الحمد لله الواحد المنان الفرد الصمد الأول و الآخر إله الأولين و الآخرين على ما أنعم علينا من نعم ٍ جمّا وكثيرة أولاها وأعظمها نعمة الإسلام , وأن جعلنا من أهل لغة العرب التي قدّسها بنزول القرآن الكريم بها .
وصلاة لا تحصى على الهادي الأحمدي محمد وعلى آله الأكرمين إلى يوم الدين . أمّا بعدُ :
تتجلّى اللغة العربية بخصائص تميّزها عن الللغات الأخرى , وأكسبتها من القرآن , ومن حبّ أهلها لها والتزامهم بقوانينها .
ومن تلك الظواهر : ظاهرة الترادف التي جُمّلت اللغة بها , حتى العديد من الدارسين أولوا اهتمامهم بها بدراسة هذه الظاهرة , إمّا مؤيدون أو مانعون لهذا الظاهرة .
ويُعدّ الترادف من الظواهر اللغوية المهمّة لما في علاقة الألفاظ بالمعاني من أثر في التواصل بين الناس , وقد تشعّبت مسائل الترادف باهتمام العلماء و الدارسين , فاختلفت آراؤهم , وتباينت اتجاهاتهم حولها , سواء في ذلك علماء اللغة وأصول الفقه و المنطق , و المشتغلون بعلوم القرآن .
و في الصفحات الآتية أقدم الدراسات الثلاثة الآتية :
الأولى : دراسة لهذه الظاهرة , مبينا موقف العلماء من وقوعها في لغتنا وأسبابها وكثرتها .
الثانية : دراسة الظاهرة في القرآن الكريم , وعرض آراء أهل علوم القرآن بها , ثم ذكر نماذج مفردات من القرآن , وتوضيح ما إذا كانت مترادفة أم لا .
الثالثة : دراسة نماذج من الفروق اللغوية عند أبي هلال العسكري .
ونسأل المولى أن يوفقنا في هذا البحث , وأن يكون جهدنا في ميزان حسناتنا . ولايسعني إلا أن أشكر الدكتور المربي الفاضل دريد العبيدي , لإذكائنا بالعلم الزاخر و الوافر في مادة فقه اللغة ونسأل من الرحمن أن يجعله في الفردوس الأعلى مع الأنبياء و الصالحين , لما له من الأثر التربوي و العلمي على شخصيتي .
فوزي فهيم
17 /5 /2010م
المبحث الأول : دراسة في ظاهرة الترادف :
أولاً : مفهوم الترادف:
- الترادف لغةً :التتابع , وترادف الشيء : تبع بعضه بعضاً , ويقال ردفتُ فلاناً ,أي صرتُ له ردفاً . والرِّدف : المرتدف , وهو الذي يركبُ خلف الراكب , وردف المرأة : عجيزتها , وكلّ شيء تبع شيئاً فهو رِدفه , وهذا أمر ليس له ردف , أي ليس له تبعة , والرادف المتأخر , والمُردف المتقدّم الذي أردف غيره , وأردفته : حملته على ردف الفرس , والرادف : مركب الرّدف , ودابّة لا ترادف ولا تُردف , وجاء واحد فأردفه آخر , وأرداف الملوك : الذين يخلفونهم , ويقال لليل والنهار: ردفان لأنّ كلّ واحد منهما يردف صاحبه , أي يتبع أحدهما الآخر , وقد سمّوا ضرباً من القوافي في الشعر والعروض بـ (المترادف) : وهو كلّ قافية اجتمع في آخرها ساكنان وسمّي بذلك لأنّ الغالب في أواخر الأبيات أن يكون فيها ساكن واحد , فلما اجتمع ساكنان كان أحدهما ردف الآخر ولاحقاً به , والمترادف أن تكون أسماء لشيءٍ واحد , وهي مولّدة ومشتقة من تراكب الأشياء.[1]
- الترادف اصطلاحاً : لم يظهر هناك أي اتفاق بين العلماء الدراسين قديماً وحديثاً على تعريف ٍ إصطلاحيٍ واحد لمفهوم الترادف .
فقد وجد الباحث محمد المنجد أنّ أول من ذكر الترادف صراحةً هو علي بن عيسى الرماني (ت384هـ) الذي جعل عنواناً صريحاً لكتابه (الألفاظ المترادفة والمتقاربة في المعنى) , إلا أنّ الرماني لا يدلّ على تمييز دقيق لمعناه لأنه يعطف المتقاربة على المترادفة كأنها شيءٌ واحد[2].
وذكر حاكم الزيادي أنّ فكرة الترادف عند العلماء القدامى تمثّلت في اختلاف الألفاظ للمعنى الواحد أو للشيء الواحد , وبعد التطور في البحث اللغوي وجد العلماء أنه لابدّ من تحقيق اعتبارات لغوية معينة حين النظر إلى هذه الظاهرة لتمييزها عن غيرها[3].
بينما رمضان عبدالتواب أوجد مصطلحاً جديداً وهو الترادف التام وذكر أنه نادر الوقوع وهو من الكماليات , وعند وقوعه لا يكون إلا فترة قصيرة محددة , وسرعان ما تظهر الفروق المعنوية الدقيقة بين الألفاظ المترادفة , بحيث يصبح كلّ لفظ منها مناسباً وملائماً[4].
ومما سبق يتبيّن أنّ مفهوم الترادف الاصطلاحي هو الألفاظ المفردة الدالة على شيءٍ باعتبار واحد , وهذا المفهوم للرازي ذكره السيوطي[5] , وتعريف الرازي مقبول لأنه فرّق بينه وبين الاسم والحد وبين المتباينين , وبين التوكيد , وبين التابع.
فالحد ليس من الترادف , حتى لو حمل معنى الاسم , لأنه يفصل بين معنى الاسم المشكل ,إلا أنه جملة مركبة .
وأخرج المتباينين , كالسيف والمهند , فهما يدلّان على شيءٍ واحد , إلا أنّ الأول يدلّ عليه باعتبار الذات والثاني باعتبار الصفة , وأخرج التوكيد , فإنّ الثاني فيه يفيد التقوية للأول , في حين أنّ الثاني في الترادف يفيد ما أفاد الأول.
وأخرج الإتباع فإنه وحده لا يفيد شيئاً , كقولنا عطشان نطشان[6] , واعنماداً على هذا الرأي كذلك عرّف محمد المنجد الترادف بعد بحث دقيق على أنه ما يدلّ على لفظين مفردين فأكثر , دلالة حقيقة , أصيلة مستقلة , على معنى واحد , باعتبار واحد وفي بيئة ٍ لغوية ٍ واحدة[7].
ثانياً: آراء العلماء حول ظاهرة الترادف :
ذهب علماء القرن الثاني الهجري من أهل اللغة إلى أنّ الترادف سمة من سمات اللغة العربية دالة على اتساعها في الكلام , حتى أنهم كانوا يجمعون الألفاظ المختلفة الدالة على معنى واحد .
فقطرب (ت 206هـ) رأى أنّ العرب أوقعت اللفظتين على المعنى الواحد ليدلوا على اتساعهم في الكلام[8].
وذُكر أنّ الرشيد سأل الأصمعي (ت 216هـ) عن شعر ٍ لابن حزام العكلي ففسّره , فقال : يا أصمعي إنّ الغريب عندك لغير غريب:قال يا أمير المؤمنين ألا أكون كذلك , وقد حفظت للحجر سبعين اسماً[9] , فكان علماء هذا القرن يسلّمون بالترادف ولا يرونه محل نزاع , وبدأ بعدها مفهوم الترادف بالاختلاف حسب آراء العلماء فلم يكن متطابقاً عند جميع العلماء وعلى اختلاف العصور اللاحقة.
أما بعد القرنين الثالث والرابع فظهر اختلاف العلماء حول هذه الظاهرة , فمنهم من أثبت وجود الترادف , ومنهم من نفى وجود هذه الظاهرة , حتى أنّ البعض يذكر أنّ هذا المصطلح لم يظهر إلل في القرن الثالث , وذكر الزيادي أنّ أقدم نص ٍ لغوي ورد فيه هذا المصطلح صراحةً هو لثعلب(ت 291هـ) وكان فحواه أنه ينكر الترادف , أما في القرن الرابع الهجري ظهرت عناوين مسمية لهذا المصطلح مثل:"الألفاظ المترادفة" لعلي بن عيسى الرماني .
أجمع العلماء على أنّ لا ترادف في الجمل والعبارات بالمعنى الاصطلاحي اللغوي وذكروا أنّ الترادف من خواص اللغات .
لكنّ سبب الاختلاف حول الظاهرة هو غموض المصطلح اللغوي حتى وصل إلى حدّ التناقض بين إقرار الترادف وإنكاره , ونجم أيضاً عنه خلط واضطراب في النظر إلى الألفاظ والحكم عليها بالترادف أو عدمه[10].
والآن نقسم آراء العلماء إلى قسمين :
القسم الأول: يتفق على وجود الترادف:
مما يؤكد سبق الاقرار بالترادف ما نقله الرواة الأوائل من ألفاظ جمعوها من أفواه العرب في صحرائهم الواسعة , ونمتْ هذه الفكرة حتى غدت مدعاة فخر ٍ واعتزاز لدى بعض اللغويين [11] .
وبالغ بعضهم في جمع تلك الألفاظ , وحشد بينها طائفة كبيرة لا تمتُّ إلى الترادف الحقيقي بصلة , وكان فخر أحدهم على زميله أنه يحفظ لهذا الشيء أو ذاك , كذا وكذا اسماً [12].
فروى ابن فارس عن شيخه أحمد بن محمد بن بُندار أنه قال : " سمعتُ أنا عبدالله بن خلاويه الهمذاني , يقول جمعتُ للأسد خمسمائة اسم , وللحيّة مئتين"[13].
ونمتْ هذه الفكرة حتى غدت مدعاة فخر ٍ واعتزاز لدى بعض اللغويين , وهذا التفاخر هو الذي أوقد نار الخلاف وظهور المنكرين له ووضع كلّ فريق مصنفات خاصة أو أجزاء تدعم رأيهم[14], وأغلب المثبتين للظاهرة لا يظهر لديهم رأي صريح في ذلك فالترادف عندهم شيء مسلّم به , ولا حاجة للنقاش به .
