هناك تقدير خاطئ لموقفي، أنا لا أحارب الحضارة الفرنسية أو الإنجليزية أو الأمريكية أو الألمانية على العكس.. أعتبر أن هذه الحضارة جزء من الحضارة الإنسانية الكونية ، وأحترم كل إبداع وابتكار في أي ميدان كان، وليس لي أي موقف عنصري، ولكن الشيء الذي أحاربه هو استغلال ثقافة أو حضارة أو لغة معينة، ليس للتعاون الفكري والأدبي وإنما لغرض سياسي ثقافي معين، وبالخصوص محاربة حرية حضارة و ثقافة أخرى". م.المنجرة
لا شك أن فرنسة الحياة العامة بلغ في المغرب وباقي البلدان المغاربية باستثناء ليبيا ما لم يبلغه نابوليون بونابارت في مغامراته الامبريالية، فبعد أن أخرج أنسيم ركلوس فكرة " الفرنكفونية" إلى الوجود عند نهاية القرن التاسع عشر أصبح مشروع الهيمنة الفرنسية الجديد في طريق الجهوزية لتلقف المهمة الامبريالية من الاستعمار المباشر الذي كانت تعيش المنطقة وبلدان إفريقيا عموماً تحت نيره.
ومن يومها مروراً بالاستقلال الشكلي إلى يومنا الآن غدت تلك الفكرة واقعاً مفروضاً على المستعمرات السابقة التي تحولت بكافة تلاوين الاستعمار غير المباشر إلى ملحقات سياسية واقتصادية وثقافية تابعة لبلاد ركلوس ودغول.
وإن تأملنا في الواقع المغربي لا أحد إلا مخبول يستطيع أن ينكر مدى السيطرة الفرنسية وتدخلها الواسع في الاقتصاد المغربي عن طريق شركاتها الكبرى، ثم بعد ذلك في الشأن السياسي الذي لها فيه نصيب لا بأس به من القرار وخاصة في مشكل الصحراء، وخلف ما هو سياسي واقتصادي يأتي خيار الهيمنة الثقافية كما هو واضح في ديباجة الخيارات الاستراتيجية كمحرك يعمل عليه أبناء ليوطي لامتداد التبعية الامبريالية التي تمارسها وتسير عليها بلاد الأنوار منذ أكثر من قرنين .
وداخل هذا الخيار تشكل اللغة باعتبارها ركناً أساسياً في مقومات الأمم وعموداً فقرياً لهوياتها الثقافية و "التعبير الأكبر والأشمل عن الثقافة" -كما ورد في تقرير اللجنة الإعلامية لليونسكو ، تشكل عتبة لباب السيطرة على الضمائر ونسف الهوية ثم الإبقاء وكسب نفوذ ومراكز سياسية واقتصادية في البلاد. فالغزو الثقافي، واللغوي بالتحديد، الذي تشنه فرنسا على المغرب بالألوف المؤلفة من جنودها المجندة بمراكزها ومعاهدها الثقافية من أساتذة وخبراء وجمعويين في الشارع والشركات والإدارة والبيت والمدرسة ، أضف الى ذلك تحكمها السافر في منظومته التعليمية، يسير في هذا الاتجاه بل قطع أشواطاً معتبرة ومقلقة في دربه.
قال كاتب الدولة السابق في وزارة الشؤون الخارجية الفرنسي جان دوبروي: "كانت اللغة في القديم تموت عندما يضمحل الشعب أو الأمة التي تتكلم بها. أما اليوم فإننا نعلم أن اللغات تزول لأسباب أخرى من جملتها حلول لغة أخرى في أفكار المتكلمين بها وضمائرهم"، درس فهمته الفرنكفونية.. ولذلك فمجال التلقين لهذه اللغة بالمغرب لم يقتصر على البعثات الثقافية والجانب التعليمي فحسب، بل اتسع الى ما هو أكبر من ذلك، فالالتجاء الى الإعلام زاد الأمر حدة ووبالاً على الهوية المغربية وخاصة منذ أواخر الثمانينيات حين عرفت الساحة الإعلامية بالمغرب في المجال السمعي البصري مداً فرنكفونياً تمكن إلى حدٍ ما في توسيع بقعة زيت الرطن باللغة الفرنسية في وسط شريحة لا بأس بها من الطبقة المتوسطة ، بعد أن كان الأمر يقتصر على المتفرنسين من الطبقة البورجوازية فقط. وهذا المد الفرنكفوني يزداد قوة مع الموجة التي يعرفها المشهد الإعلامي بتحريره والاتجاه نحو خوصصته بشكل كامل والاستثمارات التي تخصها فرنسا وأزلامها من شركاتها فيه، وبالتالي وكما هو مخطط ومرسوم سوف يكون حظ اللغة العربية أمام اللغة الفرنسية في الإعلام المغربي وبسببه حظ هرة في مأدبة الأسود .
إن الاستغلال الفرنكفوني للغة الفرنسية لمحاربة اللغة العربية لأغراض سياسية إمبريالية معروفة هو تعهير لها ولفرنسا وحضارتها العريقة، فهذا المنطق الفرنكفوني الذي لخصه د.م.المنجرة في "أنا أولا شيء" أو "الفرنكفونية أو لا شيء" يخلق ردود أفعال سلبية من الذين يجدون تعارضاً مصطنعاً بين لغتهم الوطنية والفرنسية كلغة ساهمت إلى حد كبير في صناعة الحضارة الإنسانية.
وكما قال غاندي "لا أريد لبيتي أن يكون مستوراً من جميع الجهات. ولنوافذي أن تكون مغلقة. أريد أن تهب على بيتي ثقافات كل الأمم بكل ما أمكن من حرية، ولكني أنكر عليها أن تقتلعني من موطئي أقدامي"، على ذلك تأتي مبادرة "بلا فرنسية" للتشجيع على الكتابة والتدوين باللغة الوطنية.. اللغة العربية وإعادة الاعتبار لها ولـ "مغربة" الحياة العامة دون تقوقع أو ردود أفعال عنصرية شوفينية ضيقة، ووضع بعين الاعتبار احترام اللغة الفرنسية ككائن حي وقع ضحية سماسرة و قوادين يفقدونها عذريتها في سوق الفرنكفونية.
بلا فرنسية أصبح مشروعاً في طريق أن تتبناه مجموعة من المدونات ومن بينها مدونة" كلمة..لا غير" ومواقع وجرائد إلكترونية كجريدة "شباب المغرب" التي رفعت نفس الشعار وتخلت في خطها التحريري عن الكتابة بالفرنسية.
ويبدو أن الزميل أحمد كان صائباً في فكرة مدونته "بلا فرنسية" التي تثبت بعد عام نجاحها وتحولت من مبادرة لمدونة شخصية إلى مشروع تتظافر فيه جهود مواقع إلكترونية ومدونات عديدة في الموقع الجديد بلا فرنسية .
------------------
كتبها سعيد الأمين
-----------------
http://kalimah.maktoobblog.com/?post=229276
Russell Westbrook Air Jordan 16 x Converse Chuck 70 Pack Release Date