في التعريب و«المعرَّب» وهو المعروف بـ«حاشية ابن برّي على كتاب المعرَّب» لابن الجواليقي بتحقيق د.إبراهيم السامرائي ـــ صلاح الدين الزعبلاوي
-4-
وجاء في الكتاب (ص/ 35 و36)
قال أبو منصور: و(إرمينية)(1) كذلك. وكان القياس في النسب إليه (إرمينيّ)، إلا أنه لما وافق ما بعد الراء منها ما بعد الحاء من (حنيفة) حُذفت الياء كما حذفت من (حنيفة) في النسب وأجريت... مُجراها في (روميّ) و(روم) و(سِندي) و(سِند) أو يكون مما غيَّر في النسب(2).
قال ابن بري: شاهد (أرمني) قول سيَّار(3) [من الطويل].
ولو شهدت أم القديد طعاننا * بمرعش خيل الأرمني لرنَّت
ويعني أن الياء في (روميّ) للفرق بين الواحد والجماعة، كتمر وتمرة(4).
وقال ابن بري أيضاً: إنه لما كانت الياء مع الميم المكسورة قبلها بمنزلة الياء مع(5) (حنيفة) مع النون المكسورة قبلها. وكان ما بعد النون من (ارمينية) ياء النسب المنزلة منزلة تاء التأنيث التي بعد الفاء من (حنيفة) نزلت منزلتها في حذف الياء منها وصح ما قبلها، فقيل (أرمني) كما قيل (حنفي). والياء في (إرمينية) هي عنده مخففة من ياء النسب كما أن الياء في (انطاكية) والألف(6) في (يمان) للنسب، وإن لم يكن في معنى نسب.
1-فات المحقق أن يحكم ضبط (إرمينية) فقد أثبتها بكسر الهمزة وضم الراء. ولعل الخطأ خطأ في الطبع سها المحقق عن تصحيحه. فـ(إرمينية) في المعرّب (المطبوع 1942) بكسر الهمزة وسكون الراء وتخفيف الياء الثانية، وهي كذلك في أدب الكاتب وتقويم اللسان. وحكى ياقوت فيها جواز فتح الهمزة، كما حكى القاموس جواز تشديد الياء.
قال المحقق: (المعرب/ 29). ونص الخبر فيه كالنص الذي أثبتناه، وهو في الأصل. ولا أرى من صلة بين الكلام على (إرمينية) و(حنيفة) في مسألة النسب إليهما، وبين قول ابن الجواليقي... وأجريت مجراها في (رومي وروم) و(سندي وسند)..
أقول: أنى للمحقق أن يتبين معنى ما قاله الجواليقي وهو لم يحاول أن يضبط النص الوارد في الأصل، ويعارض ما بينه وبين ما جاء في (المعرب/ 29). فقد زعم أن النص في المعرّب كالذي أثبته في الأصل، وليس الأمر كذلك. فقد سقط من الأصل بعد قوله (وأجريت..) عبارة لو أثبتت لاستبان من المعنى ما لم يتبين. إذ جاء في المعرب (وأجريت ياء النسب في إرمينية مجرى تاء التأنيث في حنيفة كما أجريت مجراها في رومي وروم وسندي وسند..) وهذا ما جاء في حواشي المخطوط (9012) وفي معجم البلدان لياقوت وفي التاج. ولا فارق فيما جاء بين هذه المظان، من ذلك، غير أن نص المعرّب (كما أجريناها مجراها) بدل (كما أجريت مجراها) في نص المخطوط، وبدل (كما أجرينا مجراها) في معجم البلدان والتاج. وغريب على هذا، أن يمضي المحقق في التعقيب على النص فيقول: (ولا أدري صلة بين الكلام على إرمينية وحنيفة في مسألة النسب) قبل أن يقف على معناه. وسيأتي تفسير قول أبي منصور وتعقيب ابن بري على ذلك مفصلاً فيما بعد.
3-قال المحقق: البيت في معجم البلدان غير منسوب، والرواية فيه: ولو شهدت... طعائنا.
أقول: لم يأت (طعائناً) في معجم البلدان كما ذكر المحقق، ولعله رآه في مرجع آخر، وهو غريب على كل حال. وجاء صدر البيت في الأصل ومعجم البلدان ومعجم ما استعجم واللسان (ولو شهدت أم القديد طعاننا)، وقد نسب البيت في هذين إلى سيار بن قصير الطائي. وجاء عجز البيت فيما عدا الأصل (بمرعش خيل الأرمني أرنَّت)، وجاء في الأصل (لرنَّت).
وتفسير البيت أن أم القديد لو شهدت طعاننا لخيل الأرمني بمرعش لأرنَّت، أي صاحت.
وفي اللسان: رنت ترن رنيناً ورننت ترنن ترنيناً، وأرنَّت: صاحت.
4-أقول فحوى كلام أبي منصور أن الأصل في النسبة إلى (إرمينية) كما قال أبو علي، أن تثبت الياء الأولى، لكنهم حذفوا هذه الياء فقالوا (أرمني) وألحقوا بذلك فتح الهمزة والميم. وعلل ذلك بأن (إرمينية) قد شبه بـ(حنيفة). فوافق ما بعد الراء في الأولى ما بعد الحاء في الثانية، فحذفت الياء الأولى من (إرمينية) كما حذفت ياء (حنيفة).
يقول أبو منصور: (وأجريت ياء النسب في إرمينية مجرى تاء التأنيث في حنيفة كما أجريت مجراها في رومي وروم). والمقصود بهذا أن ياء النسب أنزلت منزلة تاء التأنيث. وقد مثل لذلك بموضعين: الأول حين حذفت ياء النسب في (إرمينية) وهي الياء الثانية المخففة، كما حذفت تاء التأنيث في حنيفة، عند النسب إليهما. وذلك كما لو نسبت إلى (شافعي) و(طلحة) فإنك تحذف ياء النسب المشددة في الأول، كما تحذف التاء في طلحة. أما الموضع الثاني فإن ياء النسب في (أرمني) قد أنزلت أيضاً منزلة تاء التأنيث حين دلت على الواحد، وكان (أرمن) يدل على الجماعة. وكذلك رومي وروم وسِندي وسند. وقد جاء ذلك في كثير من المظان.
قال الجوهري في الصحاح (يقال رومي وروم مثل زنجي وزنج، فليس بين الواحد والجمع إلا الياء المشددة، كما قالوا تمرة وتمر، ولم يكن بين الواحد والجمع إلا الهاء). وجاء ابن سيده في المخصص (16/101) بكمأة وكمء. وأشار إلى أن الأول يدل على الواحد، والثاني على الجمع، وقال: (وجرى مجرى تاء التأنيث في هذا ياء النسب فقالوا: زنجي للواحد، وزنج للجماعة. وعلى هذا قالوا رومي وروم وسِندي وسِند).
وقال أبو منصور: (أو يكون مما غيَّر في النسب) وتمام النص في معجم البلدان والتاج (أو يكون ذلك مثل بدوي ونحوه مما غير في النسب). والقصد أن قولك (أرمني) في النسب إلى (إرمينية) إما أن يكون على حنفي وحنيفة، أو يكون مما غيَّر في النسب كبدوي في النسبة إلى البادية).
والنسب إلى (إرمينية): أرمني بفتح الهمزة والميم مع سكون الراء، كما جاء في الصحاح واللسان والتاج، وجاء في أدب الكاتب بكسر الهمزة والميم، وهو في معجم البلدان بفتح الهمزة وكسر الميم.
5-أقول الصواب: بمنزلة الياء من (حنيفة) لا مع حنيفة.
6-قال المحقق: هذا هو الصحيح أي (والألف) وفي الأصل (والياء). وذلك أن الألف في (يمان) عوض عن ياء النسب. انظر اللسان (يمن).
-أقول: الذي أتى به المحقق أي (والألف) غير صحيح، والصحيح ما جاء في الأصل وهو (والياء). وبيان ذلك أن الياء المخففة في آخر- يمان- وهي تحذف بالتنوين كياء قاض- هي للنسب، وإن لم يكن فيها معنى النسب. أما ما جاء في اللسان من أن ألف- يمان- عوض عن ياء النسب، فذلك أن للنسب في الأصل ياء مشددة، وقد أثبت إحداهما في- يمان- طرفاً، وجاءت الألف عوضاً عن الثانية. قال ابن جني في الخصائص (1/504): (ويزيد عندك في وضوح ذلك أنهم قالوا في الإضافة إلى اليمن والشأم وتهامة: يمانِ وشآمِ وتهام، فجعلوا الألف قبل الطرف عوضاً عن إحدى الياءين اللاحقتين بعدها.).
وجاء في الكتاب (ص/ 36 و37)
قال أبو منصور: و(أبيل) الراهب، فارسي معرّب، قال الشاعر:(1) [من الطويل]
وما سبَّح الرهبان في كل بيعة * أبيلَ الأبيلين المسيحَ بن مريما
قال ابن بري: و(الأبيلين)(2) مثل (الأشعرين) في حذف ياء النسب. وقيل هذا البيت من الشعر في القصيدة:(3)
أما ودماء هادراتٍ(3) نخالها * على قُنَّة العُزَّى وبالنسر عَندما
وجواب القسم في البيت الثالث، هو:
لقد ذاق منا عامرٌ يوم لعلعٍ * حُساماً إذا ما هُزَّ بالكف صمَّما(4)
قال المحقق: في الأصل زيادة هي (وهو جاهلي)، وفي اللسان (قال ابن عبد الجن) وفي شرح القاموس (عمرو بن عبد الحق). ولعل الذي في شرح القاموس مصحف والصواب ما جاء في اللسان. والذي يقوي هذا أن الشاعر جاهلي، ولم يعرف في الجاهلية (عبد الحق) من أعلامهم.
-أقول كل ما حكاه المحقق هنا في تحقيق اسم الشاعر وأنه (عمرو بن عبد الجن)، هو بعض ما جاء به الأستاذ أحمد محمد شاكر في تحقيقه على المعرب (30). أما قول السامرائي (في الأصل زيادة هي: وهو جاهلي) فليس بشيء. ذلك أنه مثبت في المعرب المطبوع، وفي مخطوطه (9012) فضلاً عن الأصل، فليس هو إذاً زيادة على النص، وابن عبد الجن، هو شاعر جاهلي حقاً. فالزيادة ليست قلقة في موضعها، وقد حلت بمركزها. وجاء في معجم- المرزباني(18):
أما ودماءٍ مائراتٍ تخالها * على قُلَّة العزَّى أو النسر عَندما
وما قدّس الرهبان في كل هيكل * أبيلَ الأبيلين عيسى ابن مريما
ورواية النهاية (وما سبَّح الرهبان في كل بلدة) ورواية اللسان (وما قدّس الرهبان في كل هيكل) وعجز البيت فيهما وفي المعرب وفي تاريخ الطبري (أبيل الأبيلين المسيح ابن مريما).
2-قال المحقق: في الأصل وأبيل الأبيلين.
أقول: فات المحقق أن يوضح معنى قول ابن بري (الأبيلين مثل الأشعرين..)، وأن يبحث أصل لفظ الأبيل. فقول ابن بري (الأبيلين مثل الأشعرين) يعني أنك إذا جمعت (الأشعري) بياء مشددة قلت الأشعرون والأشعرين بحذف ياء النسب المشددة، وقد ذكر ذلك سيبويه في الكتاب (2/103)، وكذلك الأبيلون والأبيلين جمع الأبيليّ.
أما لفظ (الأبيل) فقد ذهب الجواليقي إلى أنه فارسي معرّب، لكنه لم يذكر أصله الفارسي أو يستدل على عجمته بدليل وحكاه عنه الخفاجي في الشفاء ولم يزد على ما قاله الجواليقي.
والذي يستبين بالبحث أنه عربي، ذلك أن ابن دريد ذكره في الجمهرة فقال (والأبيل الذي يضرب بالناقوس) ولم يشر إلى أنه دخيل (1/325). وكذلك فعل صاحب المقاييس فقال (قال الخليل الأبيل من رؤوس النصارى). وجاء به الجوهري فقال: (والأبيل راهب النصارى.. كانوا يسمون المسيح عليه السلام أبيل الأبيلين..) كذلك فعل صاحب الأساس لكنه ذكر أصله فقال (وقد أبل أبالة فهو أبيل، كما تقول فقه فقاهة فهو فقيه. وتقول فلانة لو أبصرها الأبيل لضاق بها السبيل).
هذا وقد ذكر الميداني النيسابوري (المتوفى 513هـ) الأبيل في كتابه (السامي/ 44) على أنه عربي وأتى بما هو في معناه بالفارسية، فليس هو، على هذا، فارسياً.
وجاء في النهاية لابن الأثير (كان عيسى عليه السلام يسمى أبيل الأبيلين. الأبيل بوزن الأمير الراهب. سمي به لتأبله عن النساء وترك غشيانهن، والفعل منه أبُل يأبل أبالة إذا تنسك وترهب. قال الشاعر: وما سبح الرهبان..).
وذكر الأستاذ عبد الوهاب عزام، رحمه الله، في مقدمة كتاب المعرّب المطبوع أن (الأبيل) ليست فارسية بل سريانية، ومعناها في الأصل الحزين، وتقال للراهب. قلت قد رأيت أن الأبيل عربي، وقد اتضح اشتقاقه. وليس كل لفظ عربي عرف في السريانية، دخيلاً على العربية، كما ذكرنا قبل، وأشار إليه الأستاذ عزام نفسه، فيكون (الأبيل) إذاً من الألفاظ السامية المشتركة، فهو عربي وسرياني.
على أن ثمة (الأيبلُ) على فيعلُ بفتح فسكون فضم، وهو بمعناه، ويبدو أنه أعجمي، إذ ليس في كلام العرب (فيعلُ) بهذا الضبط كما قال سيبويه في الكتاب (2/325). وسيأتي الكلام عليه، في باب الطاء.
3-قال المحقق: في اللسان: مائرات.
أقول: (مائراتٍ) هو الصواب، وفات المحقق أن يثبته بدلاً من اللفظ المصحف وهو (هادرات). والذي جاء في المظان (أما ودماء مائرات تخالها) لا (نخالها) كما بيناه قبل. ومار يمور الشيء إذا تردد في عرض، وفار الدم يمور على وجه الأرض إذا انصب فتردد عرضاً. والقُنَّة من الجبل أعلاه كالقُلَّة والجمع القنن والقلل. ونسر: صنم، وقد تدخله الألف واللام، والعندم صبغ أحمر.
4-أقول: ثمة خلاف في نسبة الأبيات الثلاثة، وقد جعلها ابن بري في قصيدة واحدة، وفات المحقق أن يشير إلى ذلك. قال ابن بري (وقبل هذا البيت من الشعر في القصيدة- أي وما سبَّح..- أما ودماء. وجواب القسم في البيت الثالث: لقد ذاق.). والغريب أن المحقق قد أثبت (وقيل هذا) بالياء، بدلاً من (وقبل هذا) بالباء.
فالبيت الأول (وما سبَّح الرهبان..) والثاني (أما ودماء مائرات..) منسوبان إلى عمرو بن عبد الجن الشاعر الجاهلي، كما جاء في المظان لا سيما معجم المرزباني. أما البيت الثالث (لقد ذاق منا عامر يوم لعلعٍ..) فقد تبين أنه بيت من قصيدة طويلة تجاوزت مئة بيت منسوبة إلى حُميد بن ثور الهلالي، جاءت في ديوانه المطبوع بتحقيق الأستاذ عبد العزيز الميمني، ولم يذكر فيها البيتان الآخران. وقد نسب هذا البيت (لقد ذاق..) إلى حميد في شرح الحماسة للمرزوقي (1125) واللسان (لعلع). وحُميد هذا شاعر إسلامي مُجيد شهد الأصمعي أنه أحد عظماء شعراء العرب الأربعة في الإسلام، وهم: (راعي الإبل النميري، وتميم بن مقبل العجلاني، وعمرو بن أحمر الباهلي، وحميد بن ثور الهلالي)..
ولعلع اسم جبل، وقد ذكر في الحديث وكانت به وقعة مشهورة.
وجاء في الكتاب (ص/ 37 و38):
قال أبو منصور: ومن ذلك قولهم لبيت المقدس (أوري شَلِم)(1) قال الأعشى [من المتقارب]:
وقد طفت للمال آفاقه * عُمانَ فحمص فأوري شَلِم(2)
قال ابن بري: (شلَّم) اسم بيت المقدس، بالتشديد عند سيبويه، فينبغي أن يكون عند التخفيف (شلَم) بفتح اللام في بيت الأعشى، وقد روي بكسر اللام، وينبغي أن يكون بالتخفيف (شلم) بالفتح(3).
قال أبو منصور: (ايلياء) بيت المقدس أيضاً، وهو معرّب(4).
قال ابن بري: (ايلياء فِعلياء مثل كبرياء وجربياء. وفي كتاب سيبويه (جِلحِطاء) غير معجمه(5).
وحكى ابن دريد عن أبي حاتم (جِلخِطاء) بالخاء(6).
قال أبو منصور: وهي الأرض الحزن.
1-قال المحقق: قال ياقوت أنه يروى بفتح اللام أيضاً، وقال: هو بيت المقدس بالعبرانية وفي اللسان: المشهور (أوري شلَّم) بالتشديد. أقول (أورشليم) كما ينطق بها في عصرنا هو معرب (أورشالايم) ومعناها مدينة السلام.
أقول: الذي نص عليه أبو منصور في المعرَّب أن لام (شَلِم) بالكسر والتخفيف، واستشهد على ذلك ببيت الأعشى. واعترض ابن بري فقال: جاء به سيبويه بالفتح والتشديد، فإذا خفف كان بالفتح لا بالكسر خلافاً لروايته في بيت الأعشى، ورواه أبو عبيدة بالكسر أيضاً، كما حكاه المعرب. وذهب ياقوت، كما ذكر المحقق، أن الرواية قد أتت بالكسر والفتح جميعاً.
وممن جاء به مشدداً ابن خالويه في كتابه (ليس) إذ قال: (لم يصرف الاسم إذا جاء على فعَّل لأنه يشبه الفعل... وقد جاء منه عثَّر وبذّر موضعان، وخضَّم قبيله، وبقَّم صبغ، وشلَّم: اسم بيت المقدس/ 143)، وقد قصد بالاسم اسم العلم.
أما عن أصل اللفظ فقد ذهب أبو عبيدة إلى أنه عبراني معرّب، وكذلك قال ياقوت. وقيل معناه (بيت السلام) على أن نسبة الاسم إلى العبرية لا تمنع أن يكون في الأصل اسماً كنعانياً. والكنعانية لغة سامية، قوية الشبه بالبابلية والعبرية. وقد انتهى المؤرخون حديثاً إلى أن (أورشليم) أو (أورشالم) هو اسم القدس الكنعاني، وأن المدينة قامت في العصر الحجري النحاسي. ودلت حفائر (ابله) بسورية على أنها إحدى المدن الكنعانية المعروفة منذ نحو (2500) ق.م. واسمها مشتق من اسم الإله الكنعاني (شالم) أو (شليم). وقد أسمى الكنعانيون كثيراً من مدنهم بأسماء آلهتهم.
2-أقول: هذه رواية البيت في ديوان الأعشى(41)، أما في معجم البلدان (1/279) فهو طوّفت للمال..).
3-أقول: قد فات المحقق أن في كلام ابن بري ما هو محذوف لا بد من ذكره، وما هو مزيد لا بد من حذفه. أما المحذوف فهو (بالفتح لا غير) بعد كلمة (شلم) وسياق الكلام يقتضي ذلك، وأما المزيد فقوله في آخر الكلام (وينبغي أن يكون بالتخفيف شلم) وهو قول مكرر فصحة العبارة (فينبغي أن يكون بالتخفيف شلم بالفتح لا غير، وقد روي بكسر اللام) كذا جاء في حواشي المعرب (9012). ولعل الناسخ قد سها فأعاد كتابة (ينبغي أن يكون..) آخر الكلام.
4-قال المحقق: (المعرب/ 31).
أقول: (ايلياء) اسم لبيت المقدس، وهو معرب من أصل رومي. تصوروا أنه ثلاثي الأصل فقالوا أنه (فعلياء) ككبرياء من الكبر وجربياء لريح الشمال من جرب. وتصوروا أنه فوق الثلاثي فقالوا أنه (فعللاء) بكسرتين بينهما سكون ملحق بجلحطاء للأرض لا شجر فيها، بالطاء، كما ذهب إليه سيبويه في كتابه، هذا ما حكاه ابن بري. وذكر ابن سيده (16/71) في مخصصه وجهاً ثالثاً فقال أنه (فيعلاء) نحو سيمياء للعلامة، وقد يذكر (سيمياء) على أنه فعلياء أيضاً.
وقد جاء (ايلياء) بالمد والتخفيف، وقد تحذف الهمزة الأولى فيقال (الياء) وقد يقصر فيقال (ايليا) وقد تشدد الياء الثانية فيقال (ايليَّا) (اللسان ومعجم البلدان).
وجاء في المظان التاريخية أن العاهل الروماني هادريان أو أدريان (117-138م) قد أسمى بيت المقدس باسمه (اليا) لأن اسمه في الأصل (اليوس): (تاريخ سورية ليوسف دبس 1/322).
5-فات المحقق هنا أن يرى الأصل بردّ ما سقط منه. فقد أثبت قول ابن بري (وفي كتاب سيبويه جلحطاء غير معجمة) ولا معنى له، والأصل الصحيح (وفي كتاب سيبويه، فعللاء جلحطاء بطاء غير معجمة). قال سيبويه في الكتاب (2/338): (ويكون على مثال فعللاء بالكسر، وهو قليل، قالوا طِرمساء وجلحطاء، وهما صفتان). فقد جعل ابن بري (فعلياء) وزناً لايلياء إذا كان الأصل ثلاثياً، و(فعللاء) كجلحطاء، إذا كان الأصل فوق الثلاثي. وأرض جلحطاء إذا غلظت ووعُرت، وهذا ما قصد إليه أبو منصور حين قال: (وهي الأرض الحزن).
6-أقول حكاية سيبويه (جلحطاء) بحاء وطاء، وحكاية الجمهرة (جلحظاء) بحاء وظاء (3/412)، وهي في اللسان، وفي التاج إنها حكاية ابن أخي الأصمعي. وجاء ابن دريد في الجمهرة بـ(جلخظاء) بخاء وظاء أيضاً، وقيل إنها حكاية ابن أخي الأصمعي. وثمة حكاية رابعة هي (جلخطاء) بخاء وطاء، شك فيها ابن دريد خلافاً لما أثبت في النص (3/321)، وعزاها ابن أخي الأصمعي إلى عمه، وجاء بها اللسان وعزاها التاج إلى الصاغاني.
وجاء في الكتاب (ص/ 38):
قال أبو منصور: قال أبو علي: ومما جاء على لفظه من ألفاظ العرب (ايَّل) وهو فِعَّل ويكسَّر على (أيايل)(1).
قال ابن بري: ذهب ابن حبيب إلى أن (الأيِّل) من الحيوان هو الواحد بوزن (سيِّد) والجمع عنده (ايَّل) بكسر الهمزة، والذي ذكره أبو علي (ايَّل) في الواحد بكسر الهمزة. وكذلك يروي ابن حبيب(2) قول النابغة(3) [من الطويل]:
وقد شربتْ من آخر الليل أيِّلا
على وزن سيِّد.
قال أبو منصور: قال أبو حاتم: قالوا في النسب إليه(4) (إصطخرزي) كما قالوا في (مَرو): مروَزي).
قال ابن بري: وإنما قالوا في (مرو) مرْوزي لأن العجمي إذا نُسب إليه قالوا (مروجي)(5) بين الجيم والزاي، فأحالتها العرب زاياً(6).
1-قال المحقق: (المعرب/ 33). والايَّل بكسر الهمزة وتشديد الياء المفتوحة هو الذكر من الأوعال، ويجوز فيه ضم الهمزة مع فتح الياء المشددة، ويجوز فيه فتح الهمزة مع كسر الياء المشددة، وأيايل هو الجمع، بالياء ولا تقلب همزة.
-أقول: هذا كلام الأستاذ أحمد محمد شاكر محقق المعرب، وقد جاء به السامرائي على سبيل النسخ (المعرب/ 33) وفاته أن يقول شيئاً فيما ذكره ابن بري خلافاً لأبي منصور. فمن جعل المفرد كقنب بكسر ففتح مع التشديد فقد جعل الجمع (أيايل) بالياء وحسب، وهو ما ذكره الجواليقي وحكاه عن أبي علي الفارسي. وأما من جعل المفرد كسيِّد بفتح فكسر مع التشديد فقد اعتد جمعه كقنب بكسر ففتح مع التشديد أو كخلَّب بضم ففتح مع التشديد أو أيايل بالياء، وهو ما حكي عن الخليل وتابعه فيه ابن حبيب، وذكره ابن بري حين جعل جمع (أيل) كسيِّد على (ايَّل) كقنب. وإذا أخذ بالروايتين صح قولك في المفرد (أيِّل وإيَّل) كسيِّد وقِنَّب. أما (أيَّل) بالضم كخُلَّب، فقد قال الطوسي أنه مفرد، وقال الخليل وابن جني أنه جمع. ولا ننسَ أن لفظ (الأيل) عربي، وفارسيته (كوزن) بكاف فارسية وفتح ما بعدها أو (كوز) بالتخفيف (اللسان والمعجم الذهبي).
2-قال المحقق: هو محمد بن حبيب البغدادي، كان عالماً بالنسب وأخبار العرب واللغة والشعر، نسب إلى أمه (انظر تاريخ بغداد- 2/77) و(معجم الأدباء- 6/473.
-أقول: هو أبو جعفر محمد بن حبيب اللغوي النحوي صاحب ثعلب، توفي (245هـ) ومن كتبه: المذهب في أخبار الشعراء وطبقاتهم، ونقائض جرير (إنباه الرواة- 3/129، والبلغة للفيروزابادي/ 215).
3-قال المحقق: هو النابغة الجعدي يهجو ليلى الأخيلية، وصدر البيت:
وبِرذونةٍ بلّ البراذين ثغرها
-أقول: روي البيت في اللسان وقد شربت من آخر الصيف..) وضمت الهمزة في (أُيَّلا)، ورد ابن حبيب الضم وروى (وقد شربت من آخر الليل أيِّلا) بوزن سيد ورأى ابن بري صواب رواية الصدر (بُريذينة) بالرفع والتصغير، مستنداً إلى ما جاء قبله. وقد فسر (الايَّل) في شعر الجعدي باللبن الخاثر، وذهب ابن حبيب إلى أنه الوعل في الأصل، وقد حذف المضاف، والمعنى المراد (لبن أيَّل) [اللسان والتاج].
4-قال المحقق: الضمير في (اليه) يعود إلى (اصطخر) السابق في كلام ابن الجواليقي في المعرّب.
-أقول فات المحقق هنا أن يثبت ما سقط من كلام أبي منصور، وهو (قال أبو منصور: واصطخر اسم البلد أعجمي أيضاً، وقد ورد في أشعارهم.. قال أبو حاتم: قالوا في النسب إليه: اصطخرزي، كما قالوا في مرو: مروزي). وقد اعتاد ابن بري أن يبدأ قوله برواية كلام صاحبه الجواليقي ثم يمضي في التعقيب عليه. ويحسن الإشارة هنا إلى أنه جاء (اصطخريَّ) على القياس في النسبة إلى (اصطخر) كما حكاه الصغاني في شوارده، عن أبي حاتم السجستاني.
وجاء في النسبة إلى (مرو): (مرويّ) أيضاً بفتحتين وبفتح وسكون (اللسان) وممن نسب إلى (اصطخر) أبو سعيد الحسن الاصطخري القاضي أحد أئمة الشافعية (ت/ 328) وأبو سعيد عبد الكريم بن ثابت الاصطخري الجزري وسواهما، واصطخر من كور فارس.
5-قال المحقق: (المراد بالعجمي: اللسان العجمي).
-أقول الغريب أن يثبت المحقق الأصل على هذا الوجه (لأن العجمي إذا نسب إليه قالوا: مروجي) ويعتذر من ذلك بقوله (المراد بالعجمي: اللسان العجمي). فصحة العبارة: (لأن العجم إذا نسبوا إليه قالوا: مروجي)، ويصح قولك (لأن العجمي إذا نسب إليه قال: مروجي).
6-فات المحقق أن يوضح كلام ابن بري في تعليل كون النسبة إلى (مرو) بالعربية (مروزي).
قال ابن بري: (لأن العجم إذا نسبوا إليه قالوا: مروجي، بين الجيم والزاي). وقد جاء (مروجي) في الأصل، كما أثبت هنا، بالجيم، وليس في الفارسية جيم بين الجيم والزاي، وإنما ثمة (زاي) فارسية بين الجيم والزاي، والنسبة إلى (مرو) بالفارسية (مروزي) بزاي فارسية أحيلت بالتعريب إلى (زاي) خالصة. وهكذا القول في النسبة إلى (الري) بالفارسية فإنها (رازي) بزاي فارسية آلت بالتعريب إلى (زاي) خالصة. ويبدو أن (الزاي الفارسية) في (مروزي) قد أصبحت تلفظ فيه زاياً خالصة أيضاً، فقد جاء في المعجم الذهبي وهو معجم فارسي (مروزي) بزاي خالصة، ولو كانت زاياً فارسية لكتبت بثلاث نقاط.
وجاء في الكتاب (39 و40):
قال أبو منصور: وروي عن أم الدرداء أنها قالت: زارنا سلمان من (المدائن) إلى الشام ماشياً وعليه كساء و(أندرا ورد) يعني سراويل مشمَّرة، وهي كلمة أعجمية ليست بالعربية(1).
قال ابن بري: المشهور عند أهل اللغة والنحو في (الشأم) للناحية المعروفة بغير ألف بعد الهمزة، وربما جاءوا بالألف، كما يجيء في النسب(2)، قال الفرزدق [من الكامل]:
أبلغ معاوية الذي يمَّمته * أمرَ العراق وأمر كلّ شآم(3)
وقال النابغة [من الوافر]:
على أثر الأذلة والبغايا * وخفق الناجيات من الشآم(4)
وقال النحام التغلبي(6) [من الوافر]:
تركت مُخَيرجات(6) وراء ظهري * وسرت من العراق إلى الشآم
وقال أبو الأخزم(7) [من الرجز]:
من دير صِفَّين إلى الشآم
1-قال المحقق (المعرب/37).
1-أقول: هكذا جاء لفظ (آندرا ورد) في الأصل، وفي مخطوط المعرّب (9012) وفي المعرب المطبوع (1867م) والمطبوع (1942). وذكر محقق المعرب الأستاذ أحمد محمد شاكر أنه جاء بالألف (أندرا) ودون ألف (أندر) كما في اللسان. وأنه بالألف في الأصول المعتمدة للمعرب، ودون ألف في طبقات ابن سعد، وبالزاي (أندروزد) في النهاية. قال ابن الأثير (في حديث علي- رض- أنه أقبل وعليه أندروزدية، قيل هي نوع من السراويل... ومنه حديث سلمان- رض- أنه جاء من المدائن إلى الشام وعليه كساء أندروزد، كأن الأول منسوب إليه).
على أن أدّي شير أورده (أندر ود) بدال تلي الواو، إذ قال (الأندر ود والأندر ودية، اسم لنوع من السراويل مركب من- أندر- أي داخل ومن- ور- أو ذو) ويؤيد المعجم الذهبي معنى (أندر) ومعنى (ود) كما جاء به أدي شير، فإذا صح هذا كانت (الدال) آخر اللفظ مزيدة بالتعريب.
2-أقول ما جاء في الشام بلا همز: (الشأم) بفتح أوله وسكون الهمزة، و(الشأم) بفتحتين و(الشآم) بالمد. ويقال في النسبة إلى (الشأم): (شأميّ) بالهمزة وياء مشددة و(شآم) بالمد وياء مخففة تحذف بالتنوين و(شآميّ) بالمد وياء مشددة، حكاه سيبويه. وتقول في التأنيث: امرأة شأمية بالهمزة وتشديد الياء وشآمية بالمد وتخفيف الياء.
3-قال المحقق: في الديوان (ط.صادر) (ص/ 183): أبلغ معاوية الذي بيمينه:
-أقول: صحة الرواية للبيت (أبلغ معاوية الذي بيمينه أمر العراق..) برفع (أمر). كما أثبت في الديوان وفي الأصل وفي حواشي المخطوط (9012). ولست أدري كيف تراءى للمحقق أنه في الأصل (.. الذي يممته أمر العراق..) بنصب (أمر)، ولا مكان له في سياق الكلام.
4-قال المحقق: كذا في الأصل، وأما في الديوان (السآم).
-أقول: أثبت المحقق رواية التي (على أثر الأذلة..) بالذال المعجمة، كما جاء في الأصل، وفاته أن الصحيح (على أثر الأدلة..) بالدال غير المعجمة، كما في الديوان. وهو جمع دليل، والبغايا الطلائع تتقدم الجيش، والخفق الاضطراب، وهو في الأصل الضرب بشيء عريض والناجية السريعة. والذي في الديوان (السآم) لا (الشآم)، وهو الملال. وقد أخذ على النابغة قوله (السآم) بالمد، وقيل أن صوابه (السأم) بلا مد. وقد نص على (السآم) في غير معجم معتمد.
5-قال المحقق: لم أهتد إلى (النحَّام التغلبي) ولعله (النحام) واسمه نعيم بن عبد الله بن أسيد، قتل يوم مؤتة شهيداً (انظر الاشتقاق لابن دريد/ 136).
-أقول: (النحام) الذي ذكره صاحب الاشتقاق (136) هو من بني عدي بن كعب، وبنو عدي ليسوا من بني تغلب، وقد ذكر ابن دريد شعراء تغلب (335) ولم يذكر منهم (النحام). وقد جاء اسم الشاعر في حواشي المخطوط (9012): (أبو النجام) وأحسب أنه (أبو النجم العجلي) وهو القائل:
المرء كالحالم في المنام
يقول إني مدرك أمامي
في قابل ما فاتني في العام
والمرء يدنيه من الحِمام
كما جاء في معجم الشعراء للمرزباني (180) وجاءت ترجمته في طبقات فحول الشعراء للجمحي (747/751).
قال المحقق: لا أدري أ(محيرجات) هي أم (مخيرجات) بالخاء المعجمة، أم شيء آخر؟ فلم أستطع معرفتها ولا وقفت على شيء منها في كتب المواضع والبلدان.
-أقول: الذي جاء في حواشي المخطوط (9012): (تركت أرّجان) بفتح الهمزة وتشديد الراء المفتوحة، وهو بلد بفارس، وقد يكون (جويخان) بضم فكسر، وهو بلد بفارس أيضاً، وهو أشبه ما يكون بالأصل، أو (خُوَجَّان) بضم ففتح وجيم مشددة، من قرى مرو..
7-قال المحقق: لا أدري أ(أخزم) أم (أخرم) أم (أحرم) لم أهتد إلى ذلك في المصادر، ولكني أميل إلى (الأخزم) لأنه من الأسماء التي سُمُّوا بها. انظر الاشتقاق، ولم أهتد إلى الرجز و(صفين) موضع بقرب الرقة على شاطئ الفرات. انظر (معجم البلدان).
-أقول: قد نسب الرجز في حواشي المخطوط (9012) إلى راجز هو (أبو الأحزر) بالحاء والزاي، وصحته (أبو الأخزر) بالخاء والزاي. وجاء في المؤتلف والمختلف للآمدي (66): ومنهم أبو الأخزر الحماني بكسر الحاء وتشديد الميم، الراجز.. وهو القائل:
أنا أبو الأخزر ذو استكتام
لا حَصَري يُخشى ولا عُرامي
قد كنت أهوى البيض في الكِمامِ
والرجعَ من أصواتها الرِّخام
فقد تأهبت عن التهيام
بهن إلا مُلَّحَ الكلام
وقد يكون البيت الذي جاء به ابن بري من هذه الأرجوزة. وذكر صاحب اللسان أن اسمه (قتيبة) ولقبه (أبو الأخزر). وقد اهتدى إلى هذا الدكتور الضامن في تعقيبه على تحقيق الدكتور السامرائي وجاء البيت الثالث (فقد تأهبت عن التهيام) وذكر محقق المؤتلف أن الصواب (فقد تناهيت..) ويتجه لي أنه (تأبهت) بمعنى تنزهت.
وجاء في الكتاب (ص/ 40):
قال أبو منصور: قال الحربي(1): قال أبو عمرو(2): الأسابذ(3) قوم من الفرس كانوا مسلحة المشقرَّ، منهم المنذر بن ساوى(4) من بني عبد الله بن دارم، ومنهم عيسى الخطبي وسعد بن دعلج(5).
قال ابن بري: المشقَّر حصن قديم بالبحرين. قال لبيد [من الطويل]:
وأنزلن بالدوميِّ من رأس حصنه * وأنزلن بالأسباب ربَّ المشقَّر(6)
والدومي هو الندب(7) (صاحب دومة الجندل).
1-قال المحقق: هو أبو اسحاق إبراهيم الحربي، كان قيماً بالأدب جماعاً للغة حافظاً للحديث، توفي 285هـ. (نزهة الألباء/ 145، إنباه الرواة- 1/155).
2-قال المحقق: لا أستطيع أن أقطع في (أبي عمرو) هذا، أأبو عمرو بن العلاء أم أبو عمرو الشيباني.
-أقول: أبو عمرو الشيباني هو اسحاق بن مرار (ت 96هـ) وأبو عمرو بن العلاء هو زبان بن العلاء بن عمار أحد القراء السبعة (ت 154هـ) وثمة أبو عمرو حفص بن سليمان الأسدي (ت 180هـ). وليس في ترجمة أبي اسحاق إبراهيم الحربي ما يشير إلى أنه كان يروي عن أحد هؤلاء خاصة. على أن الراجح أن الذي قصده الحربي وحكى عنه هنا هو أبو عمرو الشيباني، لا سواه، إذ جاء في معجم البلدان لياقوت (1/171) أنه قد حُكي عنه تفسير لفظ (أسبذ) وصلته بأصحاب حصن المشقر.
3-أقول: فات المحقق أن يقول شيئاً في (أسبذ)، وهو بفتح الهمزة وسكون السين وفتح الباء، وقد اختلف فيه، إذ جاء في المعرب (38) أنه اسم قائد من قواد كسرى. وجاء في كتاب الفتوح للبلاذري (106/110) أنه اسم قرية بهجر، وجاء في الألفاظ الفارسية لأدّي شير أن (أسب) بمعنى حصان و(باد) بمعنى حارس.
أما (أسبذيّ) بياء النسبة ففي المعرب (أن الأسبذيين ضرب من المجوس من عبدة البراذين كانوا حماة لحصن المشقر. وفي الفتوح أن (الأسبذي) نسب إلى قرية بهجر يقال لها (الأسبذ) وأن الأسبذيين قوم يعبدون الخيل بالبحرين، فلما كان سنة (8) وجه الرسول r العلاء بن عبد الله الحضرمي إلى البحرين يدعو أهلها إلى الإسلام أو الجزية فأسلم منهم العرب، ورضي المجوس واليهود بالجزية. وكان ممن أسلم المنذر بن ساوى والي البحرين. وجاء في معجم البلدان عن هشام بن محمد بن السائب (وقيل لهم الأسبذيون لأنهم كانوا يعبدون فرساً، قلت، إن الفرس بالفارسية- أسب- زادوا معه ذالاً تعريباً).
4-قال المحقق: المنذر بن ساوى كان والياً على البحرين. انظر الإصابة- 6/139، وطبقات ابن سعد 1/2/19.
-أقول: هذا بعض ما جاء في تحقيق الأستاذ أحمد محمد شاكر للمعرب نسخه المحقق بالحرف. وفي السيرة النبوية لابن هشام (4/222): (وقد كان رسول الله r بعث العلاء بن الحضرمي قبل فتح مكة إلى المنذر بن ساوى العبدي فأسلم فحسن إسلامه ثم هلك بعد رسول الله r قبل ردة البحرين والعلاء عنده أميراً لرسول الله r على البحرين). وجاء في معجم البلدان (وكان بالبحرين من قبل الفرس المنذر بن ساوى بن عبد الله بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة... وعبد الله بن زيد هذا هو الأسبذي نسبة إلى قرية بهجر.).
5-أقول: في المعرب المطبوع (1867): (عيسى الخطي) بدلاً من (الخطبي) و(سعيد بن دعلج) بدلاً من (سعد بن دعلج).
6-قال المحقق: الديوان (ص/ 56) وروايته فيه (وأعوصن بالدومي..).
-أقول: في الصحاح (دوم): (وأعصفن..) أي ذهبن به وأهلكن.. وفي الديوان (وأنزلن..) بمعنى انقلبن به، وفي الصحاح (شقر): (وأنزلن بالرومي.) وهو محرّف لأن الكلام على (الدومي) بالدال نسبة إلى (دومة الجندل). والمشقَّر بضم الميم وفتح الشين وتشديد القاف حصن بالبحرين، وربّ المشقر هو (أكيدر) بضم الهمزة وفتح الكاف على صيغة التصغير، صاحب دومة الجندل، وهو أكيدر بن عبد الملك، كما في الاشتقاق.
7-أقول: فات المحقق أن يوضح معنى قول ابن بري (والدومي هو الندب صاحب دومة الجندل) فما معنى (الندب) هنا. وقد تبين بالبحث أن اللفظ قد شُوِّه وصحته (أكيدر) كما حكيناه في الحاشية السابقة عن الصحاح، وهو أكيدر بن عبد الملك كما حكاه الاشتقاق.. وقد جاء كذلك في حاشية المخطوط (9012).
وجاء في معجم البلدان (2/ 488): (دومة الجندل بضم أوله وفتحه.. وسميت دومة الجندل لأن حصنها مبني بالجندل... وهو حصن أكيدر الملك بن عبد الملك بن عبد الحي.. وكان النبي r وجه إليه خالد بن الوليد من تبوك..) وجاء فيه (وأحسن ما ورد من ذلك ما ذكره أحمد بن جابر في كتاب الفتوح.. قال بعث رسول الله r خالداً- رض- السنة التاسعة إلى أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل فأخذه أسيراً وقتل أخاه وقدم بأكيدر على النبي r فأسلم وصالح النبي على أرضه.. فلما مات الرسول r منع أكيدر الصدقة.. وقيل أن خالداً لما انصرف من العراق إلى الشام مرَّ بدومة الجندل التي غزاها أولاً بعينها ففتحها وقتل أكيدر).
وجاء في الكتاب (ص/ 41):
قال أبو منصور: قال أبو سعيد(1): سمعت العرب تقول للأربعة (استار) لأنه في الفارسية (جهار) فأعربوه فقالوا (استار) قال جرير [من الكامل]:
إن الفرزدق والبعيث وأمَّه * وأبا الفرزدق شر ما استار(2)
قال ابن بري: ويجمع (أساتير) ويقال لكل أربعة (استار).
1-قال المحقق: لعله أبو سعيد الضرير أحمد بن خالد. انظر (نكت الهميان- ص/ 96)، واستبعد أن يكون (الأصمعي) لشهرة (الأصمعي) وليس (أبا سعيد).
-أقول لا شك أنه إذا قيل (أبو سعيد) لم يذهبوا به إلى الأصمعي. ولم يذكر أبو منصور الأصمعي في المعرب مرة إلا بلقبه أي (الأصمعي). لكنه إذا قال (أبو سعيد) عنى به (أبا سعيد السكري) وهو الحسن بن الحسين المتوفى (275هـ) وكان ذا ثقة، راوية للبصريين. ويتحقق ذلك بمراجعة غير موضع من المعرب (195 و333). والمعروف أنهم إذا عنوا الضرير قالوا أبو سعيد الضرير ولم يكتفوا بكنيته.
2-قال المحقق: ورواية البيت في الديوان (ص/ 317):
إن الفرزدق والبعيث وأمَّه * وأبا البعيث لشرُّ ما استار
-أقول: قيل (استار) بكسر أوله والجمع أساتير وهو معرب (جهار) بالجيم الفارسية، ومعناه (أربعة). وقيل استار رابع أربعة، كما قيل استار لكل أربعة من جنس واحد (المعرب وشفاء الغليل). ومن ثم قال جرير:
إن الفرزدق والبعيث وأمه * وأبا الفرزدق شر ما استار
والبعيث اسم شاعر من بني تميم. وجاءت رواية العجز في الديوان والنقائض واللسان (وأنا البعيث لشر ما استار). وفي الصحاح بيت آخر هو (قُرن الفرزدق والبعيث وأمه. وأبو الفرزدق قبِّح الاستار) وجاء كذلك في النقائض، وشفاء الغليل. أما عن أصل (استار) فلا شك أنه معرب اللفظ الفارسي (جهار) بجيم فارسية مفتوحة ومعناه (أربعة)، كما جاء في المعرب وأيده فيه ابن بري. وقد جاء (إستار) في شعر الأخطل والكميت. لكن لفظ (استار) هذا قد جاء في المعجم الذهبي على أنه لفظ فارسي معناه (أربعة) أو (وزن يعادل أربعة مثاقيل) فما تعليل ذلك؟ أقول أكبر الظن أن الفارسية قد اقتبسته وأدخلته في ألفاظها كما فعلت في كثير من المعربات، وهو لم يرد في بعض معاجم الفارسية.
وجاء في الكتاب (ص/ 41 و42):
قال أبو منصور: الألُوَّة العود الذي يُتبخر به، ذكر أبو عبيدة: أنه معرّب(1).
قال ابن بري: قال المفضل بن سلّمة: يقال ألُوَّة وأُلُوَّة بالفتح في الهمزة وضمها. وفي الحديث في صفة الجنة (ومجامرهم الألُوَّة)(2).
وحكى اللحياني: ألُوَّة وأُلُوَّة ولُوّة وليَّة(3) وحكى ابن الأعرابي (لِيَّة) وأنشد [من الرجز]:
لا يصطلي ليلة ريحٍ صرصرٍ
إلا بعود لِيَّة أو مِجمرٍ
وقد جاء (ألاوِيَة) في بيت، أنشده ابن الجراح(4) [من الطويل]:
بساقين ساقي ذي قِضِين تحشَّها * بأعواد رندٍ أو ألاوية شُقرا(5)
1-قال المحقق (المعرب- ص/ 44).
-أقول فات المحقق أن يقول شيئاً حول لفظ (الألوة) وأصله. فقد تبين بالبحث أن (ألوّة) بضم الهمزة واللام وتشديد الواو المفتوحة، للعود يتبخر به. وما دامت همزته أصلية فهو قبل الإدغام (فُعلُلَة) كسُنبُلة. وهو يجمع في الأصل على (ألاوٍ) وقد دخلته الهاء كما جاء في اللسان للإشعار بعجمته فأصبح (ألاوية)، وفي النهاية أنها همزة أصلية وقيل زائدة. وقد جاءت فيه لغات (ألوة) بفتح الهمزة كما قال المفضل، و(لُوّة) بحذف الهمزة، كما حكى اللحياني، و(ليَّة) بكسر اللام وتشديد الياء، كما ذكره ابن الأعرابي.
أما أصله فقيل إنه فارسي ونفى أبو منصور ذلك وقال أنه هندي، كما في اللسان. وجاء في الألفاظ الفارسية لأدّي شير أنه فارسي أصله (ألوا) وأن معناه نبات (الصبر) بفتح فكسر، وأنه يوناني أيضاً وهو منقول من (الآرامية) لأن (الصبر) موطنه الشرق. وفي اللغات اللاتينية كالفرنسية والإيطالية، وفي اللغتين الجرمانية والانكليزية مثل هذا اللفظ اسماً لنبات الصبر المشهور بعصارته المرة. أما في المعاجم الفارسية فإن (ألاو) و(ألو) لشعلة النار. فإذا صح أن الأصل واحد، كان اللفظ للعود من هذا النبات.
2-قال المحقق: وتمام الحديث في اللسان: ومجامرهم الألوّة غير مُطرّاة.
-أقول جاء في النهاية (وفي صفة أهل الجنة ومجامرهم الألوة هو العود الذي يتبخر به.. ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يستجمر بالألوة غير مطراة) واجتمر واستجمر بالمجمرة. تبخر بها، وطرَّاه جعله طرياً.
3-أقول: زاد المحقق هنا (لِيَّة) نقلاً عن اللسان كما ذكر. إذ اقتصر الأصل ومخطوط المعرب (9012) في حكاية اللحياني على اللغات الثلاث. وأما الرابعة أي (ليَّة) فقد جعلها حكاية ابن الأعرابي وحده، وقد استشهد بقول الراجز (إلاّ بعود ليَّة أو مجمر)، ويؤيد هذا سياق الكلام.
4-فات المحقق أن يعرّف بـ(ابن الجراح) على ما جاء في الأصل. والذي جاء في حواشي مخطوط المعرب (9012): (أبو الجراج) بجيمين، وكلاهما محرّف. ويتجه لي أنه أبو الجراح بتشديد الراء وحاء في آخره، وقد جاء ذكره في المظان. ففي الشعر والشعراء لابن قتيبة (/210) أنه الأسود بن يعفر، وهو جاهلي من بني حارثة، ويكنى أبا الجراح، كان أعمى.
و(يعفر) بفتح الياء وزان (يقتل) فهو غير مصروف، وقيل بضم الياء والفاء فهو مصروف لزوال شبهه بالفعل وقد تحدث أبو محمد الأعرابي الملقب بالأسود الغندجاني عنه في كتابه (فرحة الأديب) وذكر شيئاً من شعره (199). وفي المؤتلف والمختلف للآمدي(16) أن الأسود بن يعفر التميمي هذا هو أعشى نهشل، وقد جاء الصبح المنير بشعره (298) وما أظنه استوفاه. ويؤكد هذا ما جاء في طبقات الجمحي (147/148).
5-قال المحقق: في الأصل: بساقين ساقي ذي قعين تحثها.
-أقول فات المحقق أن يقول شيئاً في بيت أبي الجراح. فـ(ذو قِضين) بكسر القاف اسم موضع، و(قضون) في الأصل جمع (قضة) بكسر أوله الأرض المخفضة، ترابها رمل، كما جاء في كتاب العين، ومعجم البلدان (4/368) وساقاها جبلاها، وتحشّها بمعنى تطعمها. وفي الأساس (حش النار أشبّها وأطعمها الحطب). وهو ينصب مفعولاً ثانياً أو يتعدى إليه بالحرف، كما جاء في التاج. وقد جاء في عجز البيت (ألاوية) بالنصب وهو معطوف على مجرور كذا جاءت روايته في التهذيب واللسان (ألو)، وفي موضع آخر من اللسان (قضى). ونسب البيت فيه إلى أبي (الحجاج) وأحسبه محرّفاً. وأغلب الظن أن الشاعر استجاز عطف المنصوب على المجرور للضرورة جرياً على قول من قال (مررت بزيد وعمراً). قال ابن جني في الخصائص (1/112): (ألا ترى أنك تحكم لموضع الجار والمجرور بالنصب فتعطف عليه فينصب لذلك، فتقول: مررت بزيد وعمراً). وأشار إلى ذلك صاحب المغني.
وجاء في الكتاب (ص 43 و44):
قال أبو منصور: و(البرزيق) الفارس بالفارسية، والجماعة من الفرسان: (البرازيق) قال جهمة بن جندب(1): [من الكامل]:
تظل جياده متمطراتٍ * برازيقاً تصبِّح أو تُغير(2)
قال ابن بري: قوله: (البرزيق: الفارس) وهمٌ، وإنما البرزيق الجماعة من الناس فرساناً ورجالة، والبرازيق الجماعات.
وفي الحديث: ولا تقوم الساعة حتى يكون الناس برازيق(3)، وقال أبو عُبيد: أي جماعات(4).
وقال الليث: البرزيق جماعة خيل دون الموكب. وقال زياد(5): ما هذه البرازيق التي تردَّدُ وقد يجمع برزيق على برازق بحذف الياء. قال عُمارة بن طارق [من الرجز]:
أرض بها الثيران كالبرازق(6)
وقول أبي منصور، ابن الجواليقي: (والبرازيق هي الجماعات من الفرسان) لأن البرزيق هو الجماعة، والبرازيق هي الجماعات(7).
1-أقول: لم يذكر المعرّب اسم الشاعر(55) وإنما جاء به محقق المعرّب الأستاذ أحمد محمد شاكر وذهب إلى أنه (جهينة بن جندب بن العنبر بن تميم) نقلاً عن الجمهرة واللسان وأثبته الدكتور السامرائي (جهمة بن جندب) بفتح الجيم في (جهمة)، وعندي أنه (جهمة بن جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم) كما جاء في الصحاح وحكاه عنه صاحب التاج. والجيم في جهمة مضمومة. وقد جاء في الأصل (جهمة بن جندب) وكذلك في حواشي المعرّب (9012). ويثبت صحة حكاية الصحاح أن (جهمة) بالضم وجندباً والعنبر كلهم من بني تميم على ما جاء في الاشتقاق لابن دريد. وفيه أن من بطون جندب بنو جهمة بالضم(211).
وقد ذهب الدكتور حاتم صالح الضامن فيما تعقب به الدكتور السامرائي إلى أنه (جهينة) إذ قال: (والصواب جهينة بن جندب كما في غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام- 4/100 وجمهرة اللغة- 3/305 واللسان- برزق) أقول أن ما جاء به أبو عبيد وصاحب الجمهرة واللسان لا يدحض حكاية الصحاح، لما بيناه.
2-قال المحقق: في المعرب (55/ 56) والرواية (برازيق تصبح أو تغير) والبيت ثاني بيتين وردا في اللسان، والرواية برازيقاً بالنصب.
2-أقول: هذا بعض ما ذكره محقق المعرّب الأستاذ أحمد محمد شاكر. وقال إن رواية الجمهرة قد جاءت بالرفع في (3/501) لكنها جاءت بالنصب في (3/305) وحكاه عنه اللسان، ورواية اللسان:
رددنا جمع سابور وأنتم * بمهواة متالفها كثير
تظل جيادنا متمطرات * برازيقاً تصبح أو تغير
وقد أغفلت رواية الصحاح وهي كرواية اللسان، ولكن جاء في صدر البيت الثاني (تظل جياده..). والمتمطرات المسرعات من (تمطَّر) بتشديد الطاء. وقد جاء في الأساس (ومر الفرس يمطر مطراً ويتمطر: يعدو بشدة كصوت المطر). والبرازيق جماعات الخيل.
3-أقول: في النهاية لابن الأثير: (لا تقوم الساعة حتى يكون الناس برازيق، ويروى برازق أي جماعات واحده برزاق وبرزق) قلت قد يكون البرازق أو البرزق كما جاء في النهاية، أو البرزيق كما جاء في المعرّب وحواشي ابن بري وشفاء الغليل، مجموعاً على برازق أو برازيق. فالكوفيون قد أجازوا في كل جمع على (مفاعل) أو هيئته، أن تزاد فيه الياء، وأجازوا حذفها فيما جاء على (مفاعيل) وهيئة أيضاً، كما نص عليه الهمع (2/182). وقد أخذ بهذا جماعة وعبروا عن زيادة الياء في نحو (مفاعل) أو هيئته، بإشباع الكسرة، وأسماه ابن جني في الخصائص (3/151) وفي المحتسب (1/357) إشباعاً للحركة أو مطلها. وردّه ابن الأنباري في الإنصاف و(1/31) وقصره على الشعر.
وأصل (برزق وبرزيق) فارسي. قال أدّي شير في ألفاظه (فلم أر سوى بروز، وهو اصطفاف الخيالة والرجالة من العسكر على شكل حلقة). وفي المعجم الذهبي (بروز) بباء فارسية حلقة الجند، وحاشية الثوب، وتلفظ بفتح الباء والواو. وهكذا عُرّب (بروز) الفارسي ومعناه الإطار أو الحاشية أو الحلقة من الجند إلى (برزق أو برزيق)، ومعنى البرازيق الجماعات من الخيل أو الفرسان، وجاء في التاج عن الصاغاني أن البرازيق: الطرق المصطفة حول الطريق الأعظم.
4-قال المحقق: وقول أبي عبيد المذكور هو القاسم بن سلام (المتوفى 224هـ) وقوله في كتابه غريب الحديث (4/100). ووهم الأستاذ المحقق فظنه أبا عبيد الهروي أحمد بن محمد (المتوفى 401هـ) صاحب كتاب الغريبين.
-أقول: أكد المحقق الدكتور السامرائي أن الذي أراده ابن بري هو أبو عبيد صاحب كتاب الغريبين: غريب القرآن وغريب الحديث، دون أبي عبيد القاسم بن سلام الأزدي صاحب غريب الحديث، ولم يعتل لذلك، والحق أن ابن بري هو أحد الأئمة الذين حكوا عن الغريبين خاصة، وذلك في حواشيه على الصحاح، وعلى درّة الغواص للحريري. لكن الذي جاء في الغريبين من مادة (برزق- 1/157) هو: (وفي حديث آخر: والناس برازيق، يعني جماعات. وفي حديث زياد: إذا لم يكن منكم نهاة تمنع الناس عن كذا وكذا وهذه البرازيق)، على حين أورد أبو عبيد القاسم بن سلام ما حكاه عنه ابن بري نفسه فقد جاء بالحديث (لا تقوم الساعة حتى يكون الناس برازيق) وأردف (يعني جماعات)، ويؤكد هذا أن ابن بري قد عنى أبا عبيد القاسم بن سلام.
5-قال المحقق: لم أتبين (زياداً) هذا.
وعلق الدكتور الضامن على هذا فقال: هو زياد بن أبي سفيان، وقوله في اللسان (برزق).
-أقول: الذي في اللسان أنه (حديث زياد). وقد جاء به ابن قتيبة عبد الله بن مسلم في غريب الحديث (2/572) فذكر أنه (حديث زياد بن أبي سفيان)، وكان زياد هذا والي البصرة في عهد معاوية. ونص الحديث كما جاء في اللسان (وفي حديث زياد: ألم تكن منكم نهاة يمنعون الناس عن كذا وكذا، وهذه البرازيق..) كما في النهاية. وأردف: (وقال زياد: وهذه البرازيق التي تتردد) وفي غريب الحديث (ألم تكن منكم نهاة تمنع الغواة عن دلج الليل وغارة النهار وهذه البرازيق). أما في البيان والتبيين (2/62) فقد جاء فيه ما جاء في غريب الحديث ولم تذكر فيه (البرازيق) وكذلك العقد الفريد (4/110-111).
6-قال المحقق: وتمام الرجز في اللسان: كأنما يمشين في اليلامق.
-أقول: اليلامق جمع يلمق بفتح فسكون، وهو القباء بفتح القاف أي الثوب الذي يلبس فوق الثياب، وأصله الفارسي (يلمه) كما في المعرب(355).
7-قال المحقق: والعبارة: وقول أبي منصور، ابن الجواليقي: (والبرازيق..) هو من كلام ابن بري في توضيح وتفسير كلام صاحب المعرب، المتقدم.
-أقول هذا صحيح، لكن صحة كلام ابن بري (وقول أبي منصور الجواليقي: البرازيق الجماعة من الفرسان، صوابه أن يقول الجماعات من الفرسان) وكذلك جاء في حواشي مخطوط المعرب (9012). أما ما أثبته المحقق من قول أبي منصور (والبرازيق هي الجماعات من الفرسان) فليس صحيحاً والصحيح هو (والبرازيق الجماعة من الفرسان) وهذا ما دعا ابن بري إلى أن يتعقبه بقوله (وصوابه أن يقول: البرازيق الجماعات من الفرسان). والمعروف أن أبا منصور الجواليقي صاحب المعرّب هو الجواليقي أو ابن الجواليقي، لأن (الجواليقي) لقب لجد من أجداده، نسبة إلى الجواليق جمع جوالق بكسر الجيم. وهو في (إنباه الرواة- 3/335): (موهوب بن أحمد بن محمد بن الحسن بن الجواليقي، أبو منصور بن أبي طاهر) وهو في (بغية الوعاة/ 401): (موهوب بن أحمد بن محمد بن الحسن بن الخضر، أبو منصور الجواليقي).
وجاء في الكتاب (ص/ 44 و45):
قال أبو منصور: و(بسطام) ليس من كلام العرب، وإنما سمى قيس بن مسعود ابنه (بسطاماً) باسم ملك من ملوك فارس.
قال ابن بري: إذا ثبت أن (بسطاماً) اسم أعجمي علَم ليس بجنس فلا وجه لصرفه.
وقال ابن بري: بعد ذلك إذا ثبت هذا فإن (بسطاماً) مصروف لأنه منقول من جنس(1).
قال أبو منصور: قال رؤبة:(2) [من الرجز]:
كمرجل الصباغ جاش بَقَّمه
قال ابن بري: صوابه العجاج وقبله:
يجيش من بين تراقيه دمُه
كمرجل الصبَّاغ جاش بقَّمه(3)
1-1-أقول: إذا عدنا إلى المعرّب (56 و57) ألفينا أن أبا منصور ذكر في (بسطام) وجهين: الأول وقد نسبه إلى ابن دريد: أنه في الأصل (علَم في الفارسية) لأنه اسم ملك من ملوك الفرس فعقب ابن بري على ذلك بما معناه: إذا ثبت أن بسطاماً نقل إلى العربية وهو في الأصل علَم أعجمي فهو ممنوع ولا وجه لصرفه.
الثاني: ولم ينسبه إلى أحد، أنه في الأصل (اسم جنس في الفارسية) فعقب ابن بري على هذا بما معناه: إذا ثبت أن بسطاماً قد نقل إلى العربية علَماً، وهو في الأصل اسم جنس أعجمي، فإنه مصروف وقد كان ينبغي أن يثبت هذا قبل تعقيب ابن بري، وأن يشير المحقق إليه. وجاء في المعرب في تفصيل هذا الوجه (قال أبو منصور: وقال غيره، أي غير ابن دريد، وسمي بسطاماً لأن أباه كان محبوساً عند كسرى فنظر إلى غلام يوقد تحت شيء، يحركه بحديدة فبُشِّر به، وقيل ولد لك غلام. فقال أي شيء تسمُّون هذا؟ قالوا فسمُّوه بسطاماً). والذي تبين بهذا أن السؤال كان عن اسم الحديدة التي كان الغلام يحرك بها النار، واسمها في الفارسية (أستام). قال صاحب المعجم الذهبي (أستام سيخ حديدي يستعمل لتحريك نار الأتون والتنور). وأنكر محقق المعرب الأستاذ أحمد محمد شاكر أن يكون الجواب عن اسم الحديدة في النص (أسطام) وأكد أنه (بسطام) وإثباته إياه كذلك في المعرب خطأ والصحيح ما ذكرناه، وهو (أستام). وجاء في مخطوط المعرب (9012): (أوستام)، وفي المعرب المطبوع عام (1867): (إسطام) ولكن كيف آل (أستام) هذا إلى (بسطام) بالتعريب، وفي العربية (الاسطام) كما يعنيه اللفظ الفارسي؟ قال الزمخشري في الأساس (حرّك النار بالاسطام)، أفليس الأعدل أن يكون (الاسطام) هذا معرباً من (أستام) الفارسي؟ وأن يكون (بسطام) منقولاً إلى العربية من (بسطام) اسم العلم الفارسي. ومن ثم أكد ابن خالويه أنه (لا ينبغي أن يصرف) وجاء في الصحاح أنه منقول من اسم علم أعجمي، كما ذكره ابن دريد في الجمهرة، وكذلك جاء في شفاء الغليل.
وبسطام بن قيس بن مسعود هو أحد فرسان العرب الثلاثة عامر بن الطفيل وعتيبة بن الحارث وبسطام هذا. أما قيس بن مسعود فقد كان والياً على الأبُلَّه لكسرى، كما جاء في الاشتقاق لابن دريد.
وبسطام بكسر الباء لكنه جاء بفتح الباء أيضاً، ذكره الحنبلي الحلبي في بحر العوّام.
2-قال المحقق: الصواب هو العجاج، كما أثبت ذلك أيضاً ابن بري في تصحيحه. والرجز من الجمهرة لابن دريد (1/322).
-أقول: نسب الجواليقي الرجز إلى رؤبة وهو لأبيه العجاج، وأخطأ بالنقل. وفات المحقق أن ابن دريد الذي حكى الجواليقي عنه لم يخطئ فقد نسبه في الجمهرة إلى العجاج كما هو واضح في (1/322). وقد أشار إلى هذا محقق المعرب نفسه(59).
3-قال المحقق: المعرب (ص/59) والرجز شاهد في (بقَّم) وهو صبغ أحمر.
-أقول: جاء في الصحاح: (البقم، بفتح الباء والقاف المشددة، صبغ معروف وهو العندم.
قال العجاج:
بطعنة نجلاء فيها ألمه
يجيش ما بين تراقيه دمُه
كمرجل الصبَّاغ جاش بقمَّه
وقلت لأبي علي الفسوي، أعربي هو فقال: معرّب). وقال ابن خالويه في (ليس): (لم يصرف الاسم إذا جاء على فعَّل بفتح الفاء والعين المشددة، لأنه يشبه الفعل) يعني كما في (السامي/ 131) للميداني النيسابوري. أما أصل (بقَّم) فقال أدي شير أنه (بكَم) بفتح الباء والكاف، ولم أجده في المعجمات الفارسية. وقال صاحب التقريب أنه جاء على زنة أصله الفارسي.
وجاء في الكتاب (ص/ 45 و46):
قال أبو منصور: و(البَبر) بباءين، جنس من السباع، وأحسبه دخيلاً وليس في كلام العرب. والفرس يسمونه (بفر)(1).
قال ابن بري: (البَبر)(2) هو الفُرانق يُنذر(3) الأسد، ويقال له (الهَدبَّس)(4) ويقال (الهَدبَّس) الذكر.
قال أبو منصور: و(البُهار)(5) اسم واقع على شيء يوزن به نحو الوَسْق وما أشبهه، بضم الباء، وهو معرب، وقد تكلمت به العرب. قال الشاعر، وهو البُريق الهُذَلي(6) يصف سحاباً: [من الوافر]:
بمُرتِجزٍ كأن على ذُراه * ركابَ الشأم يحملن البُهارا(7)
قال ابن بري: قال ابن جني: البُهار عربي مأخوذ من بهرَني الشيء، لأن الحمل الثقيل يبهرُ حامله.
وقال الأزهري: البُهار هو ما حُمل على البعير بلغة أهل الشأم، وهو عربي صحيح، وأنشد بيت البُريق.
1-قال المحقق: لا بد أن يكون الفاء في (بفر) ليس فاء كالفاء العربية بل هي أقرب إلى الواو الشفوية. كالحرف اللاتيني (V) وهو قريب من الباء، ويتم بينهما الإبدال، وذلك لأن الإبدال بين الباء والفاء على أنهما شفويتان، قليل.
-أقول: لم يعتد المحقق أن يبحث الإبدال في التعريب فيما تقدم، وهو لم يوفق في حكمه هنا. ذلك أن الفاء التي أشار إليها، وهي الفاء الفارسية التي تلفظ بين الفاء والباء، قد هجر النطق بها، كما ذكرنا في موضع آخر. وقد انتهت إلى باء خالصة في بعض الألفاظ الفارسية نحو (استفره) بفاء فارسية آلت إلى (استبره)، أو إلى فاء خالصة نحو (فزوني) بفاء فارسية ومعناه الكثرة والوفرة آلت إلى (فزوني) بفاء خالصة. وعلى هذا جاء الحديث في كتب التعريب، ومنها كتاب المعرب، والمعجمات الفارسية، عن الإبدال في أربعة أحرف فارسية ليست في العربية، وهي الباء الفارسية التي بين الباء والفاء، والجيم الفارسية التي بين الجيم والشين، والزاي الفارسية التي بين الزاي والجيم، والكاف الفارسية التي بين الكاف والجيم. وقد طووا ذكر الفاء الفارسية، إذ هجر النطق بها، قال صاحب التقريب(19)، (والفاء الفارسية هي حرف بين الفاء والباء.. وقد ذكره ابن سينا، وكان موجوداً في عصره في بعض الكلمات الفارسية، ثم هجر النطق به، حتى صار نسياً منسياً). وسكوت صاحب المعرب عن ذكر هذه الفاء دليل على هجر النطق بها في عهده (توفي 540هـ) خلافاً لعهد ابن سينا (توفي 428هـ) فالذي أراده أبو منصور بلفظ (بفر) الذي اعتده أصلاً للفظ (ببر) هو (بفر) بفاء خالصة، خلافاً لما ذهب إليه المحقق.
2-أقول: (البَبر) بفتح فسكون هو الفرانق بضم الفاء وكسر النون كما في اللسان، وهو ضرب من السباع، معرّب، والجمع (ببور) كما في (السامي/ 28) للميداني النيسابوري.
أما أصله فقد ذهب الجواليقي إلى أنه (بفر) بباء ففاء، وقال أدي شير أنه (ببر) بباءين مكسورة فساكنة، وهو في الفارسية جنس من السباع أو (ببر) بفتح فسكون وهو في الفارسية حيوان كالقط. وقد أنكر محقق المعرب الأستاذ أحمد محمد شاكر أن يكون الأصل بباء ففاء أي (بفر) وأكد أنه بباءين، كما ذهب إليه الجواليقي. ولست أدري ما حجته والذي في المعاجم الفارسية (ببر) بباءين مفتوحة فساكنة. وكذلك جاء في المعرب المطبوع (1867م) ولكن بباءين مفتوحتين (ص/ 27).
3-قال المحقق: في الأصل الكلمة مهملة (غير معجمة) وآثرت أن أثبتها كما وردت، ويقوي هذا أنها في اللسان: الفرانق يعادي الأسد.
-أقول: فات المحقق أن يتبين المعنى بالعودة إلى المظان. فقد تراءى له أن العبارة (ينذر الأسد) والصواب أنها (ينذر بالأسد). ولو عاد إلى المعرب، وهو أقرب المراجع إليه لتبين صحة ما قلناه. فقد جاء فيه (والفرانق قال ابن دريد هو فارسي معرب، وهو سبع يصيح بين يدي الأسد كأنه ينذر الناس به/ 238). وهذا ما حكاه أدي شير عن البرهان القاطع (هو الحيوان الذي... يصيح بين يدي الأسد كأنه ينذر الحيوانات به، فإذا سمعت صوته عرفت أن الأسد مقبل فاستخفت/119). وهو كذلك في حواشي مخطوط المعرب (9012)، فتأمل.
4-أقول: جاء في التاج (الهَدبَّس بفتحتين وباء مشددة كعملَّس أهمله الجوهري قال ابن الأعرابي: هو الببر الذكر أو ولده).
5-أقول: البهار بضم الباء لما يوزن به الشيء نحو الوسق بفتح فسكون، وهو يزن ثلاثمائة رطل. أو هو الحمل عامة كما فسر به الأصمعي بيت الهذلي، وعليه ابن قتيبة على ما جاء في المعرب واللسان، ونحو من ذلك ما قاله الأزهري.
وذكر الجواليقي أنه معرب، ولم يأت بأصل الكلمة، وحكى عن أبي عبيد قوله أراها قبطية. قلت ليس أصل البهار فارسياً على كل حال، فقد ذكر الميداني النيسابوري البهار في (السامي/ 303) وجعل فارسيته (سيصذ رطل) أي ثلاثمائة رطل. وأشار أدي شير إلى معنى (بهار) بضم الباء في الفارسية فقال هو الصنم، وجعل المعجم الذهبي (الصنم) أحد معاني (بهار) بفتح الباء. فإذا كان أصل الحرف قبطياً فالقبطية شقيقة المصرية القديمة، وهي في أغلب الظن لغة سامية أو هي قريبة منها، خلافاً للبربرية الحامية، كما جاء في فقه اللغة للدكتور علي عبد الواحد وافي. وذهب مجمع اللغة العربية بالقاهرة إلى أن القبطية حامية سامية. فإذا صح هذا قرب أن يكون للبهار أصل عربي كما قال الأزهري وابن جني وحكاه ابن بري.
6-قال المحقق: كذا في (شرح أشعار الهذليين- 2/742) وهو البُريق الخناعي.
-أقول: جاء في الشرح أنه البُريق بن عياض بضم ففتح، وهو يرثي أخاه.
7-قال المحقق: البيت في اللسان ورواية الشطر الثاني في (الجمهرة- 1/ 279): كعير الشآم...
-أقول: المرتجز الرعد الذي يرتجز أي يتردد أو يتتابع صوته تردد الرجز وتتابعه.
وجاء في الكتاب (ص/ 46):
قال أبو منصور: (البِرِند) جوهر السيف وماؤه، لغة في (الفرِند) قيل إنه أعجمي معرّب، ويمكن أن يكون عربياً، ويكون من (البرد) والنون زائدة لأن السيوف توصف بذلك، والأول أجود.
وقال ابن بري: و(بِرِند) اسم أعجمي عربته العرب، وكذلك قال سيبويه، وهو عندهم خارج عن كلام العرب، وعليه إجماع النحاة وأهل اللغة(1).
قال أبو منصور: و(البُرطُلَّة) كلمة نبطية، وليست من كلام العرب(2).
قال ابن بري: يقال (بُرطُلّ) بغير هاء(3). قال أبو زيد: يقال (البُرطُلَّة): الحارس(4): (السّرقفانة)(5) و(الثِرعامة)(6) مظلة الناطور، وأنشد [من الرجز]:
أفلح من كانت له ثرعامة
يُدخل فيها كل يوم هامة
1-أقول: ذهب الجواليقي إلى إمكان أن يكون (البرند) بكسرتين عربياً اشتق من البرد، والنون زائدة. واحتج لذلك بأن العرب تصف السيوف بذلك، وهو بعيد. فإذا كان قد عنى قول الشاعر (بالمرهفات البوارد) أي القواتل، من برد الإنسان إذا مات، وبردَه: قتله فلا صلة لهذا بـ(البرند) من حيث المعنى. قال صاحب المفردات (ومنه السيوف البوارد). ولذا آثر أبو منصور أن يكون أعجمي الأصل، وهو الراجح وما أظن ذلك دليلاً على نفي كون (البرند) بما ذكره الجواليقي من معناه، أعجمياً. وأبى ابن بري كونه عربياً لإجماع النحاة وأهل اللغة على عجمته. وذهب سيبويه في الكتاب (2/342) إلى أن العرب لم يغيروا بناء (برند) حين عربوه، وإنما أبدلوا من بائه الفارسية هذه فاء فقالوا (فِرِند) بكسرتين. قال سيبويه: (وربما غيروا الحرف الذي ليس من حروفهم ولم يغيروه عن بنائه في الفارسية نحو: فرند) والمعروف أن الأصل الفارسي هو (برند) بفتح الباء الفارسية والراء بعدها، وأن معربه هو (فرند) أو (برند) بكسر الأول والثاني فيهما، ويؤيد هذا ما جاء في الألفاظ الفارسية لأدي شير، والمعجم الذهبي. وحكى القاموس فتح الراء في (البرند) وأورد الجواليقي أصله الفارسي (ص/7) على هذا.
قال المحقق: قولهم (البرطلة) نبطية أرادوا بها سريانية، وهي مركبة من (بر) بمعنى (ابن) و(طُلا) بمعنى الظل، فكأن المعنى كله (ابن الظل). وقد أشار إلى هذا اللغويون العرب أيضاً. وما زالت في شمال العراق بليدة تعرف (برطُلة) يسكنها النصارى.
-أقول: جاء في المعرب (68 و335): (البرطُلَّة) بفتح الباء وسكون الراء وضم الطاء وتشديد اللام المفتوحة، وكذلك جاء في الجمهرة (2/375 و3/307). على أنها أثبتت بضم الباء في اللسان والقاموس والمعيار، وخففت اللام في اللسان وشددت في المعيار، وجاء بها القاموس بالتشديد والتخفيف، وأورد ابن بري اللفظ بضم الباء وتشديد اللام (باب العين- العُرطبَّة والبرطُلَّة).
وقد ذهب ابن دريد إلى أن (البرطلة) كلمة نبطية، وحكى عن أبي حاتم عن الأصمعي أن (بر) بمعنى (ابن) وأن النبط يجعلون الظاء طاء كأنهم أرادوا بالكلمة (ابن الظل)، وقال (ألا تراهم يقولون الناطور وإنما هو الناظور). وحكى ذلك عنه صاحب المعرب (68 و335). والبُرطلَّة: المظلة الصيفية، والناظور: الأمين.
وقد فات المحقق أن النبطية غير السريانية. فالنبطية كما يقول (نولدكه) في كتاب (اللغات السامية) هي الآرامية العربية القديمة، وجاء نحو من ذلك في كتاب اللغات السامية للدكتور إسرائيل ولفنسون، وفي كتاب فقه اللغة للدكتور علي عبد الواحد وافي. وكان النبط عرباً كما يقول نولدكه، وهم عند بعض الباحثين أقرب إلى قريش وإلى القبائل الحجازية التي أدركت الإسلام من العرب الجنوبيين أنفسهم. قلت هذا ما حمل بعض الأئمة على أن يقولوا بعربية البرطلة والناطور.
أما السريانية فهي من اللهجات الآرامية الشرقية، لا الغربية. قال ولفنسون: (وأما المنطقة الثالثة للهجات الكتلة الآرامية الشرقية فتعرف باللهجة السريانية، وكان مركزها مدينة أودسَّا.. واسمها بالسريانية أورهى... وعرفت عند العرب باسم الرهاء ثم حرِّف اسمها في القرن الخامس عشر إلى أورفا، وهو اسمها إلى يومنا 145). ونحو من ذلك ما جاء في فقه اللغة للدكتور وافي(46)، وفي الآداب السامية لمحمد عطية الأبراشي (46)، خلافاً لما زعمه المحقق.
3-أقول: فات المحقق أن يتبين الأصل الصحيح لكلام ابن بري. فقد جاء ابن بري بـ(البرطلة) بضم الباء وتشديد اللام وزان (العرطبة) كما في باب العين من الكتاب. وجاء هنا ليقول أن التاء قد تحذف منها فإذا حذفت جاز التخفيف في اللام. فصواب كلامه (بُرطل وبُرطلّ) بضم الباء فيهما، وتخفيف اللام في الأول وتشديدها في الثاني. قال الجوهري في الصحاح (والبرطل بالضم قلنسوة، وربما شدد) وكذلك هو في حواشي مخطوط المعرب (9012).
4-أقول: فات المحقق أن يصحح خطأ وقع في النص. فقد جاء فيه: (قال أبو زيد: يقال البرطلَّة الحارس: السرقفانة) والصواب: (.. يقال برطلة الحارس: السرقفانة)، وهو واضح.
5-أقول: ثمة خلاف حول (السرقفانة) بقاف ففاء. فقد أشار ابن بري إلى أنها (مظلة الحارس).وصحح الدكتور الضامن فقال إنها (سرفغانه) بفاء فغين كما جاءت في كتاب العشرات لأبي عمر الزاهد (86). وفصَّل فجعل (سر) بمعنى رأس بالفارسية و(فغانه) بمعنى الخيمة. وقد تبين لي بالبحث أنه ليس في معجماتنا العربية (سرقفانة) بقاف ففاء، وكل ما جاء (سرفقان) بفاء فقاف، وهو اسم لقرية بسرخس، كما في معجم البلدان، وهو غير ما عناه ابن بري على كل حال. ولم أعثر على (السرقفانة) بقاف ففاء في المعجمات الفارسية، بل لم أعثر على (سرفغانه) التي حكاها الضامن في معجم عربي أو فارسي أيضاً. وليس في الفارسية (فغانه) اسماً للخيمة، بل قيل (فازه) كما في المعجم الذهبي اسم للخيمة. فإذا صح هذا كان رأس الخيمة (سرفازه). أما (المظلة) فقد جاء في (السامي/ 416 و419) أنها بالفارسية (سايبان). وجاء في المعجم الذهبي: (سايبان مظلة كبيرة تقي العظماء من أشعة الشمس وأنه عرب إلى (سيبانة). فإذا صح هذا كان رأس المظلة (سرسيبانة)، فهل قصد ابن بري هذا اللفظ أو لفظاً معرباً شبيهاً به فغدا بالتحريف إلى (سرقفانه) أو (سرقبانه) كما جاء في الأصل.
6-قال المحقق: وقال ابن الأعرابي: الثرعامة، وهو يشير إلى الرجز، أنها المرأة، وهذا نظير الرجز المنسوب إلى علي- رضي الله عنه- وهو:
أفلح من كانت له قوصرَّه
يأكل منها كل يوم مرّة
انظر اللسان (قصر).
-أقول: فات المحقق أن يوضح ما الذي يريد بقوله (وهذا نظير الرجز المنسوب إلى علي رضي الله عنه). وبيان ذلك أن ابن بري قد ذكر (الثرعامة) بكسر فسكون وقل إنها مظلة الناطور واستشهد بقول الراجز. (أفلح من كانت له ثرعامة..) وذكر ابن الأعرابي (الثرعامة) وقال إنها المرأة واستشهد بالرجز نفسه، كما في اللسان. وتأويل ذلك أن الثرعامة هي المظلة ويكنى بها عن المرأة أو الزوجة لأنها مظلة الرجل، وكذلك (القوصرة) بتشديد الراء وقد تخفف، فهي وعاء من القصب يحفظ فيه التمر ويكنى بها عن المرأة أيضاً. قال ابن الأعرابي (العرب تكني عن المرأة بالقارورة والقوصرة) وقال ابن بري (وهذا الرجز ينسب إلى علي عليه السلام، وقالوا أراد بالقوصرة المرأة، وبالأكل النكاح)، وكلامي هذا على القوصرة حكاه محقق المعرب (277) عن الجمهرة واللسان.
وجاء في الكتاب (ص/ 47 و48):
قال أبو منصور: و(بَبَّان) كلمة ليست بعربية محضة. وروى زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر، رضي الله عنه، أنه قال: إن عشت إلى ما قابل لألحقنَّ آخر الناس بأولهم حتى يكونوا ببَّاناً واحداً(1).
قال ابن بري: قال أبو سعيد الضرير: ليس في كلام العرب (ببَّان) وإنما هو (تبَّان) بالتاء المعجمة باثنتين أعلاها، من قولهم (هبَّان تبَّان) الذي (لا) يُعرف(2) والمعنى: لأسوِّينَّ بينهم في العطاء حتى يكونوا شيئاً واحداً، لا فضل لأحد على غيره.
وقال الأزهري: وليس هذا كما ظُنّ، فإن هذا حديث مشهور رواه أهل الإتقان، وكأنه لغة يمانية.(3)
وقال أبو منصور:(4) (ببَّان) على وزن (فَعلان) ويقال على وزن (فعَّال) والنون أصلية(5) ولا يصرّف منه فعل، وهو (البأج) في المعنى: واحد(6).
قال ابن بري: وبَبَّان عند أبي علي (فعلان) لا غير(7)، لأن تركيب الكلمة من حرفين أولى من تركيبها من حرف واحد. إذ إن ذاك نادر عزيز. وأن باب (دَدن) و(لولب)(8) أيسر من باب (ببّ).
1-قال المحقق: جاء في اللسان (ببن): قال أبو عبيد: قال ابن مهديّ: يعني شيئاً واحداً، ولا أحسب الكلمة عربية، ولم أسمعها إلا في هذا الحديث.
-أقول: ما نود بيانه أن الأزهري قد أكد في تهذيبه (بب) لفظ (ببان) في حديث عمر لثبوته وشهرته. وقد جاء الحديث في مظان كثيرة، كما جاء في التهذيب والصحاح وكتاب (ليس) لابن خالويه، والنهاية، والمزهر، واللسان، وسواها. وفيه (ببان) بباء مفتوحة بعدها باء مشددة، ولو اختلف نص الحديث. قال الجوهري في الصحاح (ويقال هم ببَّان واحد، كما يقال: باج واحد). وأردف (قال عمر، رضي الله عنه، إن شئت سأجعل الناس ببَّاناً واحداً.. وهذا الحرف هكذا سمع عنهم) ثم قال: (وأناس يجعلونه من هيَّان بن بيَّان، وما أراه محفوظاً عن العرب).
وحكى الأزهري عن أبي عبيد قوله (لا أحسب هذه الكلمة- أي ببان- عربية) وقال: (وكأنها لغة يمانية ولم تفش في كلام معدّ، وهو والباج، بمعنى واحد). وهكذا يكاد يجمع الأئمة على أن (بباناً) في الحديث صحيح، مسموع عن العرب.
وخالف أبو سعيد الضرير، على ما جاء في النهاية واللسان وسواهما، فقال: (ليس في كلام العرب- ببان- والصحيح عندنا بيَّاناً واحداً) بياء مشددة. وفي شفاء الغليل: (وإنما هو بيَّان بياء مثناة تحتية من قولهم هيان بن بيان) حكاية عن الضرير. ولكن ما أصل (ببان) هذه. حكى الأزهري عن أبي عبيد: (لا أحسب هذه الكلمة عربية وكأنها لغة يمانية..) والذي يتجه لي أن جمود اللفظ وعدم تصرفه قرينة من قرائن عجمته. أما نسبة اللفظ إلى اليمانية واليمانية لهجات عربية جنوبية كلهجة المعينيين والسبئيين والحميريين، وقد اندثر بعضها قبل الإسلام، وبقيت منها بقية بعده، أقول أن نسبة اللفظ إلى اليمانية لا يستلزم بالضرورة أن يكون يمانياً، فقد غزت الحجازية ألفاظ قيل أنها يمانية فثبت أنها حبشية الأصل، كما جاء به الأستاذ عبد المجيد عابدين في كتابه (بين الحبشة والعرب)، لاختلاط اليمانيين بالأحباش. وقد تكون حيناً فارسية لأن اليمانيين خالطوا الفرس فتأشبت لغتهم. ومن ثم استبعد الأئمة في تقعيد) اللغة الفصحى (اليمانية) عامة، كما تجنبوا (أزد شنودة وأزد عمان) خاصة، فهل تكون (ببان) فارسية الأصل؟
أقول: لم أر من ذكر ذلك، لكني بحثت اللفظ في المعجم الذهبي فألفيت (بابا) بباءين فارسيتين مفتوحتين بينهما باء خالصة مكسورة، ومعناه (قدم بقدم، ومساو، ومطابق النعل للنعل)، فذكرت ما يقول العرب في المماثلة بين شيئين وهو (حذوت النعل بالنعل) أي جعلتها مماثلة لها. أفلا يوحي هذا بأن (بباناً) من (بابا) الفارسي.
2-قال المحقق: كذا ورد قول الضرير في الأصل، وأما في اللسان (ببن) فقد جاء وقال أبو سعيد الضرير ليس في كلام العرب- ببَّان- قال والصحيح عندنا- بيَّاناً واحداً. قال والعرب إذا ذكرت من لا يُعرف قالوا: هذا هيَّان بن بيَّان، ومعنى الحديث..
-أقول: لولا ما جاء في الأصل من ضبط (تبان) في قوله بالتاء المعجمة باثنتين أعلاها) لآثرت ما ورد في اللسان. وقد سقط (لا) من الأصل فأثبتها محصورة بين قوسين.
-أقول: فات المحقق أن يصحح الأصل المشوه. فقد جاء فيه (وإنما هو تبان بالتاء المعجمة باثنتين أعلاها من قولهم هيان بن تبان الذي لا يعرف) وصوابه. (وإنما هو بيان بياء تحتية من قولهم هيان بن بيان للذي لا يُعرف). إذ لا سند البتة لقوله (تبان) بالتاء، أو قوله (هيان بن تبان). والذي جاء في حواشي المخطوط (9012): (وإنما هو بيان بالياء من قولهم هيان بن بيان لمن لا يعرف). وناسخ الأصل لم يحرف هذا وحسب فقد جاء في الأصل (الذي يُعرف) وصوابه (للذي لا يُعرف).
فانظر إلى ما جاء في شفاء الغليل (... وإنما هو بيان بمثناة تحتية من قولهم هيان بن بيان للذي لا يعرف). وقد حرف الناسخ ما جاء بعد ذلك كما سنراه.
وقد جاء (هيان بن بيان) بياء مشددة فيهما و(هي بن بي) بياء مشددة فيهما، في الصحاح، وفي موضعين من الجمهرة (1/38 و1/124)، وفي (السامي/114) للميداني النيسابوري، وسواها من المظان، ولم أر من أورد (هيان بن تبان) قط.
3-قال المحقق: ذكر الأزهري ذلك في التهذيب (ببن).
-قال الدكتور الضامن: لم يرجع الأستاذ المحقق إلى التهذيب. إذ رأى لفظة (ببان) قد جاءت مع حديث عمر، رضي الله عنه، في اللسان (ببن)، فتوهم أنها في تهذيب اللغة للأزهري في مادة (ببن) أيضاً. والصواب أنها جاءت في مادة (بب) في أول باب اللفيف من حرف الباء (15/582-593)، وهي في مادة (بب) في كتاب العين أيضاً (8/415)، والأزهري سار على طريقة الخليل.
والقول ما قال: ويؤكد ما جاء في التهذيب أن الصحيح فيما حكاه ابن بري من كلام أبي سعيد الضرير هو (ليس في كلام العرب ببان وإنما هو بيان) بالياء، لا (تبان) بالتاء، وأن (هيان بن بيان) هو الصواب، لا (هيان بن تبان).
4-أقول: فات المحقق أن في نسختي المعرب المطبوعتين:
(وقال الليث: ببَّان)، وكذلك في مخطوط المعرب (9012) وقد سقط من الأصل (وقال الليث:) ولا بد من إثباته.
5-أقول: اختلف الأئمة في بناء (ببان) فذهب الليث إلى جواز أن يكون على (فعلان) أو (فعَّال). فإذا كان الأول كان من (ببّ) بباءين ثانيهما مشددة والنون زائدة. أو كان الثاني كان من (ببن) والنون أصلية، وأوجب أبو علي أن يكون (فعالاً). و(فعلان) ألصق بأصله الفارسي إذا اعتد هذا الأصل وصح ما ذكرناه في الحاشية الأولى من أنه (بابا).
6-أقول: تابع المحقق المعرّب المطبوع (1942) فأثبت ما جاء فيه وهو (وهو البأج في المعنى واحد) والصواب ما جاء في الأصل (وهو والبأج في المعنى واحد). فحذف (الواو) بين (هو) و(البأج)، ولا بد من إثباتها. والذي في المعرب المطبوع (1867) مطابق للأصل الصحيح، وهو كذلك في مخطوط المعرب (9012).
أما ما جاء حول (البأج) فقد قال المعرب (والبأج أيضاً أعجمي. تقول: اجعله باجاً واحداً، أي شيئاً واحداً، وأول من تكلم بهذه الكلمة عثمان بن عفان).
-أقول: جاء (الباج) معرباً بمعنيين: الأول الأتاوة أو المكس، كما جاء في شفاء الغليل، وفي الألفاظ الفارسية لأدي شير، وأصله الفارسي (باز) بزاي فارسية، وهو في المعجم الفارسي (باج) بجيم.
والمعنى الثاني هو الضرب الواحد. قال الجوهري (قولهم اجعل الباجات باجاً وحداً أي ضرباً واحداً ولوناً واحداً، يهمز ولا يهمز، معرب. وأصله بالفارسية- باها- أي ألوان الأطعمة، وأصله عند أدي شير- باها- أيضاً.
وقد جاء في التاج (الباج... التبان بالتاء) وهو محرّف. فالباج هو الببان لا التبان. فالتبان من السراويلات ما يستر العورة المغلظة، وهو بضم التاء وتشديد الباء.
وجاء في التاج بعد ما ذكر (وحكى المطرزي عن الفراء أن العرب تقول: اجعل الأمر بأجاً واحداً واجعله بباناً واحداً.). وقد عدت إلى نسخة التاج الجديدة المطبوعة في إمارة الكويت فألفيت فيها (البأج: الببان)، وقال محقق التاج: (ذكرت في اللسان محرفة: التبان بالتاء، والصواب كالمثبت في الأصل) والقول ما قال.
7-أقول: فات المحقق أن يتدارك خطأ واضحاً وقع في الأصل. إذ جاء فيه (وبيان عند أبي علي فعلان لا غير، لأن تركيب الكلمة من حرفين أولى من تركيبها من حرف واحد) والصواب (وببان عند أبي علي فعَّال) لا (فعلان). ذلك أنه إذا اشتقت (ببان) من حرفين، وهو الوجه المختار عند أبي علي، كانت من (ببن) والنون أصلية والوزن (فعَّال). والوجه غير المختار أن يشتق من حرف واحد أي من (بب) فتكون النون في (ببان) زائدة والوزن (فعلان). وقد اعتل لذلك فقال: أن (بب) نادر عزيز وأن باب (ببن) كـ(ددن) و(لولب) أيسر منه.
8-قال المحقق: لعله (كوكب) فكثيراً ما أهمل الناسخ رسم عصا الكاف.
-أقول: الذي جاء في حواشي مخطوط المعرب ( 2/ 40) هو ( دون وكوكب) وقد اعتد الأئمة أن يمثَّلوا بهما على مجيء الفاء والعين في الكلمة حرفاً واحداً. ففي المزهر (ط 1325هـ 2/45): (لا يجوز أن يكون فاء الفعل وعينه حرفاً واحداً في شيء من كلام العرب إلا أن يفصل بينهما فاصل مثل: كوكب وقيقب. فأما ببة فلقب كأنها حكاية. وزعم الخليل أن -ددا- حكاية لصوت اللعب واللهو، ذكر ذلك ابن درستويه في شرح الفصيح. وقال المرزوقي: لم يجيء من ذلك بلا فاصل إلا قولهم: دَد، وددَن).
-للبحث صلة-
-------------
نشر هذا البحث في :
مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 25 و 26 - السنة السابعة - تشرين الأول وكانون الثاني "اكتوبر ويناير" 1986 و 1987 - صفر وجمادى الأولى 1407