ومثال ذلك : أبو زيد الأنصاري , وأما من ناقش المسألة من جوانب مختلفة , فهم أقلّاء منهم ابن جني وشيخه أبو علي الفارسي , فأبو علي الفارسي (ت 377هـ) يستحسن الترادف ويُعجب به , وهذا ما أكّده ابن جني , حيث قال :"كان أبو علي رحمه الله يستحسنُ هذا الموضع جداً ويبنيه عليه , ويسرّ بما يُحضره خاطره".[15]
وكثيراً ماكان يستشهد ابن جني على الترادف بأمثلة استسقاها من شيخه أبي علي , وأثبت ابن جني أنّ شيخه كان يؤكد على الترادف في قوله :"كان أبو علي رحمه الله إذا عبّر عن معنى بلفظ ما فلم يفهمه القارئ عليه وأعاد ذلك المعنى عينه بلفظ غيره ففهمه".[16]
وابن جني جعل الترادف من خصائص العربية التي تستحقّ النظر والتأمّل , فخصّ له باباً أسماه " باب في تلاقي المعاني على اختلاف الأصول والمباني", ويجعله دليلاً على شرف العربية , فيصفه أنه قويّ الدلالة على شرف هذه اللغة , وميزان الترادف عنده أن تتلاقى معاني الألفاظ عند التأمّل في جذورها[17].
وكذلك من ردوده أنه خصّص باباً لاستعمال الحروف بعضها مكان بعض , وهذا ما نفاه العسكري[18]
ومن العلماء الأصوليين الذين أيّدوا الترادف:
- 1. الإمام فخر الدين الرازي(ت 604هـ).
- 2. الكيا , وقسمه إلى قسمين:
أ) ألفاظ متواردة , كما تسمّى الخمر عقاراً وصهباء وقهوة.
ب) ألفاظ مترادفة , وهي التي يقام لفظ فيها مكان لفظ لمعانٍ متقاربة تجمعها معنىً واحد .
ج) التاج السبكي (ت771هـ).[19]
وأما في العصر الحديث فرمضان عبدالتواب من الذين لم ينفوا وقوع الترادف على الرغم من تفرّد كلّ كلمة بمعانٍ خاصة بها , فأهل اللغة يفسّرون اللفظة بأخرى[20].
القسم الثاني : ينفي وجود الترادف , مع إظهار فروقاً بين معاني الكلمات المترادفة:
ونبدأ بأول عالم وهو ابن الأعرابي (ت231هـ) :
فذكر أنّ لكلّ حرفين أوقعتها العرب على معنى واحد في كلّ واحد منهما ليس في صاحبه , ربّما عرفناه , وربما غمض علينا فلم نلزم العرب جهله[21].
وأسرف ابن الأعرابي في إيجاد العلل لكلّ اسم , وإرجاع كلّ اسم إلى أصل اشتقاقه , فهو يفرّق بين الإنسان والبشر , فالإنسان عنده كما قال : سمّي إنساناً لنسيانه , والبشر عنده تبعاً لمنهجه سُمّي بهذا لأنه بادي البشرة , وبإيجاده العلل لكلّ اسم يوجد الفروق, وهو بذلك يكون أول من ذهب إلى إنكار الترادف في اللغة , وليس هناك دليل يشير إلى إنكار الترادف في اللغة قبل ابن الأعرابي , وجاء من بعده واتسع في هذا الرأي[22].
ومن العلماء الذين تبعوه:
- 1. ثعلب (ت 291هـ):
زعم أنّ كلّ ما يُظنّ من المترادفات فهو من المتباينات ال تي تتباين بالصفة , وكذلك في كتاب المجالس فقد روى كثيراً من الكلمات المترادفة ولم يفصح عن موقفه إنكاراً وإثباتاً[23].
- 2. أبو بكر بن الأنباري (ت 237هـ):
فذكر صراحةً في كتابه الأضداد أنه يذهب إلى مذهب ابن الأعرابي لذكره الحجج الدالة عليه والبرهان الذي أقامه فيه[24].
- 3. ابن فارس (ت395هـ):
تابع شيخه ثعلب , فاستخدم التفريق بين المفردات في عدة مواضع , ففرّق بين المائدة والخوّان , فالمائدة لا يقال عنها مائدة إلا إذا كان عليها طعاماً , وإلا فاسمها خوّان.
وهو يسمّي الشيء الواحد بالأسماء المختلفة , نحو : السيف والمهند والحسام.
فعنده أنّ الاسم واحد وهو السيف , وما بعده من الألقاب فهو صفات[25] , ومع إنكاره الترادف المطلق إلا أنه يعتزّ بهذه الأسماء أو الكلمات المترادفة المتقاربة المعنى , وهو يعترف صراحةً بأنّ الشيء الواحد في لغة العرب قد يسمّى بأسماء مختلفة , وإنه عند التدقيق في كلّ اسم نجد أنّ له اسماً واحدا , وبقية الأسماء صفات له[26].
وأيّد هذا الرأي الدكتور رشيد العبيدي رحمه الله إذ وضع ابن فارس قي قسم ٍ خاص حول اختلاف العلماء حول هذه الظاهرة وسمّاه :
بمن وجد للاسم الواحد العديد من الصفات , ووضع ابن فارس في مقدمة هؤلاء العلماء[27].
- 4. ابن درستويه (ت347هـ):
فنهج منهج الأعرابي , وذكر أنّ من المحال أن يختلف اللفظان والمعنى واحد , وإنما سمع اللغويون العرب تتكلّم بذلك على طباعها وما في نفوسها من معانيها المختلفة[28].
وبيّن ذلكنفى تعاقب حروف الجر يقوله :"في جواز تعاقبها إبطال حقيقة اللغة , وإفساد الحكمة فيها والقول بخلاف ما يوجبه العقل والقياس[29] , وذكر ابن دستوريه عدة أمور تسبّب بعدم موافقة الترادف :
الأمر الأول: القول بحكمة الوضع استناداً إلى أنّ اللغة توقيف وأنّ واضعها عليمٌ خبير.
الأمر الثاني: القول بأنّ الترادف ينافي العقل والقياس , ورأى الزيادي أنّ الأخذ بالمنطق العقلي والحكمة في النظر إلى الظواهر اللغوية فيه إجحافٌ وبُعد عن طبيعة اللغة , ويتعارض مع الواقع اللغوي[30].
الأمر الثالث: تلمّس أسباب حدوث الترادف في واقع اللغة بعد أن ابتعدت عن ذاك الأصل المعتمد في حقيقة الترادف[31].
- 5. أبو هلال العسكري(ت295هـ):
وضع كتاباً في ذلك أسماه "الفروق اللغوية" وسنضع له مبحثاً خاصاً لدراسته من حيث مقارنة آرائه مع آراء أهل المعاجم اللغوية.
وذكر في بداية الكتاب أنه يُنكر الترادف فقال:"الشاهد على اختلاف العبارات والأسماء يُوجب اختلاف المعاني أنّ الاسم كلمة تدلّ على معنى دلالة الإشارة , وإذا أشير إلى الشيء مرةً واحدة فعرف , فالإشارة إليه ثانية وثالثة غير مفيدة , وواضع اللغة حكيم لا يأتي فيها بما لايفيد , فإن أشير منه في الثاني والثالث إلى خلاف ما أشير إليه في الأول كان ذلك صواباً , فهذا يدلّ على أنّ كلّ اسمين يجريان على معنى من المعاني , وعين من الأعيان في لغة واحدة , فإن كلّ واحدة منهما يقتضي خلاف ما يقتضيه الآخر , وإلا لكان الثاني فضلاً لا يحتاج إليه . وإلى هذا ذهب المحققون من العلماء"[32]
- 6. الراغب الأصفهاني(ت401هـ):
ففي بداية كتابه في مفردات القرآن ذكر أنّ الهدف من كتابه أنه يُنبئ عن تحقيق الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد وما بينهما من الفروق الغامضة[33].
وكان صبحي الصالح له رأيٌ خاص بهؤلاء العلماء الذين يُنكرون وقوع الترادف في العربية أنّ إنكارهم أخطر كثيراً مما يتصوّره أي باحث من الباحثين , فلا سبيل معه إلى القول بانفراد العربية بكثرة الترادف وسعة التعبير , وإنكار الترادف والتماس الفروق الدقيقة بين الكلمات التي يُظنّ فيها اتحاد المعنى والقول بالتباين بين اسم الذات واسم الصفة أوصفة الصفة , لايستحسنه, وأما من علماء اللغة المستشرقين جون لاين الذي اقترح لوضع درجات للترادف , وتلك الدرجات تكون متفاوتة وأن تُنظّم على مقياسٍ للتشابه والاختلاف في موضعها , فمثلاً هناك ترادف تام وترادف جزئي , وترادف أقل تشابهاً وهكذا..
وبذلك ذكر أنّ هناك ترادف إجمالي وترادف كلّي , واستخدم تعريف ألمان للترادف الإجمالي بأنه حالةٌ نادرة جداً في اللغة , وترفاً لا تستطيع اللغة أن تفقده بسهولة .
ومنها استدلّ جون أنّ ما يمكن وصفها بالمترادفات هي فقط تلك الكلمات التي تستطيع أن تحلّ محل بعضها البعض في أي نصّ معيّن دون أدنى تغيير في مدلولها العقلي أوالعاطفي .
ولكنه رفض المبدأ الذي يفترض أنّ الكلمات تترادف في أيّ نص إذا وردت في نفس الموضع[34].
ومن رأي ألمان ظهر هناك قضية تأثير الفكر والعاطفة على الترادف , فإنّ استعمال اللغة يتضمّن قوّتين نفسيّتين متميّزتين , الذهن والخيال , فكلمة معينة ممكن أن تُفضّل على أخرى لارتباطاتها العاطفية أو الإثارية المختلفة , وكذلك هناك عوامل تؤثر على اختيار الكلمات أو التعابير تعود إلى الفكر[35].
ثالثاً: شروط الترادف:
وضع العلماء المحدثين شروطاً للغوية الترادف ورأوا أنه لا بُدّ من تحقّقها وأوجزها الزيادي ضمن الشروط الآتية:
- 1. الاتفاق في المعنى بين الكلمتين اتفاقاً تاماً:
فمثلاً إذا فهم العربي من كلمة (جلس) شيئاً لا يستفيده من كلمة (قعد) فهذا يُعتبر غير ترادف .
- 2. الاتحاد في البيئة اللغوية:
بحيث أن تنتمي الكلمتان إلى لهجة واحدة أو مجموعة منسجمة من اللهجتان , إلا أنّ رمضان عبدالتواب اشترط بالكلمتين أن تنتمي إلى لهجة ٍ واحدة باعتبارها بيئة لغوية منفصلة أو إذا كانت ضمن اللغة المشتركة فهي لبيئة لغوية منفصلة عن اللهجات الأخرى.
- 3. الاتحاد في العصر:
فعند قياس كلمتين بالترادف , فيجب النظر إليهما بكونهما استُعملتا في نفس العصر , أي بنظرة ٍ وصفية ٍ لا على أساس النظرة التاريخية .
- 4. ألا يكون أحد اللفظين نتيجة تطوّر صوت آخر:
مثال ( الجثل والجفل ) فكلاهما النمل , ويمكن أن تكون إحدى المفردتين متطورة صوتياً عن الأخرى .
وبهذه الشروط حدّ المحدثون من كثرة الترادف والغلوّ فيه حتى صارت المترادفات بقدر ٍ مقبول , حتى كأنهم أدركوا الااضطراب والخلط في هذه المسألة[36].
رابعاً :أسباب وقوع الترادف:
ذهب كثيرٌ من علماء اللغة إلى تفسير حدوث هذه الظاهرة في اللغة العربية , وأخذ كلّ عالم بذكر أمثلته وشواهده , وسندرس تلك بإيجاز , ونذكر ما يدعم كلّ راي من أدلّة وشواهد:
- 1. اختلاف اللغات واللهجات:
ظهر تداخل اللغات عند العرب لديهم بشكلٍ كبير وأخذ بعضها عن بعض ولا سيّما ما كان من لغة قريش ولغات القبائل الأخرى .
وتكوّنت اللغة المشتركة التي كما يراها بعض الدارسين الجدد بأنها مكوّنة من مجموع لغات العرب , فلذلك لا بُدّ ان تظهر فيها بعض مظاهر الاختلاط , ومن هذا الاختلاط نشأ الترادف في اللغة العربية الموحّدة.
وكذلك نجد في منعجمنا العربي المسمّيات الكثيرة للشيء الواحد على سبيل اختلاف اللغات[37].
ويُروى عن الأصفهاني , انه قال :"وينبغي أن يحمل كلام من منع الترادف على منعه في لغة واحدة , أما في لغتين , فلا يُنكره عاقل"[38].
ويرى ابن جني أنّ تساوي اللفظين في لغة العربي سببه أحد الأمرين:
إما أنها من لغة قومه , وهو الأرجح , وفائدته التوسع في أوزان الشعر وسعة التصرف في بديع النثر , والثانية : مستفادة من لغة قبيلة أخرى فكثرة تكرارها حتى تساوت مع لغته .
وتأكيداً لهذا السبب يقول ابن جني :"إذا كثر على المعنى الواحد ألفاظ مختلفة فسمعت في لغة إنسان فإنّ إحدى ذلك أن يكون قد أفاد أكثرها أو طرفاً منها من حيث كانت القبيلة الواحدة لا تتواطأ في المعنى الواحد وكلما كثرت الألفاظ على المعنى الواحد كان ذلك أولى بأن تكون لغات الجماعات اجتمعت لإنسان ٍ واحد من هنا وهنا[39].
وبهذا السبب نجد أنّ أغلب العلماء القدامى عوّلوا على تفسير الترادف بالرجوع إلى لغات القبائل الأخرى , ولكهم لا يُشيرون إشارة واحدة تغدوا الألفاظ المترادفة إلى تلك اللغات[40].
- 2. أن يكون للشيء الواحد في الأصل اسماً واحداً و ثم يوصف بصفاتٍ مختلفة , باختلاف خصائص ذلك الشيء , فيمكن النظر إلى السيف وأسمائه المختلفة في العربية , تلك الأسماء التي كانت بالأصل صفة له , كالصارم والباتر والصقيل وغير ذلك [41].
- 3. المجاز: بحيث أن ينتقل معنى الكلمة من محيط ٍ إلى آخر بطرق ٍ أبرزها الاستعارة , ومن هذا الباب يمكن تفسير الكثير من ترادف الألفاظ .
فانتقال المجاز إلى الحقيقة يجعل من الصعوبة الشيء الكثير في الفصل بينهما وعند دراستنا للعديد من الألفاظ دراسةً تاريخية , يُثبت أنها في حقيقتها لم تكن أسماء أصيلة للشيء , وإنما أطلقت عليه , سُمّي بها عن طريق المجاز وأثّر بها عادات اجتماعية كثيرة كالعادات والتقاليد والآداب , لاعتبارات نفسية كثيرة .
وبعض المحدّثين أطلقوا على الترادف اسم (المجازات المنسية) ليدلّلوا أنّ سبب الترادف هو المجاز , وهذا غير صحيح لأن المجاز ليس هو السبب الوحيد لوقوع الترادف[42].
- 4. التطوّر اللغوي:
فقد تطوّر بعض أصوات الكلمة على ألسنة الناس , فتنشأ صور أخرى للكلمة , وعندئذٍ يعدّها اللغويون مترادفات .
فبعض اللغويون يعدّون الإبدال من الترادف , مثل "دعس" و"طقس" وقد يكون التطور اللغوي في معنى الكلمة ودلالاتها , فقد يصبح الخاص عاماً والعام خاصاً , فالمعاني لا تبقى على حالها.
- 5. المعرّب والدخيل:
اقتبست العربية من اللغات الأعجمية الأخرى مفردات لها نظائر عند العرب من حيث الدلالة , ولذلك عدّ العرب المعرّب والدخيل من أسباب وقوع الترادف , ومن ذلك ما نجده من أسماء الخمرة من ألفاظٍ أعجمية معربة مثل الاسفنط , وهي رومية الأصل[43] , وهناك أسماء أخرى للخمر مثل الترياق[44].
ومن العلماء من لم يعتدّوا بهذا السبب لتفسير الترادف , معلّلين ذلك بأنهم أخرجوا اللهجات العربية على المعنى الواحد من باب الترادف فالأولى أن يرفض الدخيل والمعرّب من هذا الباب ومنهم محمد المنجد[45].
المبحث الثاني: الترادف في القرآن الكريم:
أولاً: آراء العلماء حول الترادف في القرآن الكريم:
اهتمّ اللغويون قديماً وحديثاً بتطبيق نظريّاتهم اللغوية على القرآن الكريم لما له من القدسية العالية , والمكانة الدينية عند المسلمين , كما لقيمته اللغوية الخارقة التي عجز الإنسان على الإتيان بآيةٍ من مثله , وبهذا الصدد كان لأهل اللغة والتفسير آراءٌ في وجود الترادف في القرآن الكريم , واشتغلوا بتثبيت آرائهم وإسنادها إلى أدلة ٍ من القرآن , ولما للترادف من الأثر البالغ كذلك في تفسير آيٍ من القرآن وتبيان معانيه .
فظهر اتجاهان حول مسألة الترادف في القرآن الكريم :
الاتجاه الأول: يثبت الترادف:
ظهرت مسألة الترادف عند المثبتين في كلامهم عن الأحرف السبعة والتوكيد والمتشابه .
أما الأحرف السبعة والترادف فيها , فذكروا أنّ الترادف هو المقصود بالأحرف السبعة والتوكيد والمتشابه .
أما الأحرف السبعة والترادف فيها , فذكروا أنّ الترادف هو المقصود بالأحرف السبعة , مثل الزركشي يوضّح معناها بأنها سبعة أوجه من المعاني المتفقة بالألفاظ المختلفة , نحو اقبل وهلمّ , وتعال وعجّل وأسرع ونحوه..
وبهذا فهو أنكر على أنها لغات و لأنّ العرب لا تركّب لغة بعضها بعضاً[46] . ولكن إن عدنا إلى القول بأنّ المراد بالسبعة حقيقة العدد , فيكون تحديداً للرخصة بألا يتجاوز سبعة مرادفات أو سبع لهجات , لأنه لا يتأتى في كلمة من القرآن أن يكون فيها سبع لهجات , إلا كلمات قليلة .
حتى لو اعتمد مفهوم الأحرف السبعة فلن تجد الترادف الذي تريد , لانها ألفاظ من لغاتٍ شتى , وبعض العلماء لم يعتدّوا باللغات انها من الترادف , كما ذكر سابقاً[47] , أما التوكيد وتأثيره على الترادف , فقد رأى العلماء أنّ في الترادف نوعاً من التوكيد للمعنى , وقد قسّمه العلماء إلى قسمين من التوكيد , توكيد باللفظ المرادف وتوكيد بعطف المرادف[48].
وذكر الزركشي على التوكيد باللفظ المرادف "التوكيد قسمان:لفظي ومعنوي فاللفظي :تقرير معنى الأول بلفظه أو مرادفه , فمن المرادف "فِجاجاً سبُلاً"[49] و"غرابيب سود"[50].
أما التوكيد بعطف المرادف ذكر أنه يحسن باواو , وأناب غيره (أو) عن الواو.
أما المتشابه , وهو إيراد اللفظة الواحدة في صور شتى وفواصل مختلفة[51], ويذكر أنّ من أنواع المتشابه استبدال كلمة بأخرى في آيتين متماثلتين , مثل "ما ألفينا عليه آباءنا" وفي لقمان "وجدنا" وهكذا..
وكذلك في التفاسير المختلفة , قد كثُر فيها تفسير ألفاظ القرآن بمرادفات , فيقول الزركشي :تجيء كاد بمعنى أراد , ومنه "كذلك كِدنا ليوسف"[52].
ولقد أقرّ صبحي الصالح وجود الترادف في القرآن , لأنه قد نزل بلغة قريش المثالية يجري على أياليبها وطرق تعبيرها , وقد أتاح لهذه اللغة طول احتكاكها باللهجات العربية الأخرى اقتباس مفردات تملّك أحياناً نظائرها ولا تملك منها شيئاً أحياناً أخرى , حتى إذا أصبحت جزءاً من محصولها اللغوي فلا غضاضة أن يستعمل القرآن الألفاظ الجديدة المقتبسة إلى جانب الألفاظ القرشية الخالصة القديمة[53].
الاتجاه الثاني: منكري الترادف :
تفاوتت آراء منكري الترادف في القرآن الكريم , فمنهم :
- 1. من يرى أنّ ثمة ألفاظاً أحسن من ألفاظ , ومعناها في اللغة واحد , وهو بذلك لا ينكر الترادف , وإنما يؤثر بعض الألفاظ على بعض , فالإنكار هنا في تساوي الفصاحة لا المعنى. وبهذا يرى الزركشي أن من فصاحة القرآن اختلاف الكلام باختلاف المقام فلكلّ موضع ما يليق به ولا يحسن بمرادفه.
- 2. من يتحرّج من القول بالترادف في بعض الألفاظ في كتاب الله يؤثر الفروق بين ما يُظنُّ من المترادفات كالفرق بين الخوف والخشية.
- 3. من يُنكر الترادف إنكاراً تاماً , مثل ابن الأعرابي , والأصفهاني ,فذكر في مقدمته أنه يهدف بكتابه أن يحقّق من الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد وما بينهما من الفروق الغامضة[54].
ومن العلماء الذين أنكروا بنت الشاطئ , فهي تنكره باللغة العربية وأيضاً في القرآن ما لم يكن الترادف ناتجاً عن اختلاف اللغات أو القرابة الصوتية[55] , وكذلك كان للدكتور عفيفي محمود عفيفي رأياً بذلك , فقد أثبت بالأدلّة العلمية أنه لا ترادف بين ألفاظ البصر والنظر والرؤية وأنّ لكلّ منها مجال استعمال محدّد في القرآن الكريم[56].
ويسر رأينا عنحو وجود الترادف في القرآن الكريم , عند من يرى أنّ هناك ألفاظ أحسن من ألفاظ , ترد حسب السياق , فيكون معناه أجمل في هذه الجملة من تلك , والله أعلم.
ثانياً: دراسة ألفاظ مترادفة في القرآن الكريم:
نريد أن نبحث الآن عما تكون عليه لغة القرآن الكريم في تلك الظاهرة اللغوية باختيار بعض المفردات الواردة في القرآن الكريم ونتناولها بالدرس والتحليل ثمّ الحكم عليها بالترادف أو التباين.
- أتى , جاء :
أتى وجاء : يذكر ابن فارس في الإتيان أنه يدلّ على مجيء الشيء وصاحبه وطاعته[57] , وفي لسان العرب جاء بمعنى الإتيان , والإتيان بمعنى جاء[58]أي أنه لم يفرّق بينهما, والأصفهاني يقول:الإتيان المجيء بسهولة ويقال للمجيء بالذات وبالأمر وبالتدبير[59].
ويرى كذلك أنّ المجيء أعمّ و الإتيان قد يقال باعتبار القصد , وإن لم يكن منه الحصول , والمجيء يقال اعتباراً للحصول.
وبهذا وردتا في القرآن , بقوله تعالى "إذ قال لأهله إني آنستُ ناراً سآتيكم منها بخبرٍ أو آتيكم بشهابٍ قبسٍ لعلّكم تصطلون, فلما جاءها نودي ياموسى...."[60].
وتعليقاً على هذه الآية ذكر محمد المنجد أنّ الإتيان تحيط به ثلة من معاني الغموض (الشك والجهل وعدم القصد) , والمجيء تحيط به معاني العلم واليقين , وتحقّق الوقوع والقصد[61].
ومن خلال رأيه نجد أنه ذكر في الآية في بدايته "سآتيكم" قبل الوصول إلى النار , لأنه لديه شك بالوصول والحصول على شهاب ٍ قبس , ثمّ بعد الوصول إليها قال الله تعالى "جاءها" أي تحقّق اليقين بالوصول إليها.
وكذلك في قوله تعالى :"قال إن كنتَ جئتَ بآية ٍ فأتِ بها إن كنتُ من الصادقين"[62] , فالمجيء بالآية ذُكر بحقّ موسى عليه السلام وما من شكّ أنه كان مستيقناً من تلك الآية.
أما الإتيان بها فكان طلباً من فرعون على وجه التحدي , وذلك يدلّ على شكِّ في نفس فرعون .[63]
وقوله تعالى:"ولا يأتونك بمثلٍ إلا جئناك بالحقِّ وأحسن تفسيراً" كانت المقابلة بالإتيان بالمثل وبالمجيء بالحق , ومقابلة المثل بالحق , تدلُّ على أنّ المثل باطلٌ وهذا الضلال أصله الجهل بينما الحق علمٌ ويقين[64].
وقوله تعالى:"ولولا أجلٌ مسمّىً لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتةً"[65] , فمجيء العذاب أمرٌ محقّق , أما وقت التنفيذ فغيبٌ مجهول[66].
- أجر , ثواب , جزاء :
الأجر :
يقول ابن فارس :"الهمزة والجيم والراء أصلان يمكن الجمع بينهما بالمعنى , فالأول الكرّاء على العمل , والثاني جبر العظم الكسر , والمعنى الجامع بينهما أنّ أجرة العامل كأنها شيء يُجبر به حاله فيما لحقه من كدٍّ فيما عمله"[67] ويذكر الأصفهاني أنه ما يعود من ثواب العمل دنيوياً كان أو أخروياً وأنه فيما كان عن عقدٍ وما يجري مجرى العقد , ولا يقال إلا في النفع دون الضرّ[68].
والعسكري يرى أنّ الأجر يكون قبل الفعل المأجور عليه والشاهد أنك تقول ما أعمل آخذ أجري[69].
ووردت في القرآن في قوله تعالى :" فإن أرضعن لكم فآتوهنّ أجورهنّ"[70] , فالأجر هنا مقابل مادي يُنتفع به على عملٍ دنيويٍ اشترط إنجازه أولاً.
الثواب :
يرى ابن فارس أنّ الثواب مشتقٌ من أصلٍ صحيح يدلّ على :"العود والرجوع..والثواب من الأجر والجزاء"[71], والأصفهاني والعسكري عندهما أنه بالنظر إلى أمرٍ يثاب إليه يكون خيراً , ويكون شراً إلا أنه في الخير أكثر[72].
وذكر محمد المنجد فروقاً بين الأجر والثواب:
وأولها : أنّ الأجر يكافئ العمل , والثواب ما زاد على ذلك , ففي القرآن :"وجاء السحرة فرعون قالوا إنّ لنا لأجراً إن كنّا نحن الغالبين"[73] , فكأنّ الأر يكافئ الغلبة , والثواب تقريب فرعون لهم وهذا مما يزيد على الأجر.
وثانيها : أنّ القرآن جعل الأجر عاماً يكون من الله عزّ وجلّ , ويكون بين الناس تقريباً , فيقول الله تعالى :"فلهم أجرهم عند ربهم"[74] , ويقول :"فإن أرضعن لكم فآتوهنّ أجورهنّ"[75], في حين يذكر القرآن الثواب مسنداً للبشر فكأنّ الثواب خاصّ بجناب الله تعالى والأجر عام .
ثالثها : أنّ الأجر يكون على الأعمال فقط في حين أنّ الثواب يكون على الأعمال والأقوال معاً.
ففي قوله تعالى : "فأثابهم الله بما قالوا جناتٍ تجري من تحتها الأنهار"[76]
وقوله تعالى: "فأثابهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة"[77] فكان الثواب عقب أقوال ٍ ذكرت على سبيل الدعاء[78]
الجزاء :
يقول ابن فارس :"الجيم والزاي والياء قيام الشيء مقام غير ومكافأئته إياه "[79] , وعند الراغب :"ما فيه الكفاية من المقابلة , إنْ خيراً فخير , وإنْ شراً فشرّ"[80] , ووردت في القرآن مرة مع المحسن , كقوله تعالى :"ولنجزينّهم أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون"[81] , وأخرى مع المسيء كقوله تعالى:"ولنجزينّهم أسوأ الذي كانوا يعملون"[82] .
فيظهر لدينا أنّ مفردات الأجر والثواب والجزاء كلماتٌ مختلفة ولا يظهر عليها الترادف , فعباراتها تختلف لما بينها من عمومٍ وخصوص.
- آنس , أبصر , رأى , نظر:
آنس :
يقول ابن فارس :"الهمزة والنون والسين أصلٌ واحد وهو ظهور الشيء , وكلّ شيءٍ خالف طريقه التوحّش"[83] , ويرى الراغب الأصفهاني , في قوله تعالى :"فإن آنستم منهم رُشداً"[84] أنه بمعنى أبصرتم أُنساً بهم [85].
وبهذه الآية يقول ابن حيان :"إني آنستم أي أحسستم , والنر على بُعد لا تُحسّ إلا بالبصر , والإيناس أعمّ من الرؤية , لأنك تقول : "آنستُ من فلان ٍ خيراً"[86]
وذكر محمد المنجد في كتابه أنه يميل إلى أنّ الإيناس إحساس بما يؤنس به , قد يكون هذا الإحساس عن طريق حاسة البصر أو عن غيرها[87] , وبذلك اتبع رأي أبي هلال العسكري[88].
أبصر:
يقول ابن فارس :"الباء والصاد والراء :أصلان :أحدهما العلم بالشيء وأصل ذلك كلّه وضوح الشيء , ويقال :بصرتُ بالشيء إذا صرتُ به بصير (عالماً) , وأبصرته إذا رأيته"[89].
والأصفهاني يقول "إنّ البصر يقال للجارحة وللقوة التي فيها"[90].
ويبيّن محمد المنجد أنّ الإبصار قوة في العين تنقل صورة الأشياء فيدركها العقل , وتلك هي الرؤية , ثم يحصل العلم بالمرئي , فكأنها مراحل متتابعة , والإبصار مرحلة من تلك المراحل[91].
رأى :
يقول ابن فارس:"الراء والهمزة والياء أصل ٌ يدلّ على نظر وإبصار بعين ٍ أو بصيرة , فالرأي ما يراه الإنسان في أمره ... والرِّئي مارأت العين من حالس حسنة"[92].
ومن قول ابن فارس استدلّ أنّ الرأي والإبصار لديه مترادفان , لكن حسب المراحل التي ذكرها محمد المنجد , نجد أنّ الرأي غير الإبصار , لأنّ الرؤية مرحلة بعد الإبصار الحسي , فهو يدلّ على الإدراك .
نظر :
ورد توضيحه عند اللغويين بانه عبارة عن تقليب الحدقة نحو المرئي التماساً لرؤيته , ولما كانت الرؤية من توابع النظر ولوازمه غالباً أجري لفظ النظر على الرؤية على سبيل إطلاق اسم على المسبب[93]. ويذكر الأصفهاني أنه يراد به التأمل , كما في قوله تعالى :"قل انظروا ماذا في السماوات "[94] , أي تأمّلوا[95].
ويبيّن أبو حيّان في تفسيره لقوله تعالى :"قال ربّ أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقرّ مكانه فسوف تراني"[96].
أرني بمعنى اجعلنى متمكناً من الرؤية التي هي للإدراك , علمٌ أنّ الطلب هو الرؤية لا النظر الذي لاإدراك معه , فقيل :لن تراني , ولم يقل :لن تنظر إليّ[97].
وبذلك تتبع رأي محمد المنجد بأنّ لفظ (آنس) له خصوصية لا نجدها في رأى وأبصر ,ذلك لأنّ الرؤية والإبصار عاماً في كلّ ما يظهر للعيان فالإبصار : قوة في العين , والرؤية : دالّةٌ على الإدراك[98].
