أيوب المزين
فرنسا، بلد فولتير وثورة الأحرار..أرض النظام الاقتصادي والاجتماعي العادل جدا !.. باريس فيها أضواء، برج "إيفل" و"سوربون" الفلسفة والقانون. عندما حزمت أمتعتي وشددت الرحال شمالا، توقعت أن أجد ما أبحث عنه: ما قرأته في مقررات الدراسة عن أمة متقدمة، فائقة الضبط والتدقيق...نظم تعليمية ومناهج بيداغوجية سلسة وعذبة قد تذكرني بأكاديمية أفلاطون أو جامعة القرويين في أوجها !.
لكني لم أجد إلا سراباً معرفياً، إنها كذبة التقدم يلفها التضخيم الإعلامي في أحلى لفافة ألمنيوم براقة: فأولادهم أكثر انحرافاً وأكثر إهمالاً وأقل نباهة منا. وتعليمهم لا ينتج إلا ميكانيكيين ونجارين وبائعي هوى كذلك !...فرنسا العلوم والفكر تموت كل يوم، فما حاجتنا إليها؟
لا نستطيع إنكار كون الفرنسية لغة أدبية رائعة..وأن التاريخ الفرنسي تاريخ حرية ومساواة (فيما بين الفرنسيين). وما لا نستطيع إنكاره البتة، هو أن العربية لسان بديع، دقيق في الأدب ومسالك البحث والنقد الفكري...وأن التاريخ المغربي تاريخ نضال في وجه محتل فرنسي لطالما ادعى التعاون والمساعدة لبلوغ مآربه الإمبريالية. فمنذ أن عرفنا فرنسا التاريخية ونحن نرزح تحت ممارستها اللصوصية لثرواتنا الفلاحية والمعدنية. في تلك الفترة، رسخت فرنسا لثقافتها بشكل كبير عبر مراسيم استعمارية "فرنست" التعليم والإدارة الوطنية وجعلت المخزن نفسه يفقد هيبته اللغوية التي هي جزء من قوته الدستورية والتاريخية.
ونحن اليوم داخل مجتمع معرفة وإعلام، تتضارب فيه اللغات العالمية المهينة في حين تحارب اللغات الوطنية من أجل البقاء..والحال أن ما تركه الاستعمار من تخلف في الاقتصاد والسياسة وباقي مجالات الحياة المدنية والروحانية هو الصورة التي تظهرها لنا وسائل إعلامنا السمعية البصرية..فمن حين لآخر، تتصدى أذني بالفرنسية الثقيلة لسكان مدينة بوردو فأجدني أطلق إذاعة "دوزيم" أو "ميدي 1" لشد شيء من الحنين إلى اللغة الأم أو للاطلاع على مستجدات الشأن الوطني. لكني أكون قد طلبت المستحيل، فالسيدة سيطايل أدارت رأس المحررين في دوزيم ،القناة والمحطة الإذاعية، نحو تبني خط تحريري حداثي جداً، وما دامت الحداثة تقاس عندنا بالتفرنس وتقطيع كسوات الفتيات لإظهار اللحوم الطرية وكشف الأعراض، فقد حصلنا على حظ وفير من برامج غنائية منحطة تتشبه بمسابقات الفرنسيين وأساليبهم القذرة في تقديم برامج الوقاحة واللا أخلاق (شاهد برنامج LA METHODE CAUET على قناة TF1 الفرنسية لتعرف أنا القيم الإنسانية ضاعت وتضيع كل حين عندهم). لست هنا لألعب دور الفقيه الفاسي الذي حرم إرسال خبر مشاهدة الهلال بالتليغرام بعد اختراعه (رفضا للغرب أقصد) بدعوى القدر الميثولوجي المحتوم، بيد أني أشير بإلحاح شديد إلى أن الإنسان بدأ يفقد كرامته عندهم من كثرة "الحريات" ، وهنا أحيل المشكل إلى ثنائية الحق والحرية أيهما يحتوي الآخر؟!.
ما أود قوله بحق، هو أن ما أعرضه في هذا النص إحساس وطني وليس تحليلاً علميا، لأن هذا الأخير لن يسع إهانة ومذلة شعب بأكمله.. نيران غضب متقدة في داخلي، على شباب باع الوطن وتخلى عن الجذور تلبية لشهوة المال والمظهر والجنس كذلك..فكم هم شبابنا وشاباتنا الذين أتوا إلى فرنسا للتمتع بحريات لا يكفلها لهم المناخ المغربي...والذين عجزوا عن اللاحق برفاقهم في درب الفساد يريدون الآن أن يخلقوا لنا فرنسا جديدة، غربا جديداً في المغرب..في وطن الشهامة الإنسانية وقيم الحشمة والأخلاق، سواء الأمازيغية الأصيلة أو العربية التي استقدمها المولى إدريس الأول. نأسف أن نقول لهم بكل حزم أننا شباب، مثلهم، وأقل سنا منهم حتى أي أننا من سيبني الجيل القادم، نؤمن بالحداثة والعلمانية المتحضرة، لكننا لا نقبل الانحلال ونرفض قبول أفكار فرنسية بدعوى أنها ملة التقدم والانفتاح...
المغرب لكل المغاربة الأحرار..ومن يريد مستقبلاً زاهراً فلتأكله أسماك البحر وليرحل عنا..لا حاجة لنا بمغاربة يسبون الوطن ويستمتعون بالانتقاد من الخارج، وهم يعيشون في برك العسل، عودوا ويكون لنا حساب أينما أردتهم فأرضنا واسعة والحمد لله !.
------------
جريدة شباب المغرب
http://www.shbabmaroc.net/index.php?option=com_content&task=view&id=62&Itemid=30
Air Jordan 1 Retro High OG 'Chicago' White and Black-Varsity Red For Sale