وانطلقت اللجنة في عملها من تقديرها للثقافة الإسلامية وإيمانها بمقدرة الأمة العربية على الاستمرار في مسيرتها الحضارية وإن التراث العربي لا يمثل رجعة إلى الوراء، وإنما هو قوة دفع، ولما يزخر به من ذخائر وتجارب وحوافز لا بد من تعرفه والاستناد إليه في تطلعاتنا الحاضرة.
كما درست اللجنة أساليب العمل في تحقيق هذا التراث، ورأت أن وسائل التقنية الحديثة التي تدخل الحياة وتمازج أساليب العمل الفكري تدفعنا إلى أن نفيد منها، أو أن نعهد للإفادة منها في إحياء التراث.
وتخلصت اللجنة إلى وضع توصيات عامة هي:
1-اختيار المخطوط.
2-معرفة النسخ وجمعها.
3-دراسة النسخ وتعرف مراتبها في الصحة.
4-ضبط النص.
5-التعليق على النص.
6-المقدمة
7-الفهارس.
8-الطباعة والنشر
1-اختيار المخطوط:
لاحظت اللجنة أن تحقيق التراث في جملته لم يخضع سابقاً لقاعدة واضحة أو منهج مرسوم للاختيار.
ولاحظت أيضاً أن بعض ما نشر كان حقه التأخير، وأن ما أجل منه كان حقه التقديم.
كما لاحظت أن مخطوطات حققت ونشرت في أكثر من بلد من غير مسوغ لذلك.
وتلافياً لذلك كله أقرت اللجنة التوصيات الآتية:
أ-تقديم الأهم على المهم، وتقديم الأصول على الفروع، وعلى المختصرات، وتقديم ما لم ينشر على إعادة ما نشر والتسامح بتجديد نشر المطبوعات التي لم تراع في تحقيقها القواعد العلمية أو الكشف التنقيب عن نسخ جديدة أصح وأوثق.
ب-يولى التراث العلمي عناية خاصة، ويحبذ أن ينشأ له مركز في أحد الأقطار العربية وفروع لهذا المركز في الأقطار الأخرى، ويتفرغ له بعض العلماء القادرين عليه، على أن تهيأ لهم أسباب التفرغ مادة ومعنى.
جـ-يناط بمعهد المخطوطات العربية اختيار طوائف من المخطوطات الأصول التي يرى المختصون ضرورة تحقيقها ونشرها، فيجمع نسخها ويعرفها تيسيراً للمحققين.
2-معرفة النسخ وجمعها:
ترى اللجنة أن على معهد المخطوطات العربية أن ينهض بالأمور الآتية:
أ-أن يتعرف مظان المخطوطات القيمة في البلاد التي لم يصل بها أسبابه بعد، واتخاذ الوسائل التي توصل إلى ذلك.
ب-أن يضع فهارس تفصيلية تعرف المخطوطات التي يوفق للظفر بها، ينشرها على المؤسسات التراثية في الوطن العربي.
جـ-أن يصنع فهرساً موحداً لما دوّن في فهارس المكتبات العامة والخاصة، تيسيراً للباحثين، وذلك بأن يعهد العمل في هذا الشأن إلى لجان متخصصة متفرغة وتوصي بصنع فهارس الموضوعات العلمية بادئ ذي بدء ثم تثني على ذلك بما تراه ألزم.
3-دراسة النسخ وتعرف مراتبها في الصحة:
تدرس النسخ في المرحلة الأولية من التحقيق لتعرف النسخة "الأم" أو ما هو في منزلتها لاعتمادها أصلاً في التحقيق. ويضاف إلى ذلك تعرف النسخ الثانوية وتصنيفها وبيان مراتبها من الصحة والتوثيق، وذلك وفق القواعد الآتية:
أ-الأصل أن تكون النسخة التي كتبها المؤلف هي النسخة "الأم" إن وجدت. ولكن المؤلف كثيراً ما يعاود كتابة النص فيزيد أو ينقص منه، أو يعدل في ألفاظه وعباراته، فيتعين على المحقق أن يتبين ذلك.
ب-تلي نسخة المؤلف النسخة التي عليها خطه.
جـ-ثم النسخة التي كتبت عن نسخة المؤلف وعرضت بها.
د-ثم النسخة التي كتبت عن نسخة وثقها المؤلف.
هـ-ثم النسخة التي كتبها عالم متقن ضابط.
و-على المحقق إن لم تتوفر له نسخة مما ذكر أن يستفيد من النسخ التي اجتمعت لديه.
