1ـ في المشهد العام لواقع تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها
يُلاحظ المتتبعُ الإقبال الكبير والمتزايد على تعلم اللغة العربية من قبل الناطقين بغيرها، مسلمين وغير مسلمين، من آسيا وإفريقيا وأمريكا وأوروبا. وقد واكب هذا الإقبالَ عدد من الأعمال، يمكن رصدها في الآتي: اهتمام بعض المنظمات والمؤسسات الإقليمية بتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وإدراجه ضمن برامجها وأولوياتها، كالمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، ومكتب التربية العربي لدول الخليج. انتشار مراكز تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في العالم استجابة للطلب الكبير عليها. إقامة معاهد متخصصة في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في كبريات جامعات العالمين العربي والإسلامي. ظهور عدد من المواقع في الشابكة (الإنترنت) تعرض برامجها التعليمية الخاصة بتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، واستعمال التقنيات المعلوماتية الحديثة كالأقراص والمعاجم الإلكترونية التعليمية...
تأليف الكتب التعليمية الخاصة بتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، يتجاوز عددها المائة[2]. عقد عدد من المؤتمرات والندوات العلمية للبحث في موضوعات تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، من زوايا مختلفة. إقامة دورات تدريبية وأوراش عمل لإعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها وتأهيلهم التأهيل الكافي.
وعلى الرغم من أهمية هذه الأعمال والمجهودات المبذولة في إطارها، فإن الدراسات التي عُنيت بتقويم السائد من مناهج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها تكاد تُجمع على عدم كفايتها. >>وقد أكد العديد من الدراسات أن كثيرا من برامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها لم تُلب حاجات الدارسين اللغوية، لأنها اختيرت على أساس عشوائي يعتمد في المقام الأول على الخبرة الشخصية للمؤلفين[3]
وقد أكدت دراسة حديثة شملت عينات من أصول متنوعة جغرافيا، من آسيا وأمريكا وأوروبا وإفريقيا، ومن مراكز ومعاهد متعددة بالمملكة العربية السعودية ومصر ما أثبتته دراسة سابقة لعبد الخالق الضبياني في اليمن من >>قصور مستوى الدارسين في مهارات اللغة، نظرا لعدم ارتباط المحتوى الدراسي باحتياجات هؤلاء الدارسين، ومن ثم عدم رضاهم بهذا البرنامج المقدم لهم، لأنه لا يلبي احتياجاتهم اللغوية، وغير مؤثر في تنمية مهاراتهم اللغوية التي تشبع تلك الحاجات[4]إقرار أغلب طلاب معهد اللغة العربية [بجامعة الملك سعود] الذين حاورناهم في أكثر من مناسبة بأن مادة النحو هي العائق الكبير الذي يواجهونه عند تعلم اللغة العربية. وأزعم أن النجاح الذي يحققه هؤلاء الطلاب يوما بعد آخر يعود بالدرجة الأولى إلى التحفيز أو الدافعية، فهي مفتاح التعلم، وبدونها يتعاظم خطر الفشل. فالرغبة في التعلم من أجل أغراض نفعية (دينية، علمية، وظيفية...) تجعل المتعلمين يحققون نتائج باقية مهما كانت الطريقة، بل مهما بلغت صعوبة المادة[5]
ويسود الاعتقاد في إمكان تعميم نتائج هذه الدراسات على عدد كبير من المراكز المختصة في هذا النوع من التعليم. فكيف يمكن تطوير تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها تطويرا يلبي حاجات المتعلمين على أسس علمية؟
2ـ "تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها" ليس فريدا في نوعه:
يثوي خلف كل منهاج دراسي تصور، ضمني أو صريح، للعملية التعليمية. وحينما يستند المنهاج، والتصور الذي يثوي خلفه، إلى الخبرة الشخصية وحدها، وإلى الرغبات والتمنيات، بعيدا عن النتائج العلمية المحرزة في المجال وتطبيقاتها البيداغوجية، فإن الفشل سيكون هو وحده النتيجة الطبيعية والمتوقعة. وبدلا من السعي في نشر اللغة العربية على أوسع نطاق بتعليمها تعليما لائقا وجيدا للراغبين فيها من غير الناطقين بها، تُقدم اللغة العربية في الواقع التعليمي لغة موغلة في التعقيد، وصعبة التعلم.
إن الإيمان المشفوع بالحماس المرتبط بتعليم اللغة العربية ونقل مضامين الحضارة العربية الإسلامية عبرها إلى المتعلمين من غير الناطقين بها يجب أن يكون دافعا إلى إقامة منهاج تعليمها على أساس من العلم والتجربة والخبرة، وألا يكون حائلا يحول دون ذلك.
وإذا كانت التسمية الشائعة (تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها) تركز على "المتعلمين غير الناطقين بها" باعتبارهم وافدين على الحضارة العربية الإسلامية، وتوحي بالاهتمام البالغ بالمضامين الدينية والثقافية التي تشكل اللغةُ المتعلَمة قناتها وعمادها يجتهد المجتهدون في تحديدها بناء على خبراتهم الشخصية، فإن ذلك يجب ألا يحجب عنا الوجه الثاني المتمثل في التركيز على تعليم اللغة العربية باعتبارها "لغة ثانية أو أجنبية"، وبإيلاء الاهتمام المناسب للعملية التعليمية خاصة. وبهذا الاعتبار يدخل (تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها) في مجال تعليم اللغات الأجنبية. ومن بين ما يقتضيه ذلك أمران:
أـ النظر إلى اللغة العربية باعتبارها لغة حية تماثل باقي اللغات الحية كالإنجليزية والفرنسية والإسبانية وغيرها.
ب ـ اعتماد أكفى المناهج وأحدث النتائج العلمية المحرزة في مجال تعليم اللغات عموما.
ويعني ذلك ضرورة التخلي عن النظر إلى اللغة العربية كأنها حالة خاصة، يُقبل على تعلمها (غير الناطقين بها) ليطلعوا على حضارتها وثقافتها، وضرورة التخلي عن التعامل مع تعليمها كأنه تعليم فريد في نوعه لا يمت بصلة إلى غيره. ولعل كثيرا من الكتب المؤلفة ل(تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها) ترسخ الوضع السابق الذي يُسوغ الحديث عن ضرورة تجاوزه إلى وضع أفضل منه.
3ـ مستجدات تعليم اللغات الأجنبية
3ـ1ـ ارتباط التعلم بالاكتساب
يرتبط فهم عملية تعلم اللغات الأجنبية بفهم عملية اكتساب اللغة الأم ارتباطا وثيقا؛ ذلك بأن نسق المعرفة اللغوية هو النسق الوحيد، المعروف لحد الآن، الذي يمكن تحصيله بطريقتين: بطريق الفطرة أي الاكتساب، وبطريق التعلم. وقد شكلت ظاهرة اكتساب الطفل اللغة موضوع عدد من الأبحاث اللسانية والنفسية، تبلورت في نظريات استهدفت تفسير الكيفية التي يتم بها هذا الاكتساب[6].
ومن النظريات التي هيمنت على الساحة العلمية في هذا المجال، في عصرنا الراهن، نظرية تشومسكي التي تفسر الاكتساب اللغوي بافتراض جهاز ذهني (الملكة اللغوية) وبيئة لغوية مناسبة؛ حيث يتمكن كل طفل من أطفال العالم من اكتساب لغة البيئة التي ينشأ فيها، دون مجهود تعليمي منظم، بفضل ملكته اللغوية الفطرية التي يولد مزودا بها. فإذا حصل خلل في الملكة اللغوية، أو قصور في البيئة اللغوية، يحصل اضطراب في عملية الاكتساب، قد ينتج عنه مرض من أمراض الكلام. فشرط حصول اكتساب لغوي سليم شرطان: ملكة لغوية فطرية وبيئة لغوية طبيعية.
وفي الاتجاه التواصلي، حُدد مضمون الملكة اللغوية في "قدرة تواصلية" هي التي تمكن الطفل لا من اكتساب لغته الأم وحسب، بل من اكتساب استعمالها أيضا، وذلك استنادا إلى عدد من الأبحاث التجريبية التي بينت أن الأطفال يكتسبون لغتهم الأم في سياقات استعمالها، ويكتسبون مع قواعد بنيتها قواعدَ استعمالها التي تحدد لهم: متى يتكلمون، ومع من، وكيف، وبأي أسلوب، ولماذا[7] .
وقد بين سيمون ديك (ديك 1997) أن مستعملي اللغة الطبيعية يتوفرون على طاقات لغوية وطاقات غير لغوية هي ما يشكل "قدرتهم التواصلية" التي تمكنهم من إنتاج العبارات اللغوية وفهمها في مختلف المقامات التواصلية، وهذه الطاقات هي:
أ ـ الطاقة النحوية التي تمكنهم من إنتاج العبارات اللغوية وتأويلها إنتاجا وتأويلا سليمين نحويا.
ب ـ الطاقة المعرفية التي تمكنهم من بناء قاعدة منظمة من المعلومات تشكل مصدرهم الأساس في صياغة عباراتهم اللغوية وتحليلها.
ج ـ والطاقة المنطقية التي تمكنهم من استخلاص معلومات جديدة من معلومات معطاة عن طريق إجراء قواعد استدلالية.
د ـ والطاقة الإدراكية التي تمكنهم من إدراك العالم الخارجي بواسطة وسائل الإدراك البشرية واكتساب معارف يستعملونها في التواصل بينهم.
هـ ـ والطاقة الاجتماعية التي تمكنهم من معرفة الكيفية المناسبة لصياغة عباراتهم اللغوية طبقا لما يقتضيه وضع المخاطب الاجتماعي وزمان القول ومكانه...
وتبعا لذلك، قدم ديك نموذج مستعمل اللغة الطبيعية (م.ل.ط) مكونا من هذه الطاقات الخمس. وتتالت عدد من الأبحاث التي استهدفت تطوير هذا النموذج وإغناءه، ومنها العمل الذي تمكنا فيه من تقديم هندسة جديدة لنموذج مستعمل اللغة الطبيعية تتضمن سبع طاقات، سادسها الطاقة التخيلية التي تمكن مستعملي اللغات الطبيعية من بناء صور افتراضية ووقائع متخيلة لتحقيق أهداف تواصلية محددة (البوشيخي 1998)[8]، وسابعها الطاقة القصدية حيث تنعقد النية في التواصل ويتحدد القصد التواصلي واستراتيجية بلوغه (هنخفلد ومكنزي 2008 والبوشيخي 2008)[9].
وبينت أحدث نظرية في الاتجاه التواصلي، نظرية النحو الوظيفي الخطابي، أن ما يروج في البيئة اللغوية التي ينشأ فيها الطفل وما يكتسبه حقا هو الأفعال الخطابية، أيا كان تحققها كلمة أو مركبا أو جملة أو عبارة أو نصا أو حوارا أو غير ذلك. والأفعال الخطابية هي في الواقع ما ينتجه المتكلم في تواصله مع الآخرين، دون أن يتقيد بإنتاج نمط واحد معين من أشكال التعبير كالجملة أو النص أو غيرهما[10].
3ـ2ـ التعلم محاكاة للاكتساب:
يدافع كريشن (كريشن 1982)، أحد أهم الباحثين المعاصرين المتخصصين في الموضوع، في أعماله الكثيرة[11] عن أن تعلم اللغة الأجنبية الناجح هو التعلم الذي يقترب من عملية الاكتساب، ذلك بأن الطفل يكتسب لغته الأم ويكتسب معرفتها بصورة ضمنية، بينما التعلم يتم على أساس معرفة صريحة (أو معرفة واعية). والمقصود بتقريب التعلم من الاكتساب هو الاعتماد على المعرفة شبه الضمنية[12].
وقد افترضنا، في عمل سابق (البوشيخي 2005)[13]، أن ما يقتضيه تعلم اللغة الأجنبية في اختلاف عن اكتساب اللغة الأم هو:
أ - اشتغال المحل،
ب- واصطناع المحيط اللغوي.
ومحتوى هذا الافتراض أن المبادئ الفطرية الموجودة في كل طاقة من الطاقات المكونة للقدرة التواصلية تنشغل باللغة التي احتكت بها أول مرة، وهي اللغة الأم، انشغالا لا تحظى به أية لغة أخرى بعد ذلك. وأما المقصود باصطناع المحيط اللغوي، فوضع المتعلم في محيط لغوي تعليمي يماثل – قدر الإمكان – المحيط اللغوي الطبيعي للغة المتعلَّمة. ولا شك أن اعتبار ذلك في عملية تعليم اللغة الأجنبية سيقرب التعلم من الاكتساب، وهو ما ندعوه "مبدأ المحاكاة".
4 ـ نحو تطوير تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها:
إن تطوير تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها رهين بالاستفادة مما جد في مجال تعليم اللغات الأجنبية، وإقامة منهاج يأخذ بالنتائج النظرية والتجريبية المحرزة. ومن ذلك فهم المراحل التي يقطعها الطفل في اكتساب اللغة، والبناء عليه في التخطيط لعملية تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.
وأولى مراحل الاكتساب الاستماع؛ حيث يقضي الطفل عدة أشهر في سماع اللغة قبل أن ينطق بكلمة واحدة. ثم يشرع بعد ذلك في الكلام بتدرج.
ويُلاحظ أن ما يتعرض الطفل لسماعه هو اللغة الحية التي يستعملها أفراد الأسرة في بيئتهم اللغوية. وهي اللغة التي تتكون من الأفعال الخطابية، كلمة ومركبا وجملة وعبارة ونصا وحوارا. وهي أيضا الاستعمالات اللغوية التي تتضمن الأمثال الشعبية والشواهد الأدبية والصور المجازية وغيرها.
كما يُلاحظ أن الطفل حين يتدرج في استعمال الكلام، يُظهر معرفة ضمنية غير واعية بقواعد لغته التي يتكلمها، سواء تلك المتعلقة ببنيتها أم باستعمالها. وليس أدل على ذلك من كلام الطفل ذاته المنسجم مع القواعد اللغوية والاجتماعية على حد سواء.
ويمكن القول إن الطاقة الإدراكية هي الطاقة الأولى التي تنشغل بإدراك الكلام المستعمل في محيط الطفل بواسطة وسائل الإدراك من سمع وبصر، وتدريب السمع على التقاط الأصوات اللغوية وتمييزها مما سواها من الأصوات. ثم تنشغل الطاقة المعرفية بتخزين تلك المعلومات الواردة من الطاقة الإدراكية وتنظيمها، تم تنشغل الطاقة النحوية باستبطان القواعد الصوتية والتركيبية والدلالية والتداولية وتثبيتها، لاستعمالها في فهم العبارات اللغوية التي يستقبلها الطفل وفي إنتاجها في مقامات تواصلية معنية. وتنشغل الطاقة الاجتماعية باستبطان القواعد الاجتماعية والثقافية التي تضبط العلاقات بين المتخاطبين، وتثبيتها قصد استعمالها في الفهم والإنتاج.
وبناء على ما سبق، فإن تعلم اللغة العربية من قبل الناطقين بغيرها يتطلب التركيز على تحفيز الطاقة الإدراكية والطاقة النحوية والطاقة الاجتماعية بصورة مكثفة. إذ إن كل طاقة من هذه الطاقات تحتاج إلى تثبيت قواعد خاصة باللغة العربية المراد تعلمها وبكيفيات استعمالها.
4ـ2ـ مبادئ إقامة المنهاج:
لقد تبين فشل المنهاج الذي يقوم على الخبرة الفردية وحدها، دونما تصور علمي واضح لعمليتي الاكتساب والتعلم، وبمعزل عن المستجدات النظرية والتجريبية الحاصلة في مجال تعليم اللغات الأجنبية عموما. المنهاج الذي يُعَرض المتعلم لحفظ المفردات اللغوية معزولة عن استعمالاتها، ولقراءة النصوص المكتوبة، وتعلم القواعد النحوية. وما أكثر الأبحاث التي أظهرت بالدليل فشل هذا المنهاج وما ماثله[14]. ودعت إلى تبني المنهاج الطبيعي الذي يربط بين الاكتساب والتعلم. ومن أهم المبادئ التي يقوم عليها[15]:
ـ تعريض المتعلمين إلى الاستماع للغة العربية المستعملة في مقامات تواصلية مختلفة.
ـ تقديم اللغة المتداولة في الواقع الحي، مع استبعاد الحوارات المصطنعة بين المتكلمين، والنصوص المكتوبة.
ـ التركيز في التعليم على الأفعال الخطابية، أيا كان شكل تحققها، كلمة أو جملة أو غير ذلك، مع استبعاد تعليم المفردات اللغوية معزولة.
ـ استبعاد تعليم القواعد النحوية في هذه المرحلة.
ـ تكثيف الاستماع بعد فهم المواد المسموعة.
ـ تنويع المواد المسموعة: حوارات، أناشيد، مقاطع من مسرحيات، أخبار، مقاطع من مسلسلات...
ـ تحفيز المتعلمين على التكلم بعفوية، وعدم الوقوف على ما يرتكبونه من أخطاء.
ـ الشروع في مرحلة القراءة: قراءة المواد المسموعة بعد فهمها.
ـ استخلاص القواعد النحوية من اللغة المسموعة، وربطها بنماذجها من العبارات المستعملة.
ـ ربط مرحلة القراءة بالتدريب على الكتابة.
وتتساوق هذه المبادئ مع أبحاث تربوية عربية أخرى تؤكد
وأما عن مضمون المادة التي يُعرَض المتعلم للاستماع إليها، فيتعين أن تكون منسجمة مع غايته من التعلم؛ إذ إن تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بهدف ديني يختلف عن تعليمها لهدف دبلوماسي أو تجاري أو علمي، ويختلف عن كل ذلك إذا كان تعليمها لهدف عام.
وإذا ركزنا على تناول الطريقة، دون التفصيل في الأهداف والمحتوى والتقويم التي تشكل عناصر المنهاج[18]، فإن ذلك لا يعني التقليل من أهمية العناصر الأخرى. ولكن نجاح الطريقة التعليمية القائمة على المقاربة التواصلية ومنهج الإغماس، يتوقف على تكييف الأهداف والمحتوى والتقويم بما ينسجم مع الطريقة، كما يتوقف على إعداد الأستاذ الإعداد الملائم للطريقة.
خاتمة:
كان هدفنا في هذه الورقة البحثية أن نبين أهمية الربط بين تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها وبين المستجدات النظرية والتجريبية الحاصلة في مجال تعليم اللغات الأجنبية، وأن نكشف عن أهم هذه المستجدات العلمية، اللسانية والنفسية والتربوية، وأن نستثمرها في بناء المنهاج الدراسي أو الطريقة التعليمية خاصة. ونختم بالدعوة إلى إقامة مركز دولي لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، يُعنى بوضع المنهاج وتوحيد معايير قياس المستوى والنجاح في الاختبار على غرار التجارب العالمية في هذا المضمار.
------------------------------
الحواشي:
[1] ـ البوشيخي، عزالدين (2002): نحو استثمار اللسانيات في تعليم اللغة العربية. ضمن كتاب ندوة "اللسانيات وتعليم اللغة العربية وتعلمها"، سلسلة الندوات، عدد 14، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، مكناس.
- البوشيخي، عزالدين ( 2005 أ): نظرية النحو الوظيفي وتعلم اللغات. ضمن كتاب ندوة "تعليم اللغات، نظريات ومناهج وتطبيقات"، سلسلة الندوات 15 ، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، مكناس.
- البوشيخي، عزالدين ( 2005 ب): تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها من منظور النحو الوظيفي. ضمن كتاب ندوة "اللغة العربية، إلى أين؟" منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، الرباط.
- البوشيخي، عزالدين (2009): المقاربة التواصلية في تعليم العربية للناطقين بغيرها. ضمن سجل المؤتمر العالمي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، جامعة الملك سعود، الرياض.
[2] ـ انظر قائمة هذه الكتب في الموقع الآتي: www.alfusha.net
[3] ـ الدكتور هداية هداية إبراهيم، تحليل الحاجات اللغوية في مواقف الاتصال اللغوي لدى دارسي اللغة العربية للناطقين بغيرها، 50ـ 176، سجل المؤتمر العالمي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، جامعة الملك سعود، معهد اللغة العربية، 2009. ومن هذه الدراسات التي ذكرها الباحث: دراسة وفاء خالد سليم، وراسة السعيد بدوي، ودراسة رشدي طعيمة، ودراسة عبد الخالق الضبياني، ودراسة ناصر الغالي. انظر المراجع هناك.
[4] ـ الدكتور هداية هداية إبراهيم، تحليل الحاجات اللغوية في مواقف الاتصال اللغوي لدى دارسي اللغة العربية للناطقين بغيرها، 50ـ 176، سجل المؤتمر العالمي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، جامعة الملك سعود، معهد اللغة العربية، 2009.
Abd-alkhaliq al-dabyani : Language Needs for Engineering College Questionair, Faculty of Engineering, Sanhaa University-Yammen, MP, unpublished, 2004.
[5] ـ الدكتور محمد صاري، الأسس العلمية واللغوية لبناء مناهج النحو لغير الناطقين بالعربية، سجل المؤتمر العالمي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، 13ـ 49، جامعة الملك سعود، معهد اللغة العربية، 2009.
[6] ـ انظر بسطا مفصلا لأهمها في المناظرة العلمية التي جمعت بين بياجي وبين تشومسكي. انظر:
- Chomsky, N ( 1979 ) : A propos des structures cognitives et de leur développement une réponse à Piaget. In : Piattelli-Palmarini, Théories du langage, Théories d'apprentissage. Editions du Seuil, Paris, 1979.
[7] ـ انظر في هذا الصدد:
- Dik, S (1997a): The Theory of Functional Grammar. Part 1: The structure of the Clause Second revised edition. Edited by Kees Hengeveld. Berlin: Mouton de Gruyter.
- Hymes, D (1984): Vers la compétence de communication , Traduit de L’anglais par France Mugler, Paris : Hatier- Credif.
[8] ـ ـ البوشيخي، عزالدين (1998): قدرة المتكلم التواصلية وإشكال بناء الأنحاء. رسالة جامعية لنيل دكتوراه الدولة، مرقونة، كلية الآداب، مكناس.
[9] ـ Hengeveld, Kees & J. Lachlan Mackenzie (2008) :Functional Discourse Grammar: A typologically-based theory of language structure. Oxford: Oxford University Press.
[10] ـ انظر: (هنخفلد ومكنزي 2008).
[11] ـ انظر الموقع الآتي: www.sdkrashen.com
[12] ـ انظر: (كريشن 1982):
- Krashen, Stephen (1982) : Principles and Practice in Second Language Acquisition. Pergamon Press.
[13] ـ البوشيخي، عزالدين ( 2005 ب): تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها من منظور النحو الوظيفي. ضمن كتاب ندوة "اللغة العربية، إلى أين؟"، منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، الرباط.
[14] ـ انظر :
- Doughty, C and Williams, J (1998) : Focus on Form in Classroom Second Language Acquisition. Cambridge University Press.
- Ellis, Rod (2002) : Does form-focused instruction affect the acquisition of implicit knowledge ?. Studies in Second Language Acquisition , 24 (2) : 223-236.
[15] ـ انظر:
Horwitz, E. k.(1986) : Some Language Acquisition Principles and their Implications for Second Language Teaching . Hispania 69 (3): 684-689.
[16] ـ الدكتور محمود كامل الناقة، المدخل في التدريس والمنظور العلمي لتعليم وتعلم اللغة العربية، 275ـ 286، سجل المؤتمر العالمي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، جامعة الملك سعود، معهد اللغة العربية، 2009.
[17] ـ المرجع السابق.
[18] ـ انظر مادة) (Curriculum في:
- Jack, Richards : Longman Dictionary of Applied Linguistics, Longman edition, Grande Bretagne, 1985.
-------------------------
أ.د عزالدين البوشيخي - جامعة مولاي إسماعيل – مكناس