حوار مع الأستاذ الدكتور مصطفى غلفان - حاوره د. حافيظ إسماعيلي علوي

أسئلة اللغة أسئلة اللسانيات - حوار مع الأستاذ الدكتور مصطفى غلفان
حاوره الدكتور حافيظ إسماعيلي علوي - أستاذ اللسانيات/كلية الآداب أكادير - المملكة المغربية

انفتحت الثقافة العربية على اللسانيات منذ أزيد من نصف قرن، ورغم ذلك مازالت اللسانيات في ثقافتنا تكرر الأسئلة نفسها، وتطرح القضايا نفسها، وما زالت بعض أبجديات هذا العلم مغلوطة أو شبه مجهولة في سوق التداول، وهذا يجعل الحصيلة ضعيفة مقارنة مع ما ينجز في الغرب...، وفي السياق نفسه مازالت اللغة العربية أمام تحديات جمة، تجعلها في وضع لا تحسد عليه.
يحدث كل هذا في سياق دولي عولمي غير مسبوق ينذر بالابتلاء والابتلاع، حيث يتحدث الكل بنهم وهرج عن العولمة واقتصاد المعرفة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات...
في هذا السياق يأتي هذا الحوار مع الأستاذ مصطفى غلفان، ضمن حوارات أخرى ، (ستنشر هذه الحوارات قريبا في كتاب بعنوان: أسئلة اللغة أسئلة اللسانيات في الثقافة العربية) أجريناها مع مجموعة من المهتمين بالشأن اللساني في الثقافة العربية (من داخل المغرب ومن خارجه) لتقييم حصيلة البحث اللساني في الثقافة العربية، ومحاولة الإجابة عن بعض أسئلته الراهنة.

س: لقد أشار العالم الأنثروبولوجي كلود ليفي ستراوس إلى أن اللسانيات بفضل توجهها العلمي ستصبح جسرا تعبره كل العلوم الإنسانية الأخرى إن هي أرادت أن تحقق نصيبا من العلم. ولا أحد اليوم يستطيع أن يشكك في تحقق هذه النبوءة، ما الذي يجعل اللسانيات تشغل صدارة العلوم الإنسانية وتستأثر بكل هذا الاهتمام؟
ج: إشارة ليفي ستراوس خلاصة لمواقف عديدة تعود لفترات سابقة من تاريخ الفكر الإنساني عامة والفكر اللساني خاصة. ومرد هذا الاهتمام هو أولا اللغة البشرية باعتبارها مركزا للنشاط الإنساني  كيفما كانت طبيعة هذا النشاط النفسية والاجتماعية والفكرية وثانيا باعتبار المسار الذي دخلته الدراسات اللغوية في العصر الحديث بدءا بالأبحاث المقارنة مع فرانس بوب(Franz Bopp) والتاريخيين في القرن التاسع عشر ثم مع سوسور والتطورات التي عرفتها الدراسات اللسانية في أوروبا وأمريكا مع شومسكي بالأساس. فخلال هذه الفترة لعبت اللغة دوراً أساسياً في المباحث المنهجية التي كانت تسعى جادة لعلمنة العلوم الإنسانية وربطها بالعلوم الدقيقة. فعلم الاجتماع وعلم النفس والانتروبولوجيا وباقي العلوم الإنسانية كانت وما تزال في حاجة ماسة إلى منهجية اللسانيات التي فرضت بالفعل نفسها مع البنيويين والتوليديين .
فالتحليل اللساني يسير في هذين التصورين وفق خطة محكمة وأسس نظرية وإجرائية مضبوطة يفترض أن يعرفها المحلل اللساني معرفة تامة. إن هذه المنهجية المتبعة في اللسانيات هي ما تحتاجه العلوم الإنسانية الأخرى، وهذا مكمن القوة في البحث اللساني المعاصر.  

س: في ظل هذا (المعطى)المعطيات، ما هو تقييمكم لحصيلة البحث اللساني في الثقافة العربية بعد مرور أكثر من نصف قرن على تعرف الثقافة العربية على البحث اللساني بمعناه الحديث؟
ج: بالفعل لقد مر على تعرف الثقافة العربية البحث اللساني الحديث أزيد من نصف قرن، لكن الحصيلة لم ترق إلى المستوى المرتقب من قبل المهتمين المختصين أو اللائق بالثقافة العربية التي نعرف تاريخياً أنها ثقافة لغوية بامتياز. اللسانيات في ثقافتنا العربية ما تزال ترفاً فكرياً، أكثر من هذا لم تقدم اللسانيات للغة العربية ما كان  منتظرا منها على غرار ما حصل في ثقافات أخرى مثل الفرنسية والإنجليزية والألمانية على سبيل التمثيل لا الحصر. ما يزال البحث اللساني نوعاً من الألغاز والكلام غير المفهوم ومجالاً محدوداً لا يدخله إلا قلة قليلة من الدارسين.

س: هناك أسباب موضوعية ولا شك تفسر هذا الوضع، وتحول دون استثمار منجزات الدرس اللساني في الثقافة العربية بالشكل المطلوب ما هي هذه الأسباب؟
ج: الأسباب عديدة ومتنوعة  وهي ليست دائما أسبابا موضوعية. لابد من الإشارة إلى تدخل ما هو إيديولوجي بالمعنى العام في هذه الوضعية الراهنة للثقافة العربية بما فيها اللسانيات ولكن أيضاً في المجالات الفكرية الكبرى مثل التاريخ والدين والفلسفة وغيرها من العلوم الإنسانية القريبة جدا من حياة الإنسان العربي. لكن ضمن الأسباب أسباب موضوعية لا جدال حولها مثل أساس المعرفة العلمية في اللسانيات: ماذا تدرس اللسانيات؟ وكيف تدرس اللسانيات اللغة. وما الغاية من الدراسة اللسانية؟ أعتقد أن توضيح مثل هذه الجوانب من الأوليات التي غالبا ما يتم القفز عليها عندنا على الرغم من أهميتها. في الثقافة العربية نلاحظ تدخل عناصر أخرى تخلق نوعا من التعتيم الفكري والمنهجي وتخلط "الأوراق" لغايات ليست علمية أو معرفية بقدر ما هي سياسيوية أو إيديولوجية غير بريئة بصفة عامة.

س: هذا التشخيص يلخص الوضع الحالي للدرس اللساني في ثقافتنا، وهو وضع نعتبره نتيجة طبيعية لملابسات التلقي، كما يفيد وجود عوامل خارجية، يمكن أن نعتبرها من قبيل  العوامل المرتبطة بسوسيولوجيا العلم(اللسانيات)، لكن هذا لا ينفي وجود مبادئ داخلية للعلم(للسانيات) لم تتحقق، أعني الشروط الضرورية لنشأة العلم وتطوره، ومن ذلك بحسب بحث قمنا به في هذا المجال): غياب كتابة لسانية تمهيدية (تيسيرية) تقدم اللسانيات إلى القارئ المبتدئ بالشكل الصحيح، وعدم القدرة على مواكبة المستجدات اللسانية، ثم اعتبار اللسانيات من العلوم الكمالية...إضافة إلى أسباب أخرى سيأتي الحديث عنها؟
ج: أعتقد أن كل ما ذكرتَه صحيح، وهذه العوامل مجتمعة تساهم إلى حد كبير في الوضع المتردي وفي هذا التخلف اللساني الذي تعيشه اللسانيات واللغة العربية في الوقت الراهن. أود أن أؤكد على تدخل العامل "غير المعرفي" المقصود من قبل فئات من الدارسين اللسانيين العرب (وغير اللسانيين) تتاجر إيديولوجيا بالعلوم عامة وبالعلوم الإنسانية بصفة خاصة. أعطيك مثالاً: هل يخفى على الدارسين العرب أن اللسانيات تدرس اللغة أو اللسان LA LANGUE على وجه التحديد؟ أليست هذه هي القاعدة الأساس في اللسانيات إذ بها تأسست اللسانيات وعليها قامت؟ بالطبع الجميع يدرك هذه الأمور جيدا ويفهم مغزاها المنهجي. لكن كم باحث عندنا في العالم العربي يحرص على تطبيق هذه القاعدة والعمل بها ويستثمرها في أبحاثه اللسانية وحتى في محاضراته أو على الأقل يؤكد على قيمتها المنهجية؟ إنهم بالفعل قلة قليلة جدا تعد على رؤوس أصابع اليد الواحدة. بكل صراحة نحن في الثقافة العربية ندور حول اللسانيات وعلى هامش اللسانيات ولم نلج بعد عالم اللسانيات إلا في حالات نادرة جداً.

س: واقع البحث اللساني العربي يتعارض مع القسمة العقلية التي تقتضي أن يكون هذا البحث رائدا؛ بالنظر إلى الإرث العربي الزاخر في هذا المجال، وهذا ما يجعل هذه المعادلة جد معقدة، بل وغير مفهومة؟
ج: واقع البحث اللساني العربي يطرح في نظري علامات استفهام معرفية كبرى. اللسانيات كما تمارس عند غيرنا في اتجاه، وفي أبحاثنا اللغوية العربية في اتجاه مغاير.
مرة أخرى لا أتحدث عن الحالات القليلة التي تمارس اللسانيات "كما يجب أن تكون". في اعتقادي، لا يمكن للسانيات أن تلعب أي دور معرفي طليعي في الثقافة العربية المعاصرة مادام الحال عندنا على هذه الكيفية. إن الإرث اللغوي العربي بقدر ما يشكل قمة حضارية  فإنه في نظري تحول إلى هاجس معرفي خلق نوعاً من الصراع الخفي بين الفكر اللغوي القديم واللسانيات بكيفية غير مبررة ولأسباب غير بريئة أشرت إليها سابقاً. هذا الإشكال المصطنع وجه البحث اللساني في الثقافة العربية نحو مشارب أخرى لا علاقة لها البتة باللسانيات كما كان منتظرا منها.

