محمودٌ
طفلٌ أخضرْ
مات أبوهُ، وماتتْ أُمُّهْ
تركاهُ يتيماً وفقيراً
محمودٌ
يذهبُ للغابةِ كلَّ صباحْ
يقطعُ أخشاباً من شجرِ السَّرْوِ
ويذهبُ للسوقِ يبيعُ الأخشابْ
***
في يومٍ من أيامِ الصيفْ
حدَّث محمودٌ نفسَهْ
: "إنَّ الحرَّ شديدٌ
لنْ أذهبَ للسوقِ اليومْ
وسأغفو في الغابةِ بعضَ الوقتْ
***
وغفا محمود
***
كان النجارُ "سعيدٌ" قد سمعَ الناسْ
تتحدَّثُ عنْ محمودٍ وأمانتِهِ
قال: سأختبرُهْ!
وضعَ بجانبِهِ كيساً
مملوءاً بالذهبِ، وبالياقوتِ، وبالمرجانْ
***
لما استيقظَ محمودْ
وجدَ الكيسَ بجانبِهِ
وعلى طرَفٍ منهُ اسمُ "سعيدْ"
قال على الفوْر:
"سأُعيدُ الكيسَ إلى صاحبِهِ"
***
رجعَ الكيسُ إلى النجَّارْ
فرحَ كثيراً بأمانةِ "محمود"
قال:
أنت أمينٌ يا محمودْ
وسأُعطيك هديَّهْ
خُذْ هذا المبلغَ يا محمودْ"
رفض الطفلُ أنْ يأخذَ أجراً لأمانتِهِ
***
السُّلطانُ الطيِّبْ
رَمِدَتْ عيناهْ
اشتدَّ المرضُ فأعماهْ
***
قال طبيبُ السُّلطانْ:
"إنَّ دواءكَ يا موْلايْ
في زهرة "شجرِ القشدةِ"
في قمَّةِ "عبقرْ"
***
"عبقرُ" جبلٌ شاهقْ
وبعيدٌ جدا
والسلطانُ حزينْ
***
سمعَ القصَّةَ "محمودْ"
قالْ:
"سأُسافرُ، وسأَطلعُ قمةَ "عبقرْ"
سيُساعدُني اللهْ
وسأُحضرُ ما يطلبُهُ السلطانْ"
***
ومشى "محمودٌ" في أرضِ اللهْ
يسألُ منْ يلقاهْ
عنْ "عبقرْ"
***
-هذا "عبقرُ" جبلٌ عالٍ .. ساعدْني يا ربْ
***
صَعَدَ الجبلَ العالي
أبصرَ "شجرَ القشدةَ" يُثقِلُهُ الزَّهْرْ
***
عادَ سعيداً يحملُ باقةَ زهْر
من "شجرِ القشدةِ"
***
ذَهَبَ إلى قصرِ السُّلطانِ سعيداً
إذْ أحضَرَ للسلطانِ المحبوبِ دواءَ العيْنيْنْ
***
شُفيَ السلطانُ وقال لعائلتِهْ:
"محمودٌ ولدٌ طيبْ
وشجاعْ
بنتي "نرجسُ" معجبةٌ بهْ
سأُزوِّجها ـ لو يرغبُ ـ لهْ!"
***
ماتَ السلطانْ
أصبح "محمودٌ" سُلطاناُ بعده
إذْ بايَعَهُ الشعبُ مليكاً محبوباً
***
...
...
السُّلطانُ العادلُ "محمودْ"
يحكُمُ دولتَهُ بالقسطاسْ
ويُحبُّ الناسْ