تألق القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، الذي عاش أبو عالي القالي في إبانه، أزهى عصر بين العصور العربية علماً وحضارة.
وهو العصر الحافل الذي تجلت فيه معطيات العرب، وتلاقت على صعيده ملامح نبوغهم في جناحي وطنهم الفسيح آنئذ: المشرق والأندلس.
-1-
لقد انجلى الصراع السياسي بين عباسيي المشرق وأمويي المغرب عن قيام دولتين عربيتين موطدتي الأركان، وغدت كل دولة في واقع أمرها تقر بحقيقة وجود الأخرى وتتهيبها في الوقت نفسه، ثم أصبح التنافس الحار على صعيد العلوم والآداب صورة جديدة من هذا الصراع الذي اتخذ ما يشبه الحرب الباردة بين كبار الدول في أيامنا هذه، وإذا قرطبة الناهضة تطاول بعلومها وآدابها بغداد السامقة. وأصبحت الأندلس قبلة أنظار الكثيرين من النبهاء في المشرق يتوسمون في ربوعها الجديدة كل ملامح الأمل والشهرة والنجاح.
ولم يكن رحيل المغني علي بن نافع المعروف بزرياب عن بغداد إلى قرطبة ثم رحيل الشاعر ابن زريق البغدادي إليها أيضاً، ووفادة صاعد بن الحسين البغدادي في أيام المنصور، بالإضافة إلى قدوم أبي عالي القالي إلى بلاط الأمويين بالأندلس... سوى مظهر بارز من مظاهر ذلك التنافس المتنامي بين شطري العالم العربي الإسلامي، وكان الخلفاء والأمراء يدأبون على إذكاء هذه الروح بين أعلام الشعر والموسيقى واللغة والتأليف، على غرار ما كان من الخليفة الناصر مع أبي عالي القالي، وما كان من الخليفة الحكم بن أبي الفرج، ثم ما كان من الحاجب المنصور حين جنح لتقريب صاعد بن الحسين البغدادي الذي وفد أيضاً على قرطبة في جملة من وفدوا من حواضر الشام والعراق.
ولعل فيما اصطحبه أبو علي معه من كتب ومصنفات إلى الأندلس خير ما يدل على طبيعة علمه ولون ثقافته. فهذه المؤلفات التي ألفها أعلام المشرق في اللغة والنحو والأدب التي آثرها أبو علي وحرص أن تكون معه خلال رحلته، وفي حله وترحاله هي في واقع الأمر امتداد لشخصيته ومرآة لعلمه.
ومن حسن الحظ ودواعي التقدير أن يثبت لنا العالم الأندلسي أبو بكر بن خير أسماء هذه الكتب بما عرف عنه من دقة وضبط مما لا تقع عليه في أي كتاب آخر. حتى أنه عقد لذلك فصلاً خاصاً استغرق صفحات عديدة جعل عنوانه (تسمية كتب الشعر وأسماء الشعراء التي وصل بها أبو علي إلى الأندلس..) وقصر ابن خير هذا الفصل كما ينم عليه عنوانه على دواوين الشعر دون سواها(1)، وهي بضع عشرات، على حين عمد في مواضع أخرى من كتابه إلى ذكر سائر المؤلفات التي حملها معه من المشرق(2)، وهي جمة وفيرة.
والحق أننا لنعجب أشد العجب من أن يمتطي أبو علي البراري والبحار في رحلته الشاسعة هذه ومعه الحمل الكبير من الكتب والأسفار، وكان لهذه الكتب من الحجم والوزن عصرئذ ما يفوق ذلك في أيامنا هذه. ولا شك في أن ذلك استغرق من أبي علي جهداً ومالاً وفيراً. ونحن نرجح أن أبا علي تلقى من أحد وسطاء بني أمية أو وكلائهم في المشرق مبلغاً حسناً من المال يعزز الدعوة السامية إلى البلاط الأندلسي، مما أعان أبا علي على إنجاز رحلته على ذلك النحو وقد استغرقت أكثر من عامين، ومن المستبعد أن يكون ما لدى أبي علي من مال سبق له أن جمعه يكفيه لهذا المطلب الكبير.
وهكذا فإن ما أدخله أبو علي معه من كتب ومصنفات ودواوين ونحوها إلى الأندلس ووضعه بين يديه ويدي تلاميذه يعبون منه وينسخون ما يشاؤون، بالإضافة إلى ما وعاه أبو علي في صدره وما حواه من محفوظه فأملاه على مريديه وحاضر به طلابه... كل ذلك يبرز مدى ما أحدثه أبو علي من فضل، وما كان له من أثر في الحياة العلمية والأدبية في الأندلس. وهذا ما دعا المستشرق بروكلمان بحق إلى القول: "أما الأندلس فكان أول من نقل إليها علم الأدب أبو علي القالي.."(3).