س: التنافس بين المناهج اللسانية لا يمكن أن ينكره أحد، وهو تنافس لا نجد له مثيلا إلا في ثقافتنا، هل المشكل مشكل مناهج حقا؟
ج: التنافس بين المناهج غير مرتبط في الواقع بأي ثقافة معينة بقدر ما هو مرتبط بالنشاط العلمي. وبفضل التنافس بين المناهج تتطور الممارسة العلمية نفسها.وبديهي أن مثل هذه الأمور تقع في إطار المشروعية المنهجية ذاتها، بمعنى أن الصراع (الطبيعي والعادي) بين المناهج يكون قائماً على أسس معرفية واضحة. المشكل في الثقافة العربية أن تبني منهجا معيناً والدفاع عنه غالبا ما يتحول إلى موقف شخصي وذاتي (اعتباري بمعنى آخر) مع ما يترتب عن هذه المسألة من تداخل بين ما هو موضوعي وما هو ذاتي، لتتحول القضية المنهجية وكل نقاش يرتبط بها إلى مسألة ذاتية مرتبطة بهذا الباحث أو ذاك أي الشخص المتبني للمنهج وليس للمنهج باعتباره طرائق بحث وقواعد إجرائية. والغريب عندنا أن كثيرا من الباحثين العرب يدافعون عن هذه المناهج (والنظريات أيضاً)بكيفية أقوى وأعنف وبدرجة أكثر تشدداُ من صاحب المنهج أو أصحابه. أذكر في هذا الصدد ما عرفه الفكر اللغوي العربي الحديث من دفاع الوصفيين عن الوصفية ودفاعهم المستميت  عنها ضد كل التيارات والنزعات والتوجهات ولو كانت غير متواجدة معها في نفس القترة التاريخية (موقف الوصفيين العرب من منظومة النحو العربي القديم).

س: من مظاهر هذا التنافس وجود شبه قطيعة بين اللسانيين، فلا أحد منهم يهتم بما يكتبه الآخر، وهذا ما يجعل أمر اللسانيات في ثقافتنا متروكا للاجتهادات الفردية، التي تقف عند حدود الاتجاهات اللسانية، وفي أحسن الأحوال عند الحدود الجغرافية؟
ج: قلت لك إن الصراع والتنافس  المنهجي والفكري عندنا هو صراع بين الذات والموضوع بكيفية غير واضحة أو غير منهجية بحيث يختفي عندنا كل نقاش جاد وهادف وموضوعي وهذه سمة تكاد تكون عامة بالنسبة للفكر العربي لأنها موجودة في مجالات معرفية أخرى غير المجال اللساني. مرد هذا الوضع في اعتقادي أن الباحث العربي في اللسانيات يكاد يعيش في شبه عزلة عن غيره من الدارسين فلا يريد سماع سوى ما يعجبه ويروق له من مريديه وأتباعه المباشرين . أما العلاقة مع الآخر(المغاير أو الذي لا يشتغل في نفس الإطار المنهجي والنظري) فإنها غالبا ما تكون غير واضحة،فلا تعاون ولا تشارك ولا تشاور فكيف يمكن أن نتصور التكامل وبالتالي تطور البحث اللساني العربي نفسه؟هناك نوع من الأستاذية المبالغ فيها لدرجة أنها أصبحت "مرضية" مع احترامي الشديد والفعلي لكثير من الأسماء الكبيرة عندنا في الوطن العربي. وهذا الوضع أعطى في العالم العربي نتائج سلبية وأثر على مكانة اللسانيات في الثقافة العربية وعند جمهور القراء.

س: يتخذ هذا الصراع مظهرا تلخصه المعادلة: النحو ≠ اللسانيات، التراث اللغوي العربي ≠ اللسانيات؟
ج: في نظري هذا المظهر الذي تشير إليه هو سبب ونتيجة في الوقت ذاته. وأعتقد أن ثمة أسباباً موضوعية وذاتية قادت إلى الوضعية التي ذكرتها وهي وضعية فيها كثير من الالتباس المقصود. فاللسانيات ليست ضد على النحو العربي أو غير العربي وإن كانت تنافسه في عقر داره. واللسانيات ليست أيضا ضد التراث اللغوي العربي. وكل من يقول بها يمارس الفتنة المعرفية ويصطاد في الماء العكر، إن هذا هو ما أسميته في سؤال سابق بالمتاجرة الإيديولوجية بالمعرفة. اللسانيات تقدم وسائل وسائل مساعدة للتحليل . اختلاق المواجهة بين اللسانيات والنحو من جهة وبين اللسانيات والتراث من هو ثانية ينم عن خبث معرفي لا قيمة له من الناحية المنهجية. لا أنكر أني لا أحبذ المقاربات التي تحلل التراث اللغوي في ضوء اللسانيات ومع ذلك يمكن القول إن التراث اللغوي العربي لم يقدم بصورة شمولية وبوجه آخر أكثر إيجابية إلا مع ظهور اللسانيات البنيوية والتوليدية والوظيفية، فكيف يمكن للسانيات أن تكون ضدا التراث أو العكس؟ أي علاقة بين التراث اللغوي العربي واللسانيات من حيث إنها دراسة اللسان ؟ ما ذا يمكن للتراث اللغوي العربي أن يقدم للسانيات؟ أظن أن الثقافة العربية الحديثة لا تطرح الأسئلة الحقيقية المتعلقة باللغة العربية في حد ذاتها أي اللغة العربية كأداة للتواصل بالدرجة الأولى. لكن أن تتحول اللسانيات إلى مختبر لتحليل التراث وتشريحه فهذا في اعتقادي ابتعاد فعلي مقصود عن جوهر العمل اللساني نفسه، والمعادلات التي ذكرت شكل من أشكال الالتباس الجاثم على كثير من العقول ولا يساعد كثيرا على تنمية البحث اللساني العربي.

س: تواجه اللغة العربية مجموعة من التحديات في سياق دولي عولمي غير مسبوق ينذر بالابتلاء والابتلاع، حيث يتحدث الكل بنهم وهرج عن العولمة واقتصاد المعرفة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فماذا أعد العرب للغتهم في هذا الصدد؟ وما هي أهم التحديات التي سيواجهونها في نظركم؟ وكيف يمكن مواجهتها؟
ج: ما يواجهنا لغويا من تحديات هو في حجم ما يواجهنا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. وربما كان من أن نجيب عن كل هذه الوضعيات المتنوعة الفاعلة في واقعنا اليومي: ماذا نريد ؟ ما دورنا في عالم اليوم؟ نحن نتحدث عن إشكالات وقضايا لا يعيشها المجتمع ولا الفكر ، فكيف نبحث لها على حلول مواتية؟.إنها التبعية الفكرية والنفخ في الماء ...
شخصيا لا أعرف برامج معينة لمواجهة هذه التحديات الجديدة. الإشكالات موجودة بالفعل وتأثيرها في اللغة العربية واضح وملموس فكرياً، اللغة العربية كعادتها ومن تلقاء نفسها وبوسائلها الذاتية تكافح من أجل البقاء، وأظن أنها ستنجح في ذلك كما نجحت في الماضي..أعتقد أن الحل لمواجهة هذه التحديات بكل أشكالها وحجوماتها وأنواعها هو إعطاء اللغة العربية المكانة التي تستحقها  واللائقة بها اجتماعيا وفكرياً وسياسياً.
للأسف الشديد لا يوجد مجتمع مثل المجتمع العربي لا يهتم بلغته ولا يقدرها ولا يحترمها في جميع المستويات. هل تعرف رجل أعمال أو مهندسا أو طبيباً أو عالما فيزيائيا أو وزيرا أو سياسيا أو حتى بعض الحكام الذين لا يتقنون لغة بلادهم الرسمية ؟
هل تعرف شباباً يتهكم من لغة بلاده؟كل هذه الظواهر المشينة في حق لغة الوطن والثقافة موجودة عندنا. من هنا يجب أن تبدأ المعركة. يجب رد الاعتبار للغة العربية أولا قبل التفكير في أي شيء آخر.

س: ما هي متطلبات تقليص الفجوة الرقمية بين العربية واللغات المتقدمة معلوماتيا؟
ج: الفجوة الرقمية هي عبارة مهذبة للحديث عن الفرق الفاحش بين الشمال والجنوب اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا. الفجوة الرقمية مظهر واحد فقط من فجوات أخرى وما أكثرها. لتحل مشاكل التنمية (صحة تعليم شغل  ...) وبعد ذلك يمكننا أن نتحدث عن تكنولوجيا الإعلام والوسائط المتعددة وما إلى ذلك.موضوع الفجوة الرقمية موضوع ثانوي جدا بالنسبة للباحث اللساني العربي.هناك في اعتقادي موضوعات أكثر أهمية بالنسبة للسانيات العربية وللثقافة العربية.طبعا هذا لا يعني أن ينحصر العمل اللساني فيما هو لغوي محض.

س: لماذا لا توجد اتجاهات أو تيارات أو مجموعات علمية تتخذ العربية موضوعا لنظرها في كل أبعادها ومستوياتها اللسانيات؟ ألأن العربية عربيات؟ عربية قديمة تراثية، وعربية مقدسة، وعربية وسطى هي المستعملة الآن في التداول المكتوب صحافة وفنا؟
ج المفروض أن ينصب التحليل اللساني على اللغة العربية.ونحن لا نأتي بجديد عندما نذكر هذا الأمر. وهذا العمل اللساني هو ما نجده في بعض الأعمال اللسانية العربية النادرة مثل أعمال الفاسي الفهري وأحمد المتوكل وقلة قليلة من اللسانيات الشباب المغاربة. لكن يبقى مفهوم اللغة العربية كمفهوم منهجي أو نظري في حاجة إلى تحديد وتوضيح وهذه مهمة اللسانيين بالدرجة الأولى. نحن لا نملك المعطيات اللازمة في موضوع طبيعة اللغة العربية الحديثة حتى تكون دراساتنا اللسانية واقعية وعملية.
ولهذه الأسباب لا توجد في نظري دراسات لسانية بالشكل المطلوب. الإشكالات عديدة أولها كما ذكرت تحديد طبيعة اللغة العربية موضوع الدراسات اللسانية.مثلا عندما نستعمل في اللغة الفرنسية أو الإنجليزية أو الألمانية تركيبا معينا يمكنك أن تقول إن ما تسمعه ينتمي إلى لغة قديمة أو حديثة أي أن هذا التركيب مستعمل راهنا أو غير مستعمل. مقبول أو غير مقبول، ممكن أو مستحيل. لكن بالنسبة للغة العربية هناك صعوبات عديدة في الوقوف على حقيقة مستويات استعمال اللغة العربية .كل متكلم يمكنه أن ينهل من عربية العصر الجاهلي ومن لغة القرآن الكريم ومن اللغة العربية الحديثة بأساليبها المتنوعة الأصيلة والدخيلة على حد سواء، المبسطة أو المستعملة في اللهجات المحلية. إن القول بوحدة اللغة العربية عبر تاريخها الطويل فيه جوانب إيجابية وأخرى سلبية، والحدود فير واضحة بين الاستعمالات أو مستويات اللغة العربية وهذا يجعل مأمورية البحث اللساني الذي يتخذ اللغة العربية موضوعا له بالمعنى الدقيق للكلمة. لا بد أن نبدأ بدراسة معجم وتركيب (اللغات العربية ) أي مجمل الاستعمالات أو على الأقل أبرزها والمقارنة بينها.هناك أبحاث الخولي محمد على وبعض أبحاث داود عبده وقلة أخرى لكنها غير شاملة وتحتاج إلى دعم الجميع. مشروع البحث في ما يسميه بعض الدارسين العرب بالدخيرة اللغوية (العربية) في بعض دول الخليج والجزائر على جانب كبير من الأهمية إذا تم إنجازه كما تصور أصحابه.

س: كيف يمكن للغة العربية أن تصبح فاعلة في محيطها؟ وما هي المشاكل التي تعترض سبيل المعالجة الآلية العربية؟
ج: لكي تصبح اللغة العربية فاعلة في محيطها، يجب إعطاءها الدور الإيجابي الذي تستحقه.يجب رد الاعتبار السياسي والفكري والاجتماعي للغة العربية.تعيش اللغة العربية اليوم وضعية اغتراب بين أهليها وذويها. فماذا يمكنه أن تنتظر من لغة لا يحترمها أصحابها؟ المسألة فكرية واجتماعية  ولكن سياسية أيضاً. اللغة العربية رغم قوتها وإمكاناتها الذاتية ضحية استعمالا ضيق. بالنسبة للمعالجة الآلية يجب أن لا نوهم أنفسنا، لم نصل بعد إلى مستوى الإبداع المسجل بالنسبة للغات أخرى في هذا المجال.هناك مجهودات فردية متفرقة هنا وهناك داخل الوطن العرب، وأهم الإنجازات تحتكرها الشركات الإعلامية الكبرى. البرمجيات العربية حققت مستوى لا باس يه ولكنة ما زال في بدايته.

س: ما دور المجامع اللغوية في النهوض بالعربية على مستويات التنظير والممارسة؟
ج: في كتابي اللسانيات العربية في الثقافة العربية: حفريات النشأة والتكوين(مكتبة المدارس الدار البيضاء2006) قدمت جوابا  عن هذا السؤال. أضيف هنا أن المجامع العربية في حاجة إلى أن تكون أقرب إلى الواقع اللغوي العربي الراهن وأن تتعامل معه كما هو من أجل إيجاد الحلول الناجعة لمشاكل اللغة العربية. المجامع العربية في حاجة ماسة أن تلج المدارس والثانويات والمعاهد والجامعات والإدارة والمصنع الصغير والكبير والصحف وكل ما له علاقة باللغة العربية, نحن في حاجة إلى وعي لغوي جديد بقضايا اللغة العربية. وهذا الوعي مرتبط بالواقع الفكري والسياسي وبكل ما يعيشه الإنسان العربي أينما كان في الوطن العربي. المجامع اللغوية العربية(لاسيما مجمعي القاهرة ودمشق) قدمت الكثير من أجل عربية في مستوى الحضارة الحديثة. لكن صنيعها لم يعد يساير الوضع الراهن للغة العربية واستعمالها، وبدأت اللغة العربية تتراجع أمام المد التقني واللهجي واللغات الأجنبية على حد سواء. مجهودات المجامع اللغوية وما يتبعها من مؤسسات غالبا ما يظل مجهولا أو غير متوفرة للدارسين والباحثين. يجب على المجامع أن تفكر في الكيفية التي تدعم بها وضعية اللغة العربية في عالم اليوم في كافة المستويات لمواجهة المتطلبات الحضارية المتزايدة.

س: نجد اليوم شبه إجماع على ضعف العربية في مؤسسات التعليم في مختلف الأسلاك، وهو وضع ينذر بالكارثة، في ظل معطيات تفرض أن يكون الوضع معكوسا تماما؟ بم تشخصون هذه الظاهرة؟
ج: أنت الآن تضع الأصبع على مشكل جوهري بالنسبة للغة العربية ومستقبل الثقافة العربية برمتها. بالفعل تعيش اللغة العربية وضعا مقلقاً بين أحضان الأجيال الصاعدة.ولا أريد تحميل المسؤولية لأي جهة .إنه وضع بات يفرض نفسه علينا وبالتالي يتعين التفكير مليا في الحلول الناجعة. العوامل والأسباب معروفة لا سيما لدى المهتمين بالتربية والتعليم. المشكل في هذا الواقعة هو أننا نتحاشى الخوض في موضوع الضعف بالصراحة والموضوعية اللازمتين في موضوع على جانب كبير من الأهمية بالنسبة للأجيال العربية المقبلة وللثقافة العربية بل للشخصية العربية ومقوماتها. الحلول التي أشرت إليها لا يمكنها أن تكون من وضع فرد واحد أو أفراد مهما كان مستواهم العلمي وموقعهم في المجتمع والثقافة.
دعنا نبدأ من حيث ينبغي أن يكون المنطلق. لقد تكلمت سابقا عن مسالة رد الاعتبار للغة العربية اجتماعيا وسياسيا فإن مشكل ضعف اللغة العربية في جميع الاستعمالات اليومية، في التعليم والإدارة والصحافة وحتى في الكتابات الأدبية كان حاضرا في ذهني. المشكل في اعتقادي مرتبط بالتحولات الاجتماعية والثقافية والسياسية التي يعرفها العالم العربي. المشكلة ليست فقط هيمنة هذه اللغة أو تلك أو هذه الثقافة أو تلك على غيرها من اللغات والثقافات. يجب العمل على فهم آليات هذا الواقع المتدهور للغة العربية انطلاقا من المحيط التربوي والتعليمي من جهة والاجتماعي والسياسي من جهة أخرى.فلا يكفي في البلدان العربية أن تقنن مسالة اللغة دستوريا لأن استعمال أي لغة وتداولها لا يخضع لسلطة من هذا النوع ولكن اللغة تأخذ مكانتها من خلال الاعتبار والموقع الذي تحتله هذه اللغة في حياة الأفراد والمجتمع. وهذا الوضع بالنسبة للغة العربية في حياة الإنسان العربي وواقعه اليومي غير مريح. فهناك منافسة قوية من قبل اللهجات المحلية عربية وأمازيغية، وهناك اللغات الأجنبية ولاسيما الفرنسية والإنجليزية. واللغات الأجنبية هي لغات العلوم والتكنولوجيا في مؤسسات التعليم العالي ومعاهده، وبالتالي فهي رمز لسلطة معرفية واجتماعية معينة. يينما نجد أن اللغة العربية التي تشكل دعامة الثقافة العربية، باتت في نظر الكثيرين مرجعا وإحالة لثقافة قديمة ومتجاوزة ليس باستطاعتها ضمان العمل في أحضان المؤسسات المالية والتجارية والصناعية لكبرى. من هنا يبدأ رد الاعتبار.

س: لاحظ عالم اللسانيات روبنز أن معظم السمات التي تميز التاريخ المعاصر، في الغرب، قد نشأت في عصر النهضة، واستمرت دون انقطاع حتى الوقت الراهن. وأن الكثير من تلك السمات كان له تأثير مباشر في الاتجاهات التي اتخذتها الدراسات اللغوية فيما بعد. والواقع أن ما لاحظه روبنز بالنسبة إلى عصر النهضة في الغرب يمكن تعديته إلى عصر النهضة العربية وما صاحبه من ردود فعل كان للجانب اللغوي حظه الوافر منها. فأسئلة النهضة حاضرة بشكل جلي في الفكر اللساني العربي، حيث يمكن أن نميز بين اتجاهات مختلفة: اتجاه طفري(حداثي)، واتجاه تراثي (تقليدي) واتجاه توفيقي، والأكثر من هذا أن هذه الاتجاهات تظهر أحيانا في الاتجاه الواحد. هذا ما حكم على الثقافة العربية عموما، واللسانيات خصوصا، باجترار قضايا هي في غنى عنها.
نتساءل هنا: ما موقع الفكر العربي من الفكر اللساني الحديث؟ ثم ألم يحن الوقت بعد لتقييم هذه الحصيلة، والخروج من هذه الدوامة؟

ج: ما قلته يستدعي تقديم بعض التوضيحات : أولا أنا أوافقك الرأي على ما ذهبت إليه من كون بعض إشكالات الفكر العربي الراهن هي إشكالات عصر النهضة إذا كان للعرب فعلا نهضة، بيد أنه لا بد من تسجيل ملاحظة مفادها أن الفكر العربي في المرحلة الراهنة لم يتجاوز أسئلة النهضة، بل إنه سجل تخلفا كبيرا بالقياس لما عرفته الثقافة العربية إلى حدود العقدين الأخيرين من القرن العشرين. الواقع أننا لسنا في حاجة إلى تقييم الحصيلة أو الخروج من الدوامة، العالم العربي في كثير من قضاياه الفكرية والاجتماعية ما يزال يبحث عن نفسه. و كلما طال البحث عن الحلول المناسبة ،كلما ازدادت مشاكلنا وتفاقمت. إنه فعلا وضع يدعو إلى الشفقة. وقد أجبت بنفسك عن بعض مظاهر الصعوبات التي نعيشها.

س: ما دمنا بصدد الحديث عن بعض المشاكل والتحديات المطروحة، أشير إلى أن اللسانيات في الثقافة العربية بقيت حبيسة نفسها، ولم تنفتح على بعض القطاعات الأخرى كما هو الحال بالنسبة إلى اللسانيات في الغرب، بل لم تساهم لا من قريب ولا من بعيد في بعض التحديات التي تواجه الأمة، والتي تعتبر في صميم البحث اللساني: التخطيط اللغوي، التعدد اللغوي، الأمراض اللغوية...ما هي أسباب هذا التقوقع في نظركم؟ وهل يمكن أن نعتبره مظهرا من مظاهر تخلف اللسانيات في ثقافتنا؟
ج: فاقد الشيء لا يعطيه. لا يمكنك أن تقدم أي حل أو مساهمة لأنك في موقع ضعف. الأمر مرتبط بواقع العلوم الإنسانية في العالم العربي. إذا كانت اللسانيات تعاني أزمة التأسيس والانطلاقة السليمة فكيف يمكننا أن نطالبها بالمساهمة والانفتاح على المجالات الأخرى التي ذكرتها؟ هناك ترابط واضح بين تطور العلم النظري وتطبيقاته وانفتاحه على المجالات التقنية الأخرى. في العالم العربي نحن في البداية الأولى للسانيات.ومن المؤسف له أن هذه البداية استغرقت وقتا طويلاً....

س: يبدو أن التحديات التي تعترض سبيل اللسانيات العربية كبيرة، لكن ما يعمق من طبيعة الإشكال هو أن اللسانيات في ثقافتنا لم تستطع لحد الآن إيجاد حلول عملية لمشاكلها الخاصة، أشير في هذا السياق إلى بعض الإشكاليات التي ظلت تؤرق البحث اللساني العربي منذ زمن بعيد، كتلك المرتبطة بالمصطلح والتعريب؟
ج: اسمح لي أن أقول لك بأن مشكل المصطلح والتعريب مشكل ثانوي في نظري، إذا ما قيس بالمشاكل الحقيقية التي يتعين على اللسانيات أن تجد لها الحلول المناسبة، وعلى رأس هذه الحلول أولا تحقيق استقلالية اللسانيات وضمان هذه الاستقلالية ثانيا دراسة اللغة العربية لسانيا (وليس نحويا بالمعنى التقليدي للكلمة). عندما تتوحد الجهود وتحضر الإرادة(العلمية)الحقيقية، من السهل أنذاك تجاوز مشكل المصطلح والتعريب وما شابه ذلك. ليس معنى هذا أن مشكل التعريب والمصطلح غير وارد أو ليس له قيمة، بل إنه مرتبط بمشاكل أخرى ولا يمكن حله إلا في إطار معرفي شمولي ومتكامل.

س: ماذا تقترحون بهذا الخصوص (من الناحية المنهجية تحديدا)؟
ج: لست مختصا في هذا المجال ولكن يمكن القول إن مشكل المصطلح بسيط ومعقد. بسيط لأن هناك العديد من المؤسسات العربية المختصة في هذا المجال لها تجربة واسعة وتشتغل بكثير من الاحترافية وبإمكانها  أن توحد الجهود إذا توفرت لها الشروط الملائمة وتم تطبيق كثير من قراراتها. هذه المؤسسات يمكنها أن تشرف على توحيد المصطلح في الإدارة والمدرسة والجامعة والصحف وما إلى ذلك في كل بلدان العالم العربي.نظريا هذا الأمر ممكن جدا، لكن الصراعات القطرية(كل دولة عربية تسعى إلى فرض مصطلحاتها ) والمطامح الفردية تجعل هذا الأمر في غاية التعقيد على جميع المستويات. فالباحث العرب مولوع بوضع المصطلحات ومرا كمتها، وهو على علم بوجود ما هو أفضل منها استعمالا وشيوعا وموافقة لقواعد اللغة العربية. الباحثون العرب يفضلون ترويج مصطلحاتهم الخاصة دون غيرها.كما أنك لا تستطيع أن تتحكم يوميا في الآلاف من المصطلحات التي تنبت كل يوم في كل مجالات المعرفة الإنسانية. وأنت لا تستطيع مهما فعلت أن تفرض على الباحثين مصطلحات محددة دون غيرها.

س: سلكتم في أبحاثكم منحى خاصا في الكتابة اللسانية يقوم على التحليل النقدي الذي يسعى إلى مساءلة الأسس النظرية والمنهجية للسانيات العربية، وقد بات هذا التوجه يشكل اتجاها قائم الذات (في المغرب وفي دول عربية أخرى).لم تبنيتم هذا الاختيار المنهجي؟ وما هي الاعتبارات المعرفية التي تحكمت فيه؟وما هي النتائج التي توصلتم إليها بواسطته؟ وكيف يمكن تطوير هذا المجال من مجالات البحث في محيط ابتلي بالصمت وعدم القبول بالحوار العلمي الجاد؟
ج: إذا أمعنا النظر في التطورات النظرية والمنهجية التي حققتها اللسانيات سنجد أنها كانت دائما ذات طابع منهجي: لماذا يحظى دوسوسر (1857_1913) بهذه الأهمية التاريخية؟ لا شك أن ذلك مرتبط بمساهمته في بلورة المنهجية اللسانية وتحديد معالم جديدة للبحث اللساني.تعريفات سوسور الجديدة للمادة والموضوع وللسان والكلام والفرق بين التزامن(الآني) والتعاقبي(الدياكروني) وهي كلها مفاهيم أولية سهلة وبسيطة ولكنها ذات قيمة منهجية كبرى أقام عليها سوسور صرح الفكر اللساني الجديد باعتراف الجميع. الأمر نفسه يصدق على أبحاث اللساني شومسكي وظهور النحو التوليدي ابتداء من1957. ثورة شومسكي كانت ثورة على المنهجية البنيوية.
يمكنني أن أقول بكل تواضع إن أزمة اللسانيات العربية هي أزمة منهج أو على الأصح ما يعترض اللسانيات العربية من صعوبات يكمن في المنهجية المعتمدة في الكتابات العربية لمقاربة اللغة العربية. ولهذا كان لا بد من الانكباب على هذا الجانب لمعرفة ما يعترض اللسانيات عندنا من صعوبات. ما النتائج المتوصل إليها؟ الإجابة عن هذا السؤال تتطلب حيزا أكبر. أجيبك باختصار شديد بأن البحث اللساني في الثقافة العربية يحتاج إلى تنفيذ أوليات البحث اللساني كما هي متعارف عليها عالميا ليس أكثر. بمعنى آخر لا نحتاج إلى أن نقول إننا في حاجة إلى نظرية جديدة خاصة باللغة العربية أو شيء من هذا الكلام. إننا بكل بساطة في حاجة على تفعيل أساسيات العمل اللساني والمتمثل في البحث في اللغة كموضوع وليس في شيء آخر.فئة قليلة جدا تفعل هذا المبدأ الهام  وتحترمه في اللسانيات العربية  وهذا ما يفسر أنها الأكثر بروزا في الثقافة العربية الحديثة .أقصد هنا تحديدا أعمال أحمد المتوكل  والفاسي الفهري وداود عبده ومازن الوعر. اللسانيات العربية يجب أن تكون عربية بمعنى أن تنصب على اللغة العربية في مستوياتها المختلفة لا عربية في أشياء أخرى. لن نمل من ترديد هذه الفكرة الأولية والبديهية.في اعتقادي من هنا يمكن أن يبدأ قطار اللسانيات العربية ويسير على سكة البحث اللساني الحقيقي. في انتظار ذلك ...

س: ما الجديد الذي تعدون به القراء؟
ج: سيصدر لي قريبا نهاية 2006 كتابا بعنوان اللسانيات في الثقافة العربية حفريات النشأة والتكوين وهو بحث يناقش العديد من الجوانب  التاريخية المتعلقة بدخول اللسانيات إلى الثقافة العربية الحديثة. هناك أيضا حث مستمر من طرف بعض الزملاء والأصدقاء على أن أنشر دروسي في اللسانيات التوالي: مدخل للنحو التوليدي (1957_65) والنحو التوليدي مفاهيم وأمثلة. في اللسانيات العامة . الاتجاهات اللسانية الحديثة

س: يبقى المغرب متميزا في محيطه في مجال اللسانيات. ما هي أسباب هذا التميز؟ ثم ما هو تقييمكم لحصيلة البحث اللساني في المغرب؟
ج :المغرب فعلا متميز لسانيا في المحيط العربي. هناك العديد من الأسماء المعروفة مثل الفاسي الفهري وأحمد المتوكل، وهناك أسماء شابة هي في بداية الطريق ، وهذا راجع بالتحديد إلى ما أشرت إليه سابقا من كون جل اللسانيين المغاربة يشتغلون بالأساس حول  اللغة العربية كموضوع ثم تأتي بعد ذلك باقي الإشكالات المنهجية حول النظرية وطبيعة النموذج اللساني وما شابه ذلك وهذا يمثل قفزة نوعية قياسا لما يكتب في العالم العربي من أبحاث تحسب على اللسانيات وهي ليست من اللسانيات في شيء. هناك سبة إجماع على الحصيلة الإيجابية للبحث اللساني في المغرب ومع ذلك لا بد أن يقترب هذا الدرس اللساني المغربي من واقع اللفة العربية كتابة واستعمالا في الدراسة والجريدة والتلفاز وبصفة عامة يتعين الانفتاح على الدرس الأدبي والتربوي وهي مجالات تلاحظ أن اللسانيين المغاربة لا يهتمون بها على الرغم من أنها في الواقع دراسة للغة العربية في محيطها المباشر أي التربية والتذوق الفني والأدبي.
-------------
المصدر : د. حافيظ إسماعيلي علوي

Air Jordan 11 For Sale

التصنيف الرئيسي: 
التصنيف الفرعي: 
شارك: