شبهات متعددة قد تجدها محقة ولكن استأذنك بأن تتابعني لأرد عليها فأقول وبالله التوفيق:
• كيف استطاع الصيني أن يعمل في أمريكا مع أنه يدرس الطب باللغة الصينية؟
• وكيف يستطيع الهندي العمل في الخليج؟
• ولماذا يجبر الطالب اللبناني مثلاً على أن يدرس اللغة التركية قبل دخول جامعاتها؟ وكذلك الأمر بالنسبة للإيطالية والألمانية والأوكرانية وغيرها؟؟
• ولماذا يدرس الروسي واليوغسلافي والياباني والنمساوي علومهم بلغاتهم؟ أهم أكثر منا تحضراً وثقافةً؟
واسالوا السرلنكيين العاملين في بلادنا كيف يدرسون الرياضيات في بلادهم؟؟
وأسأل أيضاً كيف استطاع العرب سابقاً ترجمة العلوم الأجنبية ؟؟ وهل هناك من قال أيها العرب بدلاً من أن نلهو في تعريب العلوم لماذا لا نقوم بالابتكار؟
فما الذي فعله العرب؟؟ فقد أخدوا العلوم عن اليونان والسريان والبيزنطيين وغيرهم وقاموا بترجمتها ثم علّموها أبناءهم فابتكروا وأبدعوا ... وهذه أبسط قواعد التربية تقول إن الإنسان يستطيع استيعاب العلوم بلغته القومية أضعاف ما يستوعبه بلغة أجنبية مهما كانت درجة إتقانه لها.
والحكومة الدانماركية السابقة توصلت إلى أن الجاليات والأقليات عندها لن يتقنوا اللغة الدانماركية إن لم يكونوا متقنين للغتهم الأم، فحرصاً منها على خدمة لغتها أصدرت قراراً بالسماح لتلك الجاليات ومنها العربية أن يستخدموا المدارس الحكومية من أجل أن يتمكنوا من إتقان لغتهم الأم. الأمر الذي سيكون سبباً في إتقانهم اللغة الدانماركية. ولكن للأسف، فقد قامت الحكومة الحالية بإلغاء هذا القرار بداعي أنها مكلفة اقتصادياً.
أما القول إن اللغة العربية قاصرة على استيعاب اللفظ الأجنبي أقول:
إن شركة مايكروسوفت تقوم بترجمة مصطلحات كل منتجاتها إلى كل لغات العالم بما فيها العربية وذلك بدافع تجاري محض حتى تتروج بضاعتها في أسواقنا ورغم ذلك ترى غالبية العرب يحجمون عن استعمال المعرّب.. فأي مصيبة نحن فيها؟؟!!
فمن أمثلة تعريب منتجاتهم ما هو مشهور بـالماسنجر (MSN) = (المرسال ) فقد عُربت كل مصطلحاته وبشكل متقن وواضح... إضافة إلى برامج مهمة جداً مثل الـ power point فقد عُرّبت مصطلحاته بأدق التفاصيل ... فهل لغتنا قاصرة عن ذلك؟؟
القاصر هو صاحب اللغة وليس اللغة...فاللغة تقوى بقوة أصحابها وتضعف بضعفهم.
لذلك، الدعوة الآن إلى تعريب العلوم حتى يستطيع الطالب العربي استيعابها جيداً كي يستطيع الإبداع والابتكار في مجاله العلمي. فطالب كلية الطب الذي يدرس علومه باللغة الفرنسية مثلاً عليه أن يقتحم الحاجز اللغوي حتى يتسنى له فهم المراد، فيكتفي بفهم القاعدة حتى يطبقها وبذلك يبتعد عن أي محاولة للإبداع..........
وفي الختام كلمة أقول فيها: أعلم أن الأمر صعب جداً فعلى الحكومات أن تتبنى القضية وعلى الشعوب أن تفك قيد العادة؟؟
ولكن السؤال: هل الصعوبة ستمنعنا من الاستمرار في طرح هذه القضية وتبنيها والسعي من أجل تحقيقها وتذليل عقباتها؟؟
إن كان ذلك كذلك؟؟فهذا عيب وعار علينا وويل لنا إن تقاعسنا وتخلينا عن تلك القضية لأن هناك من يدعو إلى ما هو أصعب لا بل هو مستحيل وهو إلغاء الحرف العربي والتآمر على لغة القرآن الكريم، فرغم استحالة تحقيق ذلك فهم يطرحون قضيتهم لا يكلّون ولا يملّون...وبعضنا يقول: إن ما تدعو إليه الأمر صعب وهناك أولويات أهم....
حقيقة إن الأشرار ليسوا أكثر إيجابية منا....وليسوا أكثر إصراراً منا لنصرة قضيتهم ونحن تلاميذ المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يقول: "أحبوا العربية لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي " ... لذلك سنمضي بإذن الله متكلين عليه سبحانه في نشر التوعية في هذا المجال ونبدأ الخطوة الأولى التي هي من خطوات الألف الميل على ان تتبعها خطوات... وهنا أرى أن نطلق مشروع (( محو أمية النحو)) وأتساءل: " ما الذي يمنع اللبنانيين من تأسيس مجمع للغة العربية على غرار مجامع اللغة في القاهرة ودمشق وعمان وبغداد؟؟ حتى تكون لنا مؤسسة تتبنى هذه القضية التي لا تنتهي بمقال هنا أو يمكن لنا أن نحصرها بمقال هناك .... أستودع الله لغتنا الحبيبة وأستودعكم إياه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.....
---------------
مجلة الكلمة الطيبة
http://gesah.net/mag3/modules.php?name=News&file=article&sid=614