فاز الدكتور عبد الله بن صالح العريني، الأستاذ بكلية اللغة العربية بجامعة الإمام ، بجائزة المركز الوطني للتوثيق والبحث العلمي، بموروني، عاصمة جزر القمر على روايته "مثل كل الأشياء الرائعة" ، وقد صدرت طبعتها الأولى عام 2004م، وتقع الرواية في 202 صفحة من القطع المتوسط. وصدرت عن كنوز إشبيلية للنشر والتوزيع.
وفيما يلي تعريفٌ بالرواية من كاتبها عبد الله بن صالح العريني :
تعريف بالرواية الفائزة (مثل كل الأشياء الرائعة)
تبدأ الرواية بشكل أدبي مميز مرحلة "ليلة لا تنسى" ليلة ولا كالليالي، كأنما هي سحابة عطر أو ضوء بدر وعالم من الجمال والسحر.
تلك الليلة التي أقبل فيه الفاتحون العرب، يحملون معهم أغلى هدية في الوجود، فرح بمقدمهم كل شيء وبدأ القمر فيها منيراً أخاذاً بدأ سيد الموقف بلا منازع، كان يرسل نوره كخمائل من حرير أبيض شفيف...! في جمال يفوق الوصف...
ثم نفاجأ بأن تلك العبارات الأدبية المنتقاة بعناية لم تكن إلا جزءاً من الكلمة التي سليقيها مهدي موهيلي في حفل المدرسة السنوي مما يمنح مفارقة طريفة لهذه النقلة السريعة من الماضي إلى الحاضر ثم نشهد البطل يطوي أوراقه ويضع القلم جانباً بعد معاناة في كتابة تلك الكلمة ليذهب إلى مقر المدرسة.
ونظل مع البطل يمضي خلال شوارع (موروني) وأزقتها مروراً بحي الشافعي المميز في وسط البلد، والرواية تعرض لنا البساطة والهدوء في عاصمة تختلف عن عواصم الدنيا كلها بكونها خالية من إشارات المرور وضغوط الحياة العصرية في مدن العالم.
في الرواية تتحدد البطولة الرئيسة في الشخصيات الآتية:
مهدي موهيلي: مدرس في مدرسة موروني التعاونية.
جميلة: زوجة مهدي موهيلي.
كومبا: مدرس آخر في المدرسة ويمثل الاتجاه التغريبي بسبب تخرجه من إحدى جامعات فرنسا.
آسية: زوجة كومبا وابنة موسى جمل الليل صاحب المدرسة ومديرها وتكشف الرواية كيف أن جزر القمر تعيش على حد فاصل بين العروبة والتغريب من خلال شخصيتي: مهدي موهيلي وشخصية كومبا التي تمثل خطاً معاكساً للآخر.
ويحتدم الصراع بين مهدي وكومبا، ويحسم موسى جمل الليل ذلك الصراع لمصلحة كومبا زوج ابنته فلا يجد مهدي خياراً آخر غير ترك العمل في المدرسة ويأتي إلى البيت مثقلاً بالهم الكبير، لا يدري كيف يخبر زوجته بهذه الكارثة لكنها تبدي تماسكاً ودعماً كبيراً لزوجها.
ويصمد مهدي للعاصفة، ويفاجأ بطلابه ذات يوم يطلبون منه العودة للمدرسة لأنهم يحبونه؛ فلا يستطيع أن يرجع معهم ولا يستطيع أن يبوح لهم بالسبب الرئيس فيعتذر لهم بأنه يتفرغ لكتابة كتاب مدرسي.
وبقدر ما كان هنالك عداء شديد بين مهدي وكومبا كانت هنالك صداقة أشد بين زوجتيهما حيث ترينا الرواية في مشاهد متعددة كيف تبدو العلاقة الحميمية بينهما، وتشير بعض مشاهد الرواية إلى مساعدة كل واحدة منهما للأخرى في عمل قناع من الأعشاب وجذور بعض النباتات بحيث يبدو الواحدة وكأنها مهرج في سيرك. وغرض ذلك القناع تطرية بشرة الوجه وتنعيمه غير مباليتين بشكلهما المخيف المضحك في آن واحد.
ومن صور الخصوصية التي تنفرد بها جزر القمر تصوير شخصية أحد الصيادين الذي ينجح في صيد سمكة نادرة هي سمكة (السلاكانت) وهي لا توجد إلا في جزر القمر وكانت تعد من الأسماك المنقرضة ولذا فصيد واحدة منها يعني غنى كبيراً للصياد.
ونرى كذلك عادة الزواج الكبير الذي تنفرد به جزر القمر بأن يتم العقد الشرعي ودخول الزوج على الزوجة لكن حفلة الزفاف تؤخر كثيراً إلى تبلغ عدة سنوات فيقام لها حفل كبير جداً.
في جانب آخر من الرواية يحاول موسى جمل الليل أن يعيد المياه إلى مجاريها مع مهدي موهيلي فيرشحه للعمل في مدرسة في دولة مدغشقر، فيذهب مهدي إلى هناك تاركاً زوجته إلى أن يعدَّ لها السكن المناسب فلا تملك جميلة سوى البكاء في لحظات الوداع فيودعها مردداً قول الشاعر:
إني أحبك عندما تبكين ** بعض النساء وجوههن جميلة
وأحب وجهك غائماً وحزينا ** ويكن أجمل عندما يبكينا
وينجح أيما نجاح في إدارة تلك المدرسة كما تكون هنالك فرصة ذهبية بمرافقته لأحد السياح السعوديين من هواة الصيد والقنص فيصبح مهدي موهيلي مترجما ومرافقاً خاصاً لمبارك السائح السعودي وتسير القافلة عبر إدخال مدغشقر ويقابلون وجهاً لوجه شعوبا بدائية، ويتمكن بمشهد درامي مثير (مبارك) من صيد أحد الأسود ويقابلون في تلك المناطق النائية أحد المسلمين من كبار السن الذين سلموا من الإبادة البرتغالية.
ويبدو نجاح عنوان الرواية من خلال انطباقه على كثير من الأشياء الرائعة التي صورتها في الطبيعة وفي أخلاق مهدي موهيلي الصابر الطموح المتمسك بالمبادئ، تصور الرواية هذا المحتوى الهادف بأحداث مشوقة وحبكة فنية متماسكة وأسلوب أدبي جميل.