ألف أبو علي كتباً كثيرة ما زال جانب منها بعيداً عن متناول الأيدي، فهو إما مخطوط وإما ضائع وإما بين بين. ويبلغ ما ألفه أبو علي نحواً من عشرة كتب، وهي تتفاوت في حجمها تفاوتاً كبيراً فبعضها لا يتجاوز حيز الرسائل اللغوية من مثل كتابه "الإبل" أو "أفعل من كذا" على حين يبلغ بعضها الآخر عدة مجلدات مثل كتاب "الأمالي" أو كتاب "البارع في اللغة"...
ولا بد من التساؤل عن المكان الذي ألف فيه أبو علي كتبه، تبعاً لأن حياته انشطرت بين المشرق وبين الأندلس. ومن الثابت أن أهم كتبه وأكبرها إنما ألفه في الطور الثاني من حياته بعد مهاجرته إلى العراق ونعني، بذلك كتابيه: الأمالي والبارع، وهذا ما تؤكده مقدمة المؤلف لأماليه، وما تجمع عليه كتب الأدب والتراجم بالنسبة إلى كتاب البارع.
على أننا لا نملك مثل هذا اليقين بالنسبة إلى سائر مؤلفات أبي علي، وإن كنا نرجح أن معظمها من نتاجه في الأندلس، فهنالك حيث نعم المؤلف بحياة الاطمئنان والاستقرار، وحين بلغ سن الأربعين وطور الفيض والعطاء..
أخذت كتب القالي تصدر تباعاً، حتى إننا نجده يمضي في تأليف كتابيه الأمالي والبارع في وقت واحد وهما من أكبر كتبه إن لم يكونا أكبرها.
-2-
"البارع" كتاب مسهب في اللغة أو معجم كبير في ألفاظ العربية، ولعل أهميته الأولى ترجع إلى أنه أول معجم عربي عرفته الأندلس، وذلك في منتصف القرن الرابع الهجري، وكأنما قدر لتلك الربوع الأندلسية أن تنتظر إلى ذلك الحين حتى يفد عليها لغوي كبير من المشرق ويضع لها هذا المعجم الرائد.
مما يؤسف له أن حظ هذا المعجم لم يكن بأفضل من حظ معجم "العين" للخليل بن أحمد. فكلاهما عبثت به الأيام فلم يصل إلينا كاملاً. وإن ما بين أيدينا منه لا يتعدى قطعاً غير متصلة المادة في غالب الأحيان. وهي تشكل في واقع الأمر مخطوطاً نادراً من مقتنيات المتحف البريطاني بلندن، وآخر في دار الكتب الوطنية بباريس(4).
والبارع- فيما يقدر بعض الباحثين(5) "أوسع المعاجم التي ظهرت حتى ذلك الحين" ويبدو "البارع" من خلال استقراء ما بين أيدينا من مواده ومن خلال وصف القدماء له أنه كان كبير الحجم. فقد ذكر ياقوت أنه يحتوي على مئة مجلد" وأنه يحتوي على ثلاثة آلاف ورقة(6) "على حين جاء في وفيات الأعيان وإنباه الرواة أنه يشتمل على "خمسة آلاف ورقة". وأغلب الظن أن الذين تكلموا على البارع من المشارقة لم يصفوه من كثب، ولذلك يبقى أبو بكر بن خير وهو أندلسي عرف بتدقيقه أفضل من يحدثنا عن هذا المعجم الرائد، أنه يحدد حجمه بقوله(7): "إنه في مئة وأربعين وستين جزءاً، عدد ورقها أربعة آلاف ورقة وأربعمئة ورقة وست وأربعون ورقة".
ويبدو أن تأليف البارع استغرق من أبي علي جهداً كبيراً ووقتاً مديداً. إذ "كان ابتداء أوله سنة تسع وثلاثين، وكماله في شوال من سنة 355(8)" أي أن أبا علي أنجزه قبل عام من وفاته.
وقد زاد أبو علي في بارعه على كتاب العين للخليل "نيفاً وأربعمئة ورقة مما وقع في العين مهملاً، فأملاه مستعملاً، ومما قلل فيه الخليل، فأملى فيه زيادة كثيرة، ومما جاء دون شاهد فأملّ الشواهد فيه(9)"، "فلما كمل الكتاب وارتفع إلى الحكم المنتصر بالله أراد أن يقف على ما فيه من الزيادة على النسخة المجتمع عليها من كتاب العين، فبلغ ذلك إلى خمسة آلاف وستمئة وثلاث وثمانين 5683 (10)".
كل هذا يعني أن المعجم امتاز بالشمول والإحاطة والتقصي والاستيعاب.
ومن هنا كادت كتب التراجم تجمع على الإشادة بمعجم البارع، فنعته الحميدي بأنه "كاد يحتوي على لغة العرب(11)". كما باهى به علي بن حزم حين رد على رسالة بعث بها إلى ابن عمه المغيرة بن حزم رجل اسمه ابن الربيب القروي (أي القيرواني) وبخس بها الأندلسيين حقهم، وحين عدد ابن حزم في رده عيون مصنفات الأندلسيين قال: "ومنها في اللغة كتاب البارع الذي ألفه إسماعيل بن القاسم، يحتوي على لغة العرب(12)" وقال فيه أبو بكر الزبيدي: "قرأت بخط أبي بكر محمد بن طرخان بن الحكم: قال الشيخ الإمام أبو محمد العربي: كتاب البارع لأبي علي القالي يحتوي على مئة مجلد لم يصنف مثله في الإحاطة والاستيعاب(13)" وأضاف الزبيدي قوله: "وهو في اللغات كلها(14)"، "ولا نعلم أحداً من المتقدمين ألف مثله(15)". ومما امتاز به معجم أبي علي أيضاً أنه عزا فيه كل كلمة من الغريب إلى ناقلها من العلماء وأنه اختصر الإسناد عنهم.
وبوسعنا في ضوء ما تقدم أن نعد بارع أبي علي من أوسع المعاجم في عصره.
وكان القرن الرابع قد عرف أشهر معاجم العربية إطلاقاً بالإضافة إلى معجم البارع مثل الجمهرة في اللغة لابن دريد، والمجمل ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس، وتهذيب اللغة للأزهري، والمحيط للصاحب بن عباد، والصحاح للجوهري...
ولا يضارع البارع في الأندلس سوى كتاب المحكم الذي صنفه ابن سيده الأندلسي(16) في القرن الخامس الهجري أي في العصر الذي تلا عصر أبي علي.
وقد سار فيه أيضاً على نهج الخليل بن أحمد وأبي علي القالي.
*ضآلة شهرة البارع:
على أن ما يسترعي النظر بصدد كتاب البارع أن هذا المعجم على ما سبق من فضله لم يحظ بالذيوع الذي يستحقه، فبرغم اشتهاره لم يمل إليه الناس منذ زمن قديم. وإلى ذلك يشير السيوطي في قوله: ".. ولم يعرجوا أيضاً على بارع أبي علي البغدادي(17)..". وقد تكون قلة إقبال القدماء على البارع هي السبب في أنه لم تصل إلينا نسخة كاملة من المعجم(18). ولكن السؤال الجوهري في تعليل سبب ضعف احتفال القدماء بمعجم أبي علي ما زال باقياً. وأغلب الظن أن ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى أن أبا علي فرغ من تأليفه كتابه قبل وفاته ببضعة أشهر أو بعام على الأكثر، وأنه كما ذكر مؤرخو الأدب (مات قبل إيعاب النسخة المرفوعة منه وقبل أن ينقحه، فاستخرج بعده من الصكوك والرقاع..(19)".
وهذا يعني أنه لم يتح لمعجم البارع أن يصدر على الملأ في حياة مؤلفه، ولذلك لم يحظ بالرواج الواسع. يضاف إلى ذلك في رأينا أن المعجم كان كبير الحجم كثير الأجزاء، واستنساخه يقتضي جهداً كبيراً ومالاً وفيراً، وفي هذا ما يزهد الناس في اقتنائه. وقد يكون هناك سبب أخير أدى إلى قلة انتشار المعجم بين أيدي المتأدبين، وهو أن المنهج الذي آثره أبو علي فيه منهج عسير يقوم على ترتيب الحروف على حسب مخارجها من الحلق وهو ترتيب الحروف على حسب مخارجها من الحلق وهو ترتيب لم يشع أمره إلا بين الخاصة من العلماء على حين ظل الترتيب الألفبائي سائداً بين عامة الناس، وكان المشارقة في هذا العصر أو بعيده تقريباً قد اهتدوا إلى منهج معجمي أقل تعقيداً وأكثر يسراً على يد الجوهري في الصحاح أواخر القرن الرابع.
*تصنيف البارع:
بنى أبو علي كتابه على حروف المعجم، كما وصفته كتب التراجم، وهذه العبارة، أي بناء الكتاب على حروف المعجم عبارة عامة لا تعني سوى وسم الكتاب بأنه ذو طبيعة معجمية وليس مجرد كتاب في اللغة، فهي لا تدل على النهج المعجمي الذي آثره المؤلف في تصنيفه. وقد آثر أبو علي لمعجمه هذا نسق مخارج الحروف الذي ابتدعه الخليل بن أحمد الفراهيدي في معجمه الرائد "العين" مع تغيير طفيف في مواقع الحروف.
وهذا الترتيب الحلقي أقدم نمط معروف في تأليف المعاجم وقد ظل النمط الأكثر شيوعاً لدى اللغويين ومؤلفي المعاجم حتى أوائل القرن الرابع، عصر أبي علي. وعلى غرار عين الخليل صنع أبو علي بارعه فكان معجمه واحداً من زمرة المعاجم التي دارت في فلك مدرسة الخليل الفراهيدي.