- الفرق بين الجسد والبدن:
الجسد :
جسم الإنسان ولا يقال لغيره من الأجسام المغتذية ,ولا يقال لغير الإنسان جسد من خلق الأرض[99] . وقيل الجسد البدن , والجسد والجاسد والجسيد هو الدم اليابس[100] , والجسد هو جسم الإنسان والجن والملائكة والزعفران , وعجل بني إسرائيل[101] , وكلّ خلق لا يأكل ولا يشرب من نحو الملائكة والجن فما يعقل فهو جسد[102] , وقوله تعالى :"وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام"[103] ,أي ما جعلناهم خلقاً مستغنيين عن الطعام[104] , والجسد يدلّ على تجمّع الشيء واشتداده ومن ذلك جسد الإنسان[105] , فالجسد تطلق على الجثة فقط للميتين وغير الميتين[106] , والجرجاني يقول في الجسد هو كلّ روح تمثّل بتصرف الخيال المنفصل , وظهر في جسم ناري , كالحب , أو نوري كالأرواح الملكية والإنسانية , حيث تعطي قوّتهم الذاتية , الخلع واللبس , فلا يحصرهم حبس البرازخ[107].
وأيضاً الجسد لما له لون والجسم يقال أيضاً لما يبيّن له لون[108].
البدن :
فقد عرّفه العلماء مجمعين على تعريفه بأنّ بدن الإنسان جسده , والبدن من الجسد ماسوى الرأس والثوى[109] , والثوى الأطراف[110] , وقيل البدن هو العضو ورجلٌ بادن جسيم[111] , والبدن شبه درع , إلا أنه قصير قد ما يكون على الجسد .
وبعض العلماء اقتصر على أنّ البدن هوفقط جسد الإنسان ومنهم الجوهري قال : "بدن الإنسان جسده , وقال تعالى :" اليوم ننجيك ببدنك " [112] , بجسدٍ لاروح فيه .[113], و الأصفهاني قال : البدن : الجسد , لكنّ البدن يُقال اعتبارا بعظم الجثة , و الجسد يُقال : اعتبارا باللون , منه يُقال :"ثوب مجسّد"[114] و ابن دُريد قال : بدن الإنسان جسمه .[115]ومن معاني البدن الأخرى : يُقال رجل بدنٌ أي مسنٌ ، قال الشاعر :
هل لشبابك فات من مطلب أم ما بُكاء البدن الأشين [116]
أما رأي أبي هلا العسكري : أنّ البدن هو ما علا من جسد الإنسان , ولهذا لا يقال للدرع القصير الذي يلبس الصدر إلى السرة بدن , لأنه يقطع على البدن , وجسم الإنسان كلّه جسد , و الشاهد أنّه يقال لمن قطع بعض أطرافه : إنه قطع شيء من جسده , و لا يُقال : شيء من بدنه و قد يتداخل الاسمان إذا تقاربا في المعنى , ولما كان البدن هو أعلى الجسد وأغلظه , قيل لمن غلظ من السمن : قد بدُن .[117] ونلاحظ في كلامه أنّه عرّف البدن بما لم يعرفه غيره الكثير من العلماء الذين قالوا إنّ البدن من الجسد سوى الرأس و الثوى , بينما العسكري عرّف البدن ماعلا من جسد الإنسان وهو بذلك يريد اثبات الفروق لاغير .
المبحث الثالث : الفروق اللغوية عند العسكري :
نريد أن نقف في هذه الدراسة عند نقطة تحديد موقف العام من قضية الترادف , وبهذا البحث أحاول عرض آراء اللغويين عن مفردات مترادفة , و أوجد َ أبو هلال العسكري فروقا لها ومنع الترادف عنها , لذلك سنخلص بعدة آراء في كل مفردة ما إذا كان قد نجح صاحبنا بإيجاد الفروق أم قصّر في ذلك .
ومن الملاحظات التي وجدت على كتابه :
- 1. أنّه يقر ّ بوجود التقارب الدلالي بي لفظ ولفظ , ولكن هذا التقارب لا يعني التطابق , بل يعني أنّ ثمّة مساحة دلالية للتمايز .
- 2. يُطلق على الأسماء المجرّدة مثل الفطنة و الذكاء وغيرها مصطلحَ المعاني .
- 3. وهو يركّز دائما على إيجاد دالّ واحد بدلالة خاصة تميّزه عن غيره .[118]
واعتمد في كتابه على عدد من المعايير و الاعتبارات لتحديد الفروق , وكانت على النحو الآتي :
- 1. اختلاف الاستعمال اللغوي .
- 2. اختلاف صفات المعنَيين .
- 3. اختلف مايؤل إليه المعنيان .
- 4. اختلاف الحروف التي تعدّ بها الأفعال .
- 5. اختلاف النقيض .
- 6. اختلاف الاشتقاق .
- 7. صيغة اللفظ .
- 8. حقيقة اللفظين في أصل اللغة .[119]
وسنعرض الآن نماذج للفروق عند أبي هلال العسكري , مع دراسة لتلك المفردات في معاجم اللغة و المقارنة بين آرائه وآراء ألئك العلماء اللغويين .
- الفرق بين الجمال و البهاء:
الجمال :
الجمال البهاء و الحسن , لقوله تعالى :{ و لكم فيها جمالٌ حين تريحون وحين تمرحون }[120] , وابن سيده يقول : الجمال يكون في الفعل و الخلق , وقال ابن الأثير : الجمال يقع على الصور و المعاني .[121] والجمال في الحسن الخلْق والخلُق[122] , وهو صفة تلحظ في الأشياء وتبعثُ في النفس سروراً ورضىً[123] , وقول الأصفهاني بأنّ الجمالَ الحسنُ الكثيرُ وله ضربان :
أحدهما : جمالٌ يخصّ الإنسان في نفسه أو بدنه أو فعله .
الثاني : ما يوصل منه إلى غيره , وعلى هذا الوجه ما رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :"إنّ الله جميلٌ يحبّ الجمال" تنبيهاً أنه من يقتص الخيرات الكثيرة , فيجب من يختص بذلك"[124] .
البهاء :
فقد ذُكر بأنه الأنس[125] وبأنه المنظر الحسن الرائع المالئ العين[126] . ويُقال شيءٌ بهيٌ , إذا علا العين حسنه وروعته[127] والبهاءُ الناقة التي تستأنس إلى الحالب , وهو من بهأت به أي أنس به[128] فهم من قال : أنّ البهاء : الجمال[129] .
وقد عرّف أبو هلال العسكري الجمال بأنه ما يشتهر ويرتفع به الانسان من الأفعال والأخلاق ومن كثرة المال والجسم , وليس هو من الحسن في شيء وأصل الجمال في العربية العظم وسمي الجمل جملاً لعظم خلقه , أما البهاءُ فهو جهارة المنظر , ويقال : رجلٌ بهي , إذا كان يجهر المنظر , وليس هو في شيء من الحسن والجمال , فقال : شيخٌ بهي , ولا يُقال غلامٌ بهي[130].
- الفرق بين البديهة والروية :
البديهة :
البديهة والبداهة : أول كلّ شيء أو ما يُفاجأ به[131] ومنه أول جري الفرس[132] فالبديهة : الابتداء[133] ويقال :"لك البديهة" أي لك أن تبدأ وهي الارتجال في الكلام[134] وسداد الأمر عند المفاجأة , وهي لمعرفة يجدها الإنسان في نفسه من غير إعمالٍ للفكر , ولا علم بسببها , فالبديهة : فطنة أو مبدأ يسلم بهما , لأنهما واضحان بذاتهما ولا يحتاجان إلى برهانٍ كالمبادئ العقلية والأوّليات والضروريات[135] , والبديهي هو الذي لا يتوقّف حصوله على نظرِ ٍ وكسب , سواء احتاج إلى شيءِِ آخر من حدْسٍ أو تجربة , أو غير ذلك , أو لم يحتاج فيرادف الضروري , وقد يُراد به مالا يحتاج بعد توجّه العقل إلى شيءٍ أصلاً , فيكون أخصّ من الضروري , لتصوّر الحرارة والبرودة , وكالتصديق بأنّ النفي لا يجتمعان ولا يرتفعان[136] , ويقول ابن دريد في ذلك أنّ البديهة :أن تُنشأ كلاماً ما لم تستعدّ له[137].
والروية:
هي أن تنتظر ولا تعجل في الأمر , وهي التفكير في الأمر[138] ولذلك فهم من قال : إنها خلاف البديهة[139].
وتفريق أبي الهلال العسكري بينهما هو أنّ : البديهة أوّل النظر , ويقال عرفته على البديهة أي في أوّل أحوال النظر , وله في الكلام بديهة حسنة إذا كان يرتجله من غير فكرٍ فيه , وأنّ الروة فيما يقال بعضهم آخر النظر , والبديهة أوله , ولهذا يقال للرجل إذا وصف بسرعة الإصابة في الرأي بديهته كروية غيره , ويقول بعضهم أنّ الروية طول التفكير في الشيء , وبديهة القول ما يكون من غير فكرٍ فيه , فهذا إذن خلاف الروية , إشباع الرأي والاستقصاء في تأمّل[140].
- الفرق بين العلم والبصيرة:
العلم :
العلم : نقيض الجهل[141] , وعلمه : عرفه حقّ المعرفة[142] , والعلم إدراك الشيء بحقيقة , واليقين والمعرفة , وقيل العلم يقال للإدراك الكلّي والمركّب , والمعرفة تقال للإدراك الجرئي أو البسيط , ويطلق العلم على مجموعة مسائل وأصول كلية تجمعها جهةٌ واحدة[143] , والجرجاني يقول : "العلم : هو الاعتقاد الجازم للواقع , والعلم هو إدراك الشيء على ما هو به , وقيل هو وصول النفس إلى معنى الشيء"[144]
والأصفهاني أيضاً يقول :" العلم:إدراك الشيء بحقيقته وذلك ضربان:أحدهما : إدراك ذات الشيء , والآخر : الحكم على الشيء بوجود شيء وهو موجودٌ به ,أو نفي شيء , وهو بنفيٍ عنه"[145] .
أما البصيرة :
فهي قوّة القلب المدركة , والفطنة , وهي أيضاً : العقيدة والبصيرة والثبات بالدين[146] , فهي اسمٌ لما اعتقد في القلب من الدين وحقيقة الأمر , والبصيرة : العبرة , يقال : أمالك بصيرة في هذا ؟ أي عبرة تعتبر بها , وأنشد قيس بن ساعدة :
في الذاهبين الأوليــــــــــــــن من القرون لنا بصائـــــــــــــر[147]
والبصيرة أيضاً : قوة الإدراك والفطنة والعلم والخبرة , ويقال : "فعلَ ذلك عن بصيرة" عن عقيدة , والبصيرة : الحجة والرقيب والعبرة , وكلّ مااتخذ جُنّة[148] , والبصيرة عند الجرجاني : " قوة للقلب المنوّر بنور القُدُس يرى بها حقائق الأشياء وبواطنها , بمثابة البصر للنفس يرى بها صور الأشياء وظواهرها , وهي التي يسميها الحكماء : " العاقلة النظرية , والقوة القُدُسية "[149] , أما أبو هلال العسكري , فقد فرّق بينهما , بأن البصيرة هي تكامل العلم والمعرفة بالشيء , ولهذا لا يجوز أن يسمّى الباري تعالى : بصيرة , إذ لا يتكامل علم أحدٍ بعظمته وسلطانه[150] , والعلم : هو اعتقاد الشيء على ما هو على سبيل الثقة[151].
- الفرق بين الفطنة والكيس والحَذِق:
الفطنة :
الفطنة كالفهم , وهي ضد الغباوة , ورجلٌ فطن أي بيّن [152] , والفطنة : الحذاقة[153] , وهي التنبّه بسرعة وحدّة الذهن[154] . وأيضاً هي المهارة , وفطن تبيُّن وعلم . والحذق والحذاقة : المهارة في كلّ عمل[155] , وقيل الحذق والقطع[156] , والرجل الحاذق في صناعته وهو الماهر , وذلك أنه يحذِقُ الأمر ويقطعه ولا يدع فيه متعلّقاً , وهو فصيح اللسان , وذلك أنه يفضّل الأمور فيقطعها[157] , وقيل حذق القرآن :أتمّ قراءته وقطعها[158] , ورجلٌ حذاقيّ : حديد اللسان[159] , أما الكيّس : فهو الخفة والتوقّد , والكيس : العاقل[160] , والكيس : خلاف الحمق[161] , والجود والعقل والغلَبة بالكياسة[162] , وسمّي ذلك أنه يضمُّ الشيء ويجمعه , فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " الكيّس من دانَ نفسه وعمل لما بعد الموت" أي العاقل ومن حديث " وكان كيّس الفعل " أي حسنه[163] , هذا كلّه كان من أقوال اللغويين المختلفة , أما رأي العسكري في التفريق بينهما هو أنّ الفطنة : هي التنبه عن المعنى , وضدّها الغفلة , ورجلٌ مغفّل : لا فطنة له , ويجوز أن يقال أنّ الفطنة ابتداء المعرفة من وجهٍ غامض , أما الكيس فهو سرعة الحركة في الأمور , والأخذ في ما يؤمر به ويترك الفضول وليس هو من قبيل العلوم , والحذق أصله حدّة القطع , يقال حذقه إذا قطعه , وقولهم : " حذق القرآن " معناه أنه بلغ آخره وقطع تعلّمه وتناهى في حفظه[164] .
نجد في رأي أبي هلال أنه يقتصر على ذكر معاني ودلالات الكلمة , دون أن يضع مكان الفرق بينهما بشكلٍ مباشر , ثمّ أنه لم يعترف بوجود بعض العلماء ولم يفرّقوا بين الفطنة والحذاقة[165] , فالفرق بينهما قليل ولا يحتاج للتبرير الممل , فمثلاً الفطنة ضدّ الغباوة بشكلٍ مباشر , وأجمع عليه أهل العلم[166] , أما الحذاقة والكياسة لا يعتبران بأنهما ضدّ الغباوة بشكلٍ مباشر وصريح.
- الفرق بين الجهل والحمق:
الجهل :
الجهل نقيض العلم[167] , وتقول العرب : جهلتُ الشيء إذا لم تعرفه , قال الله تعالى " يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف"[168], بينما هنا الجاهل بحالهم , وهو ضدّ الخبرة[169] , والجهل : اعتقاد الشيء بخلاف ما هو عليه[170] , وفعل الشيء بخلاف ما حقّه أن يفعل[171] , وأيضاً الجفى والتسافه , وفي التنزيل : "قالوا اتخذنا هزواً , قال أعوذ بالله , أن أكون من الجاهلين"[172] , والجهل ضياع الحق[173], والجهل قد يكون بالمعدوم , وهو ليس بشيء والجواب عنه أنه شيء في الذهن[174] , وتدلّ أيضاً مفردة الجهل على الخفة وخلاف الطمأنينة , فيقال : استجهلتْ الريح الغصن إذا حرّكته فاضطرب[175].
أما الحمق :
فهو ضدّ العقل وقلّته وفساده[176] , وحقيقة الحمق وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقبحه[177] , ويقال :"سرنا في ليالٍ محمقات" إذا استتر القمر بغيمٍ أبيض , فيسير الراكب ويظنّ أنه أصبح حتى يملّ منه أُخِذ اسم الأحمق , لأنه يغرُّك في أوّل مجلسه بتعاقله , فإذا انتهى إلى آخر كلامه تبيّن حمقه[178] , والحمق يدلّ على كساد الشيء والضعف والنقصان[179], والأحمق : الذي فيه بُلْغةٌ يطاولك في في حمقه , فلا تعثّر على حمقه إلا بعد مراس ٍ طويلة , والأحمق : الذي لا ملاوم فيه , ينكشف حمقه سريعاً فنستريح منه ومن صحبته , وقال الشاعر:
إنّ للحمق نعمة في رقاب النـــــــــ ـــــــاس تخفى على ذوي الألباب
معنى البيت مقدّم مسحّر , كأنّه قال: إنّ للحمق نعمةً في رقاب العقلاء تغيب وتخفى على غيرهم من سائر الناس لأنّهم أفطن وأذكى من غيرهم[180] , أمّا أبو هلال العسكري فقد فرّق بينهم لأنّ الجاهل يتصوّر نفسه بصورة العالم, ولا يجوز خلاف ما يعتقده وإن كان قد يضطرب حاله فيه لأنه غير ساكن النفس إليه , وأنّ الحمق هو الجهل بالأمور الجارية في العادة , ولهذا قالت العرب :"أحمق من دُغة" وهي امرأة ولدت فظنّت أنها أحدثت , فحمقتها العرب بجهلها بما جرت به العادة من الولادة , والجهل يكون بذلك وغيره , ولا يسمّى الجهل بالله حمقاً , وأصل الحمق الضعف , ومن ثمّ قيل : "البقلة الحمقاء"لضعفها , فقيل للأحمق : أحمقاً لضعف عقله[181].
- الفرق بين السمع والإصغاء:
السمع :
السمع :هو حسّ الأذن , وقول ثعلبة :"خلاله فلم يشتغل بغيره" , ولقوله تعالى"أو ألقى السمع وهو شهيد" , وتأتي كلمة سمعتُ بمعنى "أجبتُ" , ومنه قولهم :"سمعَ اللهُ لمن حمده" أي أجاب حمدَه , ولقوله صلّى الله عليه وسلّم :"اللهم إنّي أعوذُ بك من دعاءٍ لا يُسمع" , أي : لايُستجاب.[182]
والسمعُ هو إيناس الشيء بالأذن من الناس , وكلُّ ذي أذن , وأيضاً : الذكر الجميل , فيقال :"ذهب سمعُه في الناس" ,أي : قد ذهب صيتـُه[183] , وتأتي مفردة السمع أحياناً عن الفهم , وتارةً عن الطاعة , فتقول :"اسمع ما أقول , ولم تسمع ما أقول" , أي: لم تفهم , وقوله تعالى:"إذا تُتْلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاءُ لقلنا مثل هذا"[184] [185] , فالسمع الإصغاء والإنصات[186] .
أما الإصغاء :
فهو الإمالة بشكلٍ عام[187] , وتقول : أصغيتُ إلى فلان , إذا أملتَ بسمعكَ نحوه[188] , وأحسنتَ الاستماع إليه[189] , وقوله تعالى :" ولتصغـــــى إليه أفئدة "[190] , أي لتميل[191] , وأيضاً قوله تعالى:"إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما"[192].
أما رأي أبي هلال العسكري : فيتمثّل :أنّ السمع هو إدراك المسموع , والسمع أيضاً اسم آلة التي يستمع بها الانسان , والاصغاء: هو طلب إدراك المسموع بإمالة السمع إليه[193].
- الفرق بين الروح و المهجة و النفس و الذات :
الروح :
الروح في كلام العرب : النفخ [194], و الروح النفس الشيء الذي يقوم به الجسد وتكون به الحياة [195], وذلك لكون النفس بعض الروح كتسمية النوع من الجنس [196] , و الروح تدلّ على السعة و الفسحة و الإطراد , وأصل ذلك كلّه الروح , و الروح جبريل عليه السلام ,لقوله تعالى :" نزل به الروح الأمين "[197] , و الروح : روح الإنسان [198], ويقول الجرجاني :"الروح الإنساني هو اللطيفة العالمة المدركة من الإنسان , الراكبة على الروح الحيواني , نازل من علم الأمر , تعجز القول عن إدراك كنهه , وتلك الروح قد تكون مجرّدة , وقد تكون منطبقة في البدن[199] .
المهجة :
أما المهجة فقد أجمع عليها أنها دم القلب [200] , ولا بقاء للنفس بعد ما تُراف مهجتها , وقيل المهجة الدم[201] , وقيل مهجته خالص النفس[202] .
الذات :
وأما الذات فقال الفراهيدي :"عرف من ذات نفسه"كأنه يعني به سريرته المضمرة[203] , والذات النفس والشخص[204] , ومن ذات نفسه :أي طبعاً[205] .
النفس :
أما النفس فهي الروح الذي به حياة الجسد[206] , وتجري في كلام العرب على ضربين :أحدهما قولك : خرجت نفس فلان :أي روحه , وفي نفس فلان أن يفعل كذا وكذا أي في روعه , والضرب الآخر معنى النفس :معنى جملة الشيء وحقيقته , فتقول فلانٌ نفسه , وأهلك نفسه :أي وقع الإهلاك بذاته كلها وحقيقتها[207] , والنفس بمعنى الدم[208], بمعنى دفق نفسه,أي دمه[209], وفي الحديث "ما ليس له نفس سائلة فإنه لا ينحبس الماء إذا مات فيه"وهذا يدلّ على أنّ النفس تدلّ على الدم[210].
والنفس العقل الذي به يكون التمييز وهذه النفس تزول بزوال العقل[211] , والنفس أيضاً الجسد , ويقول الشاعر :
نُبئت أنّ بني سُحيم أدخلوا أبياتهم تامور نفس المنذر
والتامور :الدم , والنفس العين , يقال : أصابت فلاناً نفسٌ[212], ومن ثمّ فالنفس يعبّر بها عن الإنسان جميعه , وقال الزجاج :"تلك لكلّ إنسان نفسان , نفس التمييز ونفس الحياة"[213].
وأبو هلال العسكري كان له تفريقاً جيداً بينهم بأنّ الروح من قرائن الحياة , والحياة عرَض , والروح جسمٌ رقيق من جنس الريح , وقيل هو جسمٌ رقيق حساس وزُعم أنّ موضعها في الصدر من الحجاب والقلب وذهب بعضهم إلى أنها مبسوطة في جميع البدن , والروح والريح في العربية من أصل واحد , ولهذا يستعمل فيه النفخ , فيقال : نفخ فيه الروح , وسمي القرآن روحاً لأنّ الناس ينتفعون به في دينهم كانتفاعهم بالروح , وانّ المهجة خالص دم الإنسان الذي إذا أخرج خرجت روحه , وهذا ما أكّده الكثير من العلماء , وهو دم القلب والعرب تقول : سالت مهجهم على رماحنا , ولفظ النفس مشترك على الروح وعلى الذات ويكون توكيداً , والنفس أيضاً تتعدّد بمعنى الذات ما يصح أن تدلّ على الشيء من وجهه يختصّ به دون غيره , وإذا قلت : هو لنفسه على صفة كذا , فقد دللت عليه من وجهٍ يختصّ بد دون ما يخالفه , وأما الذات فكلّ شيءٍ ذات , وكلّ ذاتٍ شيء إلا أنهم ألزموا الذات الإضافة , فقالوا ذات الإنسان وذات الجوهر , ليحققوا الإشارة إليه دون غيره , ويعبّر بالنفس عن المعلوم في قولهم :"قد صحّ ذلك في نفسي ,أي قد صار في جملة ما أعلمه , ولا يقال صحّ في ذاتي"[214].
- الفرق بين الجود والكرم:
الجود :
الجود من الجيّد : وهو نقيض الرديء , وجاد الشيء جوّده وجوده , أي صار جيّدا , فقد جاد جودة وأجاد : أتى من الجيد في القول و الفعل , فقال الهذلي " جوادٌ يقوت البطن و العرق زاخر " ويقول أبو عُبيدة في هذا القول : " عرفُ فلان زاخر " إذا كان كريما , ومعنى زاخر أنّه تامّ في الكرم .[215]
و الجود التمتع بالشيء و كثرة العطاء [216]. و الجرجاني يقول : الجود صفة , وهي مبدأ إفادة ما ينبغي لا بعوض , فلو وهب واحد كتابه من غير أهله لغرض ٍ دنيوي أو أخروي لا يكون جوادا [217] , وتقول رجلٌ جواد أي سخي [218] .
الكرم :
أمّا الكرم فهو نقيض اللؤم [219], ويكون في الرجل بنفسه , وإن لم يكن له إباء , ويستعمل في الخيل و الإبل و الشجر , وقال ابن الأعرابي : " كرُم الفرس أن يزقّ جلده ويلين شعره وطيب رائحته [220], وكرُم كرامة : أعطى بسهولة وجاد[221].
وقيل الكرم شرف الرجل [222], أو شرفٌ في الشيء نفسه أو شرف بخلق من الأخلاق [223], و الكرم إفادة ما ينبغي لغرض ما , فمن وهب المال لجلب منفعة أو دفع ضرر ٍ فليس بكريم , و الكريم هو الجواد الكثير الخير المعطي الذي لا ينفد عطاؤه , الجامع لأنواع الخير و الشرف [224].
أمّا العسكري فكان تفريقه بينهما هو أنّ الجود كثرة العطاء من غير سؤال , من قولك جادت السماء إذا جادت بمطر غزير, و الفرس الجواد: الكثير الإعطاء للجري [225] .
أمّا الكرم فيتصرف على وجوه عدة , فيُقال لله تعالى كريم , ومعناه أنّه عزيز , وهو من صفات ذاته , ويكون معنى الجواد المفضال , فيكون من صفات فعل الله عزّ وجلّ , والكريم الحسن في قوله تعالى : " من كلّ زوج كريم " [226], والكريم بمعنى المفضل في قوله تعالى : " إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم " [227], و الكريم أيضا السيد , ويجوز أن يٌقال : الكرم : هو إعطاء من يريد اكرامه أو كثير , و الجود قد يكون كذلك وقد لايكون [228] .
نجد من تفريقه أنه لم ينتبه إلى التفريق من ناحية الضدّ , فالجود من الجيد وهو نقيض الرديء [229] , و الكرم ليس كذلك فهو نقيض اللؤم وضده [230].
فلا يُعتبر الجود كلمة تناقض اللؤم مباشرة .
المصادر و المراجع :
- 1. معجم الوسيط , مجمع اللغة العربية , دار عمران ط 3 القاهرة ,
- 2. المقاييس في اللغة , تحقيق شهاب الدين عمر , دار الفكر . ط2 1998 , لأبي الحين أحمد بن فارس بن زكريا .
- 3. أساس البلاغة , محمود بن عمر الزمخشري , بيروت , دار صادر 1979 .
- 4. كتاب العين , الخليل بن أحمد الفراهيدي , بيروت , دار إحياء التراث العربي .
- 5. أدب الكاتب , ابن قتيبة , شرح الأستاذ علي فاعور , بيروت , دار الكتب العلمية . ط1 1988
- 6. كتاب التعريفات , الشريف الجرجاني , بيروت , دار الفكر , ط1 1998
- 7. مفردات ألفاظ القرآن , الراغب الأصفهاني , تحقيق صفوان عدنان داوودي , دار القلم (دمشق) ودار الشامية (بيروت) ط2 1997 .
- 8. لسان العرب , ابن منظور , دار صادر , بيروت , ط1 1990.
- 9. معجم متن اللغة , أحمد رضا , دار مكتبة الحياة , بيروت 1958.
10.الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية , اسماعيل بن حماد الجوهري , تحقيق : أحمد عبد الغفور عطّار , دار العلم للملايين , بيروت , ط2 1979
11. ظاهرة الترادف في ضوء التفسير البياني للقرآن الكريم , د طالب محمد الزبعي , منشورات جامعة فان يونس , بنغازي , ط1 1995 .
12. تهذيب اللغة , لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت:370هـ) تحقيق الأستاذ ابراهيم الابياري , دار الكاتب العربي , القاهرة 1967
13. القاموس المحيط , محمد الدين بن محمد يعقوب الفيروس آبادي (ت:817هـ) تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة , بيروت , ط2 1987 .
14. الألفاظ المترادفة المتقاربة المعنى , لأبي الحسن بن علي الرمّاني (ت:384هـ) تحقيق : د فتح الله صالح علي المصري , دار الوفاء , المنصورة , ط1 1987 .
15. الخصائص , أبو الفتح عثمان بن جنّي ( ت: 392) , تحقيق : عبد الحكيم بن محمد , المكتبة التوفيقية .
16. الترادف في اللغة , حاكم الزيادي , منشورات وزارة الثقافة و الإعلام , الجمهورية العراقية , 1980.
17. فصول في فقه اللغة , د رمضان عبد التواب , مكتبة الخانجي و القاهرة .
18. دراسات في فقه اللغة , د صبحي الصالح , دار العلم للملايين , بيروت 2009 .
19. الترادف في القرآن الكريم ( بين النظيرة و التطبيق ), محمد نور الدين المنجد , دار الفكر المعاصر ( بيروت) و دار الفكر ( دمشق) 1997 .
20 . الإفصاح في فقه اللغة , عبد الفتاح الصعيدي و حسن يوسف موسى , مطبعة دار الكتب المصرية , ط1 1929.
21. التحليل الدلالي في الفروق في اللغة لأبي هلال العسكري ( دراسة في البنية الدلالية لمعجمية العربية ) , د محي الدين محسب , دار الهدى للنشر و التوزيع .
22. المزهر في علوم الللغة وأنواعها , للسيوطي (ت:911هـ) تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم وآخرون , مطبعة البابي الحلبي . ط1
23. الصاحبي في فقه اللغة , لابن فارس (ت:359هـ) , تحقيق : السيد أحمد صقر , البابي الحلبي , القاهرة .
24. البرهان في علوم القرآن , للزركشي ( ت: 794هـ) , تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم , دار المعرفة , بيروت , ط2 1972.
25. الإعجاز البياني للقرآن ومسائل ابن الأزرق , د عائشة عبد الرحمن , دار المعارف , مصر , 1971.
26. التفسير الكبير المسمى البحر المحيط , لأبي حيان الأندلسي ( ت745هـ) دار إحياء التراث العربي , بيروت .
27. علم الدلالة جون لاينز , ترجمة : حليم حسين فالح و كاظم حسين باقر , منشورات جامعة البصرة كلية الآداب 1980.
الدوريات :
الدكتور عفيفي محمود عفيفي "أسرار بيولوجية في ألفاظ قرآنية" نشرت في مجلة منار الإسلام الإماراتية عدد جمادى الأولى 1419هـ.
--------------------
[1] الترادف في القرآن الكريم:1/29-30
[2] المصدر السابق :1/32
[3] الترادف في اللغة لحاكم مالك الزيادي:84
[4] فصول في فقه اللغة:309
[5] المزهر:1/403
[6] الألفاظ المتقاربة المعنى/تحقيق فتح الله صالح:7
[7] الترادف ف القرآن الكريم/محمد المنجد:1/35
[8] انظر المزهر:1/401,400
[9] انظر الألفاظ المترادفة , تحقيق فتح الله المصري:11
[10] الترادف في القرآن الكريم:1/32
[11] الترادف في القرآن الكريم:1/36
[12] فصول في فقه اللغة:310
[13] انظر المزهر:1/325
[14] الترادف في القرآن:1/36
[15] الخصائص:2/74
[16] الخصائص:2/74
[17] نفس المصدر:2/75
[18]الفروق اللغوية:36
[19] الألفاظ المترادفة:21
[20] فصول في فقه اللغة:311
[21] الصاحبي:65
[22] الترادف في اللغة:198
[23] انظر مجالس ثعلب:1/77 تحقيق عبد السلام هارون
[24] الترادف في اللغة:199
[25] انظر الصاحبي:16,15,12 , وانظر الترادف في اللغة:200
[26] الألفاظ المتقاربة:17
[27] مجموعة محاضرات للدكتور رشيد العبيدي في الجامعة الاسلامية , بغداد2002م.
[28] المزهر:1/400
[29] الفروق اللغوية:35
[30] الترادف في اللغة:207
[31] الترادف في القرآن:1/48
[32] الفروق اللغوية:36,35
[33] انظر الألفاظ المترادفة:1/20
[34] دراسات في فقه اللغة/صبحي الصالح:299
[35] علم الدلالة,جون لاين:73-78
[36] الترادف في اللغة :65-66 , وانظر فصول في فقه اللغة:322
[37] نفس المصدر : 156-160 , وانظر فصول في فقه اللغة :317
[38] المزهر في علوم اللغة:1/405
[39] الخصائص:2/74
[40] الترادف في اللغة:162
[41] فصول في فقه اللغة:319
[42] الترادف في اللغة :100-116
[43] اللسان:مادة اسفنط7/255
[44] الترادف في اللغة :163-167 , وانظر فصول في فقه اللغة:321
[45] الترادف في القرآن:1/81
[46] البرهان:1/325
[47] المصدر السابق نفسه:1/114-116
[48] الترادف في القرن:1/111
[49] سورة الأنبياء:31
[50] سورة فاطر:27
[51] البرهان:2/476
[52] سورة يوسف:76
[53] دراسات في فقه اللغة:299
[54] المفردات في غريب القرآن:6
[55] الاعجاز البياني ومسائل ابن الأزرق:191
[56] انظر:مقالته "أسرار بيولوجية في ألفاظ قرآنية" نشرت في مجلة منار الإسلام الإماراتية عدد جمادى الأولى 1419هـ.
[57] مقاييس اللغة:1/49(أتى)
[58] لسان العرب: (جيء)و(أتي)
[59] المفردات: (أتي)
[60] سورة النمل:7-8
[61] الترادف في القرآن:2/146
[62] سورة الأعراف:106
[63] الترادف في القرآن:2/148
[64] نفس المصدر:2/149
[65] سورة العنكبوت:53
[66] الترادف في القرآن :2/150
[67] مقاييس اللغة: (الأجر) 1/62
[68] المفردات: (أجر)
[69] الفروق اللغوية :266
[70] سورة الطلاق:6
[71] مقاييس اللغة (ثوب):1/393
[72] انظر المفردات:(ثوب) والفروق اللغوية:266
[73] سورة الأعراف:114
[74] سورة البقرة:62
[75] سورة الطلاق:6
[76] سورة المائدة:85
[77] سورة آل عمران:148
[78] الترادف في القرآن:2/162-163
[79] مقاييس اللغة:(جزي):1/455
[80] المفردات:(جزاء)
[81] سورة العنكبوت:7
[82] سورة فصّلت:27
[83] مقاييس اللغة (أنس):1/145
[84] سورة النساء:6
[85] المفردات :(أنس)
[86] البحر المحيط:6/230
[87] الترادف في القرآن :2/181
[88] الفروق اللغوية:29
[89] مقاييس اللغة (بصر):1/253
[90] المفردات :(بصر)
[91] الترادف في القرآن:182
[92] مقاييس اللغة(بصر):1/352
[93] مقاييس اللغ(نظر):5/444 وانظر المفردات (نظر) والفروق اللغوية:86
[94] سورة يونس:101
[95] المفردات(نظر)
[96] سورة الأعراف:143
[97] البحر المحيط:4/383
[98] الترادف في القرآن:181-183
[99] لسان العرب:3/120 (جسد) , العين :141 , التهذيب في اللغة :10/127(جسد)
[100] لسان العرب:3/120 , المقاييس في اللغ :215 , التهذيب:10/566
[101] المحيط:3480
[102] متن اللغة :1/526 (جسد) , العين :141 , التهذيب في اللغة :10/566
[103] سورة الأنبياء:8
[104] العين:141
[105] المقاييس في اللغة :215
[106] التهذيب في اللغة:10/566
[107] التعريفات:56
[108] مفردات القرآن الكريم:196
[109] لسان العرب :17/47 , التهذيب في اللغة :14/143 , العين :61 . المقاييس :117, متن اللغة:1/256 , الوسيط:1/45(بدن)
[110] المقاييس:107 , متن اللغة :1/256(بدن)
[111] لسان العرب:13/47
[112] سورة يونس : 92
[113] الصحاح 5/2077
[114] مفردات ألفاظ القرآن الكريم : 112
[115] جمهرة اللغة : 1/240
[116] المقاييس في اللغة : 118 وبيت الشعر للأسود بن يعفر
[117] الفروق اللغوية : 180
[118] التحليل الدلالي في الفروق اللغوية / د محي الدين محسن : 23
[119] الفروق اللغوية :16
[120] سورة النحل :6
[121] لسان العرب : 6/126 (جمل)
[122] المحيط:1216, متن اللغة :1/572
[123] الوسيط:1/141
[124] مفردات ألفاظ القرآن:202
[125] المحيط:1663(بهو) , التهذيب في اللغة :6/456(بها)
[126] متن اللغة:1/361(بهي) , التهذيب في اللغة :6/456 , الوسيط :1/77(بها)
[127] أساس البلاغة:565 , العين:92(بهو)
[128] لسان العرب:1/35
[129] الوسيط:1/77
[130] الفروق اللغوية:293
[131] لسان العرب:13/475
[132] العين:61(بده)
[133] الوسيط:1/46(بده)
[134] متن اللغة1/256
[135] الوسيط:1/46
[136] التعريفات:31
[137] جمهرة اللغة:1/249
[138] لسان العرب:14/35, متن اللغة:8/687, الوسيط:1/398(روي)
[139] الوسيط:1/398
[140] الفروق اللغوية:87
[141] العين:675(علم)
[142] الوسيط:2/647(علمه)
[143] التعريفات:115
[144] متن اللغة:1/300(بصر)
[145] مفردات ألفاظ القرآن الكريم:580
[146] متن اللغة:1/300
[147] العين:74(بصر)
[148] الوسيط:1/61(بصر)
[149] التعريفات:35
[150] الفروق اللغوية:105
[151] المصدر السابق:94
[152] لسان العرب:13/323
[153] متن اللغة :4/428 , الوسيط:2/721(فطن)
[154] الوسيط:2/721
[155] لسان العرب:11/40 , التهذيب في اللغة:4/35 , العين :178(حذق)
[156] لسان العرب:11/41 , التهذيب في اللغة:4/35 , المقاييس في اللغة:35
[157] المقاييس في اللغة :253(حذق)
[158] أساس البلاغة:118(حذق)
[159] جمهرة اللغة:2/128(حذق)
[160] لسان العرب:6/200-201 , متن اللغة:5/124(كيس)
[161] المحيط:737 , المقاييس في اللغة:914 , الصحاح:2/973(كيس)
[162] الوسيط:2/839(كاس)
[163] المقاييس في اللغة:914
[164] الفروق اللغوية:98-99
[165] متن اللغة:2/428 , الوسيط:2/75(فطن)
[166] لسان العرب:17/323(فطن)
[167] لسان العرب:11/129, العين:162, تهذيب اللغة:9/56, المقاييس:228, الإفصاح في فقه اللغة:86
[168] سورة البقرة:273
[169] لسان العرب:11/129
[170] مفردات ألفاظ غريب القرآن:209 , التعريفات:58(جهل)
[171] مفردات ألفاظ غريب القرآن:209
[172] سورة البقرة:67
[173] الوسيط:1/149
[174] التعريفات:58
[175] المقاييس في اللغة:228
[176] لسان العرب:1167-68,الوسيط:1/205,المحيط:1132,متن اللغة:2/166, الإفصاح:86(حمق)
[177] لسان العرب:10/68, متن اللغة:2/166
[178] لسان العرب:10/68
[179] المقاييس في اللغة:228
[180] تهذيب اللغة:2/166
[181] الفروق اللغوية:115
[182] لسان العرب:8/162-163(سمع)
[183] المقاييس في اللغة:491(سمع)
[184] سورة الأنفال:31
[185] مفردات ألفاظ غريب القرآن الكريم:425
[186] الوسيط:1/466(سمع)
[187] لسان العرب:14/461(صغي) , العين:521(صغو) , الوسيط:1/535(صغا)
[188] المقاييس في اللغة:568 , أساس البلاغة:355 , مفردات ألفاظ غريب القرآن:485
[189] الوسيط:1/535(صغا)
[190] سورة الأنعام:113
[191] لسان العرب:14/481
[192] سورة التحريم:4
[193] الفروق اللغوية:103
[194] لسان العرب 2/461 (روح)
[195] متن اللغة 2/672,انظر العين :375 , و المفردات :77 (روح) و الوسيط 2/694 (راح)
[196] المفردات : 771
[197] سورة الشعراء : 139
[198] المقاييس في اللغة : 428
[199] التعريفات:82
[200] لسان العرب:2/370 , المقاييس في الغة:967 والعين:917 , الوسيط :925 , متن اللغة :5/357(مهج)
[201] لسان العرب:2/370
[202] لسان العرب:2/370 , متن اللغة:5/357 , الوسيط :2/925(مهج)
[203] العين:323(ذو) , الوسيط:2/319 (ذا)
[204] الوسيط:1/319
[205] لسان العرب:(ذا)
[206] المحيط:745 , الوسيط :2/977 و العين:977 , متن الغة:5/514 , الصحاح :3/981(نفس)
[207] لسان العرب:6/233-234(نفس)
[208] لسان العرب:6/234, المحيط:745 ,الوسيط:2/977, متن اللغة:5/514
[209] المقاييس في اللغة:1041 , أساس البلاغة:647(نفس)
[210] الصحاح:3/983(نفس)
[211] متن اللغة:5/514
[212] الصحاح :3/981
[213] لسان العرب:6/234
[214] الفروق اللغوية:118-119
[215] لسان العرب : 3/ 135-136 ( جود)
[216] المقاييس في اللغة : 239
[217] التعريفات : 58
[218] المحيط : 351
[219] لسان العرب 12/510 , وانظر المحيط : 1489 (كرم)
[220] لسان العرب 12/510 وانظر متن اللغة 5/55 (كرم)
[221] الوسيط : 2/815 (كرم)
[222] الصحاح 5/2019 و انظر العين : 839
[223] المقاييس في اللغة : 923
[224] متن اللغة : 5/55
[225] الفروق اللغوية : 196
[226] سورة الشعراء : 7
[227] سورة الحجرات :13
[228] الفروق اللغوية : 198
[229] لسان العرب : 3/135
[230] لسان العرب 12/ 510
[230] سورة الحجرات :13
-------------------------
إعداد : فوزي فهيم حسن / ت : 009626785860852