ملخص البحث :
يقوم البحث على ذكر ما يراه الباحث من معايير صالحة لتكون معايير جودة لخريجي أقسام اللغة العربية :
يقوم العمل على رسم صورة عن المعايير الرئيسية ، وتحت هذه المعايير الممارسات التي تشرحها ، والمعايير تبقى أشياء عامّة بحاجة إلى شرح وإيضاح حتى تأتي الممارسات العملية وتشرحها وتفصل ما تعني تلك المعايير ، ولا تكون المعايير ذات جدوى إلا إذا شُرِحتْ بممارسات .
ومن المسلّم به أن هناك معايير تتفق عليها جميع الأقسام الجامعية العلمية من حيث المعارف المستهدفة وكمّيّتها ، والمهارات المشتركة بين الطلاّب الجامعيين ، سواء كانت مهارات إدراكية، أو مهارات الشخصية والمسؤولية، أو المهارات التحليلية ومهارات الاتصال.فهذه أشياء مشتركة بين الطلاب الجامعيين.
وسيكون التركيز في ورقة العمل على المعارف: طبيعتها ، وتوصيفها، وكمّيّتها، والتي بإمكانها إذا أخذت بطريقة مناسبة أن تفي حاجة طلاب أقسام اللغة العربية. إلى جانب التركيز على المهارات الخاصة، التي يجب أن يتحلّى بها طلاب اللغة العربية وخرِّيجو أقسامها.
والورقة لا تعدو تقديم مقترحات في ممارسات تعليم العربية في أقسامها ، وما يجب أن يتّسم به خرِّيجوها حدًّا أدنى . فتفصيل معايير الجودة المطلوبة في خريجي أقسام اللغة العربية ، وفق معايير ، تشرحها ممارسات هو المقصود ، مع التركيز على ما يخصّ طلاب العربية في أقسامها، والتفريق بين المتخصصين فيها ودارسيها لأغراض أخرى . تم .
************
حديثي في هذه الورقة عن خرِّيجي أقسام اللغة العربية في مرحلة البكالوريوس ، ولا أتناول ما بعد هذه المرحلة؛ لأنّ لها متطلَّباتٍ تختلف عن المرحلة الجامعيّة التي تعدّ المعلِّمين وغالب العاملين في المجالات المتّصلة باللغة العربية؛ إذ تعنى برامج الدراسات العليا في اللغة العربية بالمهارات البحثية والتفكير العلمي، مثل سائر برامج الدراسات العليا.
ومن المسلّم به أن هناك معايير تتفق عليها جميع الأقسام الجامعية العلمية من حيث المعارف المستهدفة وكمّيّتها ، والمهارات المشتركة بين الطلاّب الجامعيين ، سواء كانت مهارات إدراكية، أو مهارات الشخصية والمسؤولية، أو المهارات التحليلية ومهارات الاتصال.فهذه أشياء مشتركة بين الطلاب الجامعيين.
وسيكون التركيز في ورقة العمل على المعارف: طبيعتها ، وتوصيفها، وكمّيّتها، والتي بإمكانها إذا أخذت بطريقة مناسبة أن تفي حاجة طلاب أقسام اللغة العربية. إلى جانب التركيز على المهارات الخاصة، التي يجب أن يتحلّى بها طلاب اللغة العربية وخرِّيجو أقسامها.
ومنطلقنا في هذه الورقة أنه من أوجب الواجبات على المؤسسات التعليمية ((أن تركز المؤسسة التعليمية سواء في تخطيطها، أو في عمليات ضمان الجودة التي تقوم بها على جودة التعلم والتعليم، مع ضرورة التركيز على جودة نواتج التعلم التي يجب أن تشمل عدة أنواع من التعلم، بما في ذلك المعرفة التي يحصل عليها الطلبة، ومهاراتهم، وأنماط سلوكهم التي يتم تقويمها ضمن البرنامج العلمي، وينبغي أن تنعكس على حياتهم الشخصية والمهنية بعد تخرجهم)).(مقاييس برامج التعليم ص41)
*************
- 1) وأوّل ما نبدأ به خصائص برامج اللغة العربية بعامة في هذه المرحلة :
- 1.اجتياز ما لا يقل عن (120) مائة وعشرين ساعةً معتمدة، تستغرق عادة أربعة أعوام دراسية أكاديمية بنظام التفرغ الكامل أو ما يعادل ذلك.
- 2.تطوير فهمٍ شامل لمجال اللغة العربية على العموم أو مجال خاص منها، مع التعمق في بعض الدراسات واشتمالها على التحليل الناقد لأحدث التطورات والأبحاث.
- 3.أن يدرك الطلبةُ المعارفَ و النظريات ذات الصلة بمجالات التعلم الأخرى المتعلقة بالتخصص.
- 3.أنه المؤهلَ الأساسي لدخول عدد من المجالات المهنية التي تتطلب مهاراتٍ عاليةٍ. ما بين مهارات عامة ومهارات خاصة.
- 4.أن يكون في البرنامج ما يهيِّئ الطالب ويعينه على محاكاة بعض الأعمال الإبداعية، أو تذوّقها، وتحليلها، ونقدها على الأقلِّ.
- 5.تطوير المعارف والمهارات اللازمة للممارسة في المهن التي تعدّ الطالب لها.
- 6.تكوين أساس كافٍ في المعارف والأبحاث العملية والنظرية، المؤدية إلى مواصلة الدراسة في المستويات اللاحقة.
- 2) خصائص الخريجين:
ينبغي أن يكون الحاصلون على شهادة البكالوريوس قد أثبتوا ما يلي:
- معرفة بمجموعة شاملة متناسقة ومنظـَّمة من معارف اللغة العربية وآدابها، وما يتصل بها من نظريات ومبادئ.
- القدرة على البحث فيما يعترضهم من مشكلات؛ بغية إيجاد حلول مبتكرة بقدر محدود من التوجيه ، وباستخدام رؤى من مجال دراستهم و من المجالات الأخرى ذات العلاقة.
- القدرة على تحديد واستخدام الأساليب الرياضية والإحصائية المناسبة في التحليل وإيجاد الحلول للقضايا المعقدة .
- القدرة على اختيار واستخدام أكثر الآليات مناسبة لإيصال النتائج إلى المتلقين المختلفين.
- القدرة على القيادة والاستعداد للتعاون الكامل مع الآخرين في المشاريع والمبادرات المشتركة.
- الإلمام بالمهارات المطلوبة للممارسة الفعالة في المجالات المهنية.
- يجب على الخريجين في مجال المهارات العامة وممارساتها ما يلي:
- 1.أن يبادروا في تحديد المشكلات والقضايا و إيجاد الحلول لها في المواقف الفردية والجماعية، ويمارسوا القيادة لإيجاد حلولٍ عملية ومبتكرة.
- 2.أن يطبقوا المُدركات النظرية وأساليب الاستقصاء المكتسبة من مجالهم الدراسي في معالجة القضايا والمشكلات ضمن سياقات مختلفة.
- 3.أن يدركوا طبيعة التغير السريع في المعلومات في مجال تخصصهم، ويكونوا قادرين على مراعاة ذلك عند دراسة القضايا الأكاديمية أو المهنية واقتراح الحلول لها.
- 4.أن يشاركوا في الأنشطة بهدف مواكبة أحدث التطورات في مجالاتهم الأكاديمية أو المهنية ويستمروا في تعزيز معارفهم وفهمهم الذاتي.
- 5.أن يظهروا دائماً مستوًى عاليًا من الأخلاقيات و انضباط السلوك و يبدوا روح القيادة في الأوساط الأكاديمية والمهنية والاجتماعية.
- 6.أن يتصرفوا بطرق تتوافق مع القيم و المعتقدات الإسلامية.
- 7.الإخلاص و تحمل المسئولية و الالتزام تجاه خدمة المجتمع.
- 3) نواتج التعلم المتوقعة في المستوى الثالث، لكل مجال:
1- المعرفة:
- أن يكون لديه معرفة شاملة متناسقة منظّمة في اللغة العربية وفروعها و المبادئ والنظريات الأساسية فيها .
- أن يكون ملماً بالمعارف و النظريات في المجالات العلمية المتصلة باللغة العربية وآدابها.
- أن يكون ملماً كذلك بأحدث التطورات في التخصصات الفرعية في مجال دراسته .
- أن يكون لديه وعي كافٍ بالأبحاث الحديثة التي تسهم في حلِّ المشكلات والقضايا ، وتنمّي معرفته بتخصصه .
2- المهارات الإدراكية:
- أن يكون بإمكانه استقصاء المفاهيم والأدلّة الحديثة من مصادر متنوّعة.
- أن يكون بإمكانه فهم وتقويم المعلومات والمفاهيم التي يستقصيها.
- أن يكون قادرًا على تطبيق النتائج على نطاق واسعٍ من القضايا والمشكلات مع قدر بسيط من التوجيه.
- أن يستطيع بحث المشكلات المعقدة نسبياً باستخدام أشكال متنوعة من تقنيات المعلومات والمصادر الأخرى.
- اقتراح حلول مبتكرة لهذه المشكلات , مع مراعاة المعارف النظرية ، و الخبرات العملية ذات العلاقة ، وما يترتب على القرارات المتخذة.
3- مهارات التعامل مع الآخرين وتحمل المسؤولية:
- الإسهام باتخاذ قرارات هادفة للقضايا في المواقف الجماعية سواء أكان في مركز قيادي أم كان عضواً في جماعة.
- الاستعداد لتحمل مسئولية القيادة في مواقف متنوعة .
- المبادرة في تعرف القضايا التي تتطلب عناية خاصة مع قدرة على مخاطبة المجموعة بشكل مناسب .
- تحمل مسؤولية تعلمه الذاتي .
- القدرة على الاستقصاء في جمع المعلومات ، واستخدام الأساليب المناسبة للتحليل، مع قدرة على توظيف ما يحصل عليه من نتائج.
- الالتزام بالقيم الأخلاقية والمهنية المتعارف عليها حين يتعامل مع القضايا الأخلاقية والمهنية.
4- مهارات التحليل والاتصال :
ý تعرف الأساليب الإحصائية والرياضية المناسبة ، وتطبيقها بكفاءة في تحليل المعلومات، واقتراح الحلول.
ý الاتصال بفعالية شفهياً وكتابياً، وأن يختار ويستخدم أشكال العرض المناسبة للقضايا المختلفة وللمتلقين المختلفين.
ý الاستخدام بشكل معتاد (روتيني) أحدث وأكثر تقنيات المعلومات والاتصالات مناسبة في جمع، وتحليل، وتفسير، وإيصال المعلومات والأفكار.
- 4) سمات خرِّيجي أقســـام اللغة العربية الخاصة :
1- حصيلة معرفية في فروع الدرس اللغوي قادر على توظيفها ، ويمكن تفصيل هذه المعارف على النحو التالي:
ý الفهم ، والاستيعاب ، وحسن التوظيف، والاستخدام للأصوات العربية، بمعرفة مخارجها، وصفاتها ، والتمكّن من أدائها، كما يليق بلغة البشر الطبيعية(لغة الحياة اليومية) وهذا يعني: أن يختار الطلاّب من ذوي السلامة ، والبعد عن العيوب النطقية ، سواء أكانت خلقية أم مكتسبة، وهذا يلزمنا أن نركِّز على علم الأصوات الوظيفي، الذي يمكن اكتسابه من خلال دروس القرآن وحفظه، ودراسة التجويد ، مع ضرورة أن يدرِك الطالب الفرق بين لغة القرآن ، وأدائها الصوتيّ التي تعمد إلى الاقتصاد والاختصار، والإيجاز والاكتفاء بقدر معقول من تجويد وتحسين الأداء الصوتيِّ، ويمكن للطلاب أن يستوعبوا هذه الصفات قبل التحاقهم بالبرنامج من خلال الدراسات التي تعنى بعلم الأصوات الوظيفي، باعتباره مهارة مهمّة لقراءة القرآن وتلاوته .
ý الاستيعاب والفهم لأساسيات ومبادئ وكليات دراسة البنية والتركيب من خلال وضع وتوصيف مقررات دراسية في الصرف والنحو تكون مواصفاته على النحو التالي:
- 1)تكوين تصوّر جديد لدى دارس العربية أن النحو ليس هو اللغة ؛ إذ اللغة أكبر من النحو بكثير.
- 2)ربط النحو بمسلّمات الطالب ، ولغته التي اعتادها ونشأ عليها (الأم) ، وفطرته اللغوية لتأنيسه بالنحو، ورفع الوحشة منه.
- 3)التركيز في المقررات على النحو الوظيفي الذي يركِّز على الكليات ، والمبادئ المطردة .
- 4)التخلّص من استغراق تفكير الطالب وجهده على دراسة النحو النصِّيّ التراثي، وفك مستغلقه، وهو أمر على جلالة قدره ، غير قادر على تكوين فكر نحويّ يقدّم النحو بصورة أكثر إيجابية، وأدعى للقبول، فضلا عن الممارسات النحوية الجيِّدة .
- 5)إعادة صياغة النحو بحيث لا يقتصر على الناحية اللفظية الشكلية، وإنما يجمع بين اللفظ والمعنى.
- 6)التركيز في دراسته على أولويّات العلم وأوليّاته، فتتخلّص المقررات من الخلاف الجدلي الذي لا يترتب عليه حكم ولا عمل، وتكون الدراسة موجّهة لترسيخ المادّة التي يستفيد منها الطالب بعد تخرّجه فيما ينخرط فيه، من عمل سواء أكان التدريس أو غيره.
- 7)التركيز على الجوانب التطبيقية ، والممارسات العملية، وكثرة التدريبات والتطبيقات، والتمرينات.
- 8)تقديم الصرف والنحو من خلال الدراسة النصيّة ، وتحليل النصوص ، ومن خلال منهج تكاملي شامل لجميع أفرع العربية.
ý بناء الدرس الأدبي على تذوّق النص ، وتوظيف المسلّمات وما يتّفق عليه من المفاهيم والأدوات في تحليل ودرس النص، ويحسن مراعاة الآتي:
- 1) العودة بدراسة النص الأدبي إلى الدراسة النصية المباشرة ، المبنية على ترديد النص ، وحفظ المستجاد من النصوص، وتحليلها من خلال توظيف معطيات الدرس اللغويّ المتنوّعة ممّا يتعلّق بدراسة الألفاظ والمفردات، والتراكيب ، والأنماط البلاغية، والممارسات النقدية، ومن خلال معطيات الفكر العام ، ومعاني الحياة.
- 2) التخلّص من معوّقات تذوّق النص، كالإغراق في دراسة التاريخ الأدبي على حساب دراسة النص، والأنماط الأدبية.
- 3) التدرّج في دراسة نصوص الأدب، بحيث يبدأ الطالب بدراسة النصوص من السهل إلى الصعب، وهذا يحتِّم إقصاء التقسيم التاريخي لدراسة الأدب.
- 4) تسخير النص الأدبي لاستيفاء الجوانب التطبيقية ، وإذكاء الممارسات المهارية ، وترسيخ مفاهيم علوم العربية الأخرى.
ý النقد والبلاغة (من أهمّ أدوات الدرس الأدبي) هل برامجنا في تعليم العربية قادرة على زيادة فاعلية معطياتهما في الممارسة النقدية ؟ والحاجة قائمة لجعل هذه الأداة ذات أثر في الدارس ، فلسنا بحاجة إلى بذل جهد في تاريخ النقد من عصر اليونان كحاجتنا إلى العناية بالأمور العملية، التي بإمكان الدرس توظيفها في تحليل النص ودرسه، ولسنا بحاجة إلى كثرة التقسيمات كحاجتنا إلى صنع ذوق يبرز أثره في تناول النص ، وفهمه، ولا بدّ أن نعمر درس البلاغة والنقد بالنصوص والممارسات النقدية ، ولا بدّ من تدريب الطلاب، وإذكاء قدراتهم ومواهبهم النقدية. فلا يكفي أن يحفظ الطالب التقسيمات والضوابط والتعاريف وأمثلة على كلِّ ذلك ، وهي بمعزلٍ عن تكوين فهم لتلك المصطلحات ، وإدراك منطلقاتها، وأسسها النظرية. وكل هذا لا يمكن أن يتحقّق من دون إسناد تدريس هذه المقررات إلى أساتذة من ذوي الذوق والإعداد اللغوي الشمولي، والثقافي الواسع. فالطالب الذي لا يستطيع بمفرده قراءة النص قراءة صحيحة، ولا يستطيع فهمها الفهم الصحيح، ولا تفكيك النص إلى مكوناته الأولى، ولا توظيف مكوّنات الدرس اللغوي ، ولا النواتج المعرفية الأخرى ، ولا حصيلته الثقافية، هذا الطالب لا أدري: ما يكون دوره في درس للعربية نتوقّع منه نواتج معرفية، ومهارية عالية؛ فتفعيل القراءة الأدبية، وترسيخ كونها إبداعًا يجب أن يكون من أهداف أقسام اللغة العربية، ومؤشِّرًا على جودة الأداء.
2- قدر عالٍ من المهارات يميزه عن غيره من مستخدمي اللغة:
كل طالب بحاجة إلى تكوين مهاري عام ، يؤهِّله لممارسة أنشطة الحياة العامة ، وللممارسة الاتصال اللغوي الشفهي والكتابي ، في حين أن طالب أقسام اللغة العربية بحاجة إلى أن يكون لديه مستوًى عاليًا منها يؤهّله لممارسة الاتصال كالطالب الآخر، كما يؤهِّله إلى نقلها إلى طلاب العربية، فلا يكفي منه أن يكون ممارسًا ، بل لا بدَّ أن يكون مدرِّبًا وقادرًا على نقل الخبرة إلى غيره ، وقادرًا على تقويمها، كما يكون على دراية ومعرفة بمهارات اللغة الخاصة المتنوِّعة التي لا يحتاج إليها طالب في غير أقسام اللغة العربية، ويمكن أن نجمل المهارات على النحو التالي:
1. الاستماع ، ومهاراته الفرعية.
2. الحوار والمخاطبة , ومهاراتهما الفرعية..
3. القراءة , بأنواعها من جهرية، وصامتة، وناقدة، وإبداعية، والقراءة بغرض البحث، ومهاراتها الفرعية .
4. الكتابة , ومهاراته الفرعية..
5. الإلقاء والإنشاد, ومهاراتهما الفرعية..
6. استيعاب المقروء ، ومهاراته الفرعية..
وهذه المهارات لا ينفرد بتكوينها فرع من فروع العربية ، أو علم من علومها، بل تتشارك وتتكامل في عمليات التكوين والممارسة، ومن المعلوم أن المهارة قبل أن تكون مهارة كانت معاناة، ثمّ ممارسة، ثمّ مهارة، ثمّ عادة، ثم سجيّة. فالذي يعلِّم المهارة يحسن به أن يكون تجاوز هذه المرحلة، بأن يصل إلى السجية أو العادة على الأقلِّ .
والمشاهد في برامج اللغة العربية في غالبها الانصراف عن هذه المهارات والعناية أكثر بتكوين المعارف في اللغة العربية وآدابها. ومن المعلوم أنّ المهارات يمكن لبعضها أن يخصص لها بعض المقررات، وهذا ما يفرض أن تكون هذه المهارات ممتزجة في جميع المقررات، ويتأكّد ذلك في توصيف كل المقررات.
3- القدرة على محاكاة الأعمال الإبداعية أو بعضها:
أن يجعل من أهداف المقررات الأدبية إلى أن تكون المحاكاة ، والقدرة على إنشاء عمل أدبي بنمطٍ من أنماطه، هدفًا رئيسًا من أهداف الدرس الأدبي، وأن نرقى بطلابنا من مجرّد ناقلي معرفة ، إلى أن يكون من هدفنا أن يكون طلاب وخرِّيجو أقسام اللغة العربية ومعاهدها قادرين على المشاركة في الإبداع الأدبي، ولو كان بمستوى المحاكاة ، وهي قابلة لأن تترقّى في المستقبل إلى إبداع أدبيّ، فمن غير المستحسن أن يكون خرِّيج قسم اللغة العربية ، غير قادر على الإسهام في الأعمال الإبداعية على حدّها الأدنى المحاكاة، والجانب الإبداعي في خرّيج اللغة العربية لا يقلّ أهمّيّة عن الجانب البحثيّ، والجانب المعرفي التحصيلي.
ليس – فيما أعلم- أن هناك قسمًا جعل المحاكاة من غاياته، ولعلّ تغيُّر الأوضاع وكثرة المقبلين على برامج اللغة العربية، وما جدّ في عالم التعليم والتعلّم ، وتطوّر أهداف تعليم اللغة العربية، وإقبال شعوب أوفئات منها على درسها ، وتنوّع أغراض دارسيها، كلّ هذا يفرض علينا أن نراجع برامج تعليمها، وخصائص طلابها، ونوعية مقرراتها، ومكونات مناهجها.
- 5) خصائص خرِّيجي أقسام اللغة العربية:
يمكن لنا أن نورد بعض خصائص خرِّيجي أقسام اللغة العربية :
- 1) في جانب المحاكاة والإبداع:
- أن يكون الخريج قادرًا على إنشاء عمل إبداعي : شعر ، قصة(من أيِّ نوع) رواية، مسرحية، كتابة فنية، مقالة أدبية...إلخ.
- مهارة عالية في إنشاء المقولات، والإبانة شفويًّا، وكتابيًّا عن الأغراض الخاصة والعامّة.
- 2) أن يكون لديه من المهارات الصوتية ما يليق بخرِّيج قسم اللغة العربية، مثل :
- تأدية الأصوات العربية أداءً صحيحًا في المخرج والصفة، وليحذر من قبول ذوي العيوب النطقية الخلقية والمكتسبة.
- مهارة استخدام المؤثِّرات الصوتية في الكلام وفهمه، مثل : النبر، والتنغيم، والتزمين، والتلوين.
- توظيف الناحية الصوتية في الوقف والوصل توظيفًا صحيحًا ، ومعرفة ما يؤدِّيانه من معنًى، وإيقاع له علاقة بالمعنى، وقدرته على تمثُّل ذلك.
- 3) أن يكون لديه القدرات التالية في الكتابة :
- معرفة بأنواع الخطوط ، والتفريق بينها.
- إجادة الرسم الإملائي.
- الكتابة بخطٍّ مقروء يميز بين الحروف . (جودة الخط النسبية).
- إتقان ضبط النص، ومعرفة مواضع الضبط ، وضبط ما يحتاج إلى ضبط من النصوص.
- إجادة استعمال علامات الترقيم معبِّرة عن المعنى .
- مهارة أو قدرة على تقسيم النصِّ إلى فقرات، وتقسيم الفقرات إلى أفكار جزئيّة، ومن خلال وضع العنوان الرئيسي ، والعناوين الفرعية.
- 4) أن يكون لديه المهارات التالية في القراءة على اختلاف أنواعها:
v مهارة عالية في الفهم، واستيعاب المقروء.
v توظيف ما يعين على الفهم من معارف، ووسائل.
- 5) أن تتحقّق فيه مهارات الإلقاء والإنشاد، والحوار الفرعية، مثل:
- مهارة الارتجال، أو قدر كاف منها،.
- مهارة الحوار ، وإدارة مجالس الحوار.
- 6) أن يكون لديه مهارات توظيف المعارف في مختلف الأنشطة ، مثل:
- o تصوّر معرفي يحيط بأطراف النحو والصرف ، يمكِّنه من استحضار كليات وأساسيات وقواعد النحو العربي.
- o مكنة ودربة تساعده على توظيف القواعد الصرفية والنحوية في تركيب الكلام .
- o مادة لغوية معجمية (ذخيرة لغويّة) تمكِّنه من الاستعمال الصحيح، والفهم.
- o قدرة بيانية تمكِّنه من الاستبدال، ونقل المعاني اللغويّة من حقولها إلى حقول أخرى.
- o قدرة على التصرُّف بمكوِّنات الجملة، وتوظيف ما يتيحه النظام اللغوي من حرية تكوين التراكيب، تقديمًا وتأخيرًا، وحذفًا وذكرًا، وغير ذلك بحسب المقامات ، وبحسب الأصول والأغراض البلاغية.
- 7) أن يكون لدى من يلحقون ببرامج اللغة العربية الموهبة التي تؤهِّلهم لحمل أمانة اللغة العربية، والقدرة على أداء متطلّباتها، وأن يكون ممن يظهر الرغبة في الإبداع، ولديه القدرة على تمثُّل مدرِّس العربية، بما لديه من مواهب وقدرات، وحرص على أن يقدِّم للعربية جهدًا مميَّزًا، وهذا يحمِّل لجان القبول مسئولية اختيار الطلاب وانتقائهم، وهي مسئولية كبيرة.
- 8) أن يكون لديه معرفة بأساسيات التوجهات والمذاهب والاتجاهات الأدبية والنقدية واللغوية المعاصرة ، ولديه قدرة على فهمها والتفريق بينها.
- 9) في الدلالة : أن يكون قادرًا على تعيين المعنى المراد من بين المعاني اللغوية الوضعية التي يوردها أصحاب المعاجم، مثل المشترك، والأضداد، أو تعرف المعنى الاستعمالي الذي قصد إليه المؤلف من إطلاقه اللفظ اللغوي ، وقصده لغير معناه الوضعي، وذلك في المجازات والكنايات.
- 10) أن يكون لديه حصيلة لغوية تمكِّنه من تعرف المترادفات ، وما يمكن إحلاله أو استبداله من ألفاظ اللغة، وتراكيبها.
- 6) اقتراحات لتحقيق هذه الممارســـات :
1- في البرنامج و المقررات والمناهج : لا بدَّ أن تكون نواتج أو حصيلة البرنامج واضحة محدّدة بدقّةٍ، تفي بحاجة الدارس لممارسة حياته العملية، وليكون قادرًا على تكوين حصيلة لدى الطالب بقدرٍ يناسب خصائصهم معرفيًّ و مهاريًّا، فلا بدّ من تحقيق تكامل، وتوازن، بين أفرع العربية، ووضوح كامل للأهداف والحصيلة المعرفية والتكوين المهاري ، ويكون بتضمين توصيف المقرر المعارف والمهارات من خلال إستراتيجيات التعليم، وأساليب التقويم، وخطة تطوير مستمرّة ومتابعة تعمل وفق سياسة واضحة، ولا بدّ من الإفادة من التجارب العالمية في توصيف البرامج والمقررات.
2- في الطلاب : من حيث اختيارهم، وعمليات التقويم ، وتوافر الممارسات الصحيحة في تقويمهم، الموضحة في نشرات الاعتماد الأكاديمي، ومن حيث توجيههم ومساعدتهم على التعلم، بتشجيع المميّزين من الطلاب، ومساعدة من يحتاج منهم إلى مساعدة خاصة، وذلك من خلال برنامج إرشاد جيِّدٍ، يأخذ بتقنيات العصر، ويهيئ الطلاب للدراسة في البرنامج ، ومتابعة سير الطلاب الدراسي ، وتقدّمهم في التحصيل .
3- في أعضاء هيئة التدريس : لا مكان للحديث عن المؤهّلات والخبرات ، بل يلزمنا أن نقول : إنه من غير المقبول والسائغ أن نطلب من أساتذة أو معلمين أعدّوا لتحقيق أهداف، وفق إعداد وبرنامج لا يفي متطلبات ما ذكرناه من طموح في خصائص طلاب أقسام اللغة العربية. وعلى الأقلّ: لا بدَّ من إعادة تأهيل الأساتذة ليتناسب وضعهم مع ما يتطلع إليه البرنامج من مخرجات، والتأكّد من توفّر التأهيل الكافي للأعضاء الجدد، مع الحرص على إشراك الأعضاء في التطوير ، وتقديم المقترحات، وإيجاد ميدان للتنافس الشريف، وتقدير العمل المتميِّز. وتفصيل الممارسات في هذا الشأن ليس هذا مكانه، وإن كنّا نرغب في تأكيد أن إصلاح البرنامج وتوصيف المقررات لا يفيد شيئًا إذا كان من يقدّم البرنامج له تفكير ، وطريقة خاصة في تعليم العربية، ولا يقبل التطوير والتغيير، بل لا أبالغ إذا زعمت أن تطوير أعضاء هيئة التدريس أهمّ من تطوير الأشياء الأخرى.
4- الإرشاد العلمي للطلاب : من المسلّم أن اختيار الطلاب من أهمّ أسباب نجاح أيِّ برنامج، وهذا الاختيار يجب أن يركز على الاستعداد اللغوي، ومهاراتها المختلفة، وهو أمر يقدّم في الأهمية على تطوير البرنامج، وهذا لا يعني التقليل من أهمية أشياء تتعلّق بمساعدة من يحتاج إلى مساعدة خاصة، وتهيئتهم للدراسة ، والإرشاد العلمي الجادّ، وتوفير بيئة تعليمية مناسبة من مرافق، ومعامل، وأجهزة، ووسائل أخرى، وكل ما يتعلّق بالطلاب أمره واضح، وله سياساته وإجراءاته.
5- الأنشطة الميدانية ، تفتقر غالبية أقسام اللغة العربية إلى الخبرة الميدانية، وتكوينها في أيّام الدراسة، وهي إن عنيت بها لا تعنى إلا بجانب واحد ، هو الجانب التربوي، وتهمل جوانب أخرى لا تقلّ أهمية عنه، كالإعلام ، والتحرير، وممارسة المهارات، والتصحيح، وتنقيح النصوص بعد ترجمتها، والترجمة بأنواعها بين العربية غيرها، من العربية وإليها، وبالعكس. ويمكن للأقسام أن توظِّف الأنشطة غير الصفية في مؤازرة التجربة الميدانية، وفي استكمال جوانب النقص في المقررات. ويتعيّن التخطيط لهذه الأنشطة ، ومعاملتها مكوِّنًا مكملا للبرنامج، وأن تحدّد لها نواتج تعلّم محدّدة، وأن يكون القائمون عليها من أعضاء هيئة التدريس، ولهم إعداد خاص، ، وأن يكون التقويم فيها تقويمًا مناسبًا تتحقق فيه معايير الصدق والثبات، وملائمًا لأسس تقويم الخبرة الميدانية المعروفة.
- 7) إجرائيّات التطوير وتحقيق الممارسات الجيّدة:
لا يمكن لنا أن نأتي على تفصيلٍ وافٍ بإجرائيات التطوير، وقد يمكن لنا أن نلخِّص ذلك في ممارسات جيّدة فيما يأتي من محاور:
- محور الطلاب ، من حيث الاختيار ، واستراتيجيات تعليمهم وتعلّمهم، وتقويم أدائهم، وما يقدّم لهم من خدمات، ومساعدة في توفير بيئة تعليمية جيّدة.
- محور كفاءة أعضاء هيئة التدريس، وما يجب تقديمه لهم من إعادة التأهيل، وتطوير الذات، واكتساب الخبرات الجديدة ، ومتابعة الجديد في تخصصهم، وإنماء مهاراتهم المختلفة، وتحفيز الأساتذة على الإسهام في التطوير، وتبادل الخبرات مع الزملاء وشركاء العمل، والتأكّد من ملاءمة مؤهلات الخريجين الجدد (الراغبين في العمل أعضاء هيئة تدريس) ومدى كفاءتها لمزاولة المهنة، التي تعنى بالنواتج، المعرفية ، والمكوِّنات المهارية السابق ذكرها، كما أن متابعة تطوير الأساتذة وأدائهم ليست عملية موسمية ، بل تجري في الزمن كله، دون توقّف أو انقطاع.
- محور البرامج والمقررات: وهذا هو أيسر المحاور ، وأسهلها، وأقربها إلى إمكانية التنفيذ، لو وجِد من الأساتذة وذوي الخبرة من يملك القدرة على التغيير، والرغبة في التطوير مع وضوح الرؤية والأهداف ، ولديه الشجاعة في الاستجابة لمتطلبات العصر وتوظيف تقنياته، وإعادة تكوين مخرجات أقسام اللغة العربية، من خلال تمازج تخصصات أخرى مع التركيز على مخرجات تجمع بين المعارف والمهارات العامّة والخاصّة.
وقد تركنا أشياء هي من مشتركات البرامج التعليمية، وليس لبرامج اللغة العربية فيها ما يمكن أن يقال عنه : إنه خصوصية لها، كما تركنا ما يتعلّق بالعمل المؤسّسي ، وإن كان أثره الإيجابي يعود على البرامج كلّها.
*********
توصيات الورقة :
- 1.مراجعة وتقويم فائدة بعض المقررات ، مثل الأصوات ، وعلم اللغة العام النظري. ويتعيّن تخليص البرنامج من المقررات ذات المردود العملي ، والمهاري المحدود ، والتي يغلب عليها الجانب النظري ، ولا تفيد إلا في الناحية الفلسفية.
- 2.التركيز على الجانب الوظيفي: يتعيّن تنشيط الجانب الوظيفي لعلوم اللغة العربية الأخرى، من صرف، ونحو، وبلاغة ونقد, وأدب ، وهذا يعني الاقتصار في الجانب الفلسفي على ما تدعو إليه الحاجة، ويكون من مستلزمات البرنامج، وفي كلّ مقرر من علوم العربية ما يدعو إلى الوقوف، والمراجعة ، وطرح أسئلة حول جدواه ، ومدى إسهامه في صناعة ممارسي المهن ذات العلاقة باللغة العربية، من مثل التوسع في مسائل الخلاف، واستنفاد معظم الزمن المخصص للدراسة في استيفائه وفهمه على حساب أمور أكثر أهمّيّة، وأمسّ بحاجة الدارس، وأكثر التصاقًا بتكوينه المهاري، وهي مسائل بإمكان الطالب الاستغناء عنها.
- 3.الخروج بالنحو عن النحو النصي إلى نحو أشمل وأكمل وأكبر نفعًا ، وأعظم أثرًا.
- 4.فكّ ارتباط دراسة الأدب بالتاريخ ، والتركيز على النصوص وتحليلها ، وتذوّقها.
- 5.التركيز على التطبيق والتدريب في الدرس البلاغيّ، كما هو الحال في النحو والصرف.
- 6.التدريب على المحاكاة في الأعمال الأدبية .
- 7.تدريب الطلاب بصورة كافية في حال إعدادهم على المواقف اللغوية، من حوار، وإلقاء، وإنشاد، وخطابة، وقراءة، وكتابة، والتأكّد من تأهيلهم للوفاء بما تتطلّبه، ومواصلة هذا التدريب لممارسي المهن المتّصلة باللغة العربية، بوجه من الوجوه، كالتعليم ، والإعلام، والترجمة؛ ليستمرَّ تجديد عطائهم، وإذكاء روح المنافســـة، والرغبة في تقديم ما لديهم من عطاءات مميَّزة للغة العربية .
هذا ، والله الموفّق ، والهادي إلى صراط مستقيم . تم بحمد الله والصلاة والسلام على رسوله الكريم.