دار الكتب المصرية :
اتخذت دار الكتب مقراً لها عند افتتاحها في الدور الأسفل ( البدروم ) من قصر مصطفى فاضل باشا ( شقيق الخديوي إسماعيل ) وقد بلغت الكتب المخطوطة والمطبوعة التي وسعها المكان عند الافتتاح نحو 30.000 مجلد كان أهمها الكتب والمخطوطات التي جمعت من المكتبة الخديويـة القديمة والتي يعتقد أنها مستودع الكتب الذي أنشأه محمد علي باشا لتباع فيه مطبوعات مطبعة بولاق . أما باقي المجلدات فجمعت من مكتبتي ديوان وزارة الأشغال ، وديوان وزارة المدارس كما أضيفت إليها مؤلفات متنوعة كانت لدى الحكومة وكذلك النماذج والرسومات والتصميمات ومختلف الآلات الهندسية وغيرها من الأجهزة العلمية الواردة إليها من ديـوان الأشغــال.
وقد جاءت أول مجموعة كتب أجنبية إلى الكتبخانة المصرية سنة 1873م من جمعية المصريات التي تأسست في القاهرة على يد بعض العلماء الأجانب.
وقسمت دار الكتب في ذلك الوقت إلى أربعة أقسام إدارية ( بحسب الأمكنة والوضع ) وهـذه الأقسام هي :
قسم الكتب المطبوعة والخرائط والأطالس العربية .
قسم المخطوطات .
قسم أرانيك الآلات .
قسم الآلات الهندسية والطبيعية والكيماوية .
وكان بها قاعة كبرى خصصت للمطالعة. كما كان فيها مكان للتدريس ( قاعة محاضرات عامة ) ولم يكن يسمح بالدخول في الكتبخانة في ذلك الوقت إلا لمن كان بالغاً سن الرشد ولطلبة المدارس.
كانت تبعية دار الكتب في تلك الفترة تبعية مزدوجة إذ اعتبرت محتويات الدار ملكا لديوان الأوقاف ولذلك تولت وزارة الأوقاف الشئون المالية وتولت نظارة المعارف ( ديوان المدارس ) الشئون الإدارية وظل الوضع على هذا الحال حتى إبريل عام 1889م.
وفي نفس عام 1889م ضاق البدروم في القصر بالمجموعات التي نمت نمواً مطرداً عاماً بعد عام وخشي المسئولون من تسرب الرطوبة إلى المخطوطات فنقلت إلى السلاملك بنفس القصر واستمـرت فيه إلى أن تم بناء دار مخصوصة لها بُـدئ في تشييدها في نهاية القرن الـ 19 ( 1889م ) في ميدان أحمد ماهر بباب الخلق .
وفي 24 أكتوبر 1910 صدر قرار مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة تحت رئاسة الخديوي توفيق بإقامة مشروع إحياء الآداب العربية ولما أنشئ المجلس الأعلى لدار الكتب المصريـة صار من اختصاصه الإشـراف على هذا المشـــروع .
ولتنفيذ هذا المشروع وعلى غرار المكتبات الوطنية الكبرى في الغرب كان لابد من إنشاء مطبعة لدار الكتب فنقل القسم الأدبي ومطبعته من مطبعة بولاق إلى دار الكتب المصرية للقيام بنشر مطبوعاتها وأيضا لطبع الكتب للجمهور على نفقتهم الخاصة.
في 19 إبريل 1911م وبعد أن استقر الحال في المبنى الجديد صدر أمر سلطاني عالٍ رقم 8 والذي عدلت بمقتضاه لائحة الدار وأصبحت الإدارة تابعة لوزارة المعارف العمومية أما الحسابات والشئون المالية فقد تبعت لوزارة المالية - و كما قضى هذا القانون أيضا بتشكيل مجلس أعلى للدار تعقد جلساته في نفس المبنى برئاسة وزير المعارف العمومية وأعضاؤه سبعة ( خمسة منهـم يعينون بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح من وزير المعارف والعضوان الآخران بحكم منصبهما وهما مدير الدار ومندوب عن وزارة المالية ) - وقد بدأ أولى جلساته في 31 أكتوبر سنة 1911م وكان أول ما اشتغل به المجلس وضع لائحة جديدة عمل بها من أول فبراير سنة 1912م بصفة مؤقتة إلى أن يصدق عليها مجلـس الوزراء.
وفي أوائل عام 1926م كانت بداية تقديم الخدمات المكتبية للأطفال إذ أنُشئ بالدار قسم سُمي ( مكتبة التلميذ ) لفائدة طلبة المدارس الابتدائية أو ما يماثلها حيث كانت الخدمة من قبل قاصرة على البالغين سن الرشد وطلبة المدارس العليا فقط.
وبعد احتلال الدار لهذا المبنى بنحو ثلاثين سنة وفي سنة 1937م على وجه التحديد كانت المجموعات قد نمت نمواً هائلاً وأصبح المبنى غير قادر على استيعاب المجموعات والموظفين والرواد ورأى المجلس الأعلى للدار بجلسته في 17 إبريل 1937م ( أن الدار بحالتها الراهنة أصبحـت غير صالحة بحال من الأحوال لأن تكون مكتبة يطلب إليها أداء رسالتها المرجوة على الوجه اللائق في هذا العصر ) - وفي 14 يونيو من نفس العام كتبت وزارة المعارف العمومية إلى وزارة المالية لتدبير أمر إنشاء دار جديدة. وفي 26 مارس 1938م رأى المجلس الأعلى للدار الشروع في عمل مسابقة عالمية لوضع التصميمات اللازمة للمبنى والتي تتفق مع حاجات المكتبات في تلك الفترة،. وفي 28 يونيو 1938م أرسلت مصلحة المباني الأميرية في وزارة الأشغـال تطلب البدء في تنفيذ مبنى الدار الجديد وقدم مدير المصلحة وقتئذ صورة من تصميمـات المبنى وافق عليها المجلس الأعلى للدار بعد إدخال تعديلات طفيفة وبتاريخ 28 يوليه سنة 1938م كتب وزير المعارف إلى وزارة المالية يطلب تخصيص جزء من الاعتماد المالي الذي أدرج في عام 1938م في ميزانية مصلحة المباني لتشرع في بناء الدار الجديدة . وقد وقع الاختيار على قطعة الأرض لإقامة الدار الجديدة وأقرت وزارة المعارف والجهات المختصـة التصميمات بتاريخ 21مايو 1938م ورسمت الخريطة على أساس البدء في البناء عام 1939م، إلا أن نشوب الحرب العالمية الثانية قد أعاق بدء البناء.
وفي أول مايو 1942 وأثناء الحرب رفع الدكتور (منصور فهمي) المدير العام لدار الكتب مذكرة لوزير المعارف (أحمد نجيب الهلالي ) آنذاك بخصوص الحاجة إلى مكان جديد. ظلت الدار في محاولات للمطالبة بإنشاء مبنى جديد فسيح يتسع لمقتنياتها وموظفيها حتى تمت الاستجابة في 23 يوليو سنة 1961 حين وضـع حجر الأساس لمبناها الجديد الحالي على كورنيش النيل وقد بدأ الانتقال إلى المبنى الجديد تدريجياً ابتداء من سنة 1971م .
بقيت دار الكتب المصرية كياناً قائماً بذاته له شخصيته الاعتبارية وظلت على استقلالها وجلالها تؤدي دورها المرسوم لها كمكتبة وطنية وعامة على أروع ما تكون المكتبات الوطنية في المنطقة وفي العالم إلى أن أنشئت دار الوثائق التاريخية القومية بالقانون رقم 356 لسنة 1966م وصدر قرار من رئيس الجمهورية رقم 450 لسنة 1966م لتصبح دار الكتب والوثائق القومية . ثم صدر في عام 1971م قرار رئيس الجمهورية رقم2836 بضم الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر إلى دار الكتب والوثائق القومية ليصبح أسمها الهيئة المصرية العامة للكتــــاب.
وكـان الهدف من هذا الدمج المشاركة في التوجيه القومي وتنفيذ مسئوليات وزارة الثقافة والإعـلام في مجالات المكتبات القومية والعامة والتراث والمخطوطات والوثائق القومية والتأليف والترجمة والنشر وذلك عن طريق :
تيسيـر الاطلاع على الإنتـاج الفكري وتصميم المكتبـــة.
المساهمة في إحياء التراث الفكري وتيسير دراسته والفائدة منه.
جمع المخطوطات والمصورات والسجلات وحفظها وتحقيقها وتهيئتها للانتفاع بها.
جمع الوثائق التي تعد مادة للتاريخ وحفظها للانتفـاع بهـــا.
تأليف وترجمة الكتب القومية والثقافية والعلمية والسياسية والاجتماعية والدينية والعالمية وطبعها ونشرها وتوزيعها في الداخل والخارج.
ولكـن هذا الجمع بين مؤسسات مختلفة المشارب والوظائف والأهداف قد أضر بها جميعاً - وفي عام 1993م صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 176 لسنة 1993م بفصل دار الكتب القومية عن الهيئة المصرية العامة للكتاب لتصبح دار الكتب والوثائق القوميــــة.
بدأت دار الكتب والوثائق القومية بعد هذا الفصل للعودة إلى ما كانت عليه ، وعودة إلى دورها الرائد مع مواكبة التطور العلمي والتكنولوجي فقد تم عمل برنامج يتفق مع سير العمل بدار الكتب لخدمة المستفيديـن من الجمهور في جميع أقسامها وذلك كما يلـــي :
إدارة التزويد .
إدارة الفهارس والببليوجرافيا .
إدارة خدمـات القـراء .
مكتبة الموسيقـى .
المخطوطات .
إدارة الدوريات .
إدارة مطبوعات الأمم المتحدة .
دار الوثائق :
أنشأ محمد علي باشا (1805 -1848م ) والي مصر أول دار للمحفوظات بالقلعة في عام 1828 م، وكان الغرض من إنشائها آنذاك جمع نتاج أنشطة الدولة وحفظه، والذي أصبح بمرور الزمن تراثًا قوميًا، ولم يكن إنشاء دار المحفوظات مهماً في حد ذاته وإضافة تستأهل التقدير لتاريخ مصر، وإنما أيضاً لكونها مصدرًا رئيسًا للمعلومات على المدى البعيد.
لم تكن دار المحفوظات هي الجهة الوحيدة التي تهتم بالأرشيفات وجمعها، بل كانت هناك أيضاً جهات أخرى عديدة تُعنى بذلك، منها: ديوان الأوقاف، والأزهر الشريف، ووزارة العدل، ووزارة الخارجية، التي كانت تحتفظ بجميع ما يخصهـا من أوراق.
عندما تُوج فؤاد الأول ملكاً على مصر في سنة 1917م ، قام بتشكيل لجنة لحصر وثائق القصر الملكي بعابدين وتصنيفها وترجمتها، وعهد إلى (جان دونيه) المستشرق الفرنسي، بمهمة فحص الوثائق التركية وتنظيمها.
أوصى دونيه في تقريره بضم الوثائق التركية والعربية والأجنبية القادمة من دار المحفوظات بالقلعة إلى الوثائـق التركية المحفوظة بقصر عابدين.
في عام 1932م أنشأ الملك فؤاد ( قسم المحفوظات التاريخية ) بقصر عابدين تنفيذًا للتوصية الواردة بتقرير المستشرق الفرنسي.
وفى عهد الملك فؤاد وجه جُل عنايته بالوثائق فقد استطاع أن يحقق الإنجازات التالية:
جمع الفرمانات الصادرة من السلاطين في تركيا والتي تبلغ1064 فرمان ( صدر أولها في عام 1597م ) .
تصوير الفرمانات أعلاه بمصلحة المساحة المصرية في سبعة مجلدات .
تحليل وترتيب الوثائق الإفرنجية الخاصة بعهد الخديو إسماعيل (حوالي 90.000 بطاقة ) ، وعمل خلاصات لبعضها وترجمته.
عمل بطاقات فهرسة لعدد كبير من الوثائق التركية والعربية.
حظيت الوثائق باهتمام أكبر ورعاية أكثر مع قيام ثورة 1952م، فأنشئت ( دار الوثائق القومية التاريخية ) بموجب القانون 356 لسنة1954م ، والذي ينص على أن تقوم هذه الدار بجمع الوثائق المحفوظة بدار المحفوظات العمومية، وقسم المحفوظات التاريخية بقصر عابدين، ومحفوظات الوزارات المصرية، والوثائق المحفوظة لدى الهيئات والإدارات والأفراد.
اجتازت دار الوثائق المصرية عبر تاريخها الطويل الكثير من الصعاب، فانتقلت من قصر عابدين إلى القلعة في يونيو 1969م ، ثم انتقلت بعد ذلك إلى مقرها الحالي بالمبنى الملاصق لدار الكتب المصرية بكورنيش النيل، والذي أُعد خصيصاً ليضم بين جنباته تراثنا القومي عبر العصور.
وتتركز المهام الرئيسية المنوطة بدار الوثائق القومية، بموجب القانون 352 لسنة 1954م حول جمع الوثائق التي تعد مادة لتاريخ مصر وما يتصل به في جميع العصور، وإتاحته للدارسين والباحثين من العرب والأجانب، الذين يتوفر على خدمتهم مجموعة من الفنيين المتخصصين يقدمون لهم النصح ، ويسمح لهم بالتصوير من وثائق الدار مقابـل رسوم رمزية
----------------
موقع دار الكتب والوثائق القوميّة : http://www.darelkotob.org/arabic/html/ABOUT.HTM