من لمحات نحو النص عند العلماء القدماء

  1. 1.    عند عبد القاهر الجرجاني في حديثه عن الحذف :

" وتقدير المحذوف إنّما يرجع إلى سببين ، أوّلهما: أنْ يمتنع حمل الكلام على ظاهره لأمر يرجع إلى غرض المتكلّم كما في قوله تعالى:﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ إذ الغرض: واسأل أهل القرية، فليس الحذف هنا راجعاً لذات التركيب اللغوي، وذلك أنّ مثل هذه العبارة لا تحتمل الحذف لو نطق بها رجل مرّ بقرية قد خربت وباد أهلها فأراد أنْ يقول لصاحبه واعظاً مذكّراً، أو أنْ يخاطب نفسه متّعظاً ومعتبراً: سل القرية عن أهلها، على حدّ قولهم: سل الأرض من شق أنهارك، وغرس أشجارك، فلا حذف في العبارتين.

والآخر: أنْ يكون امتناع ترك الكلام على ظاهره ولزوم الحكم بالحذف راجعاً إلى الكلام نفسه لا إلى غرض المتكلّم، وذلك مثل أنْ يكون المحذوف أحد جزئي الجملة كالمبتدأ في نحو قوله تعالى: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾، وقوله: ﴿مَتَاعٌ قَلِيلٌ﴾  فلا بدّ من تقدير محذوف، وذلك أنّ الاسم الواحد لا يفيد، والصفة والموصوف حكمها حكم الاسم الواحد، و"جميل"صفة للصبر، وفي الإجابة على السائل من هذا؟ تقول: زيدٌ، فتقدير المبتدأ المحذوف هنا واجب؛ لأنّ الاسم الواحد لا يفيد؛ لأنّ مدار الفائدة على إثبات أو نفي، وكلاهما يقتضي شيئين: مثبت ومثبت له أو منفي ومنفي عنه"[1]

  فيظهر من كلامه أهمية الحذف في دراسة نحو النص .

  1. 2.    عند المبرد، ظهرت نظرية التماسك النصي، في قوله :

فيتحدث المبرد مثلاً عن الابتداء: " نحو قولك: زيد، فإذا ذكرته فإنما تذكره للسامع، ليتوقع ما تخبره به عنه، فإذا قلت (منطلق) أو ما اشبهه، صح معنى الكلام، وكانت الفائدة للسامع في الخبر؛ لأنه قد كان يعرف زيداً كما تعرفه، ولولا ذلك لم تقل له زيد، ولكنت قائلا له: رجل يقال له زيد، فلما كان يعرف زيداً، ويجهل ما تخبره عنه _أفدته الخبر، فصح الكلام ...

فتعامل المبرد في توضيحه كلمة (زيد) على أنها نص كامل .

  1. 3.    عند ابن جنّي في حديثه عن زيادة الحروف وحذفها :

" إذا قلت { فبما نقضهم ميثاقهم} فكأنّك قلت : فبنقضهم ميثاقهم فعلنا كذا وكذا حقّا أو يقينا ، وإذا قلت :أمسكت بالحبل، فقد نابت الباء عن قولك : أمسكته مباشرا له وملاصقة يدي له ، وإذا قلت : أكلت من الطعام، فقد نابت (من 9 عن البعض، أي : أكلت بعض الطعام ."[2]

فبحديثه ظهر دور الربط بالأدوات وخاصة ( حروف الجر ) في التماسك النصي .

  1. 4.    و عند ابن الأثير أيضا في حديثه عن الحذف، و بالأخص حذف الموصوف، ظهر بشكل ٍ واضح عنصر الحذف كونه وسيلة من وسائل الربط في الجمل، و ورائعا في تماسك النص :

 "  وقد ورد حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه في غير موضعٍ من القرآن الكريم، كقوله تعالى { و آتينا ثمود الناقة مبصرة } فإنه لم يرد أنّ الناقة كانت مبصرة، ولم تكن عمياء , و إنما يريد آية مبصرة، فحذف الموصوف، و أقام الصفة مقامه "[3]


--------------

الحواشي :

[1]   أسرار ابلاغة :390

[2]    الخصائص : 2 /181

[3]   المثل السائر :2 /82

  • ---------------------
  • المصادر و المراجع :

- أسرار البلاغة، عبد القاهر الجرجاني، تعليق محمّد عبد العزيز النجّار، مكتبة محمّد علي صبيح، القاهرة، 1397هـ - 1977م.

- الخصائص , أبي الفتح عثمان بن جني , تحقيق : عبد الحكيم بن محمد , المكتبة التوقيفية .

- المثل السائر في أدب الكاتب و الشاعر , ضياء بن الأثير الجزري , تحقيق : الشيخ كامل محمد محمد عويضة , منشورات محمد علي بيضون دار الكتب العلمية , بيروت .ط1 1998

Air Jordan 1

التصنيف الرئيسي: 
التصنيف الفرعي: 
شارك: