ملخص بحث ( مقصورة ابن دريد وجمهرته، بين استعمال اللغة وتدوينها: مقبول للنشر في مجلة آفاق أدبية، الصادرة في فاس بالمغرب ).
قصدت في هذا البحث الكشف عن جانبين من شخصية ابن دريد:
الأول: اللغويّ المحافظ في معجمه ( جمهرة اللغة )، وهو المعجم الذي سلك في مادّته مسلك مَنْ سبقوه من اللغويّين، فنقل عنهم، والتزم معايير الفصاحة في معجمه، فقصره على الفصيح.
الثاني: الشاعر الناظم في مقصورته المشهورة، بما اشتملت عليه من ألفاظ لغويّة غريبة، وما سلكه فيها من طرائق التركيب، ومدى التصرّف في اللغة وهو ينظم أبياته.
حاولت في البحث ملاحظة تقاربَ ما ذكره ابن دريد في الجمهرة والمقصورة أو تباعدَهما في النقاط التالية:
- من حيث التطابق بين معنى اللفظ في مقصورته، وما فسره به في جمهرته، أو التوسّع الدلالي في المقصورة عمّا هو في الجمهرة.
- من حيث ورود لفظ المقصورة في الجمهرة، أو عدم وروده، سواء في كونه اشتقاقاً لم يرد في الجمهرة للفظٍ ورد فيها، وهو ما يمكن أن يكون فارقاً بين اللغويّ المحافظ والشاعر المجدّد، أو في كونه لفظاً استعمله في المقصورة ولم يذكره في الجمهرة في موضعه مع علمه به.
عرّفت بعملي ابن دريد ( الجمهرة والمقصورة ) ميداني هذا البحث، وما تميّزا به من خصائص.
ثمّ اخترت مجموعة من ألفاظ المقصورة لدراستها سالكاً الخطوات التالية:
- عرض البيت الذي يشتمل على اللفظ المختار، ( مع ترقيم كل بيت ترقيماً متسلسلاً خاصاً بالأبيات المختارة، وقد بلغت 114 بيتاً ).
- شرح اللفظ من أحد الشروح التي اعتمدتها، وهي: شرح مقصورة ابن دريد لابن خالويه / شرح مقصورة ابن دريد لابن هشام اللخمي / شرح مقصورة ابن دريد وإعرابها - المهلبي.
- إيراد شرح ابن دريد للفظ في الجمهرة إن ورد في مادّته، والتنبيه عليه إن لم يذكره، أو استعمله أو أورده في شرح لفظ آخر.
- الرجوع إلى بعض المعاجم العربيّة وكتب اللغة لإيضاح المعنى أو بيان التوافق أو الاختلاف فيما ورد في الجمهرة والمقصورة.
- التنبيه في بعض المواضع إلى ما يجدر ذكره ممّا في المقصورة من أساليب فنيّة أو صور أدبيّة، للتنبيه على اختلاف ابن دريد الشاعر عنه لغويّاً.
وبعد دراسة ألفاظ المقصورة في 114 بيتاً منها، ظهرت نتائج أذكر أهمّها:
- جمع ابن دريد في المقصورة بين الشاعر المقتدر، واللغويّ العالم بغريب اللغة، المتفنّن باستعمالها، المعتزّ بعلمه بها، وكأنّما يتنازعه جانبان في شخصيّته: جانب الشاعر المبدع المطبوع، والعالم اللغويّ.
- لا يخفى على المتمعّن ملاحظة آثار الصنعة في المقصورة؛ أي أنّ ابن دريد كان وهو ينظم أبياتها يسعى إلى استعمال الألفاظ المقصورة فيها، وربما أغربَ في استعماله لفظاً مشتقّاً قليل الاستعمال مع وجود لفظ مشهور بمعناه.
- اشتملت المقصورة على الكثير من خصائص الشعر من فنون أدبيّة وبلاغيّة، ممّا أشرتُ إليه إشارات مختصرة، وهو ما يخالف ما عليه الجمهرة، فهو معجم لغويّ، لكنّي اقتصرت على وقفات يسيرة لخروجها عن ميدان البحث.
وصلى الله وسلم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
د. عبد العزيز بن حميد بن محمد الحميد