وإنها لتجربة ناجحة قابلة للانتشار لولا عدم الرغبة الذي يسيطر على نفوس كثير من أصحاب القرار.
إننا نجمع في عالمنا العربي بين «الحشف وسوء الكيل» وأعني بذلك الجمع بين إغراق ألسنة الناس في العاميات واعتماد اللغة الانجليزية لتدريس العلوم بها، وزدنا على ذلك سواء باعتماد تعليم اللغة الانجليزية لأبنائنا منذ المرحلة الابتدائية، دون أن نضع البرامج السليمة لتعليم لغة القرآن المرتبطة بالعقول والقلوب، التي لايمكن أن تقوم لشخصية الأمة قائمة معتبرة بدونها.
وما زال سؤال مهم يفرض نفسه دائماً.. لماذا تتحقق الجرأة لدى المسؤولين في العالم العربي عن التعليم على اعتماد تدريس اللغة الانجليزية بلا تردد ولا اعتبار لحالة الأمة، ولا تقدير لدعوات الغيورين على اللغة العربية، بينما لا يتحقق قدر يسير من تلك الجرأة لديهم لاتخاذ قرار صارم حضاري لاعتماد الفصحى لغة للتعليم دون مزاحمتها بلغة أخرى?
أين الإحساس بمصير الشخصية العربية المسلمة تجاه هذه الأعمال?
وحتى لا يستغرقنا هذا للسؤال المؤلم، أعود إلى طرح شيء مفرح حقاً، يؤكد ما قلناه من إمكان النجاح الكامل لاعتماد اللغة العربية لغة لتدريس العلوم كلها.
كتاب ثمين كتبه طبيب معروف ناجح في مجال الطب، وهو ذو تجربة تستحق منا الوقوف عندها ألا وهو د. زهير أحمد السباعي -عضو مجلس الشورى السعودي- عنوانه: تعليم الطب باللغة العربية، وهو عنوان واضح مباشر يدل على ثقة كاتبه بما يكتب بعد تجربة خاضها، وهذا من أهم ما يميز هذا الكتاب، فكون كاتبه طبيباً معروفاً ناجحاً في مجاله يؤكد أن الخطوة مهمة وأن المسألة مسألة قرار جريء يتخذه المسؤولون في عالمنا العربي، وإن المملكة العربية السعودية لجديرة بالمبادرة لاتخاذ هذا القرار.
ولن أطيل في عرض ما ورد في الكتاب ولكنني سأكتفي بوضع عناوينه بين يدي الأحبة القراء، فهي تدل على مافيه:
- لماذا نعلم الطب باللغة العربية?
- تجربتي في تعليم الطب باللغة العربية.
- دراسة عن سرعة القراءة ومدى الاستيعاب باللغتين العربية والانجليزية خطة عمل مبدئية لتعريب الطب «الإطار العام».
هل يمكن لمجلس الشوري أن يضع هذا الموضوع بين موضوعاته المهمة، وهل يمكن أن تسعد الأمة العربية بتطبيق عملي في مجال من أهم مجالات حياتها?
إشــــارة:
تعريب الطب في كليات الطب والمعاهد الصحية في العالم العربي هدف سهل التطبيق.
د. زهير السباعي
مصدر المقال : مجلة الشورى
http://www.shura.gov.sa/arabicsite/majalah57/MENBR.HTM