صدر عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت كتاب (في بلاغة النص الحديثي) تأليف اللساني المغربي أ.د. عبد الرحمن بودرع، وقد جاء الكتاب تحت سلسلة (روافد) التي تصدرها الوزارة، وفيما يلي ملخص للكتاب قدّمه مؤلفه مشكوراً:
هذا كِتابٌ في «بَلاغة النّصّ الحَديثيّ، دراسة نصّيّة في نَماذجَ من جَوامع الكَلِم النّبويّة»، يَعْرِضُ لِتَطْبيقِ قَواعِدَ ونَظَراتٍ مِنْ مسائِلِ الدَّرْسِ اللُّغَوِيِّ والْبَلاغِيِّ، عَلى نُصوصٍ مِنَ الْحَديثِ النَّبَوِيِّ الشَّريفِ، لإِخْراجِ الْمَعْرِفَةِ اللُّغَوِيَّةِ مِنْ إِطارِها النَّظَرِيِّ الْمَسْطورِ في مُصَنَّفاتِ النَّحْوِ والْبَلاغَةِ، إِلى مَيْدانِ التَّطْبيقِ عَلى نُصوصٍ بَليغَةٍ لَها قيمَةٌ عَمَلِيَّةٌ وقُوَّةٌ إِنْجازِيَّةٌ.
ويأتي هذا الكِتابُ، في سِياقِ الاسْتِفادَةِ من المَباحِثِ المُتَعَدِّدَةِ والأدواتِ المَعْرِفِيّةِ في عُلومِ اللّغةِ والبَلاغَةِ؛ للتّوصُّلِ إلى كَشْفِ ما بِالحَديثِ النَّبَوِيِّ مِنْ بَلاغةٍ وحُسْنِ بَيانٍ، وما اجْتَمَعَ فيهِ مِنْ صِفاتِ الإفادَةِ والإجادَةِ عَنْ فِطْرَةٍ وسَليقةٍ ومِنْ غَيْرِ صِناعَةٍ ولا تَعَمُّلٍ، وما امْتازَ بِه مِنْ تَعْبيرٍ بِالكَلِمَةِ الموجزَةِ الجامِعَةِ واكْتِفاءٍ باللّمحَةِ الدّالّةِ والإشارَةِ المُعبِّرَةِ.
والجَديدُ في الكِتابِ هُوَ تَوْسيعُ مَفْهومِ الإيجازِ البَلاغِيِّ والخُروجُ بِه مِنْ دائِرَةِ الكَلامِ والعِبارةِ اللُّغَوِيَّةِ إلى دائِرةِ الفِعْلِ والسُّلوكِ، لِيَصيرَ مَنْهَجَ حَياةٍ وأسْلوباً في الفِكْرِ والفِعْلِ؛ وانْتِقالاً بالأمّةِ مِنْ حالَةِ الفَوْضى في المَنْهَجِ إلى حالَةِ النِّظامِ والتَّوازُنِ، ومِنْ طَريقِ الإسْرافِ والتَّبْذيرِ والاعْتِداءِ إلى طَريقِ الوَسَطِيّةِ والقَصْدِ والاعْتِدالِ.
والجَديدُ الثّاني هُوَ اسْتِثْمارُ "الإشاراتِ النّبوِيّةِ" لاسْتِخْراجِ ما بِها مِنْ لَمَحاتٍ دالَّةٍ وفَوائِدَ إيجازِيّةٍ بَليغَةٍ؛ اسْتِثْماراً يستَشْرِفُ ما بِها مِن آفاقٍ تَعْبيرِيّةٍ قدْ لا تَتَحَقَّقُ بلُغةِ الكَلامِ في بَعْضِ الظّروفِ.
ولا يَدّعي البَحْثُ أنّه قد اسْتَنْفَدَ ما بالأحاديثِ النَبَوِيَّةِ مِنْ خِصْبٍ وغِنىً، أو أحاطَ بِالمَنْهجِ السّديدِ لاسْتِخْراجِ ما بِها مِن فَوائِدَ وثُمُرٍ، ولكنّه يَضَعُ لهذِه الغايَةِ لَبِنَةً في البِناءِ ومَعْلَماً في الطّريقِ؛ فإنْ أصابَ بَعْضَ ما رامَ فَهُوَ المُبْتَغى، وإنْ لَمْ يُصِبْ فَحَسْبُه أنَّهُ أثارَ الإشْكالَ؛ فَحظُّه منه مَعرفةُ إشكاله؛ «فَإِنَّ مَعْرِفَةَ الإِشْكالِ عِلْمٌ في نَفْسِهِ وفتحٌ مِن الله تعالى»