اختتام مؤتمر (اللغة العربية ومواكبة العصر) في الجامعة الإسلامية

فقد طرح الباحث الدكتور عبدالرزاق جعنيد من كلية الآداب بجامعة شعيب الدكالي بالمغرب ورقة بعنوان "في تعريب العلوم – إشكاليَّة تعريب المصطلح العلميّ"، قدم خلالها تصوراً نظريًّا لصناعة المعجم المختص من خلال تحديد مجموعة من الأسس والقواعد المنهجية التي ينبغي الالتزام بها، مع ذكر نموذج تطبيقي لذلك، هو مصطلحات الفيزياء لتلاميذ الباكالوريا بهدف تقريب المفاهيم العلمية المرتبطة بهذا المجال باللغتين العربية والفرنسية، وذلك من خلال عينة شملت ما يناهز عشرين مصطلحًا باللغة العربية مع مقابلاتها باللغة الفرنسية مفسرة ومشروحة باللغتين معًا.

كما قدم الباحث الدكتور هارون المهدي ميغا من كلية الآداب بجامعة بماكو الوطنية بجمهورية مالي بحثاً بعنوان "تحديات تواجه اللغة العربية في التعليم العالي بغرب إفريقيا، خلص من خلاله إلى وجود تحدِّيات خاصَّة أو مباشرة تشمل: التحدِّي العلمي، المتمثل في التقليل من شأن اللغة العربية والتنفير من تعلُّمها بأساليب متعدِّدة في أوساط كثير من المثقَّفين ورجال التعليم العالي بغرب أفريقيا من المتأثِّرين بمواقف المستشرقين المتشدِّدين، ومن المُتَغرِّبين، وتشويه تاريخ اللغة العربية وحضورها القويّ في المنطقة، ومحاولات عَلْمَنَة اللغة العربية؛ بتجريدها عن الإسلام من جانب بعض "المأجورين"، إضافة إلى قلة نشر البحوث العربية واعتماد اللغات الأجنبية في التعليم، كما ذكر أن اللغة العربية تواجه تحدياً ثقافياً يتمثل في عدم تقبّل المثقفين المهتمّين بالعربية في أوساط الثقافة هناك، وانعدام التوأمة بين أقسام اللغة العرية في جامعات غرب أفريقيا ونظيراتها العربية، وندرة وسائل الإعلام الناطقة بالعربية. أما التحدي الاجتماعي فذكر أنه يظهر في حصر نطاق استعمال العربية في فصول الدراسة والنظرة المادية والدونية للمتخرجين في التعليم العربي من قبل أفراد المجتمع، وعدم المشاركة السياسية من قبل هؤلاء الخريجين، كما أن التحدي الإداري يتمثل في عدم التخطيط لتطوير العربية في الجامعات الأفريقية.

وقدّم الدكتور عبدالعزيز بن سالم الصاعدي من كلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية بحثاً عن "تكامل المنهج اللغوي وجودة بيئة التعليم، طرح خلاله مجموعة من التساؤلات عن دراسة اللغة وهل هي وسيلة أم غاية، وكيف تدرك اللغة، وكيف يتم تعليم اللغة ونقلها. وهل نحن بحاجة إلى إيجاد هيكلة للمناهج اللغوية لنواكب بها العصر؟ وقد اقترح الباحث في نهاية تساؤلاته إقرار مادة دراسية تحت مسمى التكامل اللغوي يكون دورها الربط اللغوي بين بقية المواد والمناهج اللغوية, تبين علاقاتها ببعضها وترسخها في وجدان وفكر الدارس والمتلقي, واستكمالاً لهذا المقترح فقد وضع الباحث سبع أسس لهذه المادة . كما أشار الصاعدي إلى أن المستوى الحضاري للناطقين باللغة يحدد اتساع رقعتها, وإلى أن أول ضعف يظهر في الأمم والمجتمعات يظهر في لغتها وتخليها عنها. وأن المجتمعات الأقوى حضاريًّا تهتم بلغاتها ومناهج دراستها وفعاليتها مما يؤكد أن اللغة هوية وليست تواصلاً فحسب. وقد ضرب الباحث المثل باللغة العربية في ماضيها وحاضرها وانتهى الى القول : إن البيئة هي الإطار الثاني المسئول عن كفايات أستاذ اللغة ليواكب بها عصره. ثم حدَّد الباحث مفهوم البيئة اللغوية, والعلاقه بين البيئة والفرد وكيف نصنع البيئة والفرد الذي نريده داخل البيئة. وتساءل الباحث عن دور الأستاذ الجامعي اللغوي في مواكبة العصر باللغة وعن الأهلية اللازمة لذلك والآليات اللازمة لتحقيق الكفاية في المتلقين، كما طرح مجموعة أخرى من التساؤلات ذات الصلة. وفي إجابته عن بعض هذه التساؤلات أشار إلى رؤيته في نقد وتقويم آليات الأستاذ القائمة وفي البناء المعرفي للأستاذ الجامعي لكي يواكب العصر، وفي هذا الشأن نقد الباحث أمرين لهما صلة بالموضوع، هما: تكرار واستنساخ المنتج المعرفي. وفي هذا الشأن دعا الباحث إلى شمولية المنهج والدرس اللغوي. والآخر: الضعف العلمي في التخصص في الدراسات والرسائل العلمية وخططها ومناهجها.

كما شاركت الدكتورة حليمة أحمد عمايرة من جامعة البلقاء التطبيقيَّة بالأردن ببحث بعنوان "توظيف اللسانيَّات الحديثة في تطوير تعليم العربية خَلُصت فيه إلى القول : إن المنظومة التربوية التي من بين مكوناتها الرئيسة المنهاج الدراسي، ينبغي أن تؤسس على نظرية علمية تربوية، حتى نستطيع الوصول إلى رؤية نقدية تتيح تشخيص ومراجعة هذه الكتب، ومعالجة اختلالاتها بشكل دوري مستمر، ذلك أن وجود الكتاب المدرسي خارج نظرية معينة، يؤدي إلى عشوائية في طريقة طرح المادة اللغوية، و يؤدي إلى اختلالات بنيوية تنعكس سلباً على نتائج التعليم عند المتعلم وتصبح هذه الاختلالات طبيعة مستقرة غير قابلة للنقد والتصحيح . ودعت الباحثة إلى مراجعة الكتب التعليمية للناطقين بالعربية والناطقين بغيرها في ضوء ما يجد من دراسات لسانية إحصائية.

وقدّم الباحث الدكتور فريد عوض حيدر أستاذ علم اللغة بكلية دار العلوم بجامعة الفيوم بحثاً بعنوان: "معوّقات تعريب العلوم التطبيقيَّة في الجامعات المصريَّة" تناول خلاله معوقات تعريب العلوم التطبيقية في الجامعات المصرية على المستويين النظري والميداني المستخلص من مؤشرات استطلاع رأي لدى عينة من أعضاء هيئة التدريس والطلاب، مشيراً إلى تنوع المعوقات على المستوى النظري ومنها: مقاومة الأكاديميين من أعضاء هيئة التدريس لحركة التعريب، ومعوقات متعلقة بالمصطلح والترجمة، وغياب الوعي بأهمية تقديم العلوم باللغة العربية، ونقص التنسيق بين جهود التعريب، مرجعاً كلا من هذه المعوقات إلى أسبابه التاريخية والعملية. أما المعوقات المستوى الميداني، فقد كشفت الدراسة عن: ميل أعضاء هيئة التدريس إلى اللغة الإنجليزية وتشبثهم بها، واتجاه الجامعات وانحيازها للغة الإنجليزية، وإقصائها العربية عن ميدان العلوم التطبيقية، وعدم تمكن الأعضاء من اللغة العربية، وضعف قناعة الأستاذ باللغة العربية لغةً للعلوم التطبيقية. أما بالنسبة للطلاب فقد كشفت الدراسة عن ميلهم إلى اللغة الإنجليزية تأثرًا بأساتذتهم، أو لضعف مستوى وعيهم بلغتهم الأم، ورسم الباحث سبل إعادة اللغة العربية إلى ميدان العلوم التطبيقية. وفي تعقيب الباحث على حجج الرافضين للتعريب، أشار إلى أن دراسة التاريخ العلمي للعربية في القديم والحديث، حجة على كل رافض، كما قدم عددًا من المقترحات، أهمها ألا يُبدأ بتعليم اللغات الأجنبية إلا مع بداية مرحلة التعليم المتوسط (الإعدادية)، وأن يتخذ قرار سيادي بتعليم جميع العلوم التطبيقية بالعربية أسوة بتجارب ناجحة كتجربة فيتنام.

وشارك الدكتور كريم حسين الخالدي رئيس جمعية اللسانيين العراقيين بحثاً بعنوان "نحو تضييق روافد العاميَّة في التعليم والتخاطب" أكد خلاله على ضرورة تضييق الفجوة بين الفصيحة والعامية مشيراً إلى المخاطر التي تحيط بلغة القرآن الكريم وتهدد مكانتها وسلامتها، ودعا إلى البحث عن الحلول التي تمكن فيها لغة القرآن الكريم من أن تكون لغة النطق والكتابة في الوطن العربي مشيراً في ذلك إلى بعض قرارات الجامعة العربية وبعض القوانين التي صدرت في عدد من الدول العربية تحقيقاً لهذا الهدف .

وفي بحث للدكتور كمال سعد أبو المعاطي من كلية الآداب بجامعة الملك عبدالعزيز بعنوان "التعريب الشامل سبيل الإبداع والنهضة" أبرز الباحث بعض مظاهر إقصاء العربية على المستوى الاجتماعي، مثل التحدث باللغات الأجنبية كميزة ومعيار للثقافة عند بعض أبناء الأمة العربية الذين أصبحوا يخلطون كلامهم العربي بألفاظ دخيلة وتعبيرات أجنبية، وإحلال اللهجات العامية محل الفصيحة في كثير من البلدان العربية، واشتراط إتقان اللغة الأجنبية كشرط للتعيين في كثير من الوظائف، مرجعاً أسباب هذه التحديات التي تواجهها العربية في بلدانها إلى جملة من الأسباب، منها الشعور المبالغ فيه بأهمية اللغات الأجنبية ، نتيجة الانبهار بكل أجنبي والظن بأن التقدم لن يأتي إلا عن طريق تلك اللغات، والظن بأن اللغة العربية لا تتسع للمصطلحات والمفاهيم العلمية الجديدة. وانتهى الباحث إلى أن التعريب الشامل الذي يتعدى في مفهومه ودلالته التعريب اللغوي هو الآلية القادرة على فرض سيادة اللغة العربية على وطنها في كافة قطاعات التعليم والإعلام والثقافة، وطالب بأن تدعم هذا التعريب إرادة سياسية من صاحب القرار السياسي وإرادة جماهيرية من أبناء الوطن، ودعا إلى ضرورة توفر الإرادة السياسية لفرض سياسة التعريب وإنشاء مجلس قومي للترجمة ونقل العلوم على مستوى الوطن العربي.

ودعا الدكتور محمود عمار إلى التصالح مع العامية لأنها ذات أصل عربي ولها اتفاق مع الفصحى في كثير من وجوهها ويمكننا النهوض بها للنهوض بالعربية، مشدداً على ضرورة التوسعة على المتحدثين حين يوافق اللفظ وجهاً صحيحاً وحينئذٍ لن يخطئ أحد.

وفي الجلسات الثانية والثالثة والرابعة طرحت أبحاث تصبّ في المحور الثاني الذي جاء بعنوان "اللهجات والتأصيل اللغوي" قدمت الدكتورة آمال السيد حسن علي أبو يوسف الأستاذ المساعد جامعة قناة السويس ورقة حول "لحن العامة في ضوء النحو والصرف" وقد عنيت الباحثة بتعريف مصطلح اللحن في اللغة وكيفية ظهوره وعوامل انتشاره، وآثار ظهوره، وجهود علماء اللغة في محاربته، ثم أفردت جانبًا مهمًّا من هذا التمهيد للحديث عن اللحن في القرآن الكريم، وفي الحديث النبوي الشريف. وفي تناولها لمسألة اللحن في القرآن الكريم عنيت الباحثة ببيان حكمه، وأنواعه، وحكم من تعمد اللحن في قراءته للقرآن الكريم، كما عنيت في تناولها لمسألة اللحن في الحديث النبوي الشريف ببيان أقسامه، وحكم كل قسم، وحكم رواية الحديث الملحون، وطرق تجنبه . وقدمت الباحثة في مبحثها الأول وتحت عنوان: "الأخطاء النحوية والصرفية عند العامة وتصحيحها" وفي المبحث الثاني اقتصرت الباحثة في الأستاذة آمال تحت عنوان: الأخطاء الشائعة في الكتابة عند العامة وتصحيحها على أربعة أخطاء شائعة، هـي:كتابة الهمزة، والألف اللينة، لحذف ،كوتابة التاء في نهاية الكلمة، وفي شأن الخطأ في كتابة الهمزة أكدت الباحثة أن الهمزة تؤدي دورًا خطيرًا في الكتابة العربية ، وقد يترتب على إغفالها تغيير في معنى الكلمة أو غموضها وذلك لأن بعض الكلمات المهموزة لها معنى فإذا لم تهمز كان لها معنى آخر. وقد ختمت الباحثة هذا المبحث ببعض المرئيات لإتقان الكتابة باللغة العربية، وتحديد الأسباب الكامنة خلف تدني مستوى الأداء بالعربية لدى المتعلمين، ووسائل وسبل التمكن من اللغة العربية. و انتقت الباحثة في المبحث الثالث وتحت عنوان: "ما وضعته العامة في غير موضعه" من مؤلفات السابقين التي عنيت بتنقية اللغة من اللحن والعامي والدخيل زهاء ست وخمسين خطأ ولحنًا دخيلاً على لغة العرب، حيث أفردت لكل منها فقرة خاصة للتأصيل والبيان والتوثيق والتصحيح.

وقدم الباحث الثاني الدكتور: عبدالرحمن أحمد يجيوي أستاذ في كلية الشريعة بجامعة القرويين - فاس – المغرب ورقة تحت"السلم اللغوي في الوطن العربي:حركيَّة اللغة العربية وتدبير التعدد اللغوي والازدواجيَّة اللغويَّة أشار فيها إلى إشكالية أساسية تستوقف المتتبع للوضع اللغوي في الوطن العربي، وهي مسألة تنبني على أمرين: الأول واقع اللغة العربية وتداخله بواقع اللغات المحيطة به والمتفاعلة معه، وما يترتب على ذلك من حراك. والثاني أدوات وصف هذا الواقع ومناهجه في ذلك وما ترتب عنه من تراكم معرفي على مستوى المادة والمنهج والنتائج. وقال الباحث أن هذه المسألة تدعو إلى إعادة قراءة الواقعين؛ الواقع اللغوي وواقع وصفه وأدواته للوصول إلى حلول للمعضلة اللغوية ببناء أسس للسلم اللغوي اعتمادا على سياسة لغوية وتخطط لغوي. وبين الباحث في المحور الأول المعنون: (المسألة اللغوية وفق منظور جديد) الغرض الأساسي في المسألة وهو الانتقال من دراسة اللغة العربية باعتبارها نظامًا ثابتًا من الإشارات، إلى دراستها في تجلياتها الطبيعية باعتبارها ممارسة فعلية تفاعلية. كما أشار إلى أن البحث في المسألة اللغوية هو بحث في علاقة اللغة بالإنسان، وهو بحث في أصول الفكر ومرجعياته المفكرين. ونبه إلى أن التحدي الذي يواجه اللغة العربية في عصر تقنيات المعلومات والاتصالات وعصر العولمة هو مدى مواكبة لمقتضيات هذا العصر وشروطه. وانتهى إلى أن حركية اللغة العربية وحيويتها أمر مرتبط بكيفية تدبير المسألة اللغوية من الداخل والخارج، أي البحث عن التوازنات اللغوية التي تجعل اللغة العربية في المركز الذي يدعم باستثمار الازدواجية والتعددية الاستثمار الأمثل، ويؤسس للسلم اللغوي المبني على سياسة لغوية واعية وتخطيط لغوي محكم، وتهيئ لغوي داخلي وخارجي يجعل العربية لغة المعرفة التكنولوجية، ولغة التنمية.

كما بين الباحث الدكتور عبدالرحمن يجيوي المحور الثاني المعنون : (التأسيس لنقد الوضع العام للغة العربية ومؤهلاتها الذاتية والموضوعية) أن المشهد اللغوي العربي العام يحتاج إلى إعادة ترتيب وتحليل ونقد اعتمادًا على ما تراكم من دراسات لغوية أكاديمية في البحث اللساني، وفي البحث المرتبط باللغة في جانبها الاجتماعي الاقتصادي والسياسي والنفسي والتربوي، وأسس الباحث لذلك وقدم رؤيته لمعالجة الوضع، وهي رؤية تعتمد في مرحلة الأولى على مسالتين أساسيتين: الأولى: في واقع اللغة العربية في الوطن العربي. وفي هذا الشأن، أما المسألة الثانية: فهي واقع الوصف لذلك المشهد حيث ركز الباحث في المسألة على النقد المتجدد لأوضاع، وهو الطريق الموصل إلى التفسير بدل الوصف، والفعل بعد النظر والتنظير. وفي هذا الشأن أشار الباحث إلى ضرورة استثمار التراكمات والمؤهلات الذاتية والموضوعية للغة للعربية في ظل المنعطف التاريخي والواقعي وحاجيات المجتمعات العربية ، سواء على مستوى المتن، أو على مستوى خارج المتن. وذلك هو الطريق الأنجع لإنماء اللغة العربية، وتطوير طرق أدائها في نقل المعرفة، أو إنتاج المعرفة، ولمواصلة إسهامها في الحضارة الإنسانية. وخصص الباحث المحور الثالث والأخير لبيان الحلول التي قد تساعد على تجاوز الصعاب التي تطبع الوضع اللغوي. وناقش الباحث في المحور الثالث: "السياسة اللغوية وتدبير التعدد وترشيد الازدواجية" القضايا والحلول التي قد تساعد على تجاوز الصعاب التي تطبع الوضع اللغوي، ويمكن إجمالها في مسألتين: الأولى السياسة اللغوية باعتبارها مفهوما لا يهدف إلى الإصلاح والترقيع واقتراح الحلول الجزئية والفردية، وإنما يهدف إلى وضع تخطيط شامل ومتكامل ومُؤَسَّس للغة اعتمادا على إعادة توجيه الاختيارات، وتحديد الحاجيات، ونقد السياسات التي آلت بالوضع إلى ما هو عليه. وتصحيح التوظيف المضطرب للعربية في المجلات المؤثرة في المجتمع اقتصاديا وإعلاميا وتعليميا، وذلك لترجع الثقة إلى المتكلم العربي بلغته، ويشعر بأمنه اللغوي. أما المسألة الثانية فهي التخطيط اللغوي العربي باعتباره حلا علميا وعمليا للمعضلة اللغوية، فالحفاظ على العربية في حالها ومستقيها، وصون موروثها، وفي هذا الشأن وضح الباحث مفهوم الحماية اللغوية وشروطها وأشكالها وصيغها وآلياتها المناسبة للعربية، وخلص إلى أن الحماية اللغوية هي الضامن الأساسي للسلم اللغوي. وفي الخاتمة أوضح الباحث أن الاهتمام باللغة العربية يجب أن لا يكون شعارًا آنيًّا استهلاكيًّا، وإنما يجب أن يكون نظرًا عقليًّا وتنظيرًا وعملاً وتطبيقًا، وهو أمر سيعطي للعربية المكانة التي تستحقها، وسيمكن المتكلم بها بالإيمان بها وبقدراتها، إيمانًا يجعله يعتزّ بها، ويفتخر بها ويحبها لأنها هويته ووطنه. وأشار في الأخير إلى أن التعددية اللغوية ليست دائمًا صراعًا أو حربًا لغوية، وأن الازدواجية ليست مظهرًا دخيلاً ومعيقًا لتطور العربية ولذلك يحب تدبير الأمر تدبيرًا عقلانيًّا. وذيل الباحث عرضه بقائمة من المصادر المراجع احتوت على نحو ستين مرجعا تبرز عمق الإشكال وقوته، وحجية الموضوع ومردوديته.

وقدمت الدكتورة. وسمية عبدالمحسن محمَّد المنصور من جامعة الملك سعود - الرياض بحثاً حول بعض (استعمالات اللغة المحدثة "العربيزي") وقد تساءلت الباحثة عن سرِّ غيرة العربي على لغته والاعتزاز بها، وأجابت بأن اللغة العربية ليست ككل اللغات، فظرفها التاريخي حفظ لها سمات قوة وصلابة امتدت على أكثر من خمسة عشر قرنًا، فالشعر الجاهلي ونزول القرآن باللسان العربي المبين كانا من الدعائم القوية التي حفظت على العربية ثباتها ومنعتها من التغير الحاد. ثم تساءلت وهي بصدد توضيح عنوان البحث: لغة حديثة أم لغة محدثة؟ وفي المحور الأول أجابت الباحثة عن تساؤلها الوارد في مقدمة البحث حيث فصلت القول في معنى اللغة الحديثة، وأنها توازي اللغة المعاصرة التي تتسم بالتغير وعدم الثبات. ثم عالجت اللفظين "حديث" و"محدث" صرفيًّا ودلاليًّا، وأشارت إلى أن اللغة المحدثة هي اللغة التي يستعملها مستخدمو الحواسيب واتفقوا على تسمينها بــ"العربيزي". وقررت في بيانها اللغة الحديثة أنها لم يشبها تغير يمس مستوى محددًا من الاستعمال فحسب؛ إذ ظهر في كافة مستوياتها المنطوفة والمكتوبة نوعان من التغير؛ (أولهما) يجري على سنن التطور الذي يكون في نطاق التغير الإيجابي فيضيف للغة ما يجعلها تشرق بالسمات اللغوية المستحدثة دون أن يمس جوهر اللغة وأصالتها. و(آخرهما) وباء لوث اللغة لحنًا وتغييبًا للإعراب، وأكثر ما يظهر ذلك في اللغة المنطوقة كلامًا وقراءة، وقد تصدى له علماء اللغة القدامى والمحدثون. وأشارت الباحثة إلى أن من خصائص العربية الحديثة تعزيز العاميات، بل إن العاميات ذاتها لم تسلم من شرر إعصار التلوث إذ دخل في معجمها مفردات غريبة في اشتقاقها، وقد مثلت الباحثة بمفردات من السعودية والكويت ومصر. وأوضحت الباحثة أن التغير في العربية الحديثة يظهر في مستوياتها المختلفة وخصت بالتوضيح : المستوى الصوتي، والمستوى الصرفي، والمستوى الدلالي. أما في المحور الثاني تحت عنوان اللغة المحدثة (العربيزي) أشارت الباحثة إلى سرعة انتشار هذه اللغة وإلى كثرة الأخطاء الكتابية والإملائية والنحوية فيها وإلى أشهر دعاتها، كما أرخت لنشأتها وانتشارها والدراسات التي أرخت لها، وإلى أسباب تفاقم خطرها في الوقت الراهن. ثم تساءلت الباحثة في شأن هذه اللغة: أتطوير هي لغوي أم تشويه لغوي؟ واختارت القول بالتشويه اللغوي، وقد أرجعت عوامل هذا التشويه إلى ضعف انتماء دعاة العربيزي إلى اللغة الأم وتغير ولاءاتهم، وسيطرة عقدة المغلوب.

وحددت الباحثة أبرز ثلاثة مسببات ساعدت على استقرار العربيزي هي: تقنية الحواسيب. وهيمنة اللغة الانجليزية على جوانب الحياة في المجتمعات العربية. وتطوير المناهج التعليمية والتربوية وحقيقة تأثيرها في الفكر المجتمعي كأسلوب حياة. وقد وضحت الباحثة في هذا المحور كذلك دلالة مصطلح العربيزي حيث أشارت إلى أنه عبارة عن لغة يلوكها الشباب العربي تتداخل فيها المفردة الأجنبية في نسيج بنية اللغة العربية. وفي شأن مفاهيم العربيزي عنيت الباحثة ببيان خمسة أمور رئيسة هي: مزاوجة الأبجدية المكتوبة بالرقمنة، والاختزالات العربيزية في لغة الشباب المكتوبة عنكبيًّا، وكتابة العربية بالخط اللاتيني، وانتشار القصائد الشعرية العربيزي، و تعريب المعاني العربية باللفظ الأعجمي. وفي خاتمة البحث أوصت الباحثة بجملة من التوصيات المهمة من أبرزها ضرورة الاقتراب من اهتمامات الشباب وعدم التهوين من توجهاتهم ومشاركتهم الشعور بالمسئولية تجاه أمتهم وهويتهم وانتمائهم.

وقدم د. عبد العزيز بن حميد بن محمَّد الحميد من من جامعة الإمام محمَّد بن سعود الإسلاميَّة في الرياض ورقته بعنوان "نحو أطلس لغويّ جغرافيّ للجزيرة العربيَّة" وأشار الباحث في المدخل إلى أن بحثه يكشف عن أهمية الأطلس اللغوي الجغرافي وكونه أداةً حديثةً للربط بين اللغة والجغرافيا، كما أشار إلى فحوى اقتراحه بإنشاء أطلس لغوي للجزيرة العربية منذ أقدم عصورها. وربط الباحث بحثه الماثل بمحاور المؤتمر، ففي المحور الأول تحت عنوان أهداف المشروع المقترح ذكر الباحث أربعة أهداف لمقترحه بإنشاء أطلس لغوي جغرافي، ثم تناول أهمية المشروع ومبرراته وحدّد أربع خطوات للعمل فيه، ثم استعرض المنهج العلمي الذي سيطبق في المشروع، ثم اقترح ثلاث مجموعات عمل لتنفيذ المشروع. وعن مخرّجات المشروع المقترح ذكر الباحث أربعة مخرجات رئيسة له، أما عن مصادر مادته العلمية فقد حددها الباحث في أربعة مصادر. وفي المحور الثاني قدّم الباحث دراسة مختصرة عن الأطلس اللغوي كأداة من أدوات الربط بين علمي اللغة والجغرافيا، حيث تأتي هذه الدراسة في إطار إيضاح مقترح الباحث، كما تناول في دراسته هذه عدة مقاصد رئيسة هي: التعريف بالأطلس اللغوي والتأريخ له. وبيان أهمية الأطلس اللغوي للغة العربية. و ذكر أهم التطبيقات التي تقوم على الأطلس اللغوي. وطرق عمل الأطلس اللغوي (الطريقة الألمانية) و (الطريقة الفرنسية) والفرق بينهما. طريقة عمل الأطلس اللغوي العربي التي يرجحها الباحث. وأبرز الباحث ثلاث مصاعب متوقعة في طريق إخراج الأطلس اللغوي للجزيرة العربية محلّ اقتراح الباحث، وقدَّم نماذج للخرائط الرقمية التي رأى ضرورة الانتقال إليها من الخرائط التي تُرسم على الورق ليمكن التصرّف فيها بإضافة الملحوظات اللغوية من ألفاظ وأعلام القبائل ونحوها. وفي خاتمة البحث أشار إلى أن ما قدمه في بحثه الماثل يُعدّ الصورة الأولية لما يمكن أن يكون عليه الأطلس الجغرافي اللغوي المقترح، وأورد ثلاث نتائج كشف عنها البحث: أهمية الأطلس اللغوي في كونه أداةً حديثةً لإبراز نقاط الالتقاء بين علمي اللغة والجغرافيا، وكونه وسيلة علمية للإيضاح. وحاجة الجزيرة العربية إلى أطلس لغوي، وأهمية الدراسات اللهجية وملاحظة التغيرات التي أصابت العربية بلهجاتها المتعددة.

مصدر عرض الجلسات : موقع الجامعة الإسلامية:

http://www.iu.edu.sa/Pages/default.aspx

Air Jordan

التصنيف الرئيسي: 
التصنيف الفرعي: 
شارك: