نقرأ في تقديم الكتاب «وُصف مجتمعنا المعاصر بعصر ما بعد الحداثة؛ لأنه عصر الثورة الرقمية، وعصر التكنولوجيا، وعصر العولمة...، وإذا كانت هذه الأوصاف تحمل جوانب مهمة مما نعيشه ونحياه، فإنها - بكل تأكيد - لا تحمل جوانب أخرى كثيرة، لذلك لا نجد وصفاً أبلغ وأبين من أن يوصف عصرنا الحالي بأنه عصر التواصل والحجاج، لا لشيء إلا لأن كل الأوصاف الأخرى تستكشف استكشافاً واضحاً التحولات العميقة والمتسارعة التي جعلت عالمنا سموات مفتوحة وأسواقاً كبيرة بضاعتها الدعاوى والحجج بشتى أصنافها المختلفة وألوانها المتعددة، فأصبحت الحجة والمعلومة بذلك عصب الحياة المعاصرة.
لقد كان من الطبيعي أن يكتسح الحجاج، تدريجيا، مجالات الدعاية والإشهار والتعليم والسياسة والقضاء والسينما والبيداغوجيا والإيديولوجيا والسيكولوجيا... إذ لا غنى عنه ولا مفرّ في كل طرائق الإقناع التي يسلكها أهل الدعاية في صحفهم، والأساتذة في دروسهم ومحاضراتهم، والسياسيون في خطاباتهم، والمحامون في مرافعاتهم، والقضاة في تعليلاتهم، والفلاسفة في معالجاتهم، والعوامّ في تواصلهم... إنه حاضر حضوراً قوياً في كل مجالات التواصل الإنساني بإطلاق، وهل هناك تواصل من غير حجاج؟؟!!
وترجع الأهمية التي تحظى بها الدراسات الحجاجية اليوم، في جانب كبير منها، إلى النضوج الكبير الذي عرفته مجموعة من المجالات المعرفية المحاقلة، كالمنطق واللسانيات وعلم الاجتماع وعلم النفس... فأصبحنا أمام معرفة متشعبة تغطي مجالات النشاط الإنساني كلها».
وجدير بالإشارة إلى أن عدد الدراسات التي تضمنها الكتاب وصلت إلى أزيد من ستين دراسة، توزعت على خمسة أجزاء جاءت على النحو الآتي:
الجزء الأول: الحجاج حدود وتعريفات
الجزء الثاني: الحجاج: مدارس وأعلام
الجزء الثالث: الحجاج وحوار التخصصات
الجزء الرابع: الحجاج والمراس
الجزء الخامس: نصوص مترجمة
Barron Trump's Height Is Taller Than Melania, Donald & Many Teen Boys – Pochta News