المصطلح العلمي هو اللفظ الذي يتفق عليه العلماء على اختلاف مشاربهم وتعدد اختصاصاتهم؛ ليدلوا به على شيء محدد، ويميزوا به مفاهيم الأشياء، ويدركوا مستويات الفكر، فهو لغة التفاهم بين العلماء والمفكرين والباحثين والدارسين، وهو بمثابة النافذة التي يطلون منها على مختلف العلوم والمعارف. وإذا كانت الاكتشافات والاختراعات والمؤلفات وجه الحضارة العلمية الأول؛ فإن المصطلحات العلمية وجهها الثاني؛ فلقد واكب المصطلح كل التطورات العلمية والقفزات الحضارية في الماضي والحاضر.اتجه المسلمون إلى ميادين العلم منذ القرن الأول الهجري وحتى القرن السادس؛ نقلاً وترجمة وتأليفاً، حيث قامت الدولة الإسلامية بعد استقرارها بحركة ترجمة واسعة ومنظمة، بدأت في عصر بني أمية بفضل خالد بن يزيد، واستمرت ونظمت في العصر العباسي.وأعطت هذه الحركة العلماء المسلمين فرصة جيدة لتصحيح أخطاءالقدماء العلمية، وإجراء اضافات وابتكارات جديدة، في الطلب والكيمياء والفلك والجغرافيا والرياضيات وغيرها، مما خلّف عصراً ذهبياً للنهضة العلمية العربية.ولقد طرحت حركة الترجمة ونقل العلوم إلى العربية في ذلك العهد قضية تطويع العربية لذلك؛ فلقد كان عليهم أن يستوعبوا معارف علمية جديدة عليهم كل الجدة، وكانت قضية الفراغات المعجمية الموجودة في اللغة العربية خصوصاً في الميادين العلمية البحتة من أعقد القضايا التي واجهتهم؛ فكثرة كاثرة من تلك المصطلحات ليس لها مكافئ عربي، لذلك اعتمد النقلة الأوائل - فيما اعتمدوا - على الاقتراض من اللغات المختلفة، فأبقوا بعضه في صورة الدخيل، والبعض الآخر طوعوه للعربية صوتياً وصرفياً، وقد ساعد على ذلك ثراء اللغة واتساع مناهجها الاشتقاقية فازدادت اللغة ثراء ونمت بنمو علوم الأوائل.وشعر العرب في القرن التاسع عشر بتدفق معين الحضارة الغربية حين فقدوا دورهم كصناع للحضارة بعد أن جثمت الدولة العثمانية على قدراتهم ومقدراتهم ردحاً طويلاً، فأدركوا أن ملاحقة التطور العلمي يقتضي نقل علوم الغرب وترجمتها وهذا لا يأتي إلا بترجمة المصطلح العلمي، فبدأ العمل في مراحله الأولى بجهود فردية، فمنهم من نقل الكتب الأجنبية إلى العربية، ومنهم من ألف في الموضوعات العلمية ومنهم من وضع المصطلحات الجديدة أو صنّف المعاجم العامة والمتخصصة كالمعاجم الطبية الطبيعية ومعاجم النبات والحيوان وغيرها.أمّا مجامع اللغة العربية فإنّ حركة تأسيسها التي بدأت في العقد الثاني من القرن الماضي، تكشف عن انشائها في محيط وعي كلّ الوعي سبب ذلك التأسيس والأهداف التي يرمي إليها؛ وذلك حين هبت على العالم العربي رياح التغيير التي سادت العالم بفضل الثورة العلمية والتقنية، فغيرته تغييراً جذرياً؛ وانتقلت به من عصر الكهرباء إلى عصر الإلكترونيات، فالطاقة الذرية،
فهندسة الوراثة، فالميكروإلكترونيات التي تفجرت منها علوم الحاسب وعلم الفضاء وغيرها.في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العرب العلمي ولدت المجامع اللغوية التي أخذت على عاتقها خلق لغة عربية شاملة في مفرداتها واصطلاحاتها لاستيعاب المعاني الحضارية المستجدة، فلم تكن هذه هي المرة الأولى التي تواجه فيها اللغة العربية ذلك التحدي، فلقد سبق لها مواجهته مرتين قبل ذلك، وكانت الأولى حين استوعبت كلّ المفاهيم والمصطلحات التي استجدت عند مجيء الإسلام مما لم يكن للعرب به عهد، والثانية عندما واجهت علوم الأوائل فكانت أداة طيعة في أيدي المترجمين والنقلة. فقامت المجامع اللغوية تعضدها جهود لغويين كثر بإنجازات مهمة، وكانت باكورة هذه الإنجازات معاجم علمية ومؤلفات ومترجمات أثرت اللغة العربية بآلاف الألفاظ والمصطلحات العلمية ما بين مترجم ومولد ومعرّب ودخيل.ويظهر من المنهجيات التي وضعتها المجامع، تقارباً في الأهداف وتقنيات العمل، فقد اتفقت جميعها على إحياء المصطلح القديم بالبحث عنه في كتب التراث وذلك قبل الإقدام على ابتكار الجديد، وكان موقفهم واحداً من التعريب الذي أجازوا استعماله عندما تدعو إليه الضرورة، أما النحت فقد أهملوه اعتماداً على عدم ملاءمته للعربية، وكونه صعب التطبيق، وأما الاشتقاق والمجاز فهما باتفاق الجميع الأسلوبان الأمثلان لإغناء العربية بمقابلات المصطلحات العلمية، لأنهما ينبعان من طبيعة العربية ذاتها، غير أن ما بذلته المجامع من جهود لتيسير الاشتقاق وتطويعه لاحتواء المفاهيم الحديثة لم يكن بالقدر المرجو، فلم يوظف توظيفاً مكثفاً، ولم يأت بجديد زيادة على ما أتى به القدماء. وكانت الجهود التي بذلت لمعالجة المعضلات الدلالية التي تعاني منها المصطلحات العربية تعتمد طروحات نظرية لم تقدم حلولاً ناجعة في مستوى المصطلح الموضوع، وليس أدل على ذلك من البحوث التي قام بها بعض اعضاء المجامع لإيجاد حلول لإشكالية الترادف والاشتراك اللفظي.وفضلاً عن دور المجامع اللغوية في معالجة قضايا المصطلح العلمي العربي فقد قام في الوطن العربي عدد من المنظمات جعلت من بين أهدافها ترجمة المصطلحات ووضع المعاجم للعلوم التي هي من صميم تخصصها، ومن هذه المنظمات، المنظمة العربية للمواصفات والمقاييس، والمنظمة العربية للتنمية الإدارية، والمنظمة العربية للتنمية الزراعية، ومنظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوبك)، ومجلس الطيران المدني، والمنظمة العربية للثروة المعدنية، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.كما أسهمت في العمل فيما بعد منظمات وشركات دولية، مثل المنظمة العالمية للملكية الفكرية، والمنظمة العالمية للتنمية الزراعية، ومشروع رأب لترجمة مصطلحات الاتصالات في جنيف وشركة سيمنس الألمانية وشركة شل البريطانية، وكان دافع الجميع إلى ذلك وعيهم المتزايد بخطورة المصطلح العلمي، وإدراكهم لدوره في النهضة العلمية العربية.@ @ @ @لقد فجرت تكنولوجيا المعلومات إشكالية اللغة كما لم يحدث لها من قبل، وذلك بعد أن أظهرت المواجهة بين اللغة والتكنولوجيا الحاجة إلى المراجعة الشاملة للمنظومة اللغوية؛ كي تتهيأ اللغة للقاء هذه الالية المثيرة والمتحدية.أما مجالات استخدام تكنولوجيا المعلومات في اللغة العربية فكثيرة، من ذلك استخدامها كأداة للإحصاء اللغوي، ومعالجة الكتابة العربية، واستخدامها في التحليل اللنحوي والصرفي، والمساعدة على وضع نظام آلي لفهم السياق اللغوي في صورتيه الملفوظة والمكتوبة، واستخدامها أداة لميكنة المعجم العربي، ولدعم العمل المصطلحي العربي، فلقد بات واضحاً عجز الوسائل التقليدية أمام السيل المصطلحي المتدفق علينا من كل حدب وصوب؛ لذلك فإنّ تكنولوجيا المعلومات تقدم مساندة حقيقية للعمل المصطلحي؛ من اقتناء مصادر المعلومات وتحليل المادة المعجمية، وتوثيق المصطلح، ونشر قوائم المصطلحات، ومساعدة المعجميين في استخدام المعاجم والمكانز العامة والمتخصصة.وفي الغرب شاع استخدام تكنولوجيا المعلومات لإقامة بنوك المصطلحات لمساعدة المترجمين، وبناء المعاجم المتخصصة، ودعم الترجمة الآلية والتوحيد القياسي، وكذلك لخدمة الشركات الصناعية الكبرى في ترجمة وثائقها؛ تلبية لمطالب السوق الخارجي، مثل ذلك بنك المصطلحات الذي أقامته السوق الأوروبية المشتركة، وبنك مصطلحات شركة سيمنس.كما توجد جهود عربية رائدة في مجال بنوك المصطلحات، لعل أهمها مانحن بصدد الحديث عنه هنا من تجربة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية عبر البنك الآلي السعودي للمصطلحات (باسم)، وكذلك الرصيد المصطلحي للهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس.@ @ @ @ @بدأ التفكير في إنشاء البنك الآلي السعودي للمصطلحات (باسم) عام 1983م للمساعدة في الترجمة الآلية، وبدأ العمل الفعلي عام 1988م، ومن أهدافه: المساهمة في تعريب العلوم والتقنية، ومساعدة علماء المصطلح في وضع مصطلحاتهم الجديدة بناء على المعلومات التي يقدمها البنك وتنظيم دورات تدريبية في أساليب معالجة المصطلحات العلمية وتعريبها وفق أسس علمية بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة داخل المملكة وخارجها.وفي سبيل بناء البنك وفق أفضل الأساليب، أجرى البنك اتصالات واسعة مع البنوك العالمية المعروفة، ومع معظم الهيئات العلمية في الوطن العربي.وقد كانت حصيلة هذه الجهود أكثر من ستمائة معجم أحادي اللغة أو ثنائي أو متعدد اللغات. أما ذخيرة باسم فقد بلغت ما يقارب أربعمائة وستين ألف مصطلح في كل المجالات العلمية والتقنية.وتمر جميع المصطلحات قبل إدخالها في الحاسب بمراحل عدة منها: تصنيف المصطلح حسب الحقول العلمية، ثم اختيار المكافآت اللغوية العربية للمصطلحات بعرضها على المعاجم العربية المختصة، ومن ثم تعد استمارة بيانات خاصة بالمصطلح الجديد (جذاذة) لتخزينه في الحاسب (1). ويتولى هذا العمل جمع من المختصين على درجة عالية من الكفاءة والخبرة.أما الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس، فهي من الأجهزة التي كان عليها أن تواجه عملية الترجمة والتعريب منذ انشائها، فكل أجهزة التقييس العربية قد طلب منها أن تعمل على إصدار مواصفات بلغة عربية لمختلف أنواع السلع والمنتجات، وذلك يعني تعريب كل أوجه العلوم والتكنولوجيا، لأن السلع ذات اتجاهات شتى يتبع كل منها فرعاً من فروع العلم والمعرفة وبما ان المواصفات تشمل كل السلع، فإن ذلك يعني أنها تتعامل مع كل هذه الفروع مجتمعة.وحرصاً من الهيئة على إنجاح عملية ترجمة المواصفات القياسية فقد سعت إلى إلحاق كل مواصفة بقائمة من المصطلحات، ولهذا فقد شكلت لجنة مختصة أوكلت إليها ترجمة المصطلحات، فاعتمدت لعملها خطاً عاماً يجمع بين محاولة توحيد المصطلح المستخدم مع نظائره في العالم العربي ما أمكن، واعتماد اللغة العربية الفصيحة كقاعدة عامة للإنطلاق، والبحث عن المقابل في أحد المصادر الحديثة، وإلا ففي أحد المصادر القديمة التي يمكن أن تعطي معنى اتفاقياً، وتتم الاستعانة إلى جانب ذلك بالاشتقاق، واستخدام المصطلح الأجنبي متى ما كان شائعاً ومستقراً مع اخضاعه لقوانين العربية أي تعريبه.في هذا الجزء من الدراسة سنتناول مصطلحات رصيد كل من باسم والهيئة وننظر في طرق وضعها؛ من حيث موافقتها لخصائص العربية، ومطابقتها لقوانينها من خلال الوسائل التي تعتمدها في صوغ الألفاظ والمصطلحات، ومدى موافقتها للمنهجيات التي أقرتها المجامع اللغوية العربية، لنرى حدود التزام الرصيد بها.ونحن لا نحكم على المصطلح الموضوع في المطلق، ولكننا نضعه في إطار الوظيفة والغاية التي من أجلها قام كل من باسم والهيئة بوضعه، فكلاهما يهدف إلى أغراض وغايات سعى بغية تحقيقها إلى تبني مواقف ومنهجيات لتأدية المفاهيم العلمية تأدية سليمة.وبالرغم من كثرة الدراسات التي خصصت للمصطلح ومنهجياته وطرق توليده والندوات التي تدعو إلى معيرته وتوحيده، إلا أن الدراسات التي خصصت لتقييم المصطلحات في مستوى التطبيق قليلة - إن لم تكن ندرة -، لذا كان علينا تتبع كل المنهجيات لاستقرائها استقراء مستوعباً لجميع جزئياتها سعياً للخروج بتصور واضح عن مصطلح باسم والهيئة في مستوى التطبيق. وهذه الوقفة من المصطلح العربي بصورة عامة - وليس باسم وهيئة المواصفات فحسب - مهمة لاستجلاء ما يعانيه في مستوى الوضع من فوضى وتشتت، للتخلص منها ولتحقيق مزيد من الانسجام بين التنظير والتطبيق. سواء في ذلك ما يضعه الأفراد من ذوي الاختصاص، أو ما تقره الهيئات والمؤسسات العربية.لاحظنا عند قراءة الرصيد وجود بعض الفروق بين الرصيدين في مستوى الأساليب المعتمدة في صوغ المصطلح، وكذا في مستويات المنجية وآليات الوضع، ولا بد من الإشارة إلى أننا اقتصرنا على المصطلح الطبي فقط من رصيد (باسم)، أما رصيد هيئة المواصفات فقد غطى انتقاؤنا جميع الحقول التقنية.ومن حيث الأساليب المعتمدة في وضع المصطلح لاحظنا ما يلي:- أدرك القائمون على المصطلح في باسم والهيئة، أهمية الاشتقاق في وضع المصطلحات؛ لأنه آلية العربية الأولى في النماء والتكاثر، الذي يتم وفق صيغ معروفة؛ حيث تصب الجذر في قوالب خاصة يحمل كلّ منها هيئة مختلفة وزيادات صوتية، فتبقى دلالة الألفاظ المشتقة مرتبطة إلى حد بعيد بالجذور؛ ولهذا فقد تساوى الرصيدان في الاعتماد على الاشتقاق في التعبير على المفاهيم العلمية، والاستفادة القصوى من آلياته، وإن وجد تفرد بينهما فهو قليل، فقد تفرد (باسم) ببعض الصيغ مثل (فُعَال، وأفءعَل، وفُعَالة، وتَفءعَال) نحو: (حُداب، وأصعر، وكُدارة، وتَعءراق).. ولا يوجد ما يفسر عدم استعانة (الهيئة) بالصيغتين الثالثة التي تدل على فضالة الشيء أو ما تحاتّ منه، والرابعة تدل على التكثير والمبالغة، وأحسب أن هاتين الدلالتين لا غنى عنهما في التعبير عن المفاهيم التقنية، أما الثانية فتدل على المرض والعيب وتدل الأولى على المرض كما تدل على الصوت لذا جاء استخدامهما في رصيد باسم منسجماً مع دلالتهما على المرض.كما تفرد (باسم) في الاشتقاق من أسماء الأعيان امتثالاً لقرار مجمع اللغة العربية بهذا الشأن، مثل (بُطان وجُلاد وعُصاب، اشتقاقاً من بطن وجلد وعصب للدلالة على المرض)، كما تفرد في النسبة إلى الظروف مثل (فوقيّ وتحتيّ) والنسبة إلى المركب المزجي مثل (كلسيّ كلويّ).أما الهيئة فقد تفردت بصيغتين هما (فعالة مثل خِزافة، وتفءعِلة مثل تقسية)، والأولى الصق بالمجال التقني لدلالتها على المهنة، مما يبرر عدم استخدامها فيما لدينا من رصيد لباسم.- وفيما يتعلق باعتماد الرصيدين على الإفادة من المجاز الذي يعد آلية العربية الثانية في تكاثر الألفاظ ونموها، فإن ما جاء في مصطلحات مجازية كان في رصيد باسم، إضافة إلى اعتماده دون رصيد الهيئة على إحياء المصطلح القديم الذي سبق لمجمع اللغة العربية أن أصدر قراراً بشأنه ينص على جواز استعارة ألفاظ مهجورة في اللغة للدلالة على المعاني الحديثة، بشرط وجود مناسبة بين المعنيين القديم والحديث، وأن يكون اللفظ القديم خفيفاً على اللسان، ومما جاء في ذلك في رصيد (باسم):(العذرة، الذي وضع مقابلاً للمصطلح Tonsillitis ويعني التهاب اللوزتين، وجاء في لسان العرب: قيل هي قرحة تخرج في الحزم الذي بين الحلق والأنف يعرض للصبيان عند طلوع العذرة!) كذلك المصطلح (علز الذي وضع مقابلاً للمصطلح Unrest ويعني القلق وعدم الاستقرار، وفي اللسان: العلز الضجر، وهو شبه رعدة تأخذ المريض، أو الحريص على الشيء كأنه لا يستقر في مكانه).- أما في مستوى التركيب، ففي الوقت الذي تكثر في رصيد باسم المصطلحات الأجنبية المكونة من سوابق ولواحق وجذور، تكثر في رصيد الهيئة المركبات الجذرية المكونة من كلمتين أو أكثر، الأمر الذي كان له أثر في وضع المركبات العربية المكافئة للمركبات الأجنبية، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر: المصطلح: استئصال السرة مقابل Umbilectomy من رصيد باسم، والمصطلح جهاز كليفلاند المفتوح مقابل Cleveland open cup من رصيد الهيئة).ومن حيث المركبات الوصفية والإضافية فقد وجدت في الرصيدين بالنسبة نفسها، ومن المركبات الوصفية (الحمى المتموجة، وقرحة سكرية، ولقاح جرثومي "باسم"، وشحن زائد، والخرسانة الطازجة، والسعة الاسمية "الهيئة").ومن المركبات الإضافية (رهاب الألم، وعوز الهواء، وفتح الأذين "باسم"، ومقاومة الشد، ونقطة الاشتعال، واختبار الذبذبة "الهيئة"). وأما المركب المزجي المكون من كلمتين، أو من كلمة مع لا النافية، فيكثر في رصيد باسم، ومن ذلك (حيهوائي، واللاعطشية).وقد وجدت المركبات الطويلة والمعقدة في رصيد الهيئة ولم توجد في رصيد باسم؛ وذلك ناتج عن المركبات الجذرية التي وردت في الأصل الأجنبي.وفيما يخص النحت فلم نجد ترخصاً في استعماله في كلا الرصيدين؛ وذلك استجابة لقرارات المجامع اللغوية.وأما الاقتراض من اللغات الأجنبية فيوجد في الرصيدين على نحو ليس بالكثير لكنه في رصيد الهيئة أكثر منه في رصيد باسم، ولعل ذلك عائد إلى الاختلاف الماثل بين الرصيدين، حيث توجد في رصيد الهيئة مقترضات كثيرة لأسماء المركبات والأجهزة والآلات وغير ذلك مما لا يمكن ترجمته.كما يظهر في الرصيدين حرص على تعريب الأصوات الأجنبية بمقابلات عربية، وفي مستوى التعريب الصرفي انزلت بعض المقترحات على أوزان العربية، ومن ذلك (الأثيرية، مقابل Lathyrism، وأراج مقابل Allergosis "باسم" وقنديلة مقابل Candela، وفلكنة مقابل Vulcanization "الهيئة". لكن ظلت بعض المقترضات مستعصية على التعريب محتفظة ببنيتها المقطعية، وذلك موجود في كلا الرصيدين، مثل تيروكسين، وايدروكلوريك.- تكثر التعريفات في رصيد الهيئة مما ينفي عن الرصيد شبهة المسارد وذلك لأنها ترى في تعريف المصطلحات مواصفة، بل ربما كان تعريف المصطلح من أهم المواصفات. أما رصيد باسم فإنه يورد للمصطلح تعريفاً حيناً، وحيناً آخر يورده دون تعريف، لكن تعريفات باسم يشار دائماً إلى مصدرها، حيث تكون مرة من وضع باسم ومرة من المصادر التي يعتمدها في وضع المقابلات.- اتسم رصيد الهيئة بالنفعية وبالنظرة المتسامحة إلى اللغة باعتبارها وسيلة لا غاية، أما رصيد باسم فقد اتسم بالمعيارية الصارمة إلى حد ما، ولكل أسلوب من الأسلوبين حسناته وسيئاته، فالنفعية لدى الهيئة جعلتهم لا يتحجرون في استعمال اللغة، ولا يقفون جامدين إزاء القرارات والمنهجيات، إلا فيما يرون في عدم اتباعه خروجاً على الإجماع العربي وخرقاً له، لكن هذه النظرة المتسامحة قادت أحياناً وليس دائماً إلى بعض العفوية والانفلات المنهجي اللذين أثرا سلباً على بعض مصطلحات الرصيد.أما المعيارية شبه الصارمة التي اتسم بها رصيد باسم، فإن من حسناتها أنها حمت الرصيد من بعض العيوب المنهجية كالمبالغة في الاقتراض، والتسامح في التعريب والنحت، فوقفت بالرصيد عند حدود القيود والضوابط الموجودة أصلاً في اللغة، وتلك التي استنتها المجامع اللغوية، لكن المبالغة في المعيارية قادت في بعض مظاهرها إلى تعلق بالقديم حتى لو كان ملبساً، والاستغناء به عن المصطلح الشائع لمجرد أنه معرب أو مركب.وكأي عمل معجمي عربي لم يخل رصيد المؤسستين من بعض السلبيات والهنات، لكنّ ذلك لا يقلل من قيمة الرصيد في كلتا الجهتين، ولا من مستوى الجهد المبذول من قبل القائمين على المصطلح، لكننا نطمح إلى أن ترقى التجربة السعودية في كل من باسم وهيئة المواصفات إلى المستوى الذي يليق بها؛ عندما يسعى العاملون على المصطلح للتخلص مما يشوب إشراقة هذا العمل وريادته، وأهم السلبيات التي يعاني منها الرصيد: 1- الترادف: ويعني دلالة لفظين أو أكثر على معنى واحد، وهو من الظواهر التي يعاني منها المصطلح العربي عامة، حيث يفقد المصطلح دقته وخصوصيته، وقد وجدنا الترادف في كلا الرصيدين، لكنه في هيئة المواصفات يكاد يشكل ما يشبه الظاهرة حيث يوضع للمصطلح الواحد ما بين لفظين مترادفين إلى أربعة أو خمسة، ومن ذلك المصطلح (Cap) وضعت له المقابلات: رأس، قاعدة، كمة، قلنسوة، غطاء. والمصطلح (Capacity) وضعت له المقابلات: حمولة، طاقة، سعة، وسع، قدرة.ومن المترادفات في رصيد باسم: المصطلح (Agglutination) وضعت له المقابلات: تلازن، تراص، تجمع، والمصطلح (Polydactyly) وضعت له المقابلات: العنش، الزمع، تعدد الأصابع. 2- الاشتراك: وفي مجال المصطلحات العلمية ونقلها إلى العربية ينتج الاشتراك عن وضع مصطلح عربي واحد مقابل مصطلحين أجنبيين أو أكثر، ومثل ذلك: المصطلح (انهيار) وضع مقابلاً للمصطلحات (Collapse) و (Failure) و(Breakdown) وذلك في رصيد الهيئة، كما وضع المصطلح (جرثومة) مقابلاً ل(Microbe) و(Blast) و(Bacteria) في رصيد باسم. 3- استخدام المصطلح القديم المتوعر والغريب، بدلاً من مقابلة الأكثر شهرة وسهولة، ومن ذلك: وضع المصطلح (معثكلة) بدلاً من (البنكرياس) و(العفج) بدلاً من (الاثنا عشر) و(الموثة) بدلاً من (البروستات) و(الملقوة) بدلاً من (الانكلوستوما) و(الصَفَر) بدلاً من (الاسكارس) و(حثر) بدلاً من (تراخوما) وهذه النماذج من رصيد باسم، وقد جاءت انسجاماً مع توصيات مجمع اللغة العربية في مستوى الوضعوأخيراً فإن القائمين على المصطلح في كل من باسم وهيئة المواصفات والمقاييس قد اعتمدوا على جهدهم الخاص إضافة إلى استفادتهم من الأعمال المعجمية العربية، وعلى رأسها مجموعات المصطلحات التي صدرت عن المجامع اللغوية العربية ومكتب تنسيق التعريب في المغرب، ونحن نعلم أن جهود المجامع تهدف إلى اقرار مصطلحات تتطابق والمقاييس اللغوية القديمة لكنها في الوقت نفسه جهود توفيقية تسعى إلى خلق توازن بين موقف الصفويين وموقف دعاة التجديد في المعجمية العربية العلمية المعاصرة.(1) عبدالله القفاري، خطوات تطبيقية نحو منهجية مدعمة بالحاسب الآلي لمعالجة ونشر المصطلح العربي، ندوة تطوير منهجية وضع المصطلح العربي، عمّان من 6- 9سبتمبر 1993م.
======================
نشر في صحيفة الرياض - الخميس 28 محرم 1423 العدد 12344 السنة 38
http://www.alriyadh.com.sa/Contents/2002/04/11-04-2002/page5.html