وأكد الدكتور أحمد كشك أن شوشة وضع بصمة واضحة في خريطة الشعر المصري المعاصر من خلال رؤية خاصة وازنت بين التقليد والتجديد تعتمد على بنية مركبة مثيرة يتضح فيها الطموح، ملتزمة بالوزن والإيقاع.
بالإضافة إلى دوره في الحفاظ على اللغة العربية الذي تجلى منذ فترة مبكرة من حياته حتى وصوله إلى منصب أمين مجمع اللغة العربية، ولذلك نراه يمزج في قراءته بين إهاب شخصيته كمبدع وبين إهاب اللغة.
أما الدكتور محمد عبد المطلب فقدّم قراءة حول بنية التكرار في نصوص فاروق شوشة، مؤكدا أن هناك دائرة تكرارية لبعض المفردات التي تغطي معظم الأعمال، وربما تأتي البنية التكرارية في كثير من النصوص لأن اختيارات فاروق شوشة كانت نتيجة تفاعل بينه وبين ما تحمله من دلالات، ثم قام الدكتور عبد المطلب بدراسة إجرائية حول لفظ العري في القصائد المختلفة للشاعر، مشيرا إلى أن هناك نوعا من التوازن بين المادة اللغوية التي يتعامل معها وكيفية ربطها بمفردات عالمه، وهو ربط يعلن عن انكشاف العالم أمامه انكشافا مبهرا بما فيه الذات نفسها.
أما الناقد الدكتور محمد فتوح أحمد، فأشار في كلمته إلى أن شوشة ينتمي إلى فصيلة الشعراء الذين يؤمنون بفكرة الخلاص بالشعر من خلال اتكائه على ركيزتين أولاهما: التسامي بالإبداع على جهامة الواقع، وثانيتهما الإعلان عن رأيه بصراحة من خلال كشفه كل آليات القهر التي ينوء بها الإنسان المعاصر، فتصبح القصيدة نبتا شرعيا للقضية.
وأشار الدكتور محمود الربيعي في دراسته المعنونة بـ "لغة الشعر المعاصر: نموذج تطبيقي" إلى أن العناصر الشعرية عند شوشة تتميز بطبيعة مرنة، صالحة للتطور من مقطع إلى آخر داخل القصيدة الواحدة - بشكل طيع - عبر تنوع الخامات الأصلية التي تستخدمها القصيدة، وتنوع صورها، وقد ضرب مثالا على ذلك بقصيدة "أروع من عينيك لا"، التي قال عنها إنها كتاب مفتوح على أسئلة وجودية.
وتحت عنوان "فاروق شوشة.. تطور الموضوع والأداة" أكد الدكتور يوسف نوفل أن تطور الموضوع الشعري عند الشاعر مرتبط بالزمن ومرتبط أيضا بالتطور المتلاحق في صياغاته وبنيته الموسيقية، وإن كان ديوانه الأخير "أحبك حتى البكاء" يعتمد على لغة جديدة ونفس شعري جديد، وموضوع شعري حميم شديد المعاصرة.
أما الدكتورة وفاء إبراهيم في بحثها "النقد الجمالي وقصيدة لغة" فقد استعرضت البنية الجمالية في هذه القصيدة التي جاءت كمفتتح لديوان الشاعر الأخير، مؤكدة أن القصيدة من القصائد التي تسمو بالدفقات الشعورية التعليقية، فهذه اللغة ليست لغة النظم الشعري فحسب وإنما هي مشكلة اللغة التي تعاني، وتئن تحت ضربات سكاكين من يزيف معانيها ومن يحجّر ممكناتها أو من ينحرف بدلالاتها.
وجاءت المداخلات والتعقيبات من الحضور لتناقش قضية الشعر الجديد في مصر، خاصة تعقيب الدكتور محمود الربيعي الذي أكد ضرورة الاهتمام بالشعر الجديد، واقتراحه عقد مناظرة بين شعراء قصيدة النثر وشعراء قصيدة التفعيلة.
ورد عليه أحمد عبد المعطي حجازي مؤكدا أنه لا يرفض قصيدة النثر - رفضا مطلقا - وإنما يعترف بالنماذج الجيدة منها، وإن كان يؤمن بأن الشعر الحقيقي هو المرتبط بفكرة الوزن.
-----------
جريدة الاقتصادية
في الاحتفال بسبعينيته.. فاروق شوشة بين هيبة اللغة وجمالها
التصنيف الرئيسي:
التصنيف الفرعي: