سبق أن نشرنا في العدد الثامن والأربعين من مجلة "التراث العربي" ما سنح لنا من مستدركات على معجم "محيط المحيط" للمعلم بطرس البستاني. ثم ألحقنا في العدد التاسع والأربعين مستدركات الأب أنستاس الكرملي على هذا المعجم الثريّ. وقد تعقبنا في ذلك المقال ماجاء من تلك المستدركات في السنة الخامسة من مجلة "لغة العرب" التي كان يصدرها الأب الكرملي. وها نحن أولاء نتابع نشر المستدركات التي وردت في السنة السادسة من مجلة "لغة العرب" (سنة 1928)، إما مباشرة وإما من خلال نقد الكرملي لمعجم "البستان".
و"معجم البستان" هذا كما ذكرنا قبلاً في مجلة "التراث العربي" من تأليف عبد الله البستاني. وكان مؤلفه قد اعتمد في جملة مصادره "محيط المحيط" دون تمحيص ما نقله عنه.
وهدفنا في هذا النشر كما بيّنا في أول مقال لنا بهذا الصدد تهذيب "محيط المحيط" نظراً لقيمته العلمية واللغوية، وزيادة في صونها وتخليصها من الشوائب، واستجابة لأماني مؤلفه المعلم بطرس البستاني، وتحاشياَ لعدوى الأخطاء التي تتسرب عند النقل، ولاسيما أن من خصائص المعجمات وكتب اللغة الرجوع إليها في الحين تلو الحين، واعتمادها في ابتغاء القول الفصل، وتحري الصحيح من مفردات الكلام والكتابة.
والغاية من وراء ذلك كله خدمة اللغة العربية. فإن خدمتها من أسنى المآرب الشريفة القومية والإنسانية.
***
جاء في الجزء الأول من السنة السادسة من لغة العرب:
الإشفى
في محيط في مادة ا ش ف؛ الإشفى (وضبطها بكسر الأول وفتح ما قبل الآخر) الإسكاف. وهو غلط ظاهر والصواب مثقب للإسكاف ومعناه الأصلي السُلاّءة كما في الآرامية.
نقد صفحة من البستان
قال الشيخ حفظه الله ومتعنا بطول عمره في مادة ش و ك: "شاك السلاح" وفيه قولان أحدهما أن أصله شوك (وضبط الواو بالفتح وزان سبب) قلبت الواو ألفاً لوقوعها متحركة بعد فتحة..." ـ قلنا: والصواب شوك (بكسر الواو) إذ لا وجود لشوك المفتوحة الواو بمعنى شائك.
وقال في جمع الشوك: "أشواك". ـ قلنا: لم يرد الأشواك في كلام فصيح والصواب أن الشوك لفظ شبيه بالجمع ولم ينقل عنهم جمعه.
وذكر شرحاً للشوكة ما حرفه: "والشوكة عند المولدين أداة كالمذراة ذات أصابع دقيقة محددة يؤكل بها." ـ وهي عبارة محيط المحيط إلا أنه غير "آلة" "بأداة". وقوله ذات أصابع كلام غريب والأحسن ذات أسنان.
وشرح شوكة الكتان بقوله: طينة تدار رطبة ويغمز أعلاها "ثم" تنبسط ثم .... ـ والصواب ويغمز أعلاها "حتى" تنبسط ليستقيم المبنى والمعنى.
وفي تلك الصفحة عينها: "أرضي شوكي نبات يقال له الخرشوف.". وفي هذا التعبير عدة معايب:
1 ـ لم يحل اللفظة بأل التعريف على مألوف عادته في الأسماء.
2 ـ لم يضبط حرفاً من أحرفها.
3 ـ هذه الكلمة "أرضي شوكي"، من الألفاظ التي اختلقها الياس بقطر(1)، وليس لها وجود في العربية البتة، لأن تركيبها ليس عربياً. ولو كان كذلك لقيل: الشوك الأرضي، أو الأريض الشوكي مثلاً. ومعنى الأريض العريض. وذلك أن لهذا النبت ثمرة ملمومة الأوراق وأوراقها عريضة وفي طرف كل ورقة شوكة صغيرة. فيكون الأريض الشوكي النبت العريض [الورق] الشوكي [في طرفه] فيجيء التركيب عربياً. أما الأرضي الشوكي فتركيب غير سائغ في لغتنا ولا معنى له فيها. ونقلها عن بقطر رسل وعنه فريتغ فأخذها عنه البستاني الكبير فبستانينا الأخير. أما أجدادنا العرب فإنهم لم يعرفوها ولم ترد في ديوان من دواوينهم.
ومما ينظم في هذا السلك قوله في تلك الصفحة نفسها: "الحبل الشوكي هو النخاع المستطيل الممتد من الدماغ في قناة الفقرات" ـ وهو تعبير غريب لعدة أسباب:
1 ـ لأن الحبل الشوكي لم يذكره أحد من السلف في كتبهم إذ اللفظة حديثة الوضع ذكرها الأطباء المحدثون وأهل التشريح نقلاً عن الإفرنج.
2 ـ لم يضبط الحرفين كما هو المطلوب منه.
3 ـ سوء التعبير وعجزه عن تأدية المعنى. فلو قال: هو النخاع الذي ينقاد من الدماغ إلى أسفل فقرات الظهر لكان أوفى بالمراد.
4 ـ إن السلف قالوا في هذا المعنى خيط الرقبة أو حبل الفقار لا غير.
وسماه في محيط المحيط حبل الظهر أيضاً، لكني لم أره في كتاب ثقة ولا جرم أنه أبدل1 حبل الفقار بقوله حبل الظهر. وعرف اللغويون حبل الفقار بأنه عرق ينقاد في الظهر من أوله إلى آخره (التاج) والعرق في كلامهم هذا لا يعني ما يريد به الأطباء من باب التحقيق. بل ما يريد به اللغويون من باب التشبيه، فإنهم يسمون بعض ما يمتد طولاً حبلاً وخيطاً وعرقاً. فقدقالوا مثلاً العرق المدنى، وهو داء معروف في المدينة ويسمى في بعض ثغور خليج فارس شعرة الحية وهي دودة دقيقة تكون تحت الجلد وليست بعرق ولهذا يسميها العراقيون أيضاً شعرة الحية والصواب الشعرة الحية، كما سموا الجبل وحبل الرمل عرقاً أيضاً. كل ذلك لما في هذه المسميات من معنى الامتداد.
ومما ورد في تلك الصفحة عينها ونعده غلطاً قوله: "الأشواك من الثياب الخشن لجدته. يقال: ثوب أشوك وحلة شوكاء". قلنا في هذا التعبير سقم تركيب ظاهر فكان يحسن أن يقول: الأشواك من الثياب الخشنة لجدتها لتطابق الصفة الموصوف، لكن في هذا التعبير غلط آخر وهو أنه لا يقال الأشواك جمعاً لأشوك بل المفرد المؤنث شوكاء. وهناك غلط ثالث وهو كان يجب عليه أن يقول: الأشوك من الثياب الخشن فزاد الطابع الألف من عنده فصار الأشواك، على أن الأشوك نفسه غلط رابع وذلك لأن الأشوك لم يرد مذكراً لموصوف مذكر بل سمع عنهم شوكاء صفة لحلة، فقالوا حلة شوكاء ولم يخطر ببالهم أن يقولوا: ثوب أشوك. لكنه نقلها عن محيط المحيط ولم يلتفت إلى مافيه من الأغلاط الفظيعة الشنيعة.
وليت الأشوك يكون آخر غلط جاء في تلك الصفحة فقد ورد فيها غلط آخر وهو قوله: "وشال ميزان فلان غلت في المفاخرة"، فلم نفهم هذا الكلام ولا المراد من قوله: "غلت" إذ لا معنى لها هنا ويوافق سياق الكلام وبعد أن فكرنا طويلاً، قلنا: لاشك أنه أراد: غلب (بصيغة المجهول) في المفاخرة. لكن المنضد قلب الباء الموحدة التحتية تاء مثناة فوقية فانقلب المعنى ظهراً لبطن بل انقلب كلاماً لا ظهر له ولا بطن، ولم يلتفت المصحح إلى ماحل بالكلمة من التحويل والتبديل. وليس في آخر الكتاب تصحيح لأغلاط الطبع التي وردت فيه لتبرئه من كل تهمة والأغلاط التي فيه تشوه كل صفحة من صفحاته التي تعد بالمئات.
فهل حفظت الأغلاط التي سردناها لك وقد جاءت في صفحة واحدة؟... ـ فهي:
1 ـ شوك (كسبب) و الصواب كحذر.
2 ـ أشواك (كأحمال) والصواب شوك (كقول).
3 ـ أصابع والصواب أسنان.
4 ـ ثم تنبسط والصواب حتى.
5 ـ أرضي شوكي والصواب حذف هذه اللفظة بتاتاً من اللغة، والاكتفاء بالخرشوف لا غير2.
6 ـ ثوب أشوك لا يقال بل حلة شوكاء.
7 ـ غلت في المفاخرة والصواب غلب في المفاخرة. وهكذا قل عن كل صفحة من هذا المعجم فإن الأغلاط تكثر فيها، وتختلف بعضها عن بعض عدداً ونوعاً باختلاف المواد. فتأمل.
ننتقل إلى ذكر ما ورد فيه من الأوهام ذاكريها طوائف وفصولاً فصولاً كما بدأنا في جزء سابق فنقول:
جهله علم الحيوان
جاء في مادة رب ح: الرباح بالفتح كسحاب... دويبة كالسنور وهي قطعة (كذا) الزباد لأنه يحتلب منها. وـ بلد يجلب منه الكافور ـ الرباحي: صنف من الكافور منسوب إلى رباح وهو البلد الذي يجلب منه الكافور. آه.
فلننعم النظر في هذا الكلام، وأول كل شيء نأخذه عليه أنه قال الرباح بالفتح كسحاب، فقوله بالفتح زائد لأن إيراد وزنه كاف ـ ثانياً قوله دويبة كالسنور في غير محله إذ الدويبة المذكورة لا تسمى رباحاً بل زباداً أو زبادة فصحفه بعضهم وجرى وراءهم على هذا التصحيف كثيرون من الأدباء والكتبة واللغويين، وكان الأليق به أن يقول إن الرباح تصحيف مخطوء فيه لكلمة زباد وقد حقق ذلك صاحب تاج العروس ولا نريد أن نورد كلامه وتحقيقه لطوله.
ثالثاً قوله: "وهي قطعة" من غلط الطبع وقد ذكرنا ذلك في محله والصواب قطة الزباد وهي عبارة محيط المحيط إلا أنه قدم فيها وأخر ليوهم أنه غير ناقل؛ لكن الفضيحة تظهر في قوله: "قطة الزباد" والسلف لم يقل أبداً قطة الزباد بل سنور الزباد (راجع حياة الحيوان للدميري). ولم ينطقوا في هذا المقام بالقط والقطة أبداً لأن قولهم "القط" خاص بالحيوان الأليف الأهلي أما السنور فقد يقع على الوحشي أيضاً كما يؤخذ من نصوص الأئمة، وأنت تعلم أن الزباد أكثر ما يكون وحشياً وقليلاً مايكون أهلياً. وهناك سبب آخر وهو أن اللفظة القليلة الأحرف تدل على معنى يقع على مدلول صغير بخلاف اللفظة الكثيرة الأحرف فإنها تدل على مدلول أكبر ولما كان الزباد أكبر بقليل من القط دعوه سنور الزباد لا قط الزباد.
أما معنى الرباح أو الرباحي على الحقيقة فهو ضرب من الكافور فاخر. ولا جرم أن الكلمة مصحفة لأننا لا نجد اليوم في كتب البلدان بلداً معروفاً بهذا الاسم، ولهذا نظن أنه مصحف تصحيفاً قديماً وهو زباج (بزاي وباء موحدة تحتية وألف وجيم)، والكلمة على وزن سحاب، وهي لغة في زابج وتمال الألف فيهما فيقال زيبج وسيبج وينسب إليهما زيبجي وسيبجي ومن ذلك السيابجة ببائين موحدتين أو السبائجة بهمزة قبل الجيم والصواب السيابجة وهم الذين سماهم صاحب البستان بالسابجة التي لم يذكرها أحد وإن كانت تجوز هذه التسمية الأخيرة المصلحة من غلطها على سبيل حذف ياء النسبة وقد وردت أمثلته في كلام علمائنا الأقدمين.
أما ماهي زابج. فالذي حقق علماء العصر من مستشرقين وغيرهم أنها جزيرة "جاوة" الحالية وكانت تطلق أيضاً هذه التسمية على ما جاورها أي على ما نسميها اليوم سومطرة وقد جاءت زابج وزباج وسابج وسباج بصور كثيرة مصحفة لا تعد وكلها في المخطوطات والمطبوعات وما ذلك إلا لغرابة اللفظة عن مألوف الألفاظ ولتناول القوم إياها من أدباء وجهلة فخبطوا وخلطوا والمشهور ما ذكرناه.
وعليه كان يجب على المؤلف أن يقول مثل هذا الكلام أو يقاربه: "الرباح كسحاب.. تصحيف قبيح مرغوب عنه للزباد وهو دويبة كالسنور وتسمى أيضاً سنور الزباد و ـ بلد يجلب منه الكافور وهو تصحيف زباج الذي هو لغة في زابج وهي جزيرة تعرف اليوم بجاوة وربما جاءت بمعنى سومطرة أيضاً. وسمي رباحياً أيضاً نسبة إلى رباح خطأ وقد تحذف ياء النسبة كما قالوافي جهرمي جهرم.
ومن غرائب وقوفه على علم الحيوان ماقاله عن التمساح فقد ذكر في مادة ت م س ح؟ ماهذا حرفه: "التمساح [ولم يضبطه إلا بالقلم] حيوان مائي كالسلحفاة ضخم طوله نحو خمسة أذرع... آه". قلنا: وأول شيء نعترض عليه هو ذكره التمساح في باب ت م س ح: وجميع اللغويين (ما خلا صاحب محيط المحيط ومن نقل عليه) ذكروه في م س ح لأن التاء زائدة وهي في ما أظن ـ أداة التعريف للمذكر عند قدماء المصريين والكلمة مصرية. والشيء الثاني الذي نأخذه عليه أنه تابع صاحب القاموس في قوله: حيوان مائي كالسلحفاة، وهو تعريف يصح أن يذكر في أيام أبينا آدم أو نوح أو أحد الآباء الأقدمين، أما اليوم فهذا التعريف يبعث على الضحك والإغراب فيه. ولو تابع صاحب المصباح لكان أحسن ـ ثالثاً أن في التمساح لغة ثانية ذكرها صاحب المصباح وهي التمسح بحذف الألف. وهذه عبارته في مادة م س ح والتمساح من دواب البحر يشبه الورل في الخلق لكن يكون طوله نحو خمس أذرع وأقل من ذلك... والتمسح كأنه مقصور منه والجمع تماسيح وتماسح اه ـ رابعاً: قال خمسة أذرع كما نطق به المجد الفيروز ابادي والمشهور أن الذراع مؤنثة وإن كانت تذكر فاتباع الأفصح المشهور خير من اتباع القبيح المهجور. قال ابن بري. الذراع عند سيبويه مؤنثة لا غير ولم يعرف الأصمعي التذكير في الذراع (راجع لسان العرب وتاج العروس)، ومع ذلك إننا لا نخطئه لكونه ذكر تذكيره هنا إنما نقول كان الأحسن أن يؤنث. لأن حضرة المؤلف الجليل يرمي دائماً إلى الفصيح بل إلى الأفصح على ما يرى من كتاباته وتآليفه.
ـ خامساً: كنا نود أن يعرف الحيوانات والنباتات والجمادات تعريفاً علمياً عصرياً فإن أبناءنا قد ملوا هذه التعريفات القديمة لأنها غير محققة وتنافي تقدم العلوم الطبيعية على ضروبها.
جاء في الجزء الثاني من السنة السادسة من لغة العرب:
الحرز (محركة)
في محيط المحيط: الحرز الخطر والجوز المحكوك تلعب به الصبيان... اه، أخذ هذه العبارة صاحب البستان فقال: الحرز محركة الخطر و ـ الجوز المحكوك الذي يلعب به الصبيان... ولم يصب في كلامه لأنه توهم أن الخطر غير الجوز المحكوك ففصل المعنى والأب بلو اليسوعي لم يفهم هذا الشرح في فرائده (الفرائد الدرية في اللغتين العربية والفرنسية): حرز: dê à jouer أي الكعب أو الزهر (زار الطاولة عند العراقيين) والخطأ أوضح من الشمس في رائعة النهار. وقد أعاد هذا الغلط في معجمه الآخر الفرنسي العربي 1 : 290. وفي ديوان الأدب: الحرز الخطر وهو الجوز المحكوك الذي يلعب به الصبيان يفعل به ذلك ليكون أسرع تدهوراً في بعض الألعاب لهم لا كلها اه.
فوائد لغوية
الشيخ عبد الله البستاني ولغتنا
خذ بيدك أي ديوان لغة شئت من دواوين لغتنا الشريفة وتصفحه حق التصفح تتحقق أن فيه بعض المغامز. هذا كتاب "العين" للخليل، الذي له السبق على سائر المصنفات التي من ضربه، لا يخلو من معايب؛ وقد نبه عليها اللغويون الذين جاؤوا بعده، إن في حياته وإن بعد وفاته. وكذا قل عن كتاب الجمهرة لابن دريد والتهذيب للأزهري، والصحاح للجوهري، والمحكم لابن سيده، والمجمل والمقاييس كلاهما لابن فارس، والمحيط لابن عباد، إلىغيرها من معاجم اللغة، فلقد جاء بعدهم من أخذ عليهم بعض أمور لم يصيبوا فيها وكان النقد صحيحاً في أغلب الأحيان إن لم يكن في جميع المواطن.
على أن تشويه اللغة الشنيع لم يبدأ إلا لما أخذ المستشرقون في تصنيف المعاجم واستدراك مالم يجدوه في كتب متون اللغة، بل وجدوه في تصانيف المولدين وأرادوا إيداعه مؤلفاتهم. فكانوا كحاطب ليل، أحسنوا في أمور وأساؤوا في أخرى. وبين هؤلاء المتعربين: غليوس وفريتغ.
كان غليوس أول من عني بتدوين المستدركات لكنه لم يكن واقفاً حق الوقوف على أسرار العربية ومطالعة كتب الخط، فقرأ ألفاظاً على ما تصورها وفسرها على ما شاء فجاء بعده فريتغ فكان أوقف منه على مساقط الكلم فأصلح شيئاً من أوهام سلفه، بيد أنه حاول أن يدون حروفاً عثر عليها في مطالعاته فأخطأ الحفرة هو أيضاً في تعابير كثيرة وقرطس في أغراض لا بأس بها.
ثم جاء غيرهما من أبناء الغرب، فكانوا كأخويهم بين مصيبين ومخطئين. وعلى كل حال نعذرهم لأنهم أجانب عن منطقتنا ومصطلحنا ولساننا وكتابتنا ونتسمح معهم كل التسمح مهما تمادوا في الضلال.
لكن فساد مفردات اللغة لم يبدأ إلا لما شرع المعلم بطرس البستاني في تصنيف ديوانه الكبير (محيط المحيط) فحينئذٍ جاءت تلك الأوهام والأغلاط كالسيل المنهمر من عل، جاحفاً في سيره أصول العربية وفروعها، فشوه كل ما مر به غير محترم أقوال المصنفين. ولا جرم أنه لم يتعمد ذلك. حاشا لله أن أقول ذلك، إنما أنا أنظر إلى العاقبة وأحكم على ما أشاهده، فإنه أضر بلغتنا أكثر مما نفعها. وهذا معجمه بأيدينا، لو وزنت مافيه من المساوئ والمعايب والمغامز والأوهام والهنات، وتجسمت تجسم المحسوسات، لقام في وجهك كالجبال التي لا تتزعزع ولا تزال.
وذنب المؤلف أنه نقل كتابه عن معجم فريتغ وهو في اللغتين العربية واللاتينية، والظاهر أنه كان يشدو اللاتينية ولا يعرف منها إلا الذرء فخبط وخلط، وجاءنا بذاك النتاج الجامع بين الحسنات والسيئات على أغرب وجه وأعجبه.
ولماكان هذا المعجم سهل التناول أقبل على شرائه ومطالعته أبناء العصر ولاسيما المؤلفون منهم والمصنفون والصحفيون فكانت عثراتهم لا تقال، وأصبحت أوهامهم داءً عضالاً. ثم جاءت بعده مصنفات الآباء اليسوعيين من معاجم عربية فرنسية وفرنسية عربية، وعدا وراء الكل الشيخ سعيد الشرتوني والجميع يأتمون بالمعلم بطرس البستاني. وقد أصبح لهم ولكل من جاء بعده الدليل الوحيد فأصبحت الأغلاط من الشائنات غير الزائلات وهكذا أخذت اللغة تسير في وجه غير وجهها فتفسد شيئاً بعد شيء، وتتحكم تلك الأغلاط في النفوس والأقلام وليس من يقوم وينبه على تلك الفظائع الشنيعة.
كنا نفكر في معالجة هذا الداء الوبيل ونتطلب وسيلة لصد السيل الجحاف أو لإيقافه عند حده، إذ قيل لنا أن الشيخ عبد الله البستاني، يصنف معجماً يكون جامعاً للحسنات ومزيلاً للسيئات ودواءً للأدواء، فاستبشرنا خيراً وكنا على أحرمن الجمر لرؤية تلك الدرة النفيسة، قاصدين نشر حسناتها وإذاعتها على رؤوس الملأ، لكن ماكاد يصل إلى أيدينا المعجم ونتصفح صفحات منه حتى انقلبنا آسفين على ما برز من قلم الأستاذ الكبير. فإنه لم يكتف بتدوين أغلاط من تقدمه من المحدثين، ولاسيما أغلاط المعلم بطرس البستاني والشيخ سعيد الشرتوني ـ و"بستانه" ليس إلا نسخة جامعة بين هذين المعجمين لا غير ـ بل زاد على ذلك ضغثاً على ابالة، فجاءنا بأغلاط لم تخطر على بال بشر، ولم تجل في خاطرنا عربي البتة.
وذكر هذه الأغلاط أمر صعب، إذ يحتاج الكاتب إلى وضع تصنيف بكبر تصنيفه ليعدد تلك الأوهام ويثبتها بشواهد وليظهر فسادها أو ليزيفها. على أن ما لا يدرك كله لا يترك جله. ونريد بهذا الجل إشارات إلى أنواع ما هناك من المغامز الخاصة بهذا المعجم الغريب.
ولكي لا يتهمنا أديب بالمغالاة أو بالتحزب على شيخنا الوقور، نأخذ صفحة من صفحات كتابه ونعرضها على القراء.
1 ـ قال حضرته في ص 1087 من كتابه: "السرق: مصدر و ـ شقق من الحرير الأبيض معرب سره بالفارسية أي جيد. الواحدة سرقة.".
قلنا: إن هذه العبارة عبارة محيط المحيط للبستاني وعبارة جميع اللغويين الأقدمين لكن اللغوي الناقد إذا وقف على هذه العبارة ومثلها يعدها خرافة إذ كيف يكون معنى سره بالفارسية جيداً. ويكون في العربية شققاً من الحرير الأبيض هذا أمر لا يقبله العقل. إن السرق أعجمية بمعنى الحرير، لكنها ليست فارسية بل لاتينية أي Sericum.
2 ـ وقال: "السرق كصرد: ضرب من النبات.".
وقد بحثنا عن هذا الحرف في ما لدينا من الكتب النباتية واللغوية من مطبوعة ومخطوطة. فلم نجد ذكراً لهذا النبت عند السلف، إنما وجدنا الكلمة في محيط المحيط وهذا نقلها عن فريتغ ولم يعزها. وفريتغ نقلها عن فورسكال في كتابه أزاهير مصر وجزيرة العرب. فاتضح أن الكلمة عامية. وهذا ما يجب أن يشار إليه كما فعل الأقدمون وكان يجب أيضاً أن يذكر نوع هذا النبات حتى لا يكثر في دواوينا مثل هذا القول الذي أعيا الكبار والصغار: ضرب من النبات من غير أن يحلوه. و هو أمر كان كافيا في العصور الأولى، أما الآن فلا يكفينا.
3 ـ وترى في تلك الصفحة قوله: "السرقين [وضبط الأولى بالكسر والثانية با لفتح] الزبل كالسرجين"....[ وضبط زاي الزبل ضبط قلم بالضم].
والصواب ضبط زاي الزبل بالكسر وهو مشهور.
4 ـ وفي تلك الصفحة: "السركار [وضبطها بكسر السين] ديوان الوالي فارسية".
وهي عبارة محيط المحيط وقد نقلها عن فريتغ. وفريتغ لم يضبط اللفظة ولم يقل ديوان الوالي، بل قصر الأمير Aula principis وهي لم ترد إلا في كلام المولدين المتأخرين من الكتبة ولم ترد في كلام فصيح. ففي قوله إذن غلطان: غلط ضبط وغلط معنى.
5 ـ وفيها: "سرمه تسريما: قطعه. تسرم: تقطع مطاوع سرمه.". ولو زاد على ذلك: وكلتاهما لغة في صرم وتصرم لاهتدى الباحث إلى اللغة المشهورة.
6 ـ ومن ألفاظه الخاصة بمعجمه قوله في تلك الصفحة: (ذوات السرم) من الحيوان ما كان له مسلك واحد للنسل والثفل كالطير".
قوله "ذوات السرم" لا يقابل ما يريد به. ثم إن هذا التعبير حديث الوضع لا يعرفه الأقدمون ولم يشر إلى حداثه وضعه. وهو قصور باد لكل ذي عينين. والذي وضعه الإفرنج في هذا المعنى هو Monotrèmes ولا يطلق على الطير بل على طائفة من الحيوانات ذوات الثدي إلا أنها وسط بينها وبين الطير فقد أخطأ في التسمية وأخطأ في الشرح وأخطأ في التمثيل ثم ولو قال: "الوحيدة المسلك"، لكان أحسن وأعف لفظاً.
7 ـ وفي ذلك الوجه يقول أيضاً: سرم الديك نوع من النبات.
قلنا: العبارة عبارة محيط المحيط وهي من سوء النقل عن فريتغ. والصواب أن يقال: هو ثمرة الورد ويكون أحمر وهو من كلام عوام أهل الشام وفصيحه الدليك. راجع ما قاله شرحاً لهذه اللفظة فقد قال عنها: تمر (كذا بنقطتين والصواب ثمر). الورد يحمر حتى يكون كالبسر فينضج فيحلو فيؤكل كأنه رطب. اه. إذن سرم الديك ليس نباتاً بل ثمر نبات.
8 ـ وفي الوجه المذكور. يقول: "السرمان بالكسر، والضم لغة يقال هو العظيم من اليعاسيب. وـ دويبة كالحجل. قلنا: الذي في اللسان: "السرمان: العظيم من اليعاسيب، والضم لغة والسرمان [وضبطها بالكسر] دويبة كالحجل وضبطها بالقلم وزان سبب وقد أعاد صاحب التاج هذه الكلم ولم ينسبها إلى ابن مكرم. قلنا: وفي كل ذلك عدة أوهام فالسرمان بالكسر والضم لغة هو العظيم من اليعاسيب وهو دويبة كالجحل بتقديم الجيم المفتوحة على الحاء الساكنة ومعناه ـ على ما جاء في التهذيب ـ: [دويبة] في خلق الجراد إذا سقط لم يضم جناحيه. فهذا هو الحق لا ما مسخه نساخ كتب اللغة فغدا الكلام طلسماً من الطلسمات.
9 ـ وفي تلك الصفحة ما هذا نصه: "السرموجة بالضم: حذاء يستر مقدم القدم وعقبها ويبلغ إلى الكعبين. ج. سرامج".
قلنا في هذه العبارة ثلاث غلطات: غلط. ضبط وغلط تأويل وغلط صرف، بل هناك غلط رابع وهو أن الكلمة ليست فصيحة بل مولدة وإذا أردت غلطاً آخر فإنك غير مبالغ وذلك أن سرموجة فارسية الأصل وهو لم يشر إلى عجمة أصله بكلمة. ـ أما غلط الضبط فهو أن الكتب التي ذكرت اللفظة هي كتب المولدين وحدهم وهم ضبطوها بفتح السين لأنها هي كذلك في الفارسية، وأما لأن فعلولا أو فعلولة لم يرد مفتوح الأول فهو حديث خرافة قال به الصرفيون وبعض اللغويين، أما الحق فإنه وارد في لغتنا من ذلك صعفوق، وصندوق، وكرموص، (التاج) وسحنون، (على رواية)، وقرقوف، وطرخون، وبرشوم، إلى غيرها. وفتح أول سرموج أو سر موجة ذكره البستاني في محيط محيطه إذ يقول: السرموج [وضبطها ضبط قلم بالفتح] نوع من الأحذية والسرموجة أخص منه وتعرف عند العامة بالسرماية وأكثرهم يقولها بالصاد. اه. وقال صاحب أقرب الموارد في ذيله: السرموج [وضبطها أيضاً ضبط قلم بالفتح]. نوع من الأحذية، والسرموجة أخص منه. دخيل (نقله فريتغ من ألف ليلة وليلة). اه. فأين وجد حضرته أن السرموجة بضم الأول؟ فإنه لم يقل ما قال إلا لكي يوافق على قول اللغويين: العرب لا تعرف وزن فعلول المفتوح العين مع أن هذا التقييد غير صحيح كما ذكرناه.
ومن غريب ما نقله في تعريف السرموج أنه قال: "حذاء يستر مقدم القدم وعقبها ويبلغ إلى الكعبين". اه. والذي ساقه إلى الوهم عبارة نسيبه الذي قال إن السرموجة تعرف عند العامية بالسرماية وأكثرهم يقولها بالصاد أي الصرماية وهذا غير صحيح البتة والذي دفع البستاني الأول إلى هذا القول أنه رأى مشابهة بين أول كلمة سرموجة وأول سرماية فقال لابد أن العصا من العصية وهو وهم ظاهر فالصرماية مشتقة من الصرم وهو الجلد الذي تتخذ منه ولا يقول العوام أبداً سرماية بالسين فكلام البستاني الصغير لتعريف السرموج يوافق الصرماية (أو الصرم) عند العوام ولا يوافق البتة السرموج. والصرماية عند الشاميين هي الكوندرة عند الترك وعند العراقيين الحاليين. فأين السرموج من الصرماية.
أما السرموج فهو الخف الواسع الذي يلبس فوق الخف. والكلمة فارسية مركبة من (سر) وهي بمعنى فوق في لسان الفرس أو [موزه] أي موق أو خف فيكون معنى السرموج "مايلبس فوق الخف"، فأين هذا من ذاك؟
والأقدمون منا لم يعرفوا السرموج فإن هذه من المعربات الحديثة معربات كتاب ألف ليلة وليلة. أما السلف فقد عرفوها باسم الجرموق قال صاحب البستان نفسه عن الجرموق: مايلبس فوق الخف وقاية له وهو فارسي معرب.اه. فيظهر من كلامه عن السرموج والجرموق أنه لم يعرف أن الواحد هو الآخر بعينه، إنما الفرق هو أن الجرموق من تعريب الأقدمين والسرموج من تعريب المحدثين أو المولدين، وإنما فضلوا السرموج على الجرموق موافقة لأصلها الفارسي وهو سرموزه، وثانياً خشية اجتماع الجيم والقاف في كلمة واحدة فيكون لها ظاهر الأعجمية فأحبوا أن تكون بنيتها بنية عربية.
وأما غلط الصرف الذي أشرنا إليه في صدر الكلام عن السرموج فهو أنه جمعها على سرامج وهو لم يسمع عن أحد ولاسيما أنه مخالف لأصول لغتنا وصواب جمعها سراميج حملاً على القياس لأن فعلول لا يجمع على فعالل بل على فعاليل اللهم إلا في الشعر وذلك عند الضرورة فقط، ونزيدك يقيناً في ما نقول أن صاحب المصباح المنير ذكر لجمع الجرموق (وهو السرموج عينه) جراميق ولم يقل جرامق البتة.
والغلط الرابع الذي جاء في كلامه عن السرموج هو أن اللفظ من كلام المولدين أو من كلام عوام العصور المتوسطة وليس من حر اللغة والسلف الصالح ينبه دائماً على مثل هذا الأمر كل مرة اقتضت الحال، لأن حر اللفظ شيء واللفظ الساقط شيء آخر.
أما أنها فارسية الأصل ولم يشر إلى عجمتها فلقد بيناه فويق هذا وهو غلطه الخامس وذلك كله في كلمة واحدة.
وقال في تلك الصفحة (لأننا إلى الآن نطالع في ص 1087 ولم نخرج عنها إذ هي جنبة من جنبات ذلك "البستان" الزاهي، والمتنزه قلما يود مفارقته): "السرمدي الدائم الذي لا ينقطع وقيل ـ ما لا آخر له" اه.
قلنا: ظن المؤلف أن بين الشرحين فرقاً في المعنى ففصل بينهما لاعتقاده أن الأول غير الثاني والحال أن كلا الشرحين واحد وما الفرق إلا في التعبير لا غير.
وفي تلك الصفحة عاد إلى ذكر السرموج بصورة السرموزة وضبطها أيضاً بضم الأول فقال: "السرموزة لغة في السرموجة".اه.
نقل ذلك عن محيط المحيط الذي ذكرها بفتح الأول وفريتغ لم يضبطها ولم يقل سرموزة بل سرموز (بلا هاء في الآخر)؛ وقد ذكر أنه نقلها عن يعقوب شلت الألماني. ـ إذن لم تنقل عن عربي فصيح وعلى كل حال لم ينبه صديقنا المحبوب على هذا الأمر.
وجاء في تلك الصفحة أيضاً: السرمق نبات الفطف معرب.
قلنا: صواب الفطف بالفاء: القطف بالقاف والسرمق من الفارسية سرمه وهو القطف أي الاسبانخ الروسي.
ومما ورد في تلك الصفحة قوله: "السرنج (وضبطها كجعفر) نوع من صناعة النقش كالفسيفساء".
والصواب أن تضبط السرنج كسمند أي بفتحتين فسكون وختم تلك المادة س ر ن ج وتلك الصفحة بقوله: وسرنج كجعفر دوية أي مفازة واسعة بعيدة الأرجاء. اه.
قلنا: سرنج لم ترد في كتاب عربي بالمعنى الذي يشير إليه إنما وجدها في ذيل أقرب الموارد بهذا التصحيف فنقلها عنه وصاحب الذيل يزعم أنه نقلها عن اللسان وهي لا توجد فيه في المادة التي يشير إليها بل ترى في مادة س ر ب ج قال في تاج العروس: سربج بالباء الموحدة بعد الراء، في اللسان في حديث جهيش: وكأين قطعنا إليك من دوية سربج أي مفازة واسعة الأرجاء. اه. فأنت ترى من هذا أن كلاً من اللسان والتاج ذكر سربج ولم يذكر "سرنج" فكيف نسبها إلى اللسان وهي لست فيه؟ ـ الجواب أن الشرتوني نقلها عن التاج الذي يعزوها إلى اللسان.
والتاج ذكرها في مستدرك مادة س ر ن ج فظن أن سربج من خطأ المؤلف أو الطبع فوقع في تلك الهاوية، مع أن السيد مرتضى ذكر اللفظة في مستدرك المادة لا في المادة نفسها. فتأمل.
على أننا نقول أن السربج غير صحيحة والصواب السربخ بباء موحدة تحتية وخاء معجمة في الآخر. وهذه ذكرها جميع اللغويين وممن ذكرها ابن الأثير في نهايته وهو حجة ثقة في إيراد الأحاديث وغريب ألفاظها وهو أقدم من ابن مكرم والفيروز ابادي والسيد مرتضى. فأول من صحفها إذن بصورة سرنج هو صاحب اللسان ثم تبعه صاحب التاج. أما السربخ بخاء معجمة في الآخر فقد ذكرها جميع اللغويين قاطبة. إذن التصحيف بادٍ ومن عهد اللسان لا غير. قال في النهاية في مادة س ر ب خ: [أي جاء في كتاب أبي موسى] في حديث جهيش: وكأين قطعنا إليك من دوية سربخ أي مفازة واسعة بعيدة الأرجاء. اه. ولم يذكر شيئاً في مادة س ر ب ج. وجرى في أثر ابن الأثير اللسان والقاموس والتاج بل حضرة الشيخ عبد الله نفسه إذ ذكر هذا الحديث بنصه في مادة س ر ب خ وقدم عليه قوله: السربخ كجعفر: الأرض الواسعة المضللة التي لا يهتدى فيها لطريق. وفي حديث جهيش...
إلى هنا انتهت بنا مطالعة هذه الصفحة ونحن لا ندعي بأننا وفيناها حق النقد من جميع وجوهه وأتينا على كل مافيها من السقط فلعل غيرنا يرى فيها مالم نره وعلى كل حال إننا كتبنا ثماني صفحات من مجلتنا لإظهار مافي صفحة واحدة مما نظنه أوهاماً، فكيف بنا لو أمعنا النظر في المجلد الأول كله وفيه 1381 صفحة فنحتاج إذاً إلى ثماني مرات 1381 أو 11048 أي نحو اثني عشر ألف صفحة، فمن ذا الذي يكتبها ومن هذا الذي يطبعها ومن ذاك الذي يطالعها.. ذلك ما نتركه للقراء ليحكموا فيه، والله الهادي إلى سوء السبيل.
يهرف ليس اسم سبع
جاء في تاج العروس، في مستدرك مادة هـ ر ف ما هذا حرفه: ومما يستدرك عليه (أي على المجد الفيروزابادي صاحب القاموس): يهرف كيضرب: اسم سبع سمي به لكثرة صوته. اه. وقد بحثنا في الدواوين التي بأيدينا فلم نجد ذكراً لهذا السبع، إنما وجدنا ابن سيده يقول في مخصصه (8: 75): ويقال لبعض السباع وهو يهرف بصوته أي يتزايد فيه. اه. ولم نجد أكثر من هذا القدر، وقد قال صاحب أقرب الموارد في الذيل: "يهرف كيضرب: اسم سبع سمي به لكثرة صوته (التاج)".اه. وأنت ترى أنه لم ينقل إلا نص التاج وكان عليه أن يحقق الأمر بنفسه. فانظر كيف يجب أن تعتمد على ما ينقله المؤلف رحمه الله. فعسى أن يفيدنا أحد الأدباء فائدة وافية عن هذا السبع ونشكر له سلفاً يده علينا.
الحرباء
قال المعلم بطرس البستاني في محيط محيطه في مادة ح ر ب: الحرباء... معرب حربا (وضبطها بضم فسكون فباء مفتوحة فألف مقصورة) بالفارسية... ومعناه: حافظ الشمس اه. وقف على هذه العبارة صاحب البستان. فقال... "وهو فارسي الأصل مركب من "حر" أي الشمس ومن "باء" (كذا ممدودة) والمجموع حرباء أي حافظ الشمس".
قلنا: وكل هذا الوهم من فريتغ وعنه أخذ البستاني الأول عبارته. على أن المستشرق الألماني يقول: ويظن بعضهم أن الحرباء من الفارسية خربا (بلا مد) ومعناه: حافظ الشمس (لا حافظة الشمس، لأن الحرباء مذكر لا مؤنث ومؤنثها حرباءة أو أم حبين).
نعم. خور أو خر يعني الشمس، لكن "با" أو كما قال الشيخ عبد الله "باء" لا تعني الحافظ أو الحافظة؛ فمن أين أتى بهذا التأويل؟...
جاء في الجزء الثالث من السنة السادسة من لغة العرب:
الدرداقس AXIS’L
في "البستان" للبستاني: (الدرداقس) ويقال أيضاً بالصاد، عظم يصل بين الرأس والعنق معرب عن الرومية. اه. وهي عبارة أقرب الموارد ومحيط المحيط وكل من أخذ عنهما وأول من غلطها صاحب القاموس لأنها عبارته والخطأ واضح، والصواب: يفصل بين الرأس والعنق. أو: تصل الرأس بالعنق؛ لكن لغويينا المحدثين حاطبو ليل ينقلون بلا ترو ولا تبصر.
وغوليوس وفريتغ ودوزي وقزميرسكي وسائر نقلة الإفرنج لم يذكروا الكلمة الرومية (أي اللاتينية) التي صحفت عنها. ونظن أنها من Dorsi Axisأي محور الرأس وهو معناها، على أن السلف الفصحاء عرفوها باسم (الفائق) من ( ف و ق)، لأنها تفوق جميع الفقار بعلوها، وبـ(الفهقه) قال ابن الأعرابي الفهقه: موصل العنق بالرأس. وهي (السرير) أيضاً إذ يجلس عليها الرأس ويقر.
وجاء (درقاس) في الشعر بدلاً من درداقس. أنشد أبو زيد:
من زال عن قصد السبيل تزايلت بالسيف هامته عن الدرقاس
أورد ذلك صاحب اللسان والتاج في مادة (د ر د ق س).
قال أبو زيد: و(الملتقية) على عظم الفائق مما يلي الرأس. آه. فتكون هذه المسماة بالافرنسية atlas’ L (المخصص 1 : 60)، فاحفظ كل ذلك.
البلور والبلارج وضبطهما
ورد في البستان للبستاني: "البلور [وضبطها كسنور] جوهر أبيض شفاف وهو نوع من الزجاج. معرب. وقال في اللسان: هو المهى من الحجر. واحدته بلورة....".انتهى المطلوب من إيراده على أن هناك لغة مشهورة جاءت في اللسان وغيره لم يذكرها البستان وهي البلور (بكسر ففتح فسكون)، قال في اللسان: وفي التهذيب: وأما البلور المعروف فهو مخفف اللام. آه فعدم ذكر لغات الكلمة الواحدة تقصير من المؤلف.
وقال في بلرج: البلارج [وضبطها ضبط قلم بكسر الراء]. طائر كبير طويل المنقار ليس بأعقف. دخيل. والصواب ضبط الراء بالفتح لأنه مفرد بدليل قوله الطائر. وليس في لغتنا كلمة واحدة في المفرد مكسور ما قبل آخرها. وقد أصاب فريتغ هذه المرة بضبطها بالفتح ولم يصب صاحب محيط المحيط بضبطها بفتح الراء وكسرها.
ضبط الأبنوس
في "البستان" الأبنوس، بضم الباء (؟! كذا)3، شجر يعظم كالجوز، أوراقه كأوراق الصنوبر وثمره كالعنب وخشبه شديد الصلابة أسود، والهندي منه فيه بياض وهو معرب واسمه بالعربية سأسم وزان جعفر بهمزة. وحذف الواو لغة. آه.
والذي قرأناه في تاج العروس في مادة بنس: أبنوس بمد الألف وكسر الموحدة، قيل: هو الساسم. وقيل هو غيره. واختلف في وزنه وهنا (أي في مادة ب ن س). محل ذكره. انتهى. وذكر اللسان الأبنوس في س س م، وضبطها ضبط التاج، ثم قال: والساسم غير مهموز. ثم ذكر الساسم في س أ س م. وقال: "قال أبو حاتم: هو الساسم غير مهموز". اه. فاتضح من هذا أن "البستان" وهم في ضبط الآبنوس كما وهم في ضبط الساسم إذ أن غير المهموز أفصح من المهموز. ومن غلط في ضبط الأبنوس صاحب محيط المحيط وكل من نقل عنه.
البرسام في "البستان".
في "البستان": برسم الرجل بالبناء للمفعول فهو مبرسم أصيب بعلة البرسام، ولم يرد هذا الحرف معلوماً في غير محيط المحيط وأقرب الموارد من كتب اللغة. اه قلت: ونسي: معجم فريتغ الذي نقل عنه البستاني وعن هذا نقل الشرتوني على أنك تقول: برسم الله الرجل (بالمعلوم) فبرسم (بالمجهول) فيستعمل بالمعلوم.
الزق ومرادفاته
"البستان" ـ كما رأيت كثير الأغلاط. إذ لا تكاد تطالع فيه مادة إلا هجم عليك سيل الأوهام، حتى لتحار ما تصلح منها. وحين يقول لك: قال فلان وذكر فلان فلا تصدقه. لأنه ينقل الأقوال عن "الرواة" لا عن "المؤلفين أنفسهم" قال مثلاً في مادة ز ق ق: "وقال في الكليات لأبي البقاء: "الزق اسم عام للظرف، فإن كان فيه لبن فهو وطب. وإن كان فيه سمن فهو نحي، وإن كان فيه عسل فهو علة [كذا وضبطها بكسر العين] وإن كان فيه ماء فهو شكوة. وإن كان فيه زيت فهو حميت وزق الحداد كيره".
قلنا: هذه عبارة محيط المحيط بخطئها: والصواب فهو عكة بضم العين. ثم إن كلام صاحب الكليات ينتهي بعد قوله: "وإن كان فيه زيت فهو حميت". وما بقي فهو من كلام صاحب محيط المحيط بصورة "خميت" أي بالخاء المعجمة فصححها لكنه لم يصحح "العلة" بالعكة وهو مما فاته. ولا جرم أن وجود الغلط في محيط المحيط والبستان يفسد اللغة ولاسيما عند اتفاق الاثنين على النقل. مع أنك تحققت أن الناقل هو واحد، وما الثاني إلا ناقل كلام الراوي لا غير. وعلى مثل هذا الوجه تثبت الأغلاط في الكتب ويزلق الناس في ما يكتبون، أفما كان يحسن بالشيخ عبد الله أن يراجع النصوص قبل إثباتها حتى لا تزل بها القدم هذا الزلل. ومثله كثير في كتابه؟
يظهر من هذه المستدركات عنف الأب أنستاس على البستانيين المعلم بطرس البستاني وعبد الله البستاني وعلى أمثالهما ممن نشر معجماً كسعيد الخوري الشرتوني صاحب "أقرب الموارد" والأب لويس معلوف اليسوعي صاحب المنجد وجورج ولهلم فريتغ (فريتاغ) صاحب "المعجم العربي اللاتيني"، وغيرهم من عرب ومن مستشرقين.
وقد تأملنا ملّياً هذا العنف وتلك القسوة وذلك التجريح الذي ينهال الأب به على رصفائه ممن يشتغل في مجال اللغة العربية ويستنفد جهده ويضعف بصره في التنقير عن أوابدها والرجوع إلى معجمات اللغة القديمة لينقل مفرداتها ويمسح الغبار عن ألفاظها الشريفة فيجعلها مصقولة متألقة قريبة المتناول.
ولم يذهب بنا الظن إلى أن في صدر الأب حفيظة على المعلم بطرس بسبب خروجه من المذهب الكاثوليكي ودخوله في المذهب البروتستنتي لأن رصفاءه الباقين بقوا على نحلتهم من الديانة المسيحية بمذاهبها المتعددة الواسعة الأرجاء المتفتحة لقلوب الناس وضمائرهم.
وإنما نرى أن الأب كان متحققاً بعلوم العربية اللغوية، مزهوّاً باطلاعه على جملة من اللغات الأجنبية القديمة والحديثة. حمله حبه للغة العربية على أن طبع قسماً من معجم العين المنسوب إلى الخليل الفراهيدي سنة 1914، فكان في موقع القدرة على تأليف معجم حديث في اللغة العربية يملأ الفراغ الكبير في هذا الشأن.
فلما وجد علماء غيره شعروا بهذا الفراغ وسبقوا إلى وضع معجمات مفيدة ذاعت وشاعت وتداولها الناس للحاجة الملحة إليها طارت نفسه شعاعاً ولم يجد سبيلاً لإظهار فضله وبيان سعة علمه وإبراز قيمته سوى أن يعلنها حرباً شعواء ضروساً على أولئك العلماء يظهر تهافتهم ويخفض من شؤونهم. ويعضدنا في هذا الظن أنه عمد بعد حين إلى تأليف معجم ضخم يزيد مرتين على حجم "محيط المحيط". وهو المعجم "المساعد" الذي زحمته المنون دون إكماله فبقي مخطوطاً في دير الكرمليين ببغداد.
وحبذا لو يظهر هذا المخطوط ويصار إلى تدبيج معجم جديد تسبك جواهره من رصيد المعجمات المتوافرة. هذا مع ضرورة العمل والتعاون بين مختلف البلاد العربية إلى إنجاز مثل هذا المعجم الشامل يضم مفردات اللغة والعلوم القديمة والحديثة والمصطلحات موحدة ما أمكن التوحيد، خدمة لطلاب العلم في البلاد ونهوضاً باللغة العربية من كبوتها ولحاقاً بموكب الحضارة الحديث.
ولقد قامت مديرية الثقافة العامة في وزارة الإعلام العراقية فطبعت الجزء الأول من "المساعد" بتحقيق كوركيس عواد وعبد الحميد العلوجي عام 1392هـ/ 1972م وهذا الجزء يحتاج إلى نظر وتعليق!.
وليس معنى ذلك أن الأب الكرملي كان واحد عصره وفريد زمانه وأنه سبق أقرانه في العلم وشآهم في الفضل وتقدمهم في معرفة أسرار اللغة العربية الواسعة العميقة. وإنما كان من أكفائهم ونظرائهم وأمثالهم يصيب ويخطئ، ويجيد ويكدي، ويسبق ويقصر. كان السبق والإجادة والإصابة أغلب عليه من التقصير والاكداء والخطأ، إذ كان شديد التحري، دائم التنقيب، دائب التنقير، رهيف الانتباه واليقظة. وكان مع ذلك قوي الشكيمة صعب العريكة، خشن المراس، شديد الخلاف مائلاً إلى المشارّة والمشاكسة والمعاسرة.
وما أحرى أولئك العلماء والأدباء من أكفاءٍ وأكفياء أن يكونوا كما قال الأعرابي عبيد بن العرندس الكلابي:
هَيْنون لَيْنون أيسارٌ ذوو يُسُر سوّاس مكرمةٍ أبناء أيسار
من تلق منهم تقل لا قيت سيدهم مثل النجوم التي يسري بها الساري
لاشك أن نهضات الأمم متصلة قبل كل شيء بنهضات لغاتها وقدرة هذه اللغات على إفادة الدلالات الواسعة والدقيقة في شتى الميادين. فإن اللغات مرايا الحضارات، وخزائن الثقافة، والمعين الذي تنهل منه الأفكار والعقول، والمداد الذي تجري به الأقلام وتسوّد به البحوث.
وما أولى البلاد العربية بممكناتها البشرية وطاقاتها العلمية وحوافزها المادية وتطلعاتها المستقبلية بأن تتجه هذا الاتجاه الصحيح وتقصد إلى هذه الغاية النبيلة.
ومع ذلك فإنه يساورنا سؤال في نهج التأليف: هل يوكل التأليف إلى شخص بمفرده أو إلى جماعة تتولى العمل وتشرف على الإنجاز وتضمن بالتعاون الحقيقي قربه من الكمال وتمام الإتقان؟....
الجواب الواضح هو تكليف لجنة من العلماء تكون مسؤولة عن ذلك. وهو أحصف وأسلم، وهو ما تجري عليه المؤسسات العلمية في البلاد الغربية في العصر الحاضر.
بيد أن تحقيق هذه السلامة والحصافة في البلاد العربية أمر عسير، لأنا رأينا أن اللجان تغدو عقبة في بلوغ الإتقان وفي القرب من الكمال وفي سرعة الإنجاز، إذ تتوزع المسؤولية بين الأفراد حتى لتكاد تضيع، وإذ يتسلل إلى اللجان بسبب من الأسباب من ليسوا أقوياء على مثل هذا العمل ولا قادرين عليه. وكثيراً ما وجدنا بينهم من لا يدري ولا يدري أنه لا يدري! ولكنه مع ذلك يدعي أنه يدري! ولكنا مع ذلك نعتقد دائماً أن "يد الله على الجماعة"، أي حفظه ووقايته وكلاءته عليهم، أو "يد الله مع الجماعة"، كما روى الطبراني، كناية عن النصرة والظفر. فالتعاون والتآزر سبب النجاح ووسيلة الكمال وطريق الفلاح، ولكن يجب على الأفراد المتعاونين المتآزرين أن يكونوا أكفياء في العمل وأن يتحلوا بالإخلاص والاستقامة، ولا يكون العمل مجالاً للتواكل وفرصة للاستغلال ومراحاً للراحة والإمهال الذي لابد من أن يؤدي إلى الإهمال، بل إلى الافتراق والمتاهة والضلال. وفي المقابل نجد أن المعاجم العربية القديمة إنما قام بها أعلام مشهورون أكفياء تيسرت لهم الأسباب فنهدت إلى ذلك هممهم العالية واختصاصهم العميق ورغبتهم المخلصة الحافزة القوية.
لقد صانوا مفردات اللغة في مؤلفاتهم كما تصان الجواهر في الخزائن، وحفظوا ركناً من أهم أركان التراث لا نزال نستند إليه ونعول على كنوزه حتى اليوم.
ويسرنا أن نورد هنا مشاهير كتبهم دون استقصائها لعلنا بهذا الإيراد نحفز الهمم وندفع الوهن ونرفد العزم وكأننا نفتخر بآلاء تلك الكنوز ونتغنى بها، ولا يكاد يخلو من بعضها أو من جلّها بيت من البيوت العربية مصفوفة في المكتبات والخزائن أو على الرفوف.
كتاب العين لأبي عبد الرحمن بن أحمد الفراهيدي المتوفى سنة 175هـ ولسنا نريد أن نفحص هنا كل كتاب وخصائصه ولا أن ننوه بمزايا مؤلفه وإنما لا نستطيع هنا إلا أن نشير إلى بعض ملامح هذا العَلَم فقد روى ياقوت في معجمه أن سفيان الثوري كان يقول: "من أحب أن ينظر إلى رجل خلق من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد". وروى أيضاً أن النضر بن شميل كان يقول: "أَكَلَتْ الدنيا بعلم الخليل وهو في خُصٍ (بيت من قصب مسقوف بخشبة). لا يُشعر به". إشارة إلى اتساع علمه وتبحرّه وإلى زهده وتقواه.
وكل من نورد اسمه ذو مزايا متفردة وأعماله عالية نترك للقارئ الكريم أن يستذكرها أو ينقب عنها.
ـ جمهرة اللغة: لأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (ت.سنة 321).
ـ البارع في اللغة: لأبي علي إسماعيل بن القاسم المعروف بالقالي (ت. 356).
ـ تهذيب اللغة: لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت. 370).
ـ المحيط: لإسماعيل بن عباد الملقب بالصاحب (ت.385).
ـ تاج اللغة وصحاح العربية: لأبي إسماعيل بن حماد الجوهري (ت. 393). والمعجم مشهور باسم الصحاح.
ـ مقاييس اللغة: لأحمد بن فارس (ت. 395؟؟).
ـ المحكم: لأبي الحسن علي بن أحمد المرسي الضرير المعروف بابن سيده (ت 458).
ولهذا العلامة معجم في المعاني والموضوعات مشهور هو المخصص.
أساس البلاغة: لأبي القاسم محمود بن عمر الخوارزمي الملقب جار الله والمعروف بنسبة الزمخشري (ت 538).
العباب الزاخر واللباب الفاخر: لرضي الدين الحسن بن محمد العدوي الصغاني). (ت 650).
لسان العرب: لجمال الدين محمد بن مكرم بن علي المعروف بابن منظور (ت711).
القاموس المحيط: لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز أ بادي (ت 817).
تاج العروس من جواهر القاموس: للسيد المرتضى أبي الفيض محمد بن محمد الزبيدي (ت 1205). وهو من أوسع المعاجم التراثية.
هذا، ولا غرو أن الكمال ممتنع على الإنسان، وأن استدراك الآخر على الأول وإتمام اللاحق عمل السابق من أسباب التقرب من الكمال المنشود.
والله المستعان في كل شأن.
ع.ك.ي.
1 ـ لو قال الأب: أبدل بحبل الفقار قوله حبل الظهر لكان أصح.. "ع.ك.ي".
2 ـ الوارد في اللغة الحَرْشَفُ بالمهملة وذكره الشهاب الخفاجي بالمعجمة أي بالخاء ولفظ أرضي شوكي محرف Artichaut واللفظ الأجنبي محرف عن اللفظ العربي (ع.ك.ي).
3 ـ جاء في "المصباح المنير": "الآبنوس بضم الباء... اسمه بالعربية سأسم بهمزة وزان جعفر". ولعلهما لغتان. هذا مثل على تحامل الكرملي. فهو ينقر عن أدنى خلاف. (ع.ك.ي).
----------------
نشر هذا البحث في :
مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 54 - السنة 14 - كانون الثاني "يناير" 1994 - شعبان 1414