريدها. وتبقى اللغة العربية بعراقتها وتاريخها في حاجة إلى هندسة علاقتها بالكومبيوتر ليس فقط للترجمة ولكن لحفظها ودعمها ونشرها بشكل جديد، لذلك جاءت فكرة تأسيس أول جمعية عربية لهندسة اللغة بمصر والتي يرأسها د. إبراهيم عيسى، احد الخبراء العرب في علوم هندسة اللغة وتتولى الدكتورة سلوى الرملي منصب الأمين العام للجمعية التي أصبح مؤتمرها السنوي ملتقى عربياً مؤثراً.
وفي لقاء مع سلوى الرملي قالت : إن الجمعية نشأت منذ 6 سنوات بمشاركة 13 خبيراً جامعياً متخصصاً وذلك بهدف الاهتمام بمجال هندسة اللغة مع التركيز على اللغة العربية التي هي لغتنا الأم والتركيز على قواعد البيانات المعجمية وصرفها ونحوها ودلالتها بهدف الوصول إلى أنظمة آلية لترجمة النصوص من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية والعكس وكذلك معالجة اللغة المنطوقة والتعرف عليها وتوليدها ومعالجة الأنماط مع التركيز على اللغة المكتوبة بهدف إدخالها إلى الأجهزة الرقمية وخلال السنوات الست الماضية نجحنا في متابعة التطور في العلوم والمجالات المختصة بهندسة اللغة وفي إنشاء قواعد بيانات عن البحوث التي سبق نشرها والنتائج التي تم التوصل إليها في مجال هندسة اللغة بالإضافة إلى توفير المراجع التي يمكن الرجوع إليها سواء في اللغة العربية أو اللغات الأخرى.
* وما هي جهود الجمعيات المشابهة على المستوى العربي؟
ـ أجابت: للأسف لا يوجد جمعيات لهندسة اللغة في الدول العربية وذلك رغم وجود جهود جبارة وأفكار تطبيقية كثيرة في ذلك المجال في المغرب والجزائر والعراق وتونس ولكن هذه الجهود بحاجة لتوحيدها والتغلب على اختلاف اللهجات بين الدول العربية وعلى ذلك فإنتاج هندسة اللغة العربية لابد أن يكون ما بين الفصحى والعامية، وعموما فاللغة العربية تحتاج جهودا ضخمة نظرا لان خصائصها متفردة. فالانجليزية مثلا حروف الكلام فيها متباعدة وليست مترابطة مثل لغتنا العربية ولذلك فان الاستفادة من البحوث الأجنبية في مجال هندسة اللغة تكاد تكون منعدمة بالإضافة إلى ذلك فان اللغة العربية لها خصائص تساعد في تخليق الكلام.
* وما هي الحاجة للترجمة الآلية؟
ـ مع تفجر ثورة المعلومات في العقد الأخير بكم هائل من المعلومات والمعارف في كل المجالات ومع الثورة الهائلة في الاتصالات، لم تعد الترجمة البشرية وحدها قادرة على مواجهة هذا الفيض المعلوماتي وبالتالي ظهرت الحاجة إلى الآلة وبالتالي أصبحت الترجمة الآلية في صورها المعروفة لا تكفي بل بات عليها أن تكون سريعة ومتلائمة مع هذا الفيض المعلوماتي وفي الولايات المتحدة وروسيا واليابان وغيرها فالترجمة الآلية للغة الأم تطبيق أساسي هناك في العلوم والسياسة والمجتمع.
* إلى أي حد تقدمت المنطقة في الترجمة الآلية؟
ـ الترجمة الآلية هي البنية الأساسية في صرح التعريب وللأسف لم تحظ بالاهتمام الكافي في المنطقة العربية على عكس دول العالم، فالترجمة ليست فقط اتصالات بالعالم أو تسويقا لمنتجات ولكنها دعامة النهضة العلمية والتقنية المرتقبة في جميع المجالات بالمنطقة العربية، كما أن تهيئة وتطويع اللغة العربية للمعالجة الآلية جدير بان يمنحها رقيا ووضوحا ومنطقاً بالمستويين النظري والتطبيقي إلى جانب دعمها بعوامل القوة والصمود لتقلبات الزمن، كما أن الترجمة الآلية هي الخيار الوحيد للخروج من العزلة والتقوقع الثقافي والتفاعل والتحاور مع الآخرين بالإضافة الى حاجة السوق العالمية المفتوحة وأسواقنا جزء منه لتقنيات الترجمة الآلية.
* وما هو الوضع الراهن للترجمة الآلية عربيا وعالميا؟
ـ الحال غير مرض عربيا فالأبحاث ما زالت في طورها الأول رغم أنها قد تجاوزت الــ 10 أعوام ويرجع ذلك إلى فردية هذه الأعمال وعدم وجود الدعم المالي الكافي لها ومحدودية إمكانات العمل من حيث وجود الأجهزة أو الاتصالات على المستوى العالمي، كما انه للأسف حينما يفكر اللغويون العرب في الترجمة الآلية فأن تفكيرهم ينصب على تحليل اللغة المصدر، والتي غالبا ما تكون الانجليزية أو أكثر لغات العالم انتشارا وهذا خطأ كبير حيث إن أهل الانجليزية قاموا بالدور على أتم وجه وذلك بسبب أن أبحاثهم بدأت مبكرة جدا عن أبحاث اللغة العربية بحوالي 40 عاما مما اوجد منتجات متوفرة بكثرة على المواقع بالشبكات للترجمة بصورة متطورة مما يضيع جهد ووقت الباحثين العرب دون أي جدوى في لغة غير لغتهم الأم.
أما عالمياً فإن اتجاه الترجمة الآلية بدأ ليوائم عصر المواصلات والاتصالات وأصبح المستخدم يتوقع ترجمة النص بمجرد ضغطة على زر الفأر أو مفتاح التشغيل كما ظهرت هناك خدمات أخرى مثل الشبكات والاتصالات السريعة والإذاعات والسياحة، والصناعات وهذه الخدمات كما نعرف لا يحتاج أسلوبها إلى بلاغة أو أسلوب أدبي وإنما تتطلب نقلاً دقيقاً موضوعياً أو لنقل بارداً للمعلومات.
* ماذا عن نشاط الجمعية خلال الفترة القادمة؟
ـ بدأنا بالفعل خطوات تأسيس الفرع للجمعية بسورية كبداية لفروع عربية أخرى وذلك لتوحيد الجهود من خلال الجمعية في كل تطبيقات وأبحاث هندسة اللغة على المستوى العربي، وسوف ندعم ذلك بمجلة علمية دورية للجمعية ذات مستوى عالمي لنشر البحوث الخاصة بهندسة اللغة كما سوف نبحث تنظيم دورات تدريبية على المستوى العربي يستعان فيها بالمتخصصين وتتاح لكل من يهمه الموضوع وذلك من اجل تحسين أداء المشتغلين في البحث لخلق لغة مشتركة للتفاهم بين الأعضاء.
________________________________________
جريدة الشرق الاوسط - الخميـس 19 ذو الحجـة 1423 هـ 20 فبراير 2003 العدد 8850