ولو أن ما وصل إلينا من معجم "البارع" قد انطوى على مقدمة صاحبه لأغنانا ذلك عن التخمين أو الترجيح. والمعجم نفسه –فيما نعتقد- لم يبلغ المشرق سريعاً فلم يطلع عليه المشارقة وبالتالي لم يتيسر لهم وصفه. كما أنه ما من أحد في الأندلس قد عمد إلى اختصاره محتفظاً بسماته على غرار ما فعله الزبيدي بمعجم الخليل، ولذلك ليس بوسع باحث أن يتحدث عن منهج القالي في كتابه البارع على وجه الجزم واليقين.
*الترتيب الحلقي:
والأمر الواضح أن أبا علي آثر أن يتبنى منهج الخليل، وينسج معجمه على منواله وأن ارتأى مخالفته في بعض الأمور.
فعلى حين بدأ الخليل معجمه بحرف العين ثم أتبعه الحاء فالهاء... وأخيراً انتهى بالهمزة، آثر أبو علي في معجمه الأندلسي الرائد أن يبدأ بحرف الهمزة الذي جعله الخليل –فيما يبدو- آخر الحروف لما ينفرد به دون سائر الحروف من اختلاف الرسم فضلاً عن وضعه غير المتميز، وثمة احتمال آخر في أن يكون أبو علي قد أرجأ الهمزة أيضاً إلى آخر المعجم كما فعل الخليل وأنه ابتدأ بحرف الهاء... وهذا ما أثبته بعض الباحثين الذين عنوا بدراسة المعجم العربي. فقد جعل الدكتور حسين نصار ترتيب حروف البارع لأبي علي بالنسبة إلى حرف الهمزة مطابقاً لترتيب الخليل بن أحمد، حين أخر الهمزة إلى نهاية حروف المعجم.
وقد اهتدينا إلى نقيض هذا الرأي بفضل وقوعنا على نص يجيب على التساؤل الذي نجم عن عدم وصول المعجم إلينا كاملاًن فقد شوهد بخط ولد أبي علي ما يلي(20):
"ابتدأ أبي –رحمه الله تعالى- بعمل كتاب البارع في رجب سنة تسع وثلاثين وثلاثمئة. ثم قطعته علل وأشغال... ثم عاود النظر فيه بأمر أمير المؤمنين وتأكيده عليه... فأخذه بجد واجتهاد وكمل له ابتدأ بنقله، فكمل لنفسه إلى شوال سنة خمس وخمسين وثلاثمئة كتاب الهمز وكتاب الهاء وكتاب العين، ثم اعتل في هذا الشهر".
ومعلوم بعد ذلك أن أبا علي توفي فاستخرجت أصول معجمه من هذه الرقاع وأنجز معجم البارع بعد وفاته. فأبو علي إذن استهل تأليف معجمه بكتاب الهمزة فكتاب الهاء فكتاب العين ثم حل به المرض ووافاه الأجل.
وإذا كان أبو علي قد بدأ بالهمزة فقد ارتأى –وفي رأيه وجاهة- أن مكان الهمزة يجب أن يكون مع حروف الحلق باعتبارها أيضاً حرفاً حلقياً. وبمقتضى ذلك استهل القالي ترتيب حروف معجمه بحروف الحلق الستة بادئاً بالهمزة، ومضى يتدرج في إيراد كلماته متدرجاً فيها من أقصى الحلق إلى أدنى مخارجها من الفم إلى أن انتهى بالشفتين، دون أن نجزم في مواقع بعض الحروف كالحاء والخاء مثلاً وأيهما قبل الآخر. وذلك أيضاً بسبب عدم وصول البارع إلينا كاملاً. ويغلب على الظن أن ترتيب معجم البارع كان على هذا النسق(21):
ء، هـ، ع، ح، غ، خ-ق، ك-ج، ش، ض-ص، س، ز- ط، ت، د، ظ، ذ، ث – ر، ل، ن –ف، ب، م- و، ا، ي.
ومع أن أبا علي كان بصورة عامة شديد التأثر بشخصية أبي بكر بن دريد البغدادي، شديد الحرص على منحاه في العربية، فإنه بقي أشد منه محافظة على منهج الخليل، فلم يشأ أن يرتب معجمه على النسق الألفبائي السهل الذي جنح إليه ابن دريد في "جمهرة اللغة" وغدا بذلك في طليعة الذين حاولوا التفلت من هيمنة مدرسة العين. ولعل ترتيب الحروف في بارع أبي علي كما أوردناه أقرب إلى ترتيب سيبويه منه إلى ترتيب الخليل، فقد عمد سيبويه إلى إتباع ترتيب الخليل مع بعض التغيير في مواقع الحروف، كما أن أبا علي لم يلتزم بترتيب سيبويه بحذافيره، وقد امتاز عنه مثلاً بجمعه حروف العلة على صعيد واحد، على حين نثرها سيبويه بين سائر الحروف.
*الأبواب:
أما ترتيب الأبواب فقد نهج فيه القالي نهج الخليل، إلا أنه عمد في الوقت نفسه إلى تطويره وتحسينه وتخليصه من بعض ما انطوى عليه من اضطراب.
"ففرق بين بعض الأبنية المختلفة التي جعلها الخليل في باب واحد، وخصص لكل منها باباً. فأصبحت الأبواب عنده ستة هي بالترتيب(22):
-أبواب الثنائي المضاعف (ويسميه الثنائي في الخط والثلاثي في الحقيقة)
ويضم هذا الباب الألفاظ الصحيحة الثلاثية التي يتكرر ثانيها وثالثها مثل جب، رد، أو الألفاظ الصحيحة الرباعية التي ترجع في حقيقتها إلى الثنائي الذي تتكرر حروفه، مثل جدجد، همهم...
-أبواب الثلاثي الصحيح، وهو بطبيعة الحال أضخم الأبواب لأنه يحتوي معظم ألفاظ العربية.
-أبواب الثلاثي المعتل، ويضم الألفاظ التي تنطوي على حرف واحد من حروف العلة، وعلى حرفين معتلين، وهذا الصنف انفرد به أبو علي في بارعه، فقد أفرده الخليل والأزهري وابن سيده في قسم خاص سمي "باب اللفيف".
-أبواب الحواشي والأوشاب، ويضم الكلمات التي تحاكي الأصوات لدى نطق حروفها، أو الصيحات المستعملة في زجر الحيوانات أو حضها، وهذه الأبواب أيضاً مرتبة وفق الثنائي فالثلاثي وأخيراً الرباعي.
-أبواب الرباعي، وليس ثمة دليل قاطع على أن القالي قد خصه بباب على هذا النحو دون أن يدمجه بالخماسي.
أبواب الخماسي، وهذا الباب الأخير فصله القالي عن الرباعي فيما نرجح كما فعل الخليل.
وبذلك فصَّل أبو علي الثلاثي وميز بين نوعيه كما خص الخماسي بباب مستقل.
*التقاليب:
ويبقى مبدأ التقاليب الذي سنه الخليل في العين قدوة لأبي علي أيضاً في البارع دون أي تغيير فيه، فكان يأتي بالمادة اللغوية من خلال لفظ من الألفاظ ضمن النسق المعهود وبعد أن يستوفيه ينتقل إلى تقاليبه، وهو يميز كل تقليب بالاصطلاح: "مقلوبه"...
والحق أن القرن الرابع الهجري لم يكد يوفي على نهايته حتى كادت تغرب معه شمس مدرسة العين التي ابتدعها الخليل الفراهيدي، وغدا أبو علي في طليعة الذين ظلوا يتمسكون بها بل إنه لمن الغريب أن تسود هذه المدرسة بعد عصر أبي علي وذلك لدى ابن سيده في المحكم، وكان ظهور طريقة الصحاح للجوهري في عصر أبي علي أو بعده بقليل وما اتسمت به من يسر إيذاناً بأفول نجم المعاجم الأخرى التي دارت في فلك العين وفي جملتها معجم البارع.
ومهما يكن من أمر فإن معجم البارع ينفرد بأهمية خاصة لا يشاركه فيها من المعاجم سوى معجم العين. ويغلب على الظن أن أبا علي رمى في بارعه إلى مباراة العين وطمح إلى الزيادة عليه.
وكما استدرك أبو علي في معجمه على عين الخليل أموراً، "فزاد عليه مما وقع في العين مهملاً فأملاه مستعملاً، ومما قلل فيه فأملى زيادة كثيرة، ومما جاء دون شاهد فأملّ الشواهد فيه(23)..."
كذلك استدرك أبو بكر الزبيدي –أنبه تلاميذ أبي علي- على بارع القالي أموراً أخرى حواها كتابه الموسوم بـ "المستدرك من الزيادة في كتاب البارع(24)". وأغلب الظن أن هذا الكتاب يضم في أساسه ما استدركه أبو علي على الخليل ثم أفرده الزبيدي بالبحث وصنف في ذلك كتاباً. وهذا العمل من أبي بكر الزبيدي دليل على ما كان لبارع أبي علي من فضل.
*منهج البحث في البارع:
بقي أبو علي يوجه عام خلال بارعه دائراً في فلك كتاب العين للخليل.
ولا يغير هذه الحقيقة لجوءه من حين إلى حين إلى تعديل ما يراه ضرورياً في الطريقة أو التبويب أو ترتيب الحروف... فهذا محدود لا يمس الجوهر ولا يتعدى الأساس.. وكل ما خالف فيه أبو علي صاحب العين كان ذا صفة تفصيلية على نحو ما سبق.
وقد وقع أبو علي في عيب تكرير بعض الصيغ في أكثر من باب، كما وضع الألفاظ من النوع الواحد في أبواب متفرقة. ولم يستطع أن يتلافى هذا الاضطراب الذي وقع فيه الخليل من قبل حين أدخل في باب اللفيف ما ليس منه.
وفي باب الأوشاب مثلاً لم يلتزم تصنيفها على حسب الأبنية كذلك "عالج الرباعي المضاعف في الثنائي المضاعف(25)".
ويغلب الجمع على مادة أبي علي في البارع، وهذا أمر معهود في تأليف المعاجم لأن العمدة فيها هي السماع والرواية والنقل، ومن هنا كان الجمع طابع البارع أيضاً. وأبو علي يكثر من الاعتماد على أعلام العربية ولا سيما الرواد الأوائل. فهو يكثر الأخذ عن أبي زيد والخليل ثم عن أبي عمرو والأصمعي وابن الأعرابي وابن عبيدة وابن السكيت والكسائي والفراء...
ولما كان أبو علي متوخياً الدقة حريصاً على الضبط ساعياً إلى الإتقان ولا سيما في موضوع لغوي يفترض فيه أن يكون مرجعاً وحجة في العربية عمد خلال بارعه إلى ضبط بعض الألفاظ التي يخشى عليها اللبس. وسار في ضبطه في طريقتين متتامتين هما النص كتابة على النطق الصحيح للكلمة، أو بيان الوزن الذي يوازي الكلمة، وذلك عند الاقتضاء وعلى حسب المادة المنشودة، وكثيراً ما يعتمد أبو علي على الطريقتين معاً، كأن يقول(26):
"قال الأصمعي: كنا على جدة النهر بكسر الجيم وتشديد الدال وبالهاء.
وأصله أعجمي نبطي كدا، فأعرب. وقال الأصمعي وغيره: يقال: رجل له جد بفتح الجيم أي له حظ في الأشياء...".
وبالإضافة إلى الصحة والضبط كان هم القالي التقصي والاستيعاب. وهذا يستتبع بالضرورة بروز ظاهرة الجمع لديه.
فالأقوال مستقاة من مصادرها أي من أعلام اللغة الثقات. وقد حرص أبو علي على تقصي كل مادة لغوية على غرار ما فعل في مادة (هـ ش و) وتقاليبها... وطبيعي في مثل هذا الموضوع ألا يكون بوسع أبي علي أو سواه أن يبدي رأياً أو يجتهد اجتهاداً، أو يرجح ما قاله أبو زيد على ما قاله الأصمعي أو نحو ذلك لأن طبيعة موضوعه لا تحتمل إبداء الرأي ولا إجراء المفاضلة إلا ما كان في حدود ضيقة وفي حالات محددة.
على أن أبا علي كان يحكم رأيه في بعض الأحيان وعند الاقتضاء إذا وجد إلى ذلك سبيلاً، ولا سيما إذا تعارض المنقول مع المعقول. يقول: "قال الخليل: تقول العجهوم طائر من ط ير الماء، كأن منقاره جلم. قال أبو علي: ولا أدري صحته" ويقول: "قال الخليل: والعلهز بكسر العين والهاء وسكون اللام: أن يعالج الوبر بدماء الحلم، كأن يدق الصوف مع القردان فيؤكل، كانت الجاهلية تفعل ذلك في الجدب... وقال غيره: المعلهز والمعزهل: الحسن الغذاء، قال أبو علي: وهذا تفسير سوء(27).
ويلتفت أبو علي إلى بعض العبارات العامية وينقدها مثل قوله(28): "والعامة يقولون: هاتم شهودكم، وهذه أفحش الخطأ". وقوله: "وقال الأصمعي وأبو زيد: تقول العرب قعدت فوهة النهر، الفاء مضمومة والواو مشدودة مفتوحة، ولا يقال فوهة بضم الفاء وسكون الواو، كما تقول العوام.."
ومن ملامح شخصية أبي علي في كتاب البارع برغم أن هذه الملامح لم تكن قوية بارزة ما لاحظه الدكتور حسين نصار في دراسته المتقصية للمعجم العربي من عدم اعتماد أبي علي اعتماداً كبيراً على أستاذه ابن دريد(29)، خلافاً لما يتوقعه الباحث لدى مطالعته كتاب (الأمالي) الذي كان اعتماد أبي علي فيه على أقوال ابن دريد واضحاً. حتى أوقع ذلك المستشرق كرنكو في خطأ فاحش حين قال(30):
"أما كتاب البارع فالحق أن خاب أملنا فيه، لأني لم أعثر فيه على جديد.
لقد استقى معلوماته من مرجعين أساسيين هما أبو بكر بن دريد وأبو بكر بن الأنباري. وكل من يتجشم مشقة دراسة أسانيد كتابه الهام (الأمالي) دراسة دقيقة يجد أن ما ينيف على نصفه مأخوذ من كتب ابن دريد".
فالشطر الثاني من الحكم الذي أصدره كرنكو صحيح وهو منصب على كتاب الأمالي، غير أن الخطأ نجم عن قياس البارع على الأمالي دون تمحيص، لما شاع في الأذهان من اعتماد أبي علي على شيخه ابن دريد في كتابه الذائع الأمالي من جهة، ولأن عدم وصول البارع إلينا كاملاً وبالتالي عدم نشرة وضآلة فرص الإطلاع عليه وقراءة مقاطع المخطوط، كل ذلك أدى إلى هذا الوهم.
أما تعليل اختلاف نهج أبي علي في البحث خلال (البارع) عما هو عليه في (الأمالي) فمرده إلى أن كتاب الأمالي ليس كتاباً في اللغة بقدر ما هو كتاب في الأدب تتخلله مفردات اللغة. وأبو علي يروي الكثير عن شيخه ابن دريد فيما يتصل بالأدب والأخبار والأشعار وفي جملة ذلك الألفاظ وشرحها..
أما في كتاب البارع فالأمر في نظر أبي علي مختلف. فالبارع معجم لغوي ينتظر منه أن يكون حجة. ولكن ألم يكن ابن دريد متمتعاً بثقة أبي علي وإجلاله فما معنى إحجامه عن الأخذ بأقواله في البارع إلا في أحوال قليلة؟
لا شك في أن أبا علي في توخيه الصحة اعتمد أول ما اعتمد على الخليل وأبي زيد والأصمعي وابن السكيت وهم الأعلام الأوائل. أما ابن دريد وابن الأنباري ومعاصروهما فهم متأخرون عن تلك الطبقة، والعمدة في رواية اللغة وجمعها للمتقدم. ولكن العامل الأهم كما يرى الدكتور نصار(31) "إن ابن دريد لقي معارضة كثيرة من اللغويين، وخاصة فيما نسبه إلى اليمن من لغات.
ويبدو أن مؤلفنا آثر السلامة، فلم يستق منه كثيراً، على الرغم من أنه أستاذه. حتى أنه لا يظهر اسمه إلا في الصفحة الرابعة والثلاثين، ثم في فترات متباعدة" يؤيد ذلك قول السيوطي حول ابن دريد(32)
"وقد آخذه أبو علي الفارسي النحوي وأبو علي البغدادي القالي".
ويبدو أن أبا علي قد اضطر إلى كبت مشاعره الطيبة تجاه شيخه إمعاناً في الدقة متوخياً الضبط خشية على معجمه من النقد والترجيح فآثر السلامة واتخذ الحيطة والحذر في موضوع قد يثير الجدل.
ولا شك في أن منهج أبي علي هذا في البحث قد عاد على معجمه بالفضل. فقد اعترف الدارسون لكتاب البارع بميزة أساسية كان أبو علي نفسه شديد الحرص عليها، وهي الصحة، ومما قاله السيوطي بصدد ذلك(33) "وأصح كتاب وضع في اللغة على الحروف بارع أبي علي البغدادي، وموعب ابن التياني".
*ظواهر أدبية:
على أن شخصية المرء لا تتجزأ ولا بد لمياسمه أن تنطبع على أقواله وسلوكه على الرغم من جنوحه أحياناً إلى اصطناع مناهج خاصة تقتضيها طبيعة البحث ومناحي الفكر.
فأبو علي أديب –لغوي- راوية- إخباري. وقد يطغى جانب على جانب آخر في بعض كتبه فيكون الأدب خلاله أظهر كما في كتاب الأمالي أو تكون اللغة في بعض كتبه الأخرى أبرز كما في كتاب البارع. ولكن الملامح العامة تأبى إلا أن تطل في مجال.
فالطبيعة المعجمية كثيراً ما تتجلى في مقاطع كتاب الأمالي من خلال استطرادات كثيرة يبدو خلالها المؤلف متتبعاً لنوادر اللغة. وكذلك شأن أبي علي في كتاب البارع حيث تبرز من خلاله أيضاً جوانب أدبية استطرد إليها المؤلف أو قادته إليها المادة اللغوية، كأن يقول في بعض صفحات البارع(34):
"قال ابن الأعرابي وغيره: نزل المخبل السعدي، وهو في بعض أسفاره على ابنة الزبرقان بن بدر، وقد كان يهاجي أباها فعرفته ولم يعرفها، فأتته بغسول، فغسل رأسه، وأحسنت قراه وزودته عند الرحلة. فقال لها: من أنت؟ فقالت: ما تريد إلى اسمي؟ قال: أريد أن أمدحك، فما رأيت امرأة من العرب أكرم منك. قالت: اسمي رهو. قال: تا لله ما رأيت امرأة شريفة سميت بهذا الاسم غيرك. قالت: أنت سميتني به.
قال: وكيف ذلك؟ قالت: أنا خليدة بنت الزبرقان. وقد كان هجاها في شعره فسماها رهواً، وذلك قوله:
فأنكحتهم رهواً كأن عجانها مشق إهاب أوسع السلخ ناجله
فجعل على نفسه ألا يهجوها ولا يهجو أباها أبداً.
وأنشأ يقول:
لقد زل رأيي في خليدة زلة سأعتب قومي بعدها فأتوب
وأشهد، والمستغفر الله أنني كذبت عليها والهجاء كذوب
ومثل هذا المنحى لدى أبي علي مألوف أيضاً يغلب على المعاجم حتى ذلك العصر بل ويمتد إلى ما بعده في القرن الخامس الهجري إلى أن تبرأ من ذلك بعدئذ وتغدو ذات طبيعة معجمية خالصة.
ومجمل القول أن المتصفح لمعجم البارع يدرك بيسر أنه أمام عالم دؤوب، كثير التتبع لأقوال اللغويين، شديد التقصي لألفاظ العربية، واسع الإطلاع على معارف السلف. وهذه سمة تميز معجم البارع من المعاجم التي سبقته، وتضع أبا علي القالي في مصاف أعلام اللغة المعروفين بالضبط والإتقان. لقد كان صاحب البارع بالغ الحرص على أمانة النقل، وهذا يدل على تواضع علمي جم ينأى بصاحبه عن الادعاء، فيعزو الفضل لأهله وينسب القول لذويه. وهذا ما جعل من بارع أبي علي معجماً أصيلاً موثوقاً وواحداً من أبرز المعاجم الرائدة في العربية.
الحواشي:
(1) الفهرست 395 لابن خير.
(2)الفهرست 398، 328،.... لابن خير.
(3)تاريخ الأدب العربي، الترجمة العربية 2: 277.
(4)نشر هذا القسم من "البارع" هاشم الطعان سنة 1975.
(5)انظر المقدمة الإنكليزية لمعجم البارع ص 1-2 بقلم فلتون.
(6)معجم الأدباء 7: 29. وقد وهم جرجي زيدان في كتابه "تاريخ آداب اللغة العربية حين قال إن كتاب البارع" في نحو 500 ورقة أي ألف صفحة "ولم يفطن الدكتور شوقي ضيف-الذي راجع كتاب زيدان وعلق عليه- إلى هذا الخطأ.
(7) الفهرست 354، لابن خير.
(8) الفهرست 355، لابن خير.
(9)الفهرست، لابن خير 354.
(10)التكملة، لابن الأبار 1: 106.
(11)جذوة المقتبس 156 للحميدي.
(12)رسائل ابن حزم الأندلسي، د. إحسان عباس.
(13)انظر معجم الأدباء 7: 29 لياقوت.
(14)انظر الفهرست 354، لابن خير.
(15)انظر معجم الأدباء 7: 29 لياقوت.
(16)ابن سيده، هو أبو الحسن، علي بن إسماعيل بن سيده، كان ضريراً، وألف معجمه بين عامي 408-432هـ.
ولد سنة 398 وتوفي سنة 458هـ.
(17)المزهر 1: 45، والمعجم العربي 287 لحسين نصار.
(18)المعجم العربي 287 لحسين نصار.
(19)الفهرست 355، لابن خير.
(20)أنباه الرواة، 1: 209 القفطي.
(21)ذهب الدكتور حسين نصار في كتابه "المعجم العربي" إلى استنتاج قوامه أن ترتيب البارع كان على هذا المنحى:
هـ ع غ خ ق ك ض ج ش ل ر ن ط د ت ص ز س ظ ذ ث ف ب م و ا ي ء.
(22)انظر : المعجم العربي، د. حسين نصار 290.
(23)الفهرست 354 لابن خير.
(24)الفهرست 350 لابن خير.
(25)المعجم العربي، د. حسين نصار 293.
(26) انظر: المعجم العربي، د. حسين نصار 597.
(27) انظر: المعجم العربي، د. حسين نصار 302.
(28)انظر المعجم العربي، د. حسين نصار 302-303.
(29)المعجم العربي، د. حسين نصار 298.
(30) مجلة ISLAMICA بقلم KRENKOW.
(31)المعجم العربي، 298.
(32)المزهر 1: 45.
(33)المزهر 1: 45.
(34) انظر النص في كتاب المعجم العربي، د. حسين نصار 300 وقد استمده من معجم البارع المصور.
---------------
نشر هذا البحث في :
مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد التاسع – السنة الثالثة –المحرم 1403 تشرين 1 – أكتوبر 1982