يأتي احتفاءُ العالم باللغة العربية في يومها الذي اختارته لها الأممُ المتحدّة اعترافاً عالميّاً بها، أمّا أبناؤها فلا يُنتظر منهم ابتداءً إعلانُ احتفائهم بها في يومٍ معلوم؛ فاحتفاؤهم الدائم يكون باعتزازهم بها والسعي إلى نشرها والعمل على رفعتها وتقريبها للناس، ومع ذلك فالمنتظر ألا يمرّ علينا يومُها العالميّ دون أن نشارك العالم هذا الاحتفاء، فهو يأتي تذكيراً لنا بحقّ لغتنا علينا وتقصيرنا في القيام بما يُنتظر منّا.
قد يسأل سائلٌ: وما قيمة الاحتفاء ليومٍ أو يومين ثم نسيان ذلك إلى مثله من العام القابل؟ ولو نظر هذا السائل إلى مظاهر الاحتفاء التي نشاهدها في مؤسساتنا التعليميّة لأيقن بأثرها الإيجابيّ في إيقاظ كثيرٍ منّا ممّن غفلَ عن أثر اللغة في استقلال الأمّة وتقدّمها الحضاريّ والعلميّ. أنا على يقينٍ أنّنا لو خرجنا بعد كلّ احتفاءٍ بمشاريع تخدم اللغة في أحد ميادينها لأصبح لليوم العالميّ أثرٌ ملموسٌ يشاهده الناس وينتفعون به.
نستطيع بالعزيمة أن نغيّر واقعنا اللغويّ للأفضل، حينما ننتقل من القول إلى الفعل، وبالتعاون والتشجيع تتغير كثيرٌ من المظاهر السلبيّة في جميع نواحي الحياة، ومن بينها ثقافتنا اللغويّة وصلتنا بلغتنا، وسيظهر أثر هذا التغيير على حياتنا الثقافيّة العلميّة، فاللغة وعاء الثقافة والعلم.