يقول المثل الإنجليزي "قليل من العلم أمر خطر". ولعل هذا المثل ينطبق على معظم المترجمين العرب بالدرجة الأولى وجمهرة كبيرة من المثقفين والإعلاميين والسياسيين والمفكرين العرب. فمن المؤسف أن معرفتهم باللغات الأجنبية بشكل عام ضحلة لا تتجاوز في أغلبها، وفي ما يسترعي التعامل الذكي معها، ظاهرَ الكلام ومعجميةَ المعاني. ولطالما كان ذلك واضحاً في مجالات كثيرة تتعلق بالترجمة والنقل في شتى الميادين، سواء أكان ذلك في منابت اللغة العربية التي ينخر السوس فيها أو في منابع اللغات الأجنبية التي تعكرها أحداث التاريخ.
ومن أسوأ الأمور التي ارتكبها "المترجمون العرب"، بما تحمله هذه العبارة الفضفاضة من معانٍ وتفسيرات وتأويلات كثيرة، في الآونة الأخيرة، ترجمتهم للفظ (crusade) والذي استخدمه الرئيس الأميركي جورج بوش الثاني في حملته على ما سماه بالإرهاب الدولي عقب — بل كما يحلو لإعلاميينا وغيرهم أن يقولوا هذه الأيام— على خلفية أحداث الحادي عشر من سبتمبر / أيلول 2001، ترجمةًً للعبارة الإنجليزية (to the backdrop of …) أو (against the background of). إذ سارع هؤلاء الحمقى ومن حولهم إلى ترجمتها بأنها "حرب صليبية"، فقامت دنيا العرب ولمّا تقعد بعد. مما اضطر الرئيس الأميركي إلى التراجع عن تلك الكلمة وتبرير استخدامه لها بأنها كانت زلة لسان. ورب جاهل متحجر، أو مجادل متصلب، أو متسرع متهور، يهب ليحاجك ويجادلك بصحتها، ولكن مهلاً قليلاً!
نحن أولاً لسنا هنا بالطبع في معرض مناصرة هذا الطرف ومناهضة ذاك الطرف أو وتأييد هذا الفريق ومعارضة ذاك الفريق. ولكننا نقف عند أمر لا يمكن تجاوزه والتغاضي عنه في مجال التواصل بين الشعوب والأمم. فهو يكشف عيوباً ضاربة في عمق المؤسسات التربوية ومناهج تعليم اللغات الأجنبية وطرائق تحليلها في العالم العربي. فمن العجب العجاب أن القائمين على تدريب المترجمين لا يأبهون لتلك الظاهرة ولا يعيرونها أي اهتمام. بل يكرسون طرائق وأساليب تفتقر إلى الوعي والمنهجية والحداثة في التعامل مع الترجمة واللغات، سواء أكانت أصلية محلية أم أجنبية مستوردة. ذلك أن إعداد جيل واع من المترجمين والتراجمة مسؤولية كبيرة تتجاوز تقاضي راتب معين وتبوء منصب في جامعات ومؤسسات تربوية مُضلَلَةٍ تؤخذ بالألقاب وتعاني معاناة مزمنة ، عقداً كثيرة لا حصر لها ولا عدّ، وأخطرها عقدة الخواجة المزمنة والمتأصلة في نفوسهم وعقولهم، والمتوارثة جيلاً عن جيل منذ الاستعمار الأول، والتي ما تزال تسيطر عليهم وعلى ألبابهم من المحيط إلى الخليج، يحملونها معهم أينما ذهبوا وأينما نزلوا، وأينما حطوا الرحال ونصبوا خيامهم المتحركة، في الشرق أم في الغرب، على الرغم من أن عقيدتهم ترفض الركوع والسجود لغير الله. أفليس في ذلك تضارب وتناقض نفسي واضطراب ذهني، أو ما يدعى في علم النفس بالنشاز الفكري (cognitive dissonance)؟ فتجدهم يوظفون الخبراء الأجانب في مجالات كثيرة، عملاً بنصيحة الشاعر الروماني القديم فيرجيل (اتبع خبيراً)، لا سيما في الإعلام وفي مدارسه الحديثة، فيعلمونهم كيفية النطق والتقديم وصياغة الخبر بألسن أعجمية ومناظير أحادية اللغة والحضارة، وكثيراً ما يخطئونهم النصيحة فنسمع مثلاً شعاراً لمؤسسة تربوية تخاطب الناطقين بالإنجليزية (the future is rooted here)، يعني المستقبل متجذر أو متأصل هنا. ولكن من يعرف الجوانب العامية للغة الإنجليزية يدرك فوراً المعنى الضمني لكلمة (rooted) الذي يتبادر إلى أذهان معظم الناطقين بتلك اللغة. وسأترك لك المجال أيها القارئ الكريم كي تتحرى معانيه المختلفة وتدرك القصد والغاية. بيد أن كل شيء يخرج من أفواه أولئك الخبراء مقدس ولا غبار عليه. ثم يتساءل أحدهم في أحد برامج الجدل العقيم كصاحب الجَزَرة، لماذا يحتقروننا؟ ولم يدرك الحكمة القديمة أنك "إذا رفعت أحداً فوق قدره فتوقع منه أن يحط منك بقدر ما رفعت منه."
