مسكوكات لغوية

ولغتنا العربية الجميلة ثرية بمثل هذه المسكوكات الموروثة منذ العصر الجاهلي وصدر الإسلام ، وظل استخدامها قائماً حتى يومنا هذا ، وقد استخدمها العرب في  حياتهم اليومية كلغة للتخاطب بينهم، كما استعملها الكتاب والشعراء قديماً وحديثاً على السواء، ذلك لأنها كانت بمثابة الأمثال في اعتمادها على التلميح و الرمز والإشارة التي يُعني بها معانٍ كثيرة . مثال ذلك : بالرفاء والبنين ، هنيئاً مريئاً، تربت يداك، أقرّ الله عينك، سُقِط في يده ، استأصل الله شأفتهم ، قاتلهم الله،

لله درك، مرحى له، أهلاً وسهلاً ومرحباً، لا فُضّ فوك..و هناك الكثير من هذه العبارات التي تشبه الأمثال في مقاصدها، بحيث تدور معانيها حول الدعاء والمدح والذم والتعجب والندم والقسم والتوكيد..الخ

وقد جاءت هذه المسكوكات على هيئة تراكيب لغوية متنوعة، أو على هيئة مصادر سماعية أو دعائية، أو على صورة أسماء تحمل معنى الدعاء فكانت معاملتها معاملة المصدر. وتوجد هذه المسكوكات في كتب التراث اللغوي والأدبي ، ولا سيما كتب الأمثال، وقد جاءت متفرقة في أغلبها، الأمر الذي دفع بعض المهتمين إلى جمعها وتصنيفها وشرحها وتأصيلها، على نحو جزئي ، كما فعل العلامة أحمد تيمور في معجمه " أسرار العربية " ، وإبراهيم السامرائي في كتابه  " من أساليب القرآن" ، أو على نحو استقصائي ، كما فعل محمد الحناش صاحب معجم " التعابير المسكوكة" ، ومحمد أديب في " معجم الأساليب الإسلامية والعربية " الذي صدر في عام 1999 ويضم بين دفتيه 356 مسكوكة لغوية..

وسنتجول الآن في حديقة جميلة لبعض المسكوكات المشهورة وبيان معناها :

 1- بالرفاء والبنين:

   مسكوكة عربية قديمة، وقد كانت تقال في العصر الجاهلي ، في سياق التهنئة والدعاء ، وهي تعني بالرفاء والبنين أي بالالتزام والاتفاق وحسن الاجتماع وسكينة المعاشرة .

قال الأصمعي: الرفاء على معنيين : يكون الرفاء من الاتفاق وحسن الاجتماع، ومنه قول العرب : رفأت الثوب إذا ضممت بعضه إلى بعض ولاءمت بينهما، والوجه الآخر أن يكون الرفاء من الهدوء والسكون، قال اليماني في الزاهر لابن الأنباري : الرفاء : يعني المال..

 2- بقَضّهم وقَضيضهم:

    استعمل العرب هذه المسكوكة اللغوية للدلالة على حدوث الفعل بشكل جماعي وشامل. وفي الحديث الشريف :" يؤتى بالدنيا ، بقضها وقضيضها " أي بكل ما فيها . والقَضّ : الحصى الصغار، والقَضيض : الحصى الكبار، أي أنهم جاءوا بالصغير وبالكبير جميعاً.

 3- حَنانَيك:

   وهي مسكوكة لغوية تقال في الاستعطاف الرقيق ، عرفها العرب في الجاهلية والإسلام ، واستعملوها في شعرهم ونثرهم ، قال شاعر المعلقات طرفة بن العبد وهو يستعطف أحدهم:

 أبا منذرٍ، أفنيتَ، فاستبقِ بعضَنــا … حنانيك ، بعضُ الشر أهونُ من بعض

  أي تحنّن علينا واعطف حناناً بعد حنان ، وذكر علماء اللغة أن "حنانيك" مصدر سماعي جاء بصيغة المثنى لفظاً لا معنى ، ولكن أُريد به التكثير ، مثل لبيك، وسعديك ودواليك.

 4- حيّاك الله و بيّاك:

   هذه مسكوكة تدل على عبارات التحية والسلام عند عرب الجاهلية والإسلام. قال ابن الأنبا ري : إن لكلمة "حيّاك" عدة معان، منها حياك من التحية وهي السلام، أي سلم الله عليك، ومنها أبقاك، وأما قولهم " بياك" فتعني أيضاً : حيّاك على سبيل التأكيد. وقيل إنها تعني: بَوّأك الله منزلاً مرتفعاً، وتركت العرب الهمز، وأبدلوا من الواو ياءً ليزدوج الكلام، فيكون" بياك " على وزن "حياك".

 5- صَبّحك الله بخير :

  مسكوكة أخرى يرددها العرب قديماً وحديثاً، وقد أشار أهل اللغة إلى أنها دعاء للرجل – أو المرأة – بالخير ، والجملة الفعلية التي يقوم عليها هذا الأسلوب أفادت الخبر، إلا أنها تحولت عنه إلى الإنشاء، حين أُريد بها الدعاء. وهذا الأسلوب يستعمله الآن في التحية صباحاً الكثير من العرب.

 6- عِمْ صباحاً :

 مسكوكة جاهلية عريقة تقال للتحية في الصباح، واستخدمها المسلمون أيضاً، ولا تزال مستعملة ليومنا هذا بالمعنى نفسه.

 قال عنترة بن شدّاد :

 يا دار عبلة بالجواء تكلمي…وعِمى صباحاً دارَ عبلة واسلمي

 وكلمة عِمْ، يعم، بمعنى نعم  ينعم ، وعموا صباحاً : جعلكم الله تنعمون في صباحكم.

 7- طوبى لك:

 مسكوكة دالة في معناها على الاستحسان ، وفيها معنى الدعاء للإنسان ، وقد جاء في الذكر الحكيم قوله تعالى في سورة الرعد :" الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسنُ مآب" . وجاء في حديث للنبي محمد عليه الصلاة والسلام قوله :" طوبى لعبدٍ أشعث رأسه، مغبرة قدماه في سبيل الله ، فطوبى له، ثم طوبى له" وطوبى لهم تعني : قرة عين لهم ، الغبطة والخير والحسنى لهم ..

Asics Onitsuka Tiger

التصنيف الرئيسي: 
التصنيف الفرعي: 
شارك: