يتوهم كثير من دارسي اللغات السامية والشرقية، أن اللغة الفارسية هي لغة سامية ، ومصدر هذا الوهم ما وجدوه فيها من تشابه كبير بينها وبين اللغة العربية، فاقتضى ذلك التنويه والتصحيح، وتحديد سبب التشابه بين اللغتين.
ليست اللغة الفارسية لغة سامية ولا تمت إليها بأية صلة، وهي في الحقيقة من مجموعة اللغات الهندية - الاوربية ، وهي لغات الشعوب التي استوطنت الأرض الممتدة من شواطىء بحر قزوين الى آسيا الوسطى وروسيا ، ثم تفرقت إلى شعبتين رئيستين إحداهما اتجهت إلى أوربا ، والأخرى انحدرت نحو الهند وإيران .
ومصدر هذا الوهم هو التشابه بين اللغتين، وسببه تأثير اللغة العربية في اللغة الفارسية، ويعود هذا التاثير إلى المرحلة الثالثة من مراحل تطور اللغة الفارسية، فقد مرت هذه اللغة بثلاث مراحل:
اللغة القديمة:
وهي التي سادت منذ بداية نشوئها حتى القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد.
اللغة الوسطى:
وهي التي سادت منذ القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد وحتى القرنين الثامن والتاسع الميلاديين.
اللغة الحديثة :
وهي اللغة التي سادت بعد أن استطاع العرب فتح بلاد فارس، فنشروا فيها دينهم ولغتهم.
وقد اكتسبت اللغة [العربية] عند الفرس القداسة، لانها لغة الدين الجديد، كما كانت لغة الحكم والإدارة في الدولة الإسلامية الناشئة، هذان العاملان أسهما في إقبال الفرس على تعلم العربية واستخدامها في حياتهم اليومية إلى جانب لغتهم الفارسية فتأثرت كل منهما بالأخرى . كما كانت هجرة قبائل عربية كثيرة إلى بلاد فارس واستقرارها فيها عاملاً مهما من عوامل هذا التأثير.
وتأثير اللغة العربية يتجلى في أربعة جوانب:
1 - الخط: تكتب اللغة الفارسية بالحرف العربي ، وقد اهتم الفرس بهذا الخط بعد أن صارت تكتب به لغتهم ، وابتكروا أنواعاً جديدة من الخطوط العربية.
2 - المفردات والمصطلحات: إن نسبة المفردات التي دخلت من كل من اللغتين في الأخرى، وخاصة المفردات العربية التي دخلت في اللغة الفارسية، هي نسبة عالية لا نجدها في أية لغة عالمية أخرى عرفت كلمات دخيلة، بحيث يمكن القول إن الفارسية اليوم تشتمل على ما يقرب من 60 % كلمات عربية الاصل، مع الاشارة إلى أن أغلب هذه المفردات والمصطلحات العربية التي دخلت الفارسية بقيت على حالها دون تغيير أو تبديل.
3 - النحو: إن احتواء الفارسية على العديد من المفردات والمصطلحات العربية، جعل الفرس يلتزمون كثيراً من قواعد الصرف والنحو العربية كي يفهموا أصول تلك المفردات واشتقاقاتها .
4 - العر[و]ض والبلاغة: تقوم قواعد العروض والبلاغة وبحور الشعر الفارسي على الأوزان وبحور الشعر نفسها، كما أن البلاغة ومصطلحاتها مأخوذة من مثيلاتها العربية.
وبعد، فإن التشابه بين اللغتين الذي أوهم كثيرين أن اللغة الفارسية لغة سامية، هو في الحقيقة تشابه تأثير وليس تشابه أصل. وهذا ما يؤكد قوة اللغة العربية وقوة تأثيرها، وقدرتها على التعبير.
قاسم الكردي 10/9/2007
______________
المصدر: صحيفة الفرات :
http://furat.alwehda.gov.sy/_archive.asp?FileName=54436759720070910000018
______________
تعليقي:
يحاول الأستاذ قاسم الكردي في مقاله السابق إزالة اللبس عند من يظن أن الفارسية تنحدر من نفس السلالة االتي تنحدر منها العربية؛ أي: أنها لغة سامية، ثم يسرد الأحداث التاريخية التي نعلمها جميعًا ولا نحتاج إلى مصادر مؤكدة لها، من فتح بلاد فارس ودخولها تحت الحكم الإسلامي، ثم تأثير اللغة الدخيلة على لغة البلد بحكم السياسة العربية / والدين (الجديد) الذي يوجب استخدام العربية في بعض طقوسه، إلى درجة أن أصبح ( 60 % من الفارسية ذا أصل عربيّ).
ولكنه استنتج في آخر المقال قوة العربية وقدرتها على التعبير، وكأنه يقول: إن العربية أقدر على التعبير من الفارسية، ولو لم تكن كذلك لما أدخلوا هذا الكم الهائل من المفردات إلى لغتهم - من العربية - ليستطيعوا التعبير بشكلٍ أفضل!
السؤال الآن: هل يشترط في اللغة الدخيلة أن تكون أقدر على التعبير من اللغة الأصلية؟ أم يكفي وجود نظام سياسي أو ديني مساند للغة الدخيلة؟!
هارون العتيبي*
Air Jordan 1 Retro High OG "UNC Patent" Obsidian/Blue Chill-White For Sale