إن دراسة النسخ تهدف إلى إثبات أمرين:
أ-تحقيق نسبة النص إلى صاحبه.
ب-إن النص الذي بين يدي المحقق هو نص المؤلف، من غير زيادة أو نقصان.
ويتحقق ذلك من درس الكتاب ونصوصه، ومما قاله فيه من تحدثوا عنه من المترجمين للمؤلف، أو من الكتب التي نقلت عنه.
4-ضبط النص:
أ-والنسخ والرسم
يبدأ التحقيق بنسخ المخطوط، على أن يتولى المحقق نفسه ذلك، إذ يتاح له التهدي إلى مشكلات النص وحلولها.
وعلى المحقق إتباع ما يأتي:
1-أن يلتزم قواعد رسم الكتابة المتفق عليها قديماً إلا في أشياء درج عليها المعاصرون مثل رسم "مئة" و "الحارث" و "اسحاق" ونقط الياء المتطرفة للتفريق بينها وبين المقصورة، والفصل في الأعداد المركبة مثل "ثلاث مئة".
2-أن يدون المحقق في المقدمة ما درج عليه كاتب النسخة من رسم الكتابة، وأن يوضح ذلك بأمثلة من جميع ما صنع، ولا يشير إلى ذلك في التعليقات.
ب-توضيح معالم النص
توصي اللجنة بما يأتي:
1-كتابة النص بحسب معانيه، وذلك بأن تقف الكتابة عند انتهاء المعنى أو النقل، ثم يبدأ بسطر مستقل منفصل عنه، إلى آخر النص.
2-أن تستعمل الدوال وهي: النقط، الفواصل والخطوط، والشارحات، وعلامة التعجب، وعلامة الاستفهام، والأقواس، ونحو ذلك مما يوضح المعاني.
3-كتابة أرقام أوراق المخطوط المعتمد في صلب النص مع خط مائل، تيسيراً للمقابلات.
4-ترقيم الأسطر ترقيماً خماسياً تسهيلاً للمراجعة.
5-استعمال الأقواس المزهرة لآيات القرآن الكريم.
6-استعمال قويسات للأحاديث النبوية، وللنقول وأسماء الكتب ونحو ذلك.
7-وضع معكوفات لما يستدركه المحقق على النص.
8-تمييز حروف الأسانيد عن حروف المتون، بحروف متباينة صغراً وكبراً.
جـ- الضبط
يتعين على المحقق في الضبط أن يشكل من الألفاظ ما أشكل، وأن يقيد بالحركات الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأمثال والشواهد والمشتبه من الأعلام والغريب من الألفاظ وما قد يلتبس أو ينبهم من المصطلحات والتراكيب بالاستعانة على ذلك بالمصادر الموثوق بها والمراجع المتخصصة، تعددت فيه وجوه الضبط فيقيد الضبط كتابة.
5-التعليق على النص:
أ-إثبات فروق النسخ والتعليل عند الترجيح:
1-تجنب الإغراق في ما لا يفيد ذكره من فروق النسخ.
2-التنبيه على ما يحتمل من النصوص قراءتين أو أكثر، وضرورة التعليل عند الترجيح، موثقاً بالدليل.
ب-التعريفات
1-يعرف المحقق من الأعلام والمواضع وما في حكمها ما يحتاج إلى تعريف من غير استقصاء ولا إغراق.
2-أن يدون في الحاشية اسم الكتاب والجزء والصفحة فقط، ويحال ما يتعلق بالمعاجم المترتبة على الحروف على المادة لا على الأجزاء والصفحات، ما عدا معاجم المعاني وما شابهها.
جـ-التخريج
الهدف من التخريج هو التوثيق والتصحيح، ولذلك يقتصر في التخريج على ما يحقق هذين الهدفين.
وتوصي اللجنة هنا بتوثيق مواطن النقول في النص ضبطاً أن تكملة وإثباتاً للخلاف في الرواية، حيث يكون ذلك مفيداً. ويكون التخريج في الآيات والأحاديث والشعر والنقول كافة.
أما في الآيات فيذكر اسم السورة ورقم الآية.
وفي الأحاديث يكتفى بالتعليق عليها بما يفيد إظهار درجته وتحديد مرتبته استناداً إلى المصادر الموثوق بها.
وأما الشعر فيرد إلى مكانه من الديوان إن كان مطبوعاً، وألا تعين ذكر المصادر المشهورة التي أوردته، وذلك حين يكون هذا الشعر يحتج به في متن اللغة، أو يستشهد به في علوم العربية.
وأما النقول فيشار إلى مواضعها ما أمكن.
د-التنبيه على الأوهام
ترى اللجنة أن عمل أي من المؤلفين لا يخلو أن تخالطه بعض الأوهام، وأن المحقق الذي يقع على هذه الأوهام، لا بد لـه من التنبيه عليها، على أن يتروى ويلتزم جانب الحذر والتحقق، فلا يتعجل في أمور لها ما يجوزها، أو حالات لها ما يفسرها. ويكون موضع هذا التنبيه في الحاشية. ويثبت المحقق في المتن الوجه الصحيح الذي اطمأن إليه إلا أن يخالطه شيء من تردد، أو يغلبه جلال مكانة المؤلف عنده، فإنه حينذاك يترك المتن على حاله ويقترح التنبيه في الحاشية.
6-المقدمة:
يضع المحقق مقدمة للكتاب المحقَّق يراعى فيها ما يأتي:
1-أن يعرف المؤلف المشهور تعريفاً موجزاً على أن تدون مصادر ترجمته لمن يريد التفصيل. ويستحسن تدوين تراجم تفصيلية لمن لم يعن بالكتابة فيهم.
2-وصف موضوع الكتاب وما كتب في فنه، ومكانته بين هذه الكتب.
3-منهج الكتاب.
4-وصف النسخ المعتمدة في التحقيق، وبيان مواضعها وما دوّن عليها من وقفيات وتملكات وسماعات ونحو ذلك.
5-ويوضع للكتب العلمية تلخيص لمادة الكتاب، في آخره.
7-الفهارس:
القاعدة التي انتهت إليها اللجنة هي فهرسة كل ما يمكن أن يفهرس: الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة، والأمثال والأعلام والكتب التي رجع إليها في التحقيق، والكتب التي ذكرها المؤلف أو أخذ عنها، وإثبات ألفاظ الحضارة والمصطلحات العلمية والفنية.
وتراعى في فهارس الأعلام ما يأتي:
يبدأ فهرس الأعلام بالأسماء المبدوءة بألفاظ: ابن، ثم ابنه، ثم أبو، ثم أم، ثم بنت.
ولا تذكر هنا الصفحات إذا كانت الأسماء معروفة وإنما يحال على الاسم في موضعه من تتالي الحروف الهجائية، فالعلم: أبو اليمن الكندي: يذكر في "أبو اليمن"، ويذكر اسمه على جانبه: زيد بن الحسن، ويحال عليه، وتذكر أرقام الصفحات في حرف الزاي.
ثم تبدأ فهرسة الأسماء على ترتيب حروف الهجاء، بدءاً بالهمزة الممدودة (مثل آدم ونحوه) ثم ما يكون بعد ذلك: الهمزة والباب...
والألفاظ التي تداخلها الهمزة يراعى في موضعها الحرف الذي توضع عليه الهمزة.
وفي فهارس المصادر يذكر اسم الكتاب كاملاً، واسم مؤلفه ومحققه، أو مترجمه، ثم موضع الطبع وتاريخه الهجري أو الميلادي بحسب المدون على الكتاب. أما المصادر الأجنبية فيصار في تدوينها إلى النظام الأجنبي.
أما ألقاب التكريم أو الألقاب العلمية فلا مكان لها في الفهرسة.
وتوصي اللجنة بتقدير صنع الفهارس حق قدره، مادة ومعنى.
8-الطباعة والنشر:
1-ينتفع بأساليب الطباعة الحديثة وتطويعها للحرف العربي بما يضمن المحافظة على أصالته وجماله، وبما يحقق احتماله للشكل في موضعه المناسب من الحروف، دون إبهام أو إيهام.
2-تستعمل الأرقام العربية المشرقية دون غيرها.
ومن التوصيات الهامة التي أقرت:
تخصيص أستاذ كرسي لمادة تحقيق المخطوطات العربية في الجامعات العربية لتدريس هذه المادة، بغية توفير المتخصصين في هذا الميدان، وتوجيه طلاب الدراسات العليا نحو تحقيق التراث واعتبار العمل فيه جزءاً من متطلبات الحصول على الدرجات العلمية العالية.
---------------
نشر هذا البحث في :
مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد الثالث – السنة الأولى – تشرين الأول "اكتوبر" 1980
秋服 メンズ特集!2020年の最旬コーデに取り入れたい狙い目アイテム13選 , メンズファッションメディア Www-medinatheatre