صدر كتاب (مقاربات لسانية في تحليل الدلالة والتداول) للأستاذ محيي الدين محسب عن دار كنوز المعرفة، وفيما يلي إضاءات لما اشتمل عليه من مقالات بخط مؤلفه:
المقالات العلمية الواردة في هذا الكتاب تستهدف إنجاز مقارباتٍ تحليلية لبعض القضايا اللغوية التي تخصُّ العربية، أو تتعلّق بتطورات لسانية ذات صدىً في اللسانيات العربية وهي تستثمر علاقاتها بالنظريات والمناهج اللسانية الحديثة، وتتفاعل مع أبعادها وآفاقها. وسيلاحظ القارئ الكريم أنه في هذه المقالات العلمية سيكون ثمة تركيزٌ واضحٌ على أبعاد الدلالة والتداول: دلالة بعض الظواهر اللغوية وتداولياتها، أو دلالات بعض المعالجات اللسانية وما تتداوله. ولذلك فقد جاءت مقالاتُ الكتاب على النحو الآتي:
• المقالة الأولى: (الدلاليات والتداوليات: جدلية الاستقلال والاتصال: نموذجٌ لسانيٌّ في تحولات التَّخاصُص). وهي تتنزل من سائر مقالات الكتاب منزلة المنظور الإبستمولوجي.
• المقالة الثانية: (الأبعاد الدلالية في إعراب الفعل المضارع: الزمن – الجهة – الموجهية). وفي هذا البحث محاولة تقديم تفسير جديد يربط بين التصرفات الإعرابية التي تطرأ على هذه الصيغة الفعلية وتنوعاتِ دلالاتها الزمنية والجهوية والموجهية.
• المقالة الثالثة: (مشروع البابطين المعجمي للشعراء وإسهاماته الضمنية في اللسانيات التوثيقية للعربية) وهو بحث يحاول استثمار مشروع البابطين المعجمي للشعر العربي عن طريق ربطه بآفاق اتجاه حديث في اللسانيات؛ وهو اتجاه اللسانيات التوثيقية documentary linguistics التي تنهض بينها وبين اللسانيات التنميطية، وبينها وبين تحليل الخطاب، وبينها وبين القاموسيات، علاقاتٌ إبستمولوجيةٌ موضَّحة في موضعها من البحث. وبطبيعة الحال فإن ثمة جانبًا تداوليّا مهمًّا في مشروع البابطين المعجمي التوثيقي يتمثل في أن هذه النصوص الشعرية تقدّم ذخيرةً هائلة مما بات يُصطَلَح عليه بـ(السياقات التداولية pragmatic contexts ).
• المقالة الرابعة: (حماسة عبد اللطيف وتبني الأسلوبية النحوية مدخلًا إلى تعليم العربية) وهي مقالة تشير إلى أبعاد استثمار تعليم اللغة لطاقات الدلالات الأسلوبية الكامنة في حركة التراكيب اللغوية منذ ما أسمته أسلوبياتُ شارل بالي - في مطلع القرن العشرين - بـ(الأسلوبيات التركيبية)، وصولًا إلى تلك المقولة ذات المغزى التي تبدت لدى فرجينيا توفت عام 1971م؛ وهي أن النحو نفسه أسلوب Grammar itself is a style.
• المقالة الخامسة: (بعض المنطلقات في تعليم العربية وتعلمها). وهذه المقالة تطرح تصورًا أوليّا حول التلازم بين ثلاثة منطلقات لا يُتَصوَّر إمكانُ تصميمِ برامجَ أو سياساتٍ في تعليم العربية وتعلمها بدون مراعاتها والارتكان إليها؛ وهي: تشخيص طبيعة اللغة المستهدَفِ تعليمُها وتعلمُها، وتشخيص المرتكز اللساني النظري الذي يقوم عليه منهج تعليم اللغة، وتشخيص الخصائص الكيفية والكمية لبناء تعليم اللغة بحسب المراحل العمرية.
• المقالة السادسة: (تصور مقترح لمحتوى المعالجة الدلالية في مادة اللغة العربية: متطلب جامعي). وهذه المقالة تتصل بسابقتها في كونها تصبُّ في مجال دراسات الخطاب التعليمي؛ وعلى الخصوص ما يتعلق بتعليمية الجوانب الدلالية من اللغة.
• المقالة السابعة: (اللغة تفعل !). وفي هذه المقالة إشارة إلى خطاب نظرية النسبية اللغوية التي ترى أن الشكل اللغوي مؤثِّرٌ دلاليٌّ؛ ومن ثم فهو آلية تمارِس بها اللغةُ قوتَها في تشكيل التفكير. كذلك تطرح المقالة إيجازًا حول نظرية علماء الإدراكيات الذين ذهبوا إلى أن (الاستعارات) هي الآلية القوية المهيمنة التي تشكل طريقة عمل التفكير البشري. ثم تعالج المقالة ما يسميه المؤلف بآلية (التسريب الضمنيّ) التي تعمل على مستوى حركة الخطاب في الاتجاهات الأيديولوجية التي تسري في أوصاله فتكوِّنه ويكوِّنها في عملية جدلية كاشفة ومبطنة لقوة اللغة، وجاء تطبيق ذلك على نص من كتاب ابن الجوزي (الأذكياء).
• المقالة الثامنة: (الترجمة من منظور النسبية الإدراكية). وهي مقالة تنطلق من إدراك ما قدمته التداوليات للترجميات translatology من استبصارات ومفاهيمَ نظريةٍ لعلَّ في صدارتها مفهوم recontextualization الذي يمكن ترجمتُه بـ(إعادة التموضع السياقي). كذلك تستثمر المقالة بعضَ جهود المقارباتِ الإدراكية للترجمة في محاولتها أن تفهم وأن تفسر ما يجري في عقول المترجمين: كيف يكوّنون المعنى في النصوص والمواقف التي يتناولونها؟ وكيف أن خلفياتهم اللغوية والثقافية تؤثر في تفكيرهم وفهمهم؟ وهذا بلا شك ذو صلة وثيقة بقضية النسبية الإدراكية.
• المقالة التاسعة: (إطلالة أولية على دور مجلة فصول في إرساء أبعاد التَّخاصُص بين المعرفة اللسانية والمعرفة الأدبية). وهي مقالة تكشف عن أن المنطقة الدائمة ذات الإشعاع الكثيف في هذا التخاصص هي منطقة (المعنى) التي تقع في البؤرة من إدراكيات الفهم والتفسير.
• المقالة العاشرة: (في الطريق إلى إدراكيات شعرية: مع (ترجمة مقالة لارزيا بيليخوفا: نموذجٌ تكامليٌّ لتفسير النص الشعري). وهي مقالة تقدم نموذجًا معرفيًّا في درس الاعتماد على الدلاليات الإدراكية في تفسير المعنى في النص الشعري والصور الشعرية..
• المقالة الحادية عشرة: (وجوه المغزى في إعادة اكتشاف دوسوسير وبخاصة على ضوء مقالة وليم ج. كاراسكو: النظر إلى الوراء لرؤية الآتي(.وفي هذه المقالة يقدم المؤلف بين يدي الترجمة بعرضٌ لأصداء إعادة اكتشاف دوسوسير في اللسانيات العربية. ومن المهم أن نشير هنا إلى أن هذا الوجه الدوسوسيري الجديد يشغل مكانة مركزية فيما يشيّده فرانسوا راستيي تحت اسم (الدلاليات التفسيرية).
• المقالة الثانية عشرة: (البحث اللساني العربي بين تكرار الحضور وفجوات الغياب). وتهدف هذه المقالة إلى استلفات النظر إلى ظاهرة أصبحت آفة تنذر بأوخم الآثار على البحث اللساني العربي؛ وهي آفةُ تداول التكرار على قضايا لسانية بعينها دون بذل جهدٍ يُذكر في السعي إلى إضافة علمية جديدة بخصوصها؛ ودون بذل الجهد في الوقوف على زخمٍ متراكمٍ في اللسانيات العالمية؛ بما ينتج عن هذا التقاعس في بذل الجهد من تراجعات نخشى على اللسانيات العربية من آثارها.
• المقالة الثالثة عشرة: (ألفاظ الرائحة في دراسة عربية). وفي هذه المقالة يقدم المؤلف عرضًا نقديًّا تقويميًّا لمقالة (ألفاظ الرائحة: دراسة معجمية دلالية) للدكتور سالم سليمان الخماش، وهي مقالة يعود نشرها إلى عام 2015م. وهي مقالة تكتسب أهميتها - مهما تكن المآخذ التي يمكن توجيهها إليها - من كونها، على حد علمي، فريدةً في فضاء اللسانيات العربية المعاصرة في تصديها تصديًا جديًّا لهذه القضية اللسانية المهمة.
• المقالة الرابعة عشرة: (الرتبة بين التراث النحوي وبلاغيات الخطاب). وهي في أصلها بحث قُدِّم في المؤتمر الدولي الثالث الذي أقامه قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة القصيم في موضوع (التراث اللغوي والأدبي في ضوء المناهج الحديثة)، في 14 مارس 2019م.