إن كلمة (crusade) في الإنجليزية لا تعني فقط حرباً صليبية، فهذا هو المعنى التاريخي للكلمة. ولكنها في معرض الكلام العادي الحديث تعني أي حملة مركزة مصممة وهادفة ، ولا علاقة للمعنى التاريخي بها. كما في قولهم:
The Breast Cancer Crusade
The Crusade against Hepatitis C
The Crusade against Hunger
فتلك بالطبع ليست حروباً صليبية ضد سرطان الثدي والتهاب الكبد والفقر! بيد أن المترجمين الفطاحل والإعلاميين الصناديد، الذين يركبون أنوفهم، ويأنفون من النقد، على عادتهم الهوجاء في اجتزاء المعرفة والهرب بها واعتمادهم على المعاني المعجمية خارج سياقها ووظيفتها العملية، لم يروا هذا الجانب العملي للكلمة. أما أولئك الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة وبأن العالم كله يقف ضدهم ويحيك المؤامرات لتحطيم آمالهم ويكيد المكائد للنيل منهم ، وما يحيق المكر إلا بأهله، فلم يروا غير المعنى التاريخي للكلمة.
مما لا شك فيه أن اللغة تستقي دلالاتها من البيئة التي تُستخدم فيها، فتربط الحاضر بالماضي وتنظر إلى المستقبل من خلال التفاعل مع المعطيات المحيطة. ولقد تطورت المجتمعات الغربية بحيث نفضت عنها غبار الماضي وعقليته المحدودة. ولم تعد أسيرة أنماط فكرية ومناظير ضيقة تحد من رؤيتها للحاضر وتطلعاتها للمستقبل. فتحررت لغاتها وتغيرت مضامينها إلى درجة كبيرة، فانفصلت عن معانيها القديمة واكتسبت معاني جديدة لا تعاني عقداً نفسية مزمنة تحد من طموحاتها وآمالها. أمّا المجتمعات العربية فما تزال ترزح في عهود الظلام وتغرق في غياهب الجهل والأمية التي فرضها عليها الباب العالي. ولقد استُبعِدت اللغة عن بيئتها الطبيعية ثلاث مرات: الأولى إبان الحكم العثماني، والثانية خلال الاستعمار الأوربي، والثالثة في القرن العشرين وما بعده من خلال الغزو الثقافي الحديث المستمر، فجمدت وتجمدت بإشاراتها ودلالاتها في وَرَبٍ زمني مزمن. بل إن الأحداث المتتالية منذ النهضة العربية الحديثة الوجيزة (1798 – 1939) وموجة "التسونامي" العظمى من التراجع والانحسار الاجتماعي والفكري والنفسي ما انفكت ترسخ وتعزز الأبعاد التاريخية لأوجه كثيرة من اللغة والحضارة، وما برح زيد يضرب عَمراً ويبرّح به تبريحاً، وقيمة المرء فيما يحسن عمله.
ولو قارنا كلمة (crusade) بكلمة (الجهاد) لما وجدنا فرقاً كبيراً من حيث الاستعمال العادي الحديث المجرد من الصفة الدينية، رغم أن الرابط المعنوي (semantic nexus) بين المعنى الديني والمعنى الوضعي للفظ (الجهاد) أقوى، وما فتئت تكرسه الأحداث الأخيرة. ولكن ألم يقل الشاعر: قف دون رأيك في الحياة مجاهداً – إن الحياة عقيدة وجهاد؟
مما لا شك فيه أن اللوم يقع بالدرجة الأولى على مستشاري الرئيس الأميركي ومحلليه، لاسيما أولئك الأخصائيون الذين يدعونهم بـ (psyopers)، أو محللي العمليات النفسية، أو من يعمل عملهم في دهاليز الإدارة الأميركية، الذين ربما اختاروا هذه الكلمة له. فقد أخطأوه النصيحة، كما فعلوا في شعار حملتهم الاستفزازي على أفغانستان، العدالة السرمدية (infinite justice)، مما حملهم على الاستدراك لاحقاً وتغييره إلى الحرية المستديمة (enduring freedom)، فرضي العالم الثالث بها وحُلت المشكلة واستكان وجهاؤه من علماء وخبراء لا يتوانون عن ربط كل شيء يصدر من أي مكان في الغرب بمؤامرة أو مكيدة أو سترجة تهدف إلى تقويض بنيان المجتمعات العربية وهدم حضارتها. ولو أخضعت هؤلاء لاختبار نفسي لتداعي الأفكار (بل الفِكَر) وربط الكلمات بالكلمات لوجدتهم يربطون معظمها إما بالجنس أو بالدين أو ربما الاثنين معاً. فكما فقد الغرب براءته الجنسية علانية منذ عهود وصارت البنت تعلم أمها البضاعَ، فقد العرب براءتهم السياسية وصفاءهم الفكري سراً وفي الخفاء وصار الابن يعلم أباه الصراعَ والضراعة. ومن السذاجة بالطبع أن نستبعد التخطيط الاستراتيجي للإدارات الأميركية المتعاقبة والمؤسسة الأميركية الخاص بالعالم كله بوصفها القوة العظمى الوحيدة أو بالنسبة إلى الوطن العربي بشكل خاص. ولكن ليس كل ما يصدر عن هؤلاء يخضع للمنطق أو التحليل العلمي أو المنهجية ، وليس كل ما يتفوهون به مبيتاً أو متعمداً أو مقصودا. واللجوء إلى نظرية المؤامرة ما هو سوى ضعف في الشخصية العربية التي تعيق نموها ونضجَها العقدُ النفسيةُ المتأصلةُ في نفوس العرب والممتزجة بنزعة التضخيم والمبالغة في كل شيء، والتي تتخذ أشكالاً ومظاهر مختلفة من الركوع والسجود لغير الله من جهة، والانبهار والاستلاب والرجوع القهقرى من جهة، والخوف الرافض والارتياب والتوجس من جهة أخرى. فالجميع يتآمر على الجميع، أو هكذا هو الاعتقاد السائد، في مجتمعات تقوم على المخابرات والتنصت والوشاية والفساد، فبرعوا وتفننوا فيها حتى صاروا مضرب مثل في العالم، تُدَرّسُ أساليبهم ومنهجياتهم، وتُصدّر فنونهم، وتُحوّل مراكزهم إلى محطاتِ سَوْمٍ في منتصف الطريق إلى الجحيم.
وكان من الأجدر بمستشاري الرئيس الأميركي وهم يدّعون معرفة النفسية العربية ويتبجحون بفهمهم لشخصية العرب وعقولهم الغريبـة"غير المنظمة غربياً"، والتي لا ترى الوجود كما يراه الغرب، على حد قول أحد رجالاتهم السياسيين والدبلوماسيين مؤخراً في برنامج "هاردطوق" (Hardtalk) الذي يقدمه تيم سباستيان في التلفاز البريطاني، وكأنهم جنس متخلف من مخلوقات جاءت من عالم آخر، أن يدركوا أمرين مهمين: الأول هو طرائق تعليم اللغات الأجنبية في البلدان العربية وأساليب الترجمة العربية فيها، وقد استثمروا أموالاًً وجهوداً في مراقبة ما يصدر من منشورات وكتب في العالم العربي خلال الحرب الباردة وما بعدها. وقد جاءوا يطالبون بتغيير المناهج التعليمية في البلدان العربية، في معالجة سطحية للأعراض أو الأمراض الثانوية دون الالتفات إلى أصل الداء والعلة، على طريقة "اقتل أولاً ثم اسأل ثناياً". والثاني هو الأصل التاريخي لكلمة (crusade) والترسبات التاريخية والحضارية والسياسية لتلك الكلمة على مدى عقود وأزمان، وحالة الشك والخوف والقط والفأر التي تشوب وتنتاب العلاقات العربية الغربية عامة والأميركية خاصة. ولطالما صرخت أميركا "الذئبَ ، الذئبَ!" فلم يعد يصدقها العرب، إلا قليلُ منهم.
فكان باستطاعتهم في تلك الحالة تجنب استعمال كلمة (crusade) بشكل غير واعٍ وارتكاسي، والوقوع في مأزق الترجمة الحرفية والمجزوءة التي تطبع نهج معظم العاملين في مجال الترجمة العربية بخاصة، لو أنهم أخضعوا الكلمة للتحليل المنهجي. فلا يخفى على باحث جادٍ عاقل أن الترجمة الحرفية المطلقة تطغى على المترجمين العرب، وأن الترجمة تشكل مصدراً رئيساً من مصادر المعرفة والمعلومات، ومن الواضح أنها أضحت الوسيلة الأساسية في تفاعل العرب مع بيئتهم الفورية وشؤونهم الحياتية الأنية وقضاياهم المصيرية، إما من خلال نصوص مترجمة مباشرة أو نصوص اعتمدت في جلها على مصادر أجنبية فاقتبست، بل اقتنصت في معظمها، من تلك المصادر جملة وتفصيلاً (stock, lock and barrel)، بحسناتها وسيئاتها، وبغثها وسمينها، فلم تتجاوز حرفية نقل قشور المعرفة والمصطلحات، بل سفسط الكلام وساقطه في لغات المصدر. ويتبارون ويتنافسون ويتبرجون كما تتبرج الغواني في اقتباس مبتذل الكلام الأجنبي الذي غالباً ما يعيب أهل اللغة أنفسهم استعماله في لغتهم. فيشيع في العربية المعاصرة تعابير مغرقة في الحرفية المبتذلة إلى درجة أنها تتسبب في تشويه المعاني المقصودة، وعيبك مستور ما أسعدك جَدُك. ومنها على سبيل المثال تعبير (الحرس القديم) ترجمة حرفية للتعبير الإنجليزي (old guard). تأمل الأمثلة الآتية:
التغيير الوزاري بمصر صراع بين الحرس القديم والإصلاحيين...
وزير الخارجية الأمريكي يعتبر الحرس القديم في سورية معرقل الإصلاح...
تجفيف منابع الحرس القديم ...
ولا يعملون الفكر في المعنى المقصود من اللفظ الإنجليزي. بل ينقلونه نقلاًً حرفياً شكلياً فيما يعرف بترجمة التّرّسُم (calque translation) دون أن يسألوا أنفسهم عن معنى (الحرس القديم) ناهيك عن المعنى الأصلي في الإنجليزية. فلمن يريد التعمق، فإن لفظ (old guard) لا يعني الحرس القديم بالمفهوم الحسي الوضعي للفظ، بل هو مجازاً مجموعةٌ أو طبقةٌ سياسية أو اجتماعية محافظة غالباً ما تكون رجعية ترفض التجديد وتأبى التغيير. فهل هذا هو معنى الحرس القديم في العربية؟ إن الحفاظ على القديم في العربية فكرة إيجابية غير سلبية. لذا قال العرب احفظ قديمك فأنت لا تعرف جديدك. ولا يدوم لك إلا قديمك.
ومنها كذلك التعبير (دم بارد)، نحو "قتلت القوات الأميركية بدم بارد" على حد قول أحد المراسلين من العراق، ترجمة حرفية حمقاء للتعبير الإنجليزي (in cold blood)، دون أن يُعمل الفكر في المعنى الأصلي وتفاهة التعبير العربي الذي لا يمت إلى الأصل بصلة. ولم يعد للتعبير العربي (عمداً) أو (عن سبق إصرار) أو ربما (بوحشية) أي مجال عندهم. وكأنهم فقدوا وسيلة تسخين الدم ولديهم أفران الميكرويف المستوردة! فتخالهم تحولوا جميعهم إلى زواحف باردة الدم؟ فهل وصل الغباء بهم إلى هذا الدرك الأسفل من المستويات اللغوية؟ ولا شك أن للفاروقي وغيره من المعاجم الثنائية مسؤولية كبيرة في ترسيخ هذه المعاني الحرفية المغلوطة الاعتباطية التي يتلقفها الأغرار بغير هدى. إليك بعض الأمثلة من مصادر إعلامية عربية ذات شأن وأثر، كلها تردد بلا استثناء: بدم بارد ، بدم بارد، بلا حياء!
جنود بريطانيون قتلوا عراقيين بدم بارد : بوش (يمدح) رامسفيلد معتبره وزير دفاع قوياً.. وصحيفة عسكرية تطلب استقالته ومايرز.
الاحتلال يغتال خمسة فلسطينيين بدم بارد ، موجة من الهجمات المسلحة والعبوات الناسفة ضد الإسرائيليين.
العدو الصهيوني يرتكب جرائم الإعدام بدم بارد للجرحى في نابلس.
كما أكد شاهد فلسطيني أمس الثلاثاء أن جنود الاحتلال أجهزوا بدم بارد على ناشط فلسطيني أصيب خلال توغل جيش الاحتلال في نابلس قبل أن يستشهد وزميله.
لكنهم رفضوا هم الرحيل، فقتلوا بدم بارد، لم يكن هناك إمكانية أمامهم للهرب...
ويبدى مسؤولون فلسطينيون أمنيون وطبيون خوفا من عمليات قتل يرتكبها الجيش بدم بارد بعد العثور...
واعتبر بوش أن "قتل بول يظهر الطبيعة الشريرة لعدونا", مشيراً إلى أن هؤلاء "أناس برابرة. فلم يكن هناك مبرراً لقتله ومع ذلك قتلوه بدم بارد". و أشار إلى أن الجريمة "يجب أن تذكرنا بان علينا ملاحقة هؤلاء المجرمين وجلبهم إلى العدالة قبل أن يلحقوا الأذى بأميركيين آخرين".
والأمثلة كثيرة لا يمكن حصرها هنا. ولكن هذه العينة النموذجية تظهر لنا بكل وضوح حالة الهستيريا اللغوية التي تجتاح عالم المثقفين والمترجمين والإعلاميين العرب عامة. ومن الأمثلة على تلك الظاهرة كذلك التعبير (فتحت النار) ترجمة لـ (opened fire)، بدلاً من إطلاق النار، فكأنهم يفتحون حنفية. تأمل الأمثلة الآتية:
وكانت القوات الأميركية فتحت النار على حشد في بلدة الفلوجة بعد أقل من يومين من مقتل 13 عراقيا على الأقل برصاص الجنود الأميركيين.
تحت غطاء من المروحيات الإسرائيلية التي فتحت النار من الأسلحة الثقيلة وقامت قوة الاحتلال بتطويق منزل المواطن...
وقالت المصادر إن دبابات إسرائيلية متمركزة على مدخل بلدة بيت حانون ومخيم جباليا وبلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة فتحت النار من الأسلحة الثقيلة على مجموعة من الشبان الفلسطينيين الذين كانوا يرشقونها بحجارة، مما أدى إلى جرح ستة منهم.
كما اندلعت مواجهات مماثلة في منطقة باب الزاوية وسوق المدينة الرئيسي، حيث فتحت قوات الاحتلال النار أصابت العديد من المواطنين بحالات اختناق وأعيرة معدنية ونقل عدد منهم إلى مشفى عالية الحكومي.
ومن الظاهر أن أدمغتهم قد غسلت غسيل الأموال على حد كثير منهم من التعبير الإنجليزي (money laundering). فقد طرح هذا التعبير الحرفي الجديد المصطلح القديم من التداول في العربية، وهو (تبييض الأموال)، الذي كان متداولاً في السبعينات (وليس السبعينيات، كما يحلو لوسائل الإعلام). فقد أفاق العرب مؤخراً على ظاهرة كانت إلى عهد قريب تتحكم في التصرفات اللغوية في الغرب، لا سيما في المجتمعات الناطقة بالإنجليزية، ألا وهي الكياسة السياسية (political correctness)، فراحوا يقلدون الغرب تقليداً أعمى في أمر صار من مخلفات الثلث الأخير من القرن العشرين. فتجد المفكرين والسياسيين والإعلاميين والمترجمين بخاصة يعانون تلعثماً فكرياً وتأتأة لغوية منبعها الالتصاق الحرفي بشكل اللغة الإنجليزية وأنماطها النحوية والصرفية، كما أشرنا في مناسبات سابقة، فيقولون مثلاً وفي آن واحد المشاهد والمشاهدة، والمترجم والمترجمة، والمريض والمريضة، وغير ذلك من تفاهات لغوية، في سياق عام يقتضي صيغة المذكر للاستغراق والتعميم، وليس للتمييز. حتى لتجدنهم يخلطون في العبارة الواحدة بين المذكر والمؤنث في مجتمعات تتوق إلى تحطيم الجدار العازل بين الجنسين والأبرتهَيت الجنسية ولو علانية. ولا شك أن البشر حين يعتريهم الشك وتعوزهم الثقة بأنفسهم يبدأون بتقليد تصرفات غيرهم ومن يعتبرونهم أرقى وأرفع شأناُ وأعلى كعباً منهم.
ولقد سُنت القوانين الخاصة بمكافحة غسيل الأموال وعقدت المؤتمرات المتعلقة بغسيل الأموال، وأجريت الدراسات عن غسيل الأموال في بلاد تستورد الصابون والبرسيل والمكياج وكل مستلزمات الصحة اليومية. ولم يعارض أحدهم تلك التسمية المغلوطة، أو يقف عندها. بل راحوا كلهم ودون استثناء يرددونها كالببغاوات الحمقاء، مما يظهر لنا أن أولئك المتخصصين في النشرات الاقتصادية، وأهل الاختصاص في ذاك المجال، يعوزهم التخصص في المصطلحات التقنية، ويفتقرون إلى الملكة اللغوية بل إلى الوعي والإدراك، ويتميزون بالاعتباطية والشلل الفكري، بل الغباء أحياناً. فـالمعنى المجازي لــ (money laundering)، لا يستقيم في العربية إلا إذا كان غسيل الأموال لتنظيفها من أثر نجر إذ فُقدَ الحجر. فلمن يريد الاستئناس في المعاجم الإنجليزية الأحادية، فمعنى (money laundering) هو إخفاء مصادر المال غير الشرعي (concealing the source of illegally gotten money)، أي تمويه مصدر المال الحرام. أفليس من الأجدر أن يكون عنوان مؤتمر من المؤتمرات التي عقدت في العالم العربي مؤخراً وتحلق حولها جمهرة من جهابذة الفكر الاقتصادي العربي "تمويه الأموال الحرام"، بدل أن يرددوا بكل "بجاحة"(غسيل الأموال)؟ ولكن لفظ الحرام له مضامينه الدينية، فأبى أولئك أن يستخدموه، إن خطر لهم أصلاً، وآثروا استعمال الترجمة الحرفية الذليلة الحمقاء. وكأنهم يحسبون حساب الترجمة الارتجاعية لأسيادهم وأربابهم الخواجات لما هو مترجم ومستورد في الأصل من الإنجليزية فيخففون العبء على المترجمين ويسهلون عملهم. ولعلهم يمنعون كلمة (حرامي) من التداول في العامية مستقبلاً لارتباطها بالحرام.
تعبير (غسيل الأموال) أو الجريمة البيضاء يعتبر من التعبيرات التي تداولت مؤخراً في كافة المحافل المحلية والإقليمية والدولية المهتمة بالجرائم الاقتصادية والأمن الاجتماعي، والأمن الاقتصادي باعتبار أن عمليات غسيل الأموال ترتبط إلى حد كبير بأنشطة غير مشروعة عادة ما تكون هاربة خارج حدود سريان القوانين المناهضة للفساد المالي...
كما ثبت أن مسألة غسيل الأموال قائمة في مصر وتتمثل في بعض المشاريع السياحية الرهيبة التي تغزو منطقة البحر الأحمر والقادمة من الخارج، وقد كانت أكثر الصناعات التي يدخل فيها غسيل الأموال هي صناعة السيارات فقد كان تجار السيارات هم أكثر الناس القائمين بغسيل الأموال ...
تعتبر جرائم غسيل الأموال (Money Laundering) اخطر جرائم عصر الاقتصاد الرقمي، أنها التحدي الحقيقي أمام مؤسسات المال والأعمال، وهي أيضا امتحان لقدرة القواعد القانونية على تحقيق فعالية مواجهة الأنشطة الجرمية ومكافحة أنماطها المستجدة ، وغسيل الأموال ، جريمة ذوي الياقات البيضاء ، تماما كغيرها من الجرائم الاقتصادية التي ترتكب من محترفي الأجرام الذين لا تتواءم سماتهم مع السمات الجرمية التي حددتها نظريات علم الأجرام والعقاب التقليدية...
أقرت حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة قانونا لمكافحة عمليات غسيل الأموال في إطار المساعي الدولية لمكافحة ما يسمى بالإرهاب....
ثم يطالعنا أحدهم بالحديث عن الجريمة المنظمة ومنظمات "العالم السفلي"، في ترجمة حمقاء للاصطلاح (underground)، ولم يدرك بسطحية معرفته اللغوية وسذاجتها أن المعنى المجازي المقصود هو السر والخفاء، وأن المجرمين لا يعيشون تحت الأرض بل بين ظَهْرانَيْهِم وأنهم من علية القوم يجاهرون بما سرقت أيديهم، في المأكل والمشرب والملبس. فهل عجز العرب فعلاً عن التعبير عن فكرة المجاز الإنجليزي بتعبير عربي أصلي من واقع البيئة حتى لجأوا إلى تعبير مقترض بحرفيته؟
هذه ظاهرة مرعبة تأسر أذهان وعقول جمهرة كبيرة من المثقفين العرب، يجوز لنا أن نسميها بكل جرأة وبساطة "متلازمة إجماع الجهلة"، فهي تنتشر كما تنتشر العدوى والأمراض السارية، فسرعان ما تجدهم يهذون بكلمات غريبة وتعبيرات لا تعني شيئاً في البيئة العربية، فتعيق التواصل بين أفراد المجتمع الواحد، لأن كل واحد منهم يغني على ليلاه التي تبرجت بطلاء مستورد تختلف مدلولاته وإشاراته من شخص إلى آخر ومجموعة إلى أخرى بحسب المصادر التي يقتبسون منها تلك المساحيق اللغوية واجتهاداتهم الفردية، فتتسع الهوة بين شرائح المجتمع الواحد وتتقطع أوصال الوطن الواحد على أسس لغوية. ولعل ذلك من أثر العولمة الثقافية التي أضحت تسيطر على مصادر المعرفة عندهم حتى رحنا نسمع بين الفينة والأخرى سياسياً يقول (لا تتحدث من فرسك العالي)، نقلاً عن التعبير الاصطلاحي الإنجليزي (to sit on a high horse) بمعنى الاستعلاء والغطرسة والعجرفة. فمن أين أتى هذا الرجل بذاك التعبير، ولطالما كان الفرس عند العربي رمزاً للعزة والإباء والفخار والكرامة، وليس للغطرسة والكِبَر والزَّهْو؟ ولقد اتُهم العرب مراراً بأنهم أمة لا تقرأ. ولكن ما نصادفه من تعبيرات وفكر من بعد لا يتأتى إلا من خلال القراءات والمطالعات التي لا بد أنها من مصادر أجنبية مباشرة أو مترجمة.
ومن الأمثلة على "متلازمة إجماع الجهلة"، وسريان المحاكيات الاجتماعية واللغوية، قصة منع التجول ومنع التجوال. كانت وسائل الإعلام حتى مطلع السبعينات تستخدم عبارة (منع التجوّل). ثم قام أحدهم لأمر ما في مكان ما من دهاليز "صنع القرار" اللغوي باستخدام (منع التجوال) فراحت أجهزة الإعلام العربية في حالة أشبه بالهستيريا اللغوية باعتماد منع التجوال وتخطئة من يقول منع التجول. ولو استطردنا قليلاً هنا لوجدنا أن (التجول) لفظ أقرب إلى الواقع من لفظ (التجوال). فالتجول هو التنقل من مكان إلى آخر أو من نقطة إلى أخرى، من الفعل المطاوع تَجَوَّلَ يَتَجَوَّلُ تَجَوُّلاً: تنقّل وطوّف. أما التجوال فهو كثرة التجول. جاء في المعاجم: جَوَّلَ يُجوِّلُ تَجْوِيلاً وتَجْوَالاً: - البلادَ وفيها: طوَّفَ فيها كثيرًا. جاء في لسان العرب: التَّجْوال التَّطْواف ... والتَّفْعال بناءٌ موضوعٌ للكثرة كفَعَّلْت في فَعَلْت. فهل يعقل أن تمنع السلطات مثلاً كثرة التنقل وتسمح بقلته؟ وهل من يخرج في الليل آخذاً زوجته إلى المستشفى لتلد طفلها يُجوّلُ تجوالاً؟
وتمتزج هذه الظاهرة الحمقاء بطغيان المنطق الأعوج الموتور في تحليل الأمور، وما يصاحبه من فوضى مصطلحية تعكس بلبلة فكرية، فتجد أحد المفكرين والمحللين يتشدق على شاشة التلفاز، دون أن يتحدى منطقه الأعوجَ أحدٌ، بأن الحق نتيجة طبيعية للمصلحة وأنهما واحد. فمن كانت له مصلحة في أمر ما، كاغتصاب أرض أو عرض مثلاً، فهذا "بالتالي" حقه! وهذا الترويج الخطير للمنطق المغلوط الذي يستند إلى استنتاجات واستدلالات لا علاقة لها بالمقدمات المنطقية (non sequitur) يظهر مدى الخلل الفاضح الذي ينتاب عقول أولئك الجهلة وتوافق أجهزة الإعلام الصامت والخفي معهم. فبين مفكر ذي منطق أعوج ومدقق يفتقر إلى الأسس اللغوية والوضوح الفكري والوعي والانتباه ("هو حَدّ سائل؟") ومترجم جاهل تعوزه الدقة والضبط والمهارات اللغوية الوظيفية والعملية وأدنى درجات الالتزام الخلقي باللغة والمادة، لا يكلف نفسه عناء البحث والتحصيل والدرس والتنقيب، تسري متلازمة إجماع الجهلة، وتسرسُ فيهم كما يسرسٌ السَرَس[1] ، وتنتابهم جميعاً هستيريا الفوضى الفكرية والبلبلة المعرفية والخلل اللغوي، عن سابق عمد وإصرار وترصد وتربص.
ولا شك أن المترجمين العرب ومن لف لفهم قد نجحوا كذلك في الفترة الأخيرة في تشويه رسالة الإدارة الأميركية المتعلقة بمشروع الشرق الأوسط الأكبر. فلسبب غامض ارتأوا، كما أشرنا في أكثر من مناسبة، أن يترجموا تلك العبارة بمشروع الشرق الأوسط الكبير، فألغوا المفاضلة في العبارة الإنجليزية ومارسوا الرقابة بحركة اعتباطية لا تنم سوى عن خلل ذهني وبلبلة فكرية، بحيث اضطرت الإدارة الأميركية إلى تغيير العبارة إلى "الشرق الأوسط الأوسع" (the broader Middle East). ومن الغريب العجيب أن فطاحلنا الإعلاميين والمترجمين لم يروا حرجاً ولا خللاً في ترجمتها بالأوسع، مما يظهر اعتباطية النقل والترجمة والتعريب عندهم وعدم اتساقها وثباتها، فهيلا يا واسع! وما فتئ الإعلاميون والسياسيون العرب يصرون إصرار الجاهل الأحمق على ترجمتهم الأولى للعبارة الإنجليزية الأولى. ورب سائل: "علام كل هذه الضجة والضجيج؟ أثمة فرق بين الكبير والأكبر؟" إن الفرق بينهما هو كالفرق بين الإبرة والمسمار والمبضع والمنشار. والأمانة العلمية والأدبية، بل والتاريخية والسياسية، تقتضي الدقة والضبط، لا تجاه مادة الأصل وكاتبها فحسب، بل تجاه القارئ المتلقي للمادة المترجمة الممضوغة. فمن كتب فقد كتب وجزاؤه ما كتب. أما من تلقى كلامه عبر الترجمة فحقه أن يبلغ الأصل بأدنى حدود التشويه والتشويش والخلل. وكأنما هناك تواطؤ بين عامة المثقفين العرب في انعدام للأمانة العلمية عندهم فلا يأبهون ولا يكترثون لصدق ومصداقية ما ينقلونه إلى جمهرة القراء والمستمعين والمشاهدين. وصديقك الإعلامي من صدقك النصيحة وأتاك بالخبر اليقين، لا من خدج الكلام وقنن المعرفة ومارس عليك الرقابة إما عمداً أو حمقاً أو جهلا، أو الثلاثة معاً.
ولطالما شوّه العرب بهذا الأسلوب الاعتباطي الكلام العربي في ترجماتهم غير الواعية إلى اللغات الأخرى لاسيما اللغة الإنجليزية. خذ على سبيل المثال قول رسول الله (ص) "اليد العليا خير من اليد السفلى"[2]. فإنك لتجدنّ معظم المترجمين العرب وغير العرب في الشرق الأوسط الأكبر وما وراءه، ممن يتبعون منهج الترجمة الحرفيـة يترجمونـه بلا استثناء كالآتي: (The upper hand is better than the lower hand)[3] ، فيضيع المعنى المجازي الأصلي والمقصود تماماً وينعدم انعداماً كاملاً (zero meaning)، بل يتشوه بإدخال المترجم دون وعي مجازاً أو اصطلاحاً إنجليزياً له معنى مختلف تماماُ (the upper hand) وهو الغلبة والهيمنة والسيطرة، وينحصر فيها. وقس على ذلك كثيراُ [4] . ولا من رقيب ولا حسيب. بل إن بعض الجهات المسؤولة، روحيةً أم دنيويةً، تجيز تلك الترجمات المغلوطة وتمهرها بخاتمها الرسمي. وسرعان ما تتكون فكرة أو أدب أو فلسفة أو سيرة من المحاكيات الحضارية الزائفة [5] التي لا تمت إلى الأصل بشيء. فهنيئا لنا بالتعددية الثقافية والمناظير المتنوعة والاجتهادات المختلفة التي تنجم عن خلل فاضح أو خطأ دسيس في الترجمة لا عن تفاعل الشعوب مع النصوص الأصلية.
أثناء حرب تحرير الكويت عام 1991، قام المحللون النفسيون الأميركيون أنفسهم بتصميم مناشير الاستسلام باللغة الإنجليزية بهدف استقطاب الجنود العراقيين والاستحواذ على قلوبهم وعقولهم — كما يتكرر على ألسنتهم من عبارات مبتذلة (to win the hearts and minds of the Iraqi people) ويرددها الإعلاميون العرب كالببغاوات عبر ترجمات حرفية أكثر ابتذالاً ومنافاة لطبيعة الاصطلاح والمجاز في اللغة العربية — ودعوتهم للاستسلام تفادياً لزهق الأرواح. فبذلوا جهوداُ كبيرة في الاستشارة والاستخارة حتى رسوا على تصميم اعتقدوا أنه الأفضل لتحقيق الغاية المنشودة. وبعد جهد جهيد، من الواضح أنهم أعطوا التصميم لمترجم عربي أو مستعرب لقاء حفنة من السنتات فترجمه ترجمة حرفية على عادة المترجمين العرب في ترجمة النصوص الأجنبية.
وبعد هدوء العاصفة قام أحد البارزين في مجال التواصل التقني، وهو جون بروكمان، ومعه سال سيناترا، في عام 1995 بتحليل ذاك "الجهد الرائع" في مقال بعنوان "كيف ساعدت عملية التكرار الحلفاء في كسب حرب الخليج الفارسي" [6] . وراح يمدحه ويبجله معتبراً إياه نموذجاً يحتذى في إخضاع النصوص لعملية منهجية. ولم يدرك لا هو ولا أولئك المحللون النفسيون ولا رؤساؤهم أن جهدهم كله ضاع هباء منثوراً وبيانهم تشوه تشوهاً مريراً، لأنهم بمنظورهم الاستعلائي الأحادي اللغة والحضارة وعدم فهمهم لشروط ومستلزمات ومتطلبات الترجمة، لم يلتفتوا إلى عملية الترجمة وما تنطوي عليه من عمليات معقدة مشابهة إنْ لم تكن أكثر تعقيداً، فصرفوا ساعات وساعات في تصميم المناشير واختبارها، ثم كلفوا مترجماً لم يُعر تلك الأمور أي اهتمام، ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث والتحليل خارج ذاك المنظور الأحادي اللغة. فحصروا تصويرهم للجنود العراقيين بصور نمطية من مخلفات هوليود تتمثل بالمنسف واللحية والشاربين. فعند البطون تضيع العقول. ومن العرب من يفكر في العشاء وهو بعد لم ينته من تناول طعام الغداء! وتفننوا في ذلك فميزوا بين الجندي العراقي والجندي الكويتي وأخيه السعودي. فانظر إلى الصورة الآتية. فهل تستطيع أن تميز بين هؤلاء الجنود فيها؟
---------------------------
[1] السَرَسُ: متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (Severe Acute Respiratory Syndrome). وهي مشتقة من سَرِسَ إِذا ساء خُلُقُه وسَرِسَ إِذا عَقَل وحَزَمَ بعد جَهْلٍ.
[2] يمكن ترجمته بـ It is better to give than to receive ..
[3] انظر الحديث 531 ، الصفحة 311 من رياض الصالحين ، الترجمة الإنجليزية ، الجزء الأول ، ترجمة مدني عباسي ، كراتشي ، باكستان (1983).
[4] ثمة من يتفلسف في تفسير هذا الحديث فيطلقه على كل شيء. ولكن بقية الحديث واضحة: واليد العليا هي المُنقعة ، والسفلى هي السائلة.
[5] انظر "الترجمـة العربية بين الاختلاق والحضارة الزائفة: إشكالية التوطين والمحاكيات الحضارية" للمؤلف.
[6] (Brockmann, R. J. and Sinatra, S. 1995( How the Iterative Process Helped the Allies Win the Persian Gulf War. STC Intercom, Vol. 42, No 9, November, 1995.
--------------------------------------
* علي درويش : أستاذ الترجمة والتواصل التقني في جامعات ملبورن ـ أستراليا، ومؤلف وكاتب تقني.
مصدر المقال : صحيفة المناخ ( صحيفة استرالية بالعربية ) :
http://www.al-manac.com/kutta_almanac/thwarting%20us%20war.htm