صدور كتاب ( الخِطابُ القُرآنيُّ ومَناهِجُ التّأويلِ: نحو دراسة نقدية للتأويلات المعاصرة )للدكتور عبد الرحمن بودرع

 boudraa3صدر كتاب ( الخِطابُ القُرآنيُّ ومَناهِجُ التّأويلِ: نحو دراسة نقدية للتأويلات المعاصرة ) للدكتور عبد الرحمن بودرع ضمن منشورات مركز الدراسات القرآنية، بالرابطة المحمدية للعلماء، سلسلة دراسات قرآنية (1)، ط1، 1434هـ/2013م، في مجلد متوسط يتكون من  (269 صفحة).

 تَبوّأ البحث في تأويلُ النّصّ القُرآنيّ مَوضعَ الصّدارة، حيثُ أثيرَت تَساؤلاتٌ حَول منهج التّعامُل معه، والنّظرِ فيه، والمُقدّماتُ المعرفيّةُ والمنهجيّةُ المسعفة في فَهمه وقراءَته قراءة تأويليّة جَديدة..

وقد ظهرت في الثقافة العربية والإسلامية المعاصرة، العديد من أضرب التأويلية الجديدة، التي اجتهدت في تطبيق بعض مبادئ اللسانيات ومنهجيات التأويل على النصّ القرآني؛ غير أن هذه القراءات لم تخل من مزالق نظرية ومنهجية، كما أثارت العديد من الانتقادات والاعتراضات، من لدن المشتغلين بالعلوم الإسلامية.. مما بات يستدعي رصدها وتتبعها، والقيام في شأنها بمراجعات فكرية رصينة، ودراسات علمية متأنية، وقراءات نقدية لأسسها النظرية، وما يتصل بها من الأنساق المفاهيمية، والأطر المرجعية، والنواظم المنهجية.

وقد حاول الدكتور عبد الرحمن بودرع من خلال كتابه «الخِطابُ القُرآنيُّ ومَناهِجُ التّأويلِ ـ نحو دراسة نقدية للتأويلات المعاصرة » أن يُجيب عن بعض الأسئلة المثارة في مَيدان التأويلات المعاصرة للقُرآن الكريم، إجابة نقديّة تسعى إلى البرهنة على أنّ التأويلات الحداثيّة الحديثة، لم تُؤْتَ من جهةِ الممارسة الفلسفيّة في ذاتِها، وإنّما أُتِيَت من جهةِ إخْراجِ النّصّ القُرآنيّ من سياقِه ومقاصدِه الكُبْرى.. ويقومُ هذا النّقدُ عَلى وَضعِ التّأويلِ في مَجالِه التَّداوليّ السَّليم، وفي سياقِ مَقاصدِه الصّحيحة؛ لإنتاج تأويل مُتَماسك وقِراءة سَليمة، تُصَحِّحُ المَفاهيمَ التأويليّة الوافدَة.

كما لَم يَغفل البحث مسألة التأويل عند العلماء المُسلمين، وموقفهم من التأويلِ والتأويليّة، مع اقتِراح مَنهَج للقراءة والتأويل، بيّنَ فيه الباحث بعضَ خَصائصِ البَيانِ القرآني في مخاطبة الإنسان، كما بين أنّ فقهَ البَيان العربيّ ودلالة اللّفظ على المعنى، مِنْ صَميمِ فقه مَعاني القُرآن؛ ومن هذه الخصائصِ صفةُ الجمع والكلّيّة في العبارَة القُرآنيّة، والحكمةُ من البحث في النّصّ القُرآنيّ عن الكُلّيّات، وعن الوُجوه والنّظائر، وانْسِجام النّصّ القُرآنيّ وتَماسُكُ بِنائه. كما بين الباحث، مشكورا، أنّ مِنْ خَصائِصِ تفرُّد البَيانِ القُرآنيّ وإعجازه كونه رسالة عالميّة شاملةٌ بلسان خاص، وأنّ الخطاب القُرآنيّ لا يُفهَمُ حَقَّ الفَهْم، ولا يُؤوّلُ التّأويلَ الصّحيح، إلاّ بعَرْضِ الآياتِ على السّياقِ.

رضوان غزالي: مركز الدرسات القرآنية

--------------

قال مؤلف الكتاب د. عبد الرحمن بودرع: "ولِماذا نَصِّيَّةُ القُرآنِ؟ الجَوابُ القريبُ: أنّ النّصّ القُرآنيَّ عِمادُ الحَضارةِ الإسلاميّة، ومُؤسِّسُها، أمّا التأويلاتُ المُعاصرَةُ التي تَحومُ حولَ القُرآنِ الكَريمِ ولا تقرَبُ النّصَّ، فَلا يسوغُ اتّخاذُها أساساً لفهمِ الفكرِ الإسلاميّ أو الحَضارةِ الإسلاميّة؛ لأنّها لا تتمتّعَ بمرجعيّةٍ شَرعيّةٍ تُبوِّئُها المَقْعَدَ اللاّئقَ في تَفسيرِ دلالاتِ النّصّ وتأويلِها.

وقدْ تعرَّضَ النّصُّ القُرآنيّ لحَمْلَةٍ تأويليّةٍ واسعةٍ من قِبَل المذاهبِ والفِرَق والاتجاهات المُختلفَة منذ القَديم، ووَصلَ الاختلافُ بينَها في هذا الأمرِ إلى دَرجةِ التّعارُضِ والانقِسامِ ، ويعودُ هذا الاختلافُ في جُزءٍ كَبيرٍ منه إلى اختلافٍ في مَنهج فَهم النّص والآليات المُعتمَدَة، وهي آلياتٌ جاهزةٌ تُسقطُ فهماً خاصّاً على النّصّ القرآنيّ، وتكونُ في الغالبِ بعيدةً عن مَنظومة مَقاصدِ الشريعة الإسلاميّة ، لأنها مُستمَدّةٌ من نَظريةٍ عامةٍ في الفهم، واستُخدِمَت هذِه النظريةُ في الغَربِ تحتَ مُصطلحِ “الهرمنيوطيقا”، الذي ارتَبطَ في بدايةِ نَشأتِه بالنّصوصِ المقدَّسَة… وتَبوّأ تأويلُ النّصّ القُرآنيّ في الفكرِ العَربيّ، في عَصر النّهضَة وما بَعدَه، مَوضعَ الصّدارة، حيثُ أثيرَت تَساؤلاتٌ حَول النّصّ وطريقةِ التّعامُل معه والنّظرِ فيه، وما هي المُقدّماتُ المعرفيّةُ والمنهجيّةُ لفَهم النّصّ الشّرعيّ وقراءَته قراءةً تأويليّةً جَديدةً. والغالبُ على هذِه القِراءاتِ التأويليّةِ أنّها تُشكّكُ في المقولاتِ الفكريةِ الموروثَة وتَستخدمُ مَقولاتٍ فكريةً ومنهجيةً غربيّةً جَديدةً، أو تَستخدمُ مقولاتٍ قَديمَةً بعدَ إفراغها من محتواها ومَنحِها دلالةً جَديدَة كمَقاصد امتكلِّم وتأويلِ المُخاطَبِ؛ فهذِه القراءاتُ التأويليّةُ الحديثَةُ تستخدمُ مفهومَ المقاصد على غير ما وُضعَ له في علم أصول الفقه، وتربطُه بنسبية الأحكام وبتاريخية النص، وتتوسَلُ بمَفاهيمَ تتذَرَّعُ بها لإعادَة القِراءَة والتّصحيحِ، وكأنّ الطّعْنَ والهَدمَ ضرورةٌ علميّةٌ وواجبٌ حضاريٌّ.

وعليه، جاءَ هذا البحثُ ليضعَ اليَدَ على نَماذجَ من التأويلِ الحَديثِ للقُرآنِ الكَريمِ، يعرِضُها عرضاً ويُبيّن مواطنَ الخَللِ فيها وأسبابَ إخراجِ النصِّ عَن مواضعِه ومَقاصدِه، ونقْدِ ما يستحقُّ النّقدَ منها، وهذا بابٌ كبيرٌ من أبوابِ العلمِ ينبَغي أن تُصرَفَ إليه العنايةُ، ويبلُغَ في ذلِك العُلَماءُ الغايةَ، وفي ذلك قالَ الحافظُ أبو الفَرج ابنُ الجَوْزيّ: «لَمّا كانَ القُرآنُ العَزيزُ أشْرَفَ العُلومِ كانَ الفهمُ لمَعانيهِ أوْفى الفُهومِ؛ لأنّ شرَفَ العِلْمِ بشَرَفِ المَعْلوم». وقَد بدأ يظهرُ في ساحةِ المَناهجِ مُقارَباتٌ نصيّةٌ حَديثةٌ تَقومُ على الْتماسِ مَواطنِ الانسجامِ والتّماسُكِ في بناءِ النّصِّ القُرآنيِ والبَحثِ عن كلّ عَناصِرِ التّسانُدِ في البنيةِ اللفظيّةِ والمَضمونِ الدّلاليّ والمَقاصدِ الشّرعيّةِ، التي تَقودُ إلى طريقٍ نَهْجةٍ في النّظرِ السّديدِ والتأويلِ المُفيدِ، بعدَ أن نالَ التّفْسيرَ ما نالَه من حملٍ على أبعدِ الوُجوهِ عن الشّعِ وأقْربِها إلى خدمةِ الأنظارِ والمناهجِ الحَديثَةِ.

ففي المُقاربَةِ النصّيّةِ ما يخدمُ الغرَضَ ويُفيدُ في الاستدلالِ على أسرارِ النّصّ القُرآنيّ وأعماقِه، الجَماليةِ والنّصّيةِ، التي ترتكزُ على الاستمدادِ من بنيتِه النّصّيةِ نفسِها التي تتوافقُ وسياقَه الخارجيّ ومَقاصدَه العُلْيا ولا تُعارضُها، وفي هذه المُقاربةِ النّصّيّةِ أيضاً ردّ حجاجيٌّ بُرهانيٌّ على الأقاويلِ التاريخانيّةِ والأباطيلِ التأويليّةِ والنّظريّاتِ الفلسفيّةِ المُستوْرَدَةِ التي تعْتسِفُ الطّريقَ إذْ تتّخذُ من النّصِّ القُرآنيِّ، قَسْراً، مطيّةً لشحذِ أسلحَتِها وتُحمِّلُه وُجوهاً من الفهمِ وأفكاراً بعيدةً لا يُؤيِّدُها السياقُ الخارجيُّ الذي أحاطَ بنزولِ النّصّ ولا الخِطابُ الذي رافَقَه وبيّنَ مَنهجَ فهمِه وتنزيلِه والاستنْباطِ منه، من سيرةٍ نبويّةٍ وسنّةٍ وسِيَرِ صَحابةٍ واجْتهادِ عُلَماء وتَفْسيرِ مُفسِّرينَ واستبْاطِ فُقَهاء، معَ التأكيدِ أنّ الاعتِمادَ على تلكَ العَتباتِ أو النّصوصِ المُوازِيَةِ والمُرافِقَةِ، لنْ يُسقِطَ عن النّاظرِ في النّصّ القرآنيّ، العارِفِ بشروطِ الفهمِ والتّفْسيرِ وقَواعدِ الاستنباطِ، الإقْرارَ بأنّ بسطَ الدّين على واقع النّاس لا بدّ أن يأخذ بعين الاعتبارِ قضايا العصر ومشكلاتِ النّاس الذين هم مَحلّ الحكم الشّرعيّ، وهي أمورٌ وقَضايا تستلزمُ البحثَ في عُلوم الآلة الجديدة، المُسمّاةِ اليومَ بالعلوم الاجتماعية والإنسانية، فإنّ هذه العلومَ المُستحْدَثةَ تُعدُّ إلى جانبِ الأدواتِ القَديمةِ المألوفَةِ، أدواتٍ ضروريّةً لفهم الواقع وإدراك أبعاد الإنسان. وتُقدّم من المعارف والنّتائج ما تُصبح معه ضرورةً شرعيّة".

nike zoom kd easter images funny quotes birthday